تشريع مصري يثير الجدل حول مراقبة الاتصالات ومواقع التواصل

رئيس «النواب» ينفي التوسع في صلاحيات سلطات الضبط

وزير الشؤون النيابية المصري ممسكاً بالدستور خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية بمجلس النواب (مجلس الوزراء)
وزير الشؤون النيابية المصري ممسكاً بالدستور خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية بمجلس النواب (مجلس الوزراء)
TT

تشريع مصري يثير الجدل حول مراقبة الاتصالات ومواقع التواصل

وزير الشؤون النيابية المصري ممسكاً بالدستور خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية بمجلس النواب (مجلس الوزراء)
وزير الشؤون النيابية المصري ممسكاً بالدستور خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية بمجلس النواب (مجلس الوزراء)

أثارت مناقشة مجلس النواب المصري (البرلمان)، لقواعد مراقبة الهواتف ومواقع التواصل الاجتماعي من قبل سلطات التحقيق، ضمن مشروع قانون الإجراءات الجنائية، جدلاً واسعاً، في وقت دافع فيه رئيس المجلس حنفي جبالي عنه، مؤكداً أن مشروع القانون «لا يحمل توسعاً في صلاحيات سلطات الضبط».

وأجازت المادة محل الجدل، للنيابة العامة - بعد الحصول على إذن قضائي - ضبط الخطابات والرسائل والبرقيات والجرائد والمطبوعات والطرود، ومراقبة الاتصالات، وحسابات مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي، والبريد الإلكتروني، والرسائل النصية أو المسموعة أو المصورة على الهواتف أو الأجهزة أو أي وسيلة تقنية أخرى... متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة بجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على 3 أشهر.

وأوجبت المادة أن يكون «الأمر بالضبط أو الاطلاع أو المراقبة أو التسجيل لمدة لا تزيد على 30 يوماً، مع جواز تجديد لمدة أو لمدد أخرى مماثلة».

ولا يعد السماح للنيابة العامة بمراقبة الاتصالات أمراً جديداً في القانون المصري، إذ يتيح قانون الإجراءات الجنائية الحالي، والجاري تعديله، للنيابة، مراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية، أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص، كما ينص أيضاً على السماح بتجديد المراقبة لـ30 يوماً أو مدد مماثلة.

ويكمن إحباط الحقوقيين من المادة الجديدة في أنها «إعادة استنساخ للوضع القانوني القائم حالياً»، بينما كانوا يطمحون في أن تقيد المراقبة لمدة محددة، مثلاً 30 يوماً والتجديد لمدتين مماثلتين على أقصى تقدير، وفق المحامي الحقوقي محمد فتحي، عضو حملة «معاً من أجل قانون عادل للإجراءات الجنائية».

وتساءل فتحي بشأن توافق المادة المقترحة مع الدستور المصري الذي ينص على أن المراقبة تكون لمدة محدودة، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه المادة بشكلها الحالي تسمح بالاستمرار في مراقبة المتهم فترة بعد أخرى».

وينص الدستور المصري في المادة 57 على أن «لحياة المواطنين الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس. وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال، حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محدودة، وفي الأحوال التي يبينها القانون».

وكان كل من النائبين المعارضين فريدي البياضي ومحمد عبد العليم داود، طالبا خلال مناقشة المادة في جلسة البرلمان، الأحد، بتقييد مدد المراقبة، بما لا يزيد على مدتين، لكن المجلس انتهى إلى تمرير النص الذي قدمته الحكومة كما هو.

ودافع وزير الشؤون البرلمانية، المستشار محمود فوزي، على المادة قائلاً: «غرض جهات التحقيقات الوصول إلى العدالة، لذلك يجب تمكينها من الوصول إلى الأدلة»، عادّاً أنه «لا يوجد إلزام دستوري بوضع مدة أو اثنتين طالما كل تجديد يكون من القاضي المختص، وأن اقتراح تقييد المراقبة بمدتين معيق للعدالة».

وأضاف فوزي: «بفرض أننا نتابع قضية كبيرة وخيوطها مستطيلة، فهل نضع نصاً يعيق الوصول إلى الحقيقة والعدالة؟، في حين أن الأمر منوط بإذن القاضي ومدة الإذن محددة بألا تزيد على 30 يوماً، وفي النهاية فإن السلطة القضائية تخضع للقانون ولرقابة المحاكم الأعلى».

من جانبه، انتقد رئيس مجلس النواب (البرلمان) حنفي جبالي، الاثنين، تناول بعض وسائل الإعلام للمادة، قائلاً: «بعض الصياغاتِ أفضت إلى أن المراقبةَ أصبحت أمراً متاحاً على نطاق واسع، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق».

وشدد جبالي على أن المراقبة، وفقاً للقانون، لا تتم إلا بناءً على أمر قضائي يصدر من قاضٍ، ووفق ضوابط قانونيةٍ مشددة، وفي حالاتِ التحقيق بجرائم الجنايات أو الجنحِ، وأضاف: «لا يمكنُ بأي حال من الأحوال إخضاع أي شخص للمراقبة بشكل عشوائي أو غيرِ قانوني، وإنما يكون ذلك في إطار أحكام الدستور والقانون».


مقالات ذات صلة

لماذا رفض البرلمان المصري «السوار الذكي» بديلاً للحبس الاحتياطي؟

شمال افريقيا مناقشات البرلمان المصري لقانون الإجراءات الجنائية (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)

لماذا رفض البرلمان المصري «السوار الذكي» بديلاً للحبس الاحتياطي؟

رفض مجلس النواب المصري (البرلمان)، مقترحاً بتطبيق «السوار الذكي»، بديلاً للحبس الاحتياطي، ضمن نصوص قانون «الإجراءات الجنائية» الجديد، وسط حالة من الجدل القانوني

أحمد إمبابي (القاهرة)
العالم العربي مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مناقشات لجنة الصحة بالبرلمان المصري لمشروع قانون المسؤولية الطبية (وزارة الصحة المصرية)

مصر: «انفراجة» في أزمة قانون «المسؤولية الطبية»

في انفراجة لأزمة مشروع قانون «المسؤولية الطبية» بمصر، أرجأت نقابة الأطباء المصرية جمعية عمومية طارئة دعت إليها (الجمعة)، عقب تبني لجنة «الصحة» تعديلات جديدة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا الإعلان التأسيسي لحزب الجبهة الوطنية في مصر (الشرق الأوسط)

استعدادات مبكرة للانتخابات البرلمانية في مصر

قبل نحو عام من إجراء الانتخابات البرلمانية في مصر، يسعى سياسيون مصريون، بينهم مسؤولون سابقون، إلى الاستعداد مبكراً لخوض المنافسة، عبر تشكيل «تحالف سياسي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
العالم العربي وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)

الحكومة المصرية ترفض اتهامات بتوسيع الاقتراض الخارجي

رفضت الحكومة المصرية اتهامات برلمانية وحزبية وُجّهت لها بتوسيع الاقتراض الخارجي، معلنةً انخفاض الدين الخارجي للعام المالي الحالي.

محمد عجم (القاهرة)

الحوثيون يزعمون استهداف حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر

أنصار الحوثيين يرددون شعارات ويرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض للولايات المتحدة وإسرائيل في صنعاء 10 يناير 2025 (إ.ب.أ)
أنصار الحوثيين يرددون شعارات ويرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض للولايات المتحدة وإسرائيل في صنعاء 10 يناير 2025 (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يزعمون استهداف حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر

أنصار الحوثيين يرددون شعارات ويرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض للولايات المتحدة وإسرائيل في صنعاء 10 يناير 2025 (إ.ب.أ)
أنصار الحوثيين يرددون شعارات ويرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض للولايات المتحدة وإسرائيل في صنعاء 10 يناير 2025 (إ.ب.أ)

أعلنت جماعة «أنصار الله» الحوثية في اليمن، الأربعاء، أنها نفذت عملية عسكرية مشتركة، استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» وقطعاً بحرية تابعة لها شمال البحر الأحمر.

وقال يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، في بيان: «إن العملية نفّذتها القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيّر بصواريخ مجنحة وطائرات مسيّرة خلال محاولة الحاملة الاعتداء على اليمن».

وزعم أن العملية «حققت أهدافها بنجاح. ويعد استهداف حاملة الطائرات (ترومان) هو السادس منذ قدومها إلى البحر الأحمر»، وفق «وكالة الأنباء الألمانية».

وأكد المتحدث أنهم جاهزون لأي تصعيد أميركي - إسرائيلي، «ومستمرون في أداء الواجب تجاه الشعب الفلسطيني المظلوم».

وأردف بالقول: «عملياتنا لن تتوقف إلا بوقف العدوان، ورفع الحصار عن قطاع غزة».

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» في البحر الأدرياتيكي 2 فبراير 2022 (رويترز)

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، يواصل الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، وتقول الجماعة إنها تستهدف السفن الإسرائيلية والمرتبطة بها، أو تلك المتوجهة إليها، وذلك «نصرة للشعب الفلسطيني في غزة».

وردّاً على تلك الهجمات التي ألحقت أضراراً بحركة التجارة العالمية في البحر الأحمر وخليج عدن، بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا في 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، تنفيذ ضربات جوية ضد الحوثيين الذين استهدفوا في المقابل السفن التابعة للدولتين.