مساعي مصر لتسلّم نجل القرضاوي... ما السيناريوهات المتوقعة؟

عبد الرحمن القرضاوي  (وسائل التواصل الاجتماعي)
عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)
TT

مساعي مصر لتسلّم نجل القرضاوي... ما السيناريوهات المتوقعة؟

عبد الرحمن القرضاوي  (وسائل التواصل الاجتماعي)
عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)

أثار توقيف السلطات اللبنانية، عبد الرحمن القرضاوي، نجل الداعية الراحل يوسف القرضاوي، التابع لجماعة «الإخوان المسلمين»، على خلفية إدانته نهائياً في قضايا جنائية بمصر، تساؤلات بشأن إمكانية تسليمه للقاهرة في ظل جدل على منصات التواصل الاجتماعي.

ووفق الإجراءات القضائية الدولية، فإنه بعد التوقيف، تتحرك السلطات المصرية تلقائياً لتقديم ملف استرداد الموقوف القرضاوي، غير أن الحكومة اللبنانية هي التي تقرر في نهاية المطاف قبول أو رفض تسليم القرضاوي لمصر، وفق ما ذكره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

ومَثَل نجل القرضاوي أمام النيابة العامة التمييزية في لبنان، الاثنين، وخضع لاستجواب مطوَّل حول مذكرة «الإنتربول» الصادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب، التي تطلب توقيفه بناءً على حكم غيابي صادر بحقه عن القضاء المصري بالسجن 5 سنوات، وإدانته بجرائم «إذاعة أخبار كاذبة والتحريض على العنف والإرهاب والتحريض على قلب النظام».

وجرى إطلاع نجل القرضاوي على مضمون مذكرة «الإنتربول» الصادرة بحقّه، وأيضاً على برقية صادرة عن دولة الإمارات، تسلّمها النائب العام التمييزي في لبنان، القاضي جمال الحجار، الاثنين، وتطلب من لبنان توقيفه أيضاً، وتسليمه إياه لملاحقته بجرم «التحريض على زعزعة الأمن في دولة الإمارات».

ولدى انتهاء جلسة التحقيق، أعطى القاضي الحجار إشارة بإبقاء عبد الرحمن القرضاوي موقوفاً على ذمة التحقيق، وقرر «تسطير كتاب إلى السلطات المصرية يطلب فيه إيداع ملف استرداده لدراسته، واتخاذ القرار بشأنه»، وفق مصدر قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط».

مدير الإنتربول المصري السابق اللواء مجدي الشافعي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتفاقية بين مصر ولبنان بخصوص تسليم المجرمين، تستند على تقديم لبنان طلب الحصول على ملف استرداد من مصر على أن تقرر بعد وصوله مدى توافر شروط التسليم على الموقوف من عدمها»، مؤكداً أن «مصر ملزمة وفق الاتفاقية بشكل تلقائي أن تقدم طلب الاسترداد طالما تم توقيفه».

وحسب تقدير الشافعي، فإن «ملف الاسترداد تكون به الاتهامات والأحكام التي ستنظر فيها بيروت وترى بعدها إمكانية تسليمه للقاهرة من عدمه»، مشيراً إلى أن «الاتهامات التي تلاحقه جميعها جنائية وليست تهماً سياسية، التي تمنع الاتفاقات والقوانين الدولية تسليم أي دولة متهماً بها».

وفي حالة نجل القرضاوي، فإن الإدانة بحقه تتعلق بـ«تهم جنائية فقط، بالتالي وفق الورق المصري الذي سيرسل لبيروت، يجب تسليمه لمصر، لكن الأمر يخضع لظروف بيروت فهي صاحبة القرار في ذلك»، يضيف الشافعي.

مطالبات

ومنذ توقيفه، تصاعدت مطالب إعلامية وسوشيالية بتسليمه، كان بينها الإعلامي المصري أحمد موسى، الذي قال خلال تقديمه برنامج «على مسؤوليتي» عبر «صدى البلد»، السبت، إن سلطات لبنان أوقفت نجل القرضاوي، عقب عودته من سوريا إلى بيروت، وقيامه بـ«التحريض ضد مصر ودول خليجية في ساحة المسجد الأموي بدمشق».

وكشف موسى أن نجل القرضاوي «مطلوب للعدالة المصرية ومدرج على لائحة الإنتربول الدولي، حيث يواجه أحكاماً بالسجن لمدة 15 سنة في عدد من القضايا في المحاكم المصرية»، مؤكداً «ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسليمه إلى القاهرة».

وليس هناك وقت محدد لوصول ملف الاسترداد من مصر لبيروت، حسب الشافعي، مؤكداً أن القاهرة تقدم طلباً للإنتربول والأخير يخاطب مكتب التعاون الدولي بمكتب النائب العام المصري، الذي يجهز الملف كاملاً وتسلمه الخارجية المصرية بعد ذلك للجهات اللبنانية التي تحوله للجهات القضائية المختصة.

وليس هناك ما يمنع أن يبقى نجل القرضاوي رهن الحبس حتى يصل ملف الاسترداد من مصر، أو يطلق سراحه بضمانات بقائه بالبلاد لحين حسم موقفه، وهذا كله يخضع لتقديرات السلطات اللبنانية، وفق مدير الإنتربول المصري السابق.

وكان الإعلامي عمرو أديب خلال برنامجه «الحكاية» عبر فضائية «mbc مصر»، تحدث السبت عن احتمال أن «تركيا ستقوم بممارسة ضغوط كبيرة على لبنان لمنع تسليم عبد الرحمن القرضاوي الذي يحمل جنسيتها»، مطالباً بتسليمه لمصر.

غير أن النائب العام التمييزي في لبنان، القاضي الحجار، قال لـ«الشرق الأوسط»، الأحد، إنه «لم تمارس أي دولة ضغوطاً على القضاء اللبناني الذي سينفِّذ القوانين في هذه القضية كما ينفِّذها في القضايا المماثلة كلها».

ولا تمنع الجنسية التركية لنجل القرضاوي أن يتم النظر في ملف استرداده الذي سيصل من مصر، ولا يمنع كذلك تسليم بيروت للموقوف بأي حال من الأحوال حتى ولو لم يكن يحمل الجنسية المصرية افتراضاً، وفق مدير الإنتربول المصري السابق اللواء مجدي الشافعي.

وفي المقابل، عقب توقيف سلطات لبنان نجل القرضاوي، ظهرت حملات مؤيدة لجماعة «الإخوان» المحظورة بمصر، بشكل مكثف تطالب بإطلاق سراحه، ونقلت مقطع فيديو لوكيله القانوني، محمد صبلوح، يطلب خلاله إطلاق سراح موكله.

بينما وصف الناشط المصري لؤي الخطيب ما تقوم به الجماعة المحظورة عقب توقيف نجل القرضاوي بأنه «رعب»، قائلاً في منشور عبر منصة «إكس»: «رعب المطاريد بعد اعتقال عبد الرحمن يوسف القرضاوي.. ده تمامكم.. تعيشوا حياة رخيصة مافيهاش أمان».

سيناريوهات

وفي ظل استمرار توقيف نجل القرضاوي، يضع أستاذ القانون الدولي، الدكتور أيمن سلامة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، سيناريوهات المستقبل قائلاً إن «لبنان الدولة المطلوب منها المتهم القرضاوي هي التي لها القول الفصل والحل والعقد وليس الإنتربول، وإن أصدر المذكرة الحمراء (المعنية بالتوقيف)»، موضحاً أن «الإنتربول بحسب الأمم المتحدة دوره تنسيق وتسهيل التعاون بين الدولة الطالبة تسليم المتهمين والدولة المطلوب منها التسليم».

وستعمل بيروت على تكييف طبيعة جريمة الملاحق والمطلوب تسليمه من مصر، فإن كيفتها سياسيةً، فمحظور تسليمه، كما تنص القوانين الدولية، فضلاً عن أن اتفاقية تسليم المتهمين بين البلدين يجب أن تكون مجددةً ليتم تنفيذ الأمر بالأساس، وفق سلامة.

وينبه أستاذ القانون الدولي إلى أن إيطاليا وألمانيا سبق أن رفضا تسليم الوزير السابق الإخواني محمد محسوب، والإعلامي أحمد منصور، رغم تقديم مصر ملف استرداد لهما، مؤكداً أن تقديم الملف لا يعني إطلاقاً حتمية استلام المطلوب، وستبقى الحكومة اللبنانية هي التي تقرر في نهاية المطاف قبول أو رفض تسليم نجل القرضاوي للقاهرة.


مقالات ذات صلة

القضاء اللبناني يستجوب نجل يوسف القرضاوي ويبقيه موقوفاً

المشرق العربي عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)

القضاء اللبناني يستجوب نجل يوسف القرضاوي ويبقيه موقوفاً

مثل الناشط السياسي المصري عبد الرحمن القرضاوي، أمام النيابة العامة في لبنان، وخضع لاستجواب مطوّل حول مذكرة «الإنتربول» الصادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب.

يوسف دياب (بيروت)
العالم العربي عشرات الآلاف من المصريين خلال مظاهرات 30 يونيو 2013 ضد حكم الرئيس الإخواني الراحل محمد مرسي (أرشيفية - أ.ف.ب)

مصر: اتهامات لـ«الإخوان» بـ«التضليل» إثر مزاعم عن مظاهرات

اتَّهم برلمانيون وإعلاميون مصريون عناصر جماعة «الإخوان» المحظورة، بـ«التضليل» ونشر «الشائعات»، عقب مزاعم عن وجود مظاهرات في أنحاء مصر.

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

أثار رحيل القيادي في جماعة «الإخوان»، يوسف ندا، الأحد، تساؤلات حول مصير «أموال الجماعة»، ومدى تأثرهم اقتصادياً بوفاته.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا يوسف ندا (وسائل التواصل الاجتماعي)

 مؤسس إمبراطوريتها المالية... وفاة القيادي «الإخواني» يوسف ندا

أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، صباح اليوم (الأحد)، وفاة أحد قادتها، يوسف ندا، الذي يعد مؤسس إمبراطوريتها المالية، والمدرج على قوائم الإرهاب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، و«المطلوب» المصري الهارب محمود فتحي (صورة متداولة على منصة «إكس»)

مخاوف مصرية من احتضان قادة سوريا الجدد لـ«إخوان فارين»

يخشى مصريون من احتضان سوريا لعناصر «الإخوان الهاربين»، في ظل العلاقة الوطيدة بين الجماعة «المحظورة» وقادة سوريا الجدد، وكذلك تضييق السلطات التركية على الإخوان.

محمد عجم (القاهرة)

مصر: «رسوم» الجوال المستورد تُربك مستخدميه

مصر تعتزم تطبيق رسوم جمركية على الجوالات الواردة من الخارج (رويترز - أرشيفية)
مصر تعتزم تطبيق رسوم جمركية على الجوالات الواردة من الخارج (رويترز - أرشيفية)
TT

مصر: «رسوم» الجوال المستورد تُربك مستخدميه

مصر تعتزم تطبيق رسوم جمركية على الجوالات الواردة من الخارج (رويترز - أرشيفية)
مصر تعتزم تطبيق رسوم جمركية على الجوالات الواردة من الخارج (رويترز - أرشيفية)

تسببت رسوم فرضتها السلطات المصرية، على الجوالات المستوردة من الخارج، في حالة إرباك واسعة بين المصريين، الذين انتقدوا تحميلهم «أعباء إضافية»، وسط إصرار حكومي على تنفيذ القرار، بداية من يناير (كانون الثاني) الحالي، بداعي «تشجيع الصناعة المحلية».

وبموجب القرار الجديد، يُسمح للمسافرين بإدخال جوال شخصي واحد فقط، بينما يخضع أي جوال إضافي يتم إدخاله لرسوم جمركية بنسبة 38.5 في المائة من قيمته. وفي حال دخول الجوال من خلال الجمارك دون دفع الرسوم المقررة، يتلقى صاحب الجوال رسالة تطالبه بسداد الرسوم خلال 90 يوماً.

وإذا لم يتم السداد في الموعد المحدد، فسوف يتم وقف خدمة الاتصالات عن الجوال، كما تشير وزارة المالية المصرية.

ورغم المحاولات الحكومية المتكررة، عبر بيانات أو تصريحات رسمية، لتوضيح المعنيين بالقرار وطريقة الدفع، فإن تطبيق إلكتروني أطلقته «مصلحة الجمارك»، لتسجيل بيانات الأجهزة المحمولة المستوردة، تسبب في حالة إرباك واضحة بين المواطنين، بعدما اكتشف كثيرون أنهم يحملون جوالات عليها رسوم مستحقة بآلاف الجنيهات، وسط تساؤلات عن مصيرها.

وسعت وزارة المالية، وكذلك وزارة «الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات»، لتوضيح ذلك اللبس في بيان مشترك، الأربعاء، حيث أكد البيان أن المنظومة الجديدة تسري على الجوالات الجديدة المستوردة من الخارج، ولا تسري على التي سبق شراؤها من السوق المحلية، أو من الخارج، وتم تفعيلها قبل الأول من يناير 2025، حيث لا تطبق هذه المنظومة بأثر رجعي.

وترفض الحكومة المصرية وصف تلك الرسوم بالجديدة، مؤكدة أن «الرسوم والضريبة الجمركية من دون تغيير»، غير أنها حددت لكل مواطن يأتي من الخارج «إعفاء جوال واحد للاستخدام الشخصي لفترة انتقالية لمدة 3 أشهر لأول مرة»، وفقاً للبيان.

وبررت الحكومة المصرية العمل بالمنظومة الجديدة بداعي «تشجيع وتوطين صناعة الجوال في مصر»، في ظل «بدء عدد من الشركات الدولية تصنيع جوالات بمختلف أنواعها بالسوق المصرية»، وشدّدت على دعم جهود توفير جوالات محلية الصنع بجودة عالية، وأسعار تنافسية، ومحفزة للتصدير.

وأرجع رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحافي، الأربعاء، تطبيق الرسوم على الجوالات المستوردة، إلى «شكوى 5 شركات دولية، تعمل على إنتاج أجهزة الجوالات في مصر، من عمليات التهريب»، التي وصفها بـ«الكبيرة».

ويصل إجمالي الطاقة الإنتاجية للشركات الأجنبية المصنعة للجوالات في مصر إلى نحو 11.5 مليون وحدة سنوياً، حسب إفادة من وزارة الاتصالات المصرية، في أغسطس (آب) الماضي.

ومع محاولة مواطنين استخدام تطبيق «تليفوني» الإلكتروني، الذي أطلقته مصلحة الجمارك المصرية، للاستعلام عن قيمة الرسوم المستحقة، اشتكى كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي من ارتفاع قيمة الرسوم، عادّين أنها «تتخطى أرباح الشركة المصنعة للجوال».

وانتقد مصريون تطبيق رسوم الجوالات المستوردة، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبات بوقفها، وتصدر هاشتاغ #اوقفو_قرار_ضريبه_المحمول صدارة «التريند» على موقع «إكس»، للمطالبة بوقف القرار.

وأبدى كثير من المصريين المغتربين انتقادهم لتلك الرسوم، كونهم أكثر المتضررين من القرار وفق قولهم، لافتين إلى أن كثيرين يمتلكون جوالين، أحدهما برقم مصري وآخر برقم الدولة التي يعيشون فيها، وهو ما يكبدهم أموالاً طائلة مع عودتهم.

وما زالت إجراءات فرض الرسوم على الجوالات المستوردة، «غير واضحة»، كما يشير سكرتير شعبة الاتصالات باتحاد الغرف التجارية المصرية، تامر محمد، الذي طالب الحكومة بتوضيح آليات تنفيذها حتى لا يُساء استخدامها.

وقال محمد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «غاية الحكومة المصرية من حوكمة سوق الجوالات (خطوة جيدة)، خاصة أن المستفيد الأكبر من تلك الخطوة، هي شركات تعمل بشكل منضبط»، لكنه أشار كذلك إلى «ضرورة شرح آلية تطبيق النظام الجديد والبدائل للمستخدمين».

وارتفعت واردات مصر من الجوالات بنسبة 31.4 في المائة، خلال الخمسة الأشهر الأولى من العام الماضي 2024، حيث سجلت 1.828 مليون دولار، مقابل 1.391 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023، حسب إفادة من «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر في أغسطس الماضي.

ومع شكاوى المستخدمين من تطبيق «تليفوني» التابع للجمارك، أقر نائب رئيس شعبة المحمول باتحاد الغرف التجارية، محمد الحداد، بوجود أخطاء في التطبيق، تتعلق بتلقي بعض المستخدمين رسائل برسوم على جوالات تم شراؤها من قبل، لكنه عدّها «طبيعية»، وأوضح: «هناك أخطاء سيتم تداركها، خصوصاً أن التطبيق يجري تفعيله لأول مرة في مصر».

ورغم ترحيبه بالمنظومة الجديدة، قال الحداد لـ«الشرق الأوسط»، إن «شركات تعاملت بشكل خاطئ مع القرار، وقامت برفع أسعار الجوالات بنسب تتراوح بين 5 و15 في المائة»، محذراً من أن هذه التصرفات «ستسهم في حالة ركود داخل السوق المحلية».