مؤسسة دولية: تصنيف الحوثيين إرهابيين لن يوقف المساعدات

المنظمات العاملة في اليمن ملزمة بالشفافية والتدقيق الصارم

تأكيدات يمنية وأميركية على عدم تأثر تدفق المساعدات بسبب تصنيف الحوثيين إرهابيين (إعلام محلي)
تأكيدات يمنية وأميركية على عدم تأثر تدفق المساعدات بسبب تصنيف الحوثيين إرهابيين (إعلام محلي)
TT

مؤسسة دولية: تصنيف الحوثيين إرهابيين لن يوقف المساعدات

تأكيدات يمنية وأميركية على عدم تأثر تدفق المساعدات بسبب تصنيف الحوثيين إرهابيين (إعلام محلي)
تأكيدات يمنية وأميركية على عدم تأثر تدفق المساعدات بسبب تصنيف الحوثيين إرهابيين (إعلام محلي)

ذكرت مؤسسة أمنية دولية أن تصنيف الحوثيين من قبل الولايات المتحدة «منظمة إرهابية أجنبية» لن يوقف تقديم المساعدات الإنسانية في مناطق سيطرتهم؛ لكنه سيلزم المنظمات غير الحكومية الشفافية الصارمة ويحرم الجماعة من أحد مصادر الدخل.

وكشفت مؤسسة «ساري غلوبال»، وهي مزود أمني، عن تفاصيل القيود التي ستواجه المنظمات الإغاثية الدولية وشركاءها المحليين خلال العمل في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وأكدت أن هذه المنظمات ستخاطر بالتعرض لعقوبات مدنية وجنائية إذا قدمت المساعدة للحوثيين المصنفين «منظمة إرهابية».

وأوضحت أن ذلك غالباً ما يعقّد التفاعلات الأساسية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث تُعدّ الرسوم الإدارية أو الضرائب جزءاً روتينياً من تقديم الخدمات في تلك المناطق.

ووفق تقرير المؤسسة الدولية، التي تجمع في نهجها بين التكنولوجيا المتطورة والاستخبارات والمنهجيات، وتعمل بشكل تعاوني لتلبية احتياجات المنظمات في إدارة المخاطر، فإن الإجراءات المترتبة على قرار الإدارة الأميركية تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية» قد تُخضع المنظمات غير الحكومية لتدقيق إضافي بموجب الأمر التنفيذي الأخير.

استهداف الحوثيين موظفي الأمم المتحدة يزيد القيود على المنظمات الإغاثية (الأمم المتحدة)

ويوجب الأمر على وزير خارجية الولايات المتحدة ومدير «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» مراجعة جميع شركاء الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية، والمقاولين، العاملين في اليمن؛ لتحديد «ما إذا كانوا قد قدموا مدفوعات للسلطات الحوثية، أو عارضوا بشكل علني جهود مكافحة الإرهاب، أو قللوا من انتهاكات الحوثيين أو تغاضوا عنها».

وأكدت «ساري غلوبال» أن الكيانات التي تمولها الولايات المتحدة، ويثبت انتهاكها، «سيوقَف التمويل عنها وتُنهى عقود التمويل. وفي الوقت نفسه، فإن هذه المنظمات تكافح بالفعل مع موارد محدودة، ولهذا، فإن فقدانها مِنَح (الوكالة الأميركية للتنمية الدولية) قد يجبرها على إغلاق برامجها الأساسية».

صعوبة في الوصول

وبشأن التأثيرات العملية على العمل الإنساني جراء التصنيف الأميركي للحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية»، أوضح التقرير أنه «بمجرد التصنيف، فقد تجد المنظمات غير الحكومية صعوبة أكبر في الوصول إلى المجتمعات المحتاجة إذا لم تتمكن من دفع ثمن تصاريح العبور بأمان أو التعاون مع حراس البوابة المحليين».

ووفق المؤسسة، «ستصبح متطلبات الترخيص المعقدة وإجراءات التدقيق الأكثر صرامة والإبلاغ المشدد عن الامتثال جزءاً من العمليات اليومية».

ورأى التقرير أن هذه الأعمال الورقية الإضافية «قد تؤدي إلى تأخيرات في وقت تحتاج فيه المجتمعات المعرضة للخطر إلى الخدمات الأساسية والمساعدات الطارئة بشكل سريع. بالإضافة إلى ذلك، فقد تصبح قيادة الحوثيين أكثر تشككاً في المنظمات التي تتلقى تمويلاً أميركياً، مما قد يعوق التعاون أو يزيد من المخاطر الأمنية للموظفين».

منسق الأمم المتحدة لدى اليمن يراهن على المفاوضات لإطلاق سراح عمال الإغاثة من سجون الحوثيين (إعلام محلي)

ونبهت المؤسسة الدولية «ساري غلوبال» في تقريرها المنظمات غير الحكومية إلى ضرورة أن تكون تحركاتها بحذر لضمان عدم انتهاكها قوانين مكافحة الإرهاب الأميركية أو تعريض الموظفين للخطر نتيجة قطع العلاقات التي تراها ضرورية مع سلطة الجماعة الحوثية، «مع الحفاظ على الامتثال والوصول دون التعرض القانوني، وقد تحتاج المنظمات الإنسانية إلى تطوير عمليات فحص أكثر صرامة للشركاء المحليين والموردين والمعاملات المالية».

إلى جانب ذلك، قد تحتاج هذه المنظمات إلى تعزيز الوثائق المتعلقة بكل دفعة أو تعاون لضمان قدرتها على إظهار جهود حسن النية لتجنب دعم كيان معين عن غير قصد. ونصح معدو التقرير بالمشاورات المتكررة مع الخبراء القانونيين للمساعدة في تحقيق الامتثال لهذه الشروط. وأوصى التقرير بالتدريب في الوقت المناسب للموظفين على لوائح العقوبات والاحتفاظ بسجلات دقيقة لإدارة هذه التحديات.

وعموماً؛ ترى المؤسسة الأمنية أنه على الرغم من أن إعادة تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية» بهدف الحد من هجماتهم، فإنها سيؤدي أيضاً إلى تعقيد عملية تسليم المساعدات الإنسانية إلى الأجزاء الواقعة تحت سيطرتهم.

الشفافية الصارمة

وأكد تقرير المؤسسة الدولية الأمنية أن «المنظمات التي تتمتع بتدابير امتثال فعالة، وتدفقات تمويل شفافة، وتخطيط أمني قوي، ستكون في أفضل وضع لمواصلة تقديم الخدمات الأساسية في هذه البيئة المتقلبة».

وأشار التقرير إلى أن توصية وزير الخارجية الأميركي عقب انتهاء فترة الـ30 يوماً لتفعيل التصنيف «ستعطي الأولوية لحرمان الحوثيين من الموارد والقدرات التشغيلية، وستلزم المنظمات غير الحكومية العاملة في المناطق التي يسيطرون عليها باتباع حظر صارم على تقديم أي شكل من أشكال الدعم المادي للجماعة؛ بما في ذلك الأموال أو السلع أو التدريب أو الموارد الأخرى؛ حتى تلك المطلوبة للعمليات اليومية أو سلامة الموظفين».

تراجع كبير شهدته الأعوام الأخيرة في حجم المساعدات الإغاثية إلى اليمن (أ.ف.ب)

وأوصت المؤسسة المنظمات غير الحكومية العاملة في مناطق سيطرة الحوثيين بـ«اعتماد نظام فحص ومراقبة صارم، واستخدام قواعد بيانات موثوقة لفحص الشركاء والموردين والجهات الفاعلة المحلية، في ضوء قوائم المراقبة التي تحتفظ بها وزارة الخزانة الأميركية والأمم المتحدة والسلطات ذات الصلة». وأكدت أن «البقاء على اطلاع دائم على التغييرات في قوائم العقوبات يساعد في تجنب التعاملات غير المقصودة مع الأفراد أو الكيانات المحددة حديثاً».

وشدد التقرير الدولي على أن «تنفيذ ضوابط داخلية قوية وواضحة، والتدريب المستمر للموظفين، ضروريان لتحديد المخاطر المرتبطة بالعقوبات والاستجابة لها». وأوضح أن «تتبع الأموال بدقة، وتوثيق كل معاملة، يخلقان مسار تدقيق يثبت الجهود المبذولة بحسن نية للامتثال للقوانين الأميركية».

وبينت المؤسسة أن عمليات التدقيق الدورية التي تجريها جهات خارجية «يمكن أن تؤثر بشكل كبير على الالتزام بالشفافية والمساءلة». وأضافت أن «تعزيز العناية الواجبة لتقييم مخاطر العمل في بيئات عالية المخاطر مثل اليمن، يعزز من فاعلية خدمات العناية الواجبة المعززة».

وأشار التقرير إلى أن «الاستفادة من الاستخبارات المحلية المتعمقة، وتحليلات المخاطر المتقدمة، يمكن أن يساعدا المنظمات على معرفة انتماءات البائعين أو المستفيدين بشكل أفضل، وضمان أن الأموال لا تدعم بشكل غير مباشر الكيانات المعنية بالعقوبات الأميركية».


مقالات ذات صلة

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

العالم العربي مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

اتفاق مسقط لتبادل نحو 2900 محتجز ينعش آمال اليمنيين بإنهاء معاناة الأسرى وسط تفاؤل حذر ومطالب بضمانات أممية لتنفيذ «الكل مقابل الكل»

«الشرق الأوسط» (الرياض - صنعاء)
العالم العربي لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «خروج سلس وعاجل» لـ«الانتقالي»

يرسم البيان السعودي مسار التهدئة شرق اليمن، داعياً لانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة، وسط ترحيب رئاسي وحكومي وإجماع حزبي ضد التصعيد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
وفد سعودي زار حضرموت ضمن مساعي التهدئة وخفض التوتر (سبأ)

حضرموت تتمسك بالشرعية وتحذر من تكلفة «التحركات الأحادية»

جددت سلطة حضرموت دعمها الكامل للشرعية، محذّرة من التحركات العسكرية الأحادية، ومؤكدة أن أمن المحافظة، والحوار السياسي هما السبيل للاستقرار، والتنمية

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

جدّد العليمي رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة اليمنية أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية مؤكداً حماية المركز القانوني للدولة

«الشرق الأوسط» (جدة)
خاص نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)

خاص «اتفاق مسقط» لتبادل المحتجزين اختبار جديد لمصداقية الحوثيين

يُشكّل الاتفاق الذي أبرمته الحكومة اليمنية في مسقط مع الحوثيين لتبادل 2900 محتجز من الطرفين اختباراً جديداً لمدى مصداقية الجماعة في إغلاق هذا الملف الإنساني

محمد ناصر (تعز)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.