مصر: «الحوار الوطني» لتوسيع مناقشات إعادة هيكلة الدعم

أوصى الحكومة بالتمهل في اتخاذ قرار التحول إلى النظام «النقدي»

جانب من اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني المصري (الحوار الوطني)
جانب من اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني المصري (الحوار الوطني)
TT

مصر: «الحوار الوطني» لتوسيع مناقشات إعادة هيكلة الدعم

جانب من اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني المصري (الحوار الوطني)
جانب من اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني المصري (الحوار الوطني)

في حين تواصلت النقاشات في مصر على مدار الأشهر الماضية حول إعادة هيكلة منظومة الدعم الحكومي المُقدّم إلى المواطنين، في ظل توجه حكومي بالتحول من نظام دعم «عيني» إلى نظام «نقدي» بداعي «ضمان وصول الدعم إلى مستحقيه»؛ يعتزم «الحوار الوطني» المصري توسيع دائرة تلك المناقشات، مناشداً الحكومة المصرية «التمهل» في اتخاذ أي إجراءات تتعلق بمسألة الدعم.

وتُطبِّق الحكومة المصرية، منذ عقود طويلة، منظومة تموينية لتوزيع السلع الأساسية بأسعار مدعومة، بينها: الخبز، والزيت، والسكر، تُصرف شهرياً من خلال «بطاقات التموين». لكن الحكومات المتعاقبة تشكو من الأعباء الاقتصادية لتلك المنظومة على الموازنة العامة، في ظل استفادة نحو 63 مليون مواطن منها، حسب بيانات مجلس الوزراء.

وأعلنت الحكومة المصرية، قبل نحو شهرين، اعتزامها إجراء تعديلات جذرية على نظام الدعم المُقدّم إلى مواطنيها، يتضمّن التحول من نظام «الدعم العيني» إلى «النقدي» أو «الدعم النقدي المشروط».

الخبز من أهم سلع المنظومة التموينية المدعمة في مصر (محافظة المنيا)

وأعلن مجلس أمناء الحوار الوطني مستجدات مناقشاته لمسألة الدعم، قائلاً في بيان إنه عقد اجتماعاً، السبت، استعرض خلاله موقف مناقشة جلسات الحوار الوطني لقضية الدعم، بعد استكمال تلقي الأمانة الفنية مقترحات القوى السياسية والأهلية والخبراء والمواطنين حولها.

وكانت الأمانة الفنية للحوار الوطني قد انتهت من استقبال المقترحات والتصورات المكتوبة حول مسألة الدعم، من جميع الكيانات والجهات والخبراء المتخصصين والقوى السياسية، حتى يوم 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأكد البيان أن «جلسات الحوار الوطني حول تفاصيل هذه القضية المحورية لغالبية الشعب المصري في طور الإعدادات النهائية، لتبدأ فور اكتمالها جلسات الحوار حولها، العامة والعلنية، والمتخصصة والفنية، بمشاركة مختلف القوى السياسية والأهلية والنقابيّة والشبابية».

وأهاب مجلس الأمناء بالحكومة في ظل أهمية هذه القضية، والحرص المعلن والمتكرر لرئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي على استفادة الحكومة بما سينتهي إليه الحوار الوطني بشأنها، «التمهل في اتخاذ أي إجراءات بخصوصها، حتى ينتهي الحوار من مناقشتها وصياغة التوصيات النهائية لها، في موعد سيعلن عنه لاحقاً وقريباً».

ووفق تصريحات سابقة لرئيس الوزراء، فإنه قد يبدأ التحول من دعم السلع الأوّلية الأساسية، إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة للفئات الأولى بالرعاية مع العام المالي الجديد، بداية من يوليو (تموز) 2025، شرط حدوث «توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في جلسات الحوار الوطني».

وفي أغسطس (آب) الماضي، قال وزير التموين المصري، شريف فاروق، إن الحكومة المصرية «تنتظر ردود الفعل من الحوار الوطني بشأن التحول لمنظومة الدعم النقدي»، وأضاف أن «هناك أفكاراً مطروحة على الحكومة والمشاركين في الحوار، منها التحول لدعم نقدي كامل أو نقدي مشروط، لكن لم يتم اتخاذ قرار بشأنها حالياً».

عضو مجلس أمناء الحوار الوطني المصري جمال الكشكي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمانة الفنية للحوار تلقت العديد من الاقتراحات من خبراء ومتخصصين ومواطنين وجهات متخصصة فيما يتعلق بمسألة الدعم، وسوف نناقشها خلال الأيام المقبلة؛ حيث سنقوم بتنظيم بعض الجلسات النقاشية التي يشارك فيها متخصصون وخبراء ومطلعون على هذا الملف، للخروج بتوصيات، وسواء كانت توصيات مؤيدة أو رافضة للتحول في شكل الدعم، فسوف يتم رفعها إلى رئيس الجمهورية».

كان الحوار الوطني قد تعهد بمناقشة قضية الدعم بـ«تجرد وحياد كاملين»، دون الميل إلى تطبيق أحد النظامين «العيني أو النقدي»، وأن يكون دوره «توفير بيئة حوارية تتسع لمشاركة كل الآراء والمقترحات»، على أن يجري الوصول إلى توصيات تعبّر عن جميع مدارس الفكر والعمل في مصر، يتم رفعها لرئيس الجمهورية.

ويشير عضو مجلس أمناء الحوار الوطني إلى أن «مناشدة الحكومة التمهل لا تحمل أي تأويل أو اتجاه بشأن مسألة الدعم، فالتمهل هنا مناشدة لكي نأخذ وقتنا في النقاش المعمق حول هذا الملف، وبهدف إعطاء الحوار الوطني فرصته ووقته للتوصل إلى نتائج تصب في مصلحة المواطن»، لافتاً إلى أن الجلسات يُنتظر أن تبدأ مع مطلع العام الجديد، وقد تتواصل على مدار شهر أو شهر ونصف الشهر.

ويؤكد الكشكي أن هناك تنسيقاً مع الحكومة في تلك النقطة، وذلك لكون المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، هو رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني، وبالتالي هو همزة الوصل بين الحكومة وإدارة الحوار الوطني، بما يؤكد التنسيق بينهما.

ورحبت قوى سياسية بما أعلنه الحوار الوطني بشأن مسألة الدعم، كونها تمثل حجر الزاوية في تحسين حياة المصريين. ودعا رئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، الحكومة إلى التريث في اتخاذ أي قرارات تتعلق بالدعم حتى انتهاء جلسات الحوار الوطني وصدور توصياتها النهائية.

وقال الشهابي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «حزبه على استعداد للمشاركة الفعالة في جلسات الحوار الوطني المرتقبة، إلى جانب الخبراء والمتخصصين، بهدف بلورة توصيات وصياغة رؤى لتحقيق أهداف الحوار الوطني، شرط أن تجري تلك الجلسات بشفافية وحرية ومن دون خطوط حمراء، ودعوة كل مكونات المجتمع المصري للمشاركة في هذه المناقشات».

هنا، يؤكد الكشكي أن مجلس أمناء الحوار يسعى لتوسيع المناقشات وضمان مشاركة فعالة من مختلف الأطراف في الجلسات العامة والعلنية والمتخصصة، فالجلسات النقاشية الأولى للحوار شهدت مشاركة جميع الأطياف السياسية، ومجلس الأمناء حريص على ذلك، ولأننا أمام قضية متخصصة، فبالتالي ستكون هناك مشاركة من المتخصصين من كل الألوان السياسية للتعبير عن كل الاتجاهات الاقتصادية.


مقالات ذات صلة

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

الحكومة المصرية تغلظ عقوبات «سرقة الكهرباء»

وافق مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، برئاسة مصطفى مدبولي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء الصادر عام 2015، بهدف تغليظ عقوبات سرقة الكهرباء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مدبولي يرأس جلسة فكرية مع متخصصين لمناقشة ملفات على الساحتين الخارجية والداخلية (مجلس الوزراء المصري)

الحكومة المصرية توسّع مشاوراتها في مواجهة تحديات داخلية وخارجية

وسّعت الحكومة المصرية مشاوراتها مع سياسيين وخبراء متخصصين في مجالات عدة، بشأن مقترحات للحد من تبعات التطورات الجيوسياسية على البلاد.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري يترأس اجتماع اللجنة العليا لضبط الأسواق وأسعار السلع (مجلس الوزراء المصري)

إجراءات حكومية مصرية لمواجهة «الغلاء» بعد زيادة أسعار الوقود

سعياً لضبط حركة الأسواق ومواجهة الغلاء، اتخذت الحكومة المصرية إجراءات تستهدف ضمان «توافر السلع الأساسية بأسعار مناسبة للمواطنين»، بمختلف المحافظات.

أحمد إمبابي (القاهرة)
الاقتصاد المنظومة التموينية في مصر تتضمّن توزيع السلع الأساسية بأسعار مدعمة (محافظة المنيا)

مصر لتغيير جذريّ في منظومة «دعم» المواطنين

تعتزم الحكومة المصرية إجراء تعديلات جذرية على نظام الدعم المقدّم إلى مواطنيها، يتضمّن التحول من نظام «الدعم العيني» إلى «النقدي» أو «الدعم النقدي المشروط».

محمد عجم (القاهرة)

النهب يشل إمدادات الغذاء في غزة رغم تعهد إسرائيل بصد العصابات

يجد المجتمع الدولي صعوبات في الحصول على دعم إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني المتدهور في غزة (أ.ب)
يجد المجتمع الدولي صعوبات في الحصول على دعم إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني المتدهور في غزة (أ.ب)
TT

النهب يشل إمدادات الغذاء في غزة رغم تعهد إسرائيل بصد العصابات

يجد المجتمع الدولي صعوبات في الحصول على دعم إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني المتدهور في غزة (أ.ب)
يجد المجتمع الدولي صعوبات في الحصول على دعم إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني المتدهور في غزة (أ.ب)

قال ثلاثة مسؤولين مطلعين من الأمم المتحدة والولايات المتحدة إن إسرائيل تقاعست عن اتخاذ إجراءات صارمة ضد العصابات المسلحة التي تهاجم قوافل المواد الغذائية في قطاع غزة، على الرغم من تعهدها بفعل بذلك في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) للمساعدة في درء المجاعة عن القطاع الفلسطيني.

وأضاف المسؤولون الثلاثة الكبار أن ذلك التعهد، الذي تم التوصل إليه خلف الأبواب المغلقة، بدا وكأنه انفراجة لأنه منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023 وجد المجتمع الدولي صعوبات في الحصول على دعم إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني المتدهور في القطاع الذي عصفت به الحرب.

لكن القوات الإسرائيلية ظلت تركز على حربها ضد حركة «حماس» ولم تتخذ إجراءات تذكر ضد العصابات القليلة التي تنشط في أجزاء من غزة تحت السيطرة الإسرائيلية، وذلك وفقا للمسؤولين الثلاثة الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية المعلومات.

وأحال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسئلة المتعلقة بالتعهد وبعمليات الإغاثة في غزة إلى الجيش. وأحجم متحدث باسم الجيش الإسرائيلي عن التعليق على ما تم الاتفاق عليه في أكتوبر وما تم تنفيذه للحد من عمليات النهب.

وقال المتحدث: «إسرائيل اتخذت خطوات كبيرة للسماح بدخول أكبر قدر ممكن من المساعدات إلى غزة».

العنف خرج عن السيطرة

والآن يقول مسؤولون من الأمم المتحدة والولايات المتحدة إن عنف العصابات خرج عن السيطرة، ما أدى إلى شلل خطوط الإمداد التي يعتمد عليها معظم المدنيين في غزة، البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، للبقاء على قيد الحياة.

وأظهر إحصاء عن الوقائع كان غير معلن في السابق وجمعته وكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة بالتعاون مع منظمات خيرية أنه في أكتوبر فُقد ما قيمته 9.5 مليون دولار من الأغذية والسلع الأخرى، أي ما يقرب من ربع إجمالي المساعدات الإنسانية التي أُرسلت إلى غزة في ذلك الشهر، بسبب الهجمات والنهب.

وقال شخصان مطلعان على الأمر إن تقييم أعمال النهب في نوفمبر (تشرين الثاني) لا يزال جارياً، لكن البيانات الأولية تظهر أنها كانت أسوأ بكثير.

وفي منتصف نوفمبر تعرضت قافلة مكونة من 109 شاحنات مستأجرة من جانب وكالات الأمم المتحدة للهجوم بعد دقائق من إصدار الجيش الإسرائيلي أمرا لها بمغادرة معبر حدودي في جنوب غزة خلال الليل، قبل عدة ساعات من الموعد المتفق عليه، وذلك وفقا لخمسة أشخاص مطلعين على الواقعة، بينهم اثنان كانا حاضرين.

وأضاف الخمسة أن قوات الجيش الإسرائيلي المتمركزة في مكان قريب لم تتدخل. وامتنع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عن التعليق على الواقعة.

انعدام القانون

وقال جورجيوس بتروبولوس رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة إن وكالات الإغاثة غير قادرة على حل مشكلة انعدام القانون هناك بمفردها.

وذكر في تصريحات للصحافيين لدى عودته من غزة يوم الخميس: «أصبحت المشكلة أكبر من أن تتمكن المنظمات الإنسانية من حلها».

وأحجمت وزارة الخارجية الأميركية عن التعليق على التعهد الذي قطعته إسرائيل على نفسها في أكتوبر، لكنها قالت إن عمليات النهب تظل العقبة الرئيسية أمام إيصال المساعدات.

وقال متحدث: «نواصل الضغط على إسرائيل بشأن ضرورة تعزيز الأمن لضمان وصول القوافل التي تحمل المساعدات الإنسانية الضرورية إلى المدنيين الفلسطينيين في جميع أنحاء غزة».

وذكر مسؤول أمني إسرائيلي طلب عدم نشر اسمه أن عمليات النهب تراجعت في الأسابيع القليلة الماضية لكنها لا تزال تشكل تحديا.

وقال للصحافيين اليوم الثلاثاء: «تعلمنا الكثير بالتعاون مع المنظمات الدولية. من الصعب للغاية أن نصل إلى مرحلة من دون عمليات نهب على الإطلاق».

وضع إنساني سيئ للغاية

أصبحت آلة الإغاثة الدولية في حالة فوضى بعد 14 شهرا من الحرب التي تشنها إسرائيل على «حماس»، إذ تقول منظمات الأمم المتحدة والجمعيات الخيرية إن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة وصلت إلى واحد من أسوأ مستوياتها لأنها غير قادرة على توصيل ما يكفي من الغذاء والإمدادات الطبية وتوزيعها على سكان غزة.

وأحيت جولة جديدة من محادثات وقف إطلاق النار هذا الشهر الأمل في إفراج «حماس» عن الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم منذ هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 وكذلك في إيجاد حلول لتعزيز المساعدات الإنسانية.

لكن عمليات الإغاثة متعثرة في الوقت الراهن بسبب الخلاف بين إسرائيل ومعظم المجتمع الدولي حول من يتحمل المسؤولية عن إطعام المدنيين في غزة والحفاظ على النظام في القطاع الفلسطيني.

ودأبت الأمم المتحدة والولايات المتحدة على دعوة إسرائيل إلى الالتزام بالقوانين الإنسانية الدولية وتوفير الأمن والمساعدة للمدنيين في غزة، لكن السلطات الإسرائيلية تقول إن واجبها الوحيد هو تسهيل نقل المواد الغذائية والإمدادات الطبية وإنها تفعل الكثير بشكل منتظم.

وقال جيمي مكجولدريك الذي شغل منصب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة من ديسمبر (كانون الأول) إلى أبريل (نيسان) إن حالة الجمود جعلت تنظيم عمليات الإغاثة وتنسيقها أمرا بالغ الصعوبة.

وقال مسؤولون أميركيون إنهم يراقبون نسبة سكان غزة الذين تستطيع منظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة تقديم المساعدات الغذائية لهم شهريا، وذلك لقياس مدى تفاقم أزمة الجوع.

وأظهرت بيانات الأمم المتحدة أن النسبة بلغت في نوفمبر 29 في المائة ارتفاعا من 24 في المائة في أكتوبر، لكنها تمثل انخفاضا حادا عن الذروة المسجلة وقت الحرب وتجاوزت 70 في المائة في أبريل.

مخابز تخرج من الخدمة

وقال محمد عبد الدايم مالك مخبز «زادنا 2» وسط قطاع غزة إنه و60 من عماله توقفوا عن العمل منذ شهر ولم يتمكنوا من توفير الخبز لنحو 50 ألف شخص يخدمونهم في الظروف العادية.

وأضاف لـ«رويترز» عبر الهاتف الأسبوع الماضي: «إحنا ما بيصلنا طحين بسبب السرقات».

ونفى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ما قيل عن عدم حصول بعض المخابز على الدقيق.

لكن تقارير مراجعة يومية لعمليات المخابز يعدها برنامج الأغذية العالمي واطلعت عليها «رويترز» أظهرت أن 15 من 19 مخبزا تدعمها الوكالة التابعة للأمم المتحدة في غزة خرجت من الخدمة حتى 21 ديسمبر، وأن «زادنا 2» مغلق منذ 23 نوفمبر بسبب نقص الطحين.

وقال عبد الدايم إن بعض المواد الغذائية المسروقة تجد طريقها إلى السوق، ولكن بأسعار باهظة لا يستطيع سوى عدد قليل جدا من السكان تحملها.

وأوضح العاملون بالإغاثة أيضا أنهم يواجهون صعوبات في الوصول إلى شمال غزة، حيث استأنف الجيش الإسرائيلي العمليات العسكرية ضد «حماس» في أكتوبر. ويقدر أن ما بين 30 إلى 50 ألف مدني ما زالوا عالقين هناك، مع القليل من الغذاء والمساعدة الطبية.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنه تم التجهيز لعمليات إغاثة إنسانية مخصصة للمنطقة.

وبخلاف العمليات العسكرية، أرجع أكثر من عشرة مسؤولين من الأمم المتحدة والولايات المتحدة تدهور الأوضاع الإنسانية داخل غزة في الأشهر الثلاثة الماضية إلى قرار اتخذته السلطات الإسرائيلية في أوائل أكتوبر بحظر شحنات الأغذية التجارية التي تُدخلها الشركات.

ووفقا لبيانات الجيش الإسرائيلي، تشكل تلك الشحنات جميع الأغذية الطازجة تقريبا وأكثر من نصف السلع التي دخلت غزة بين مايو (أيار) وسبتمبر (أيلول).

وقال مسؤولون من الأمم المتحدة والولايات المتحدة إن حظرها المفاجئ تسبب في نقص حاد في الإمدادات وجعل مهاجمة شاحنات المساعدات أمرا مربحا.

وفي أكتوبر، نُهب 40 في المائة من المساعدات التي دخلت من معبر كرم أبو سالم في جنوب غزة، وفقا لإحصاء الحوادث الذي اطلعت عليه «رويترز».

وقالت الأمم المتحدة إن السلطات الإسرائيلية قامت بتشغيل معبر كيسوفيم إلى جانب المعابر الأخرى، لكن العصابات هاجمت أيضا قوافل على ذلك الطريق.

وقال عاملون بالإغاثة وقطاع النقل في غزة إن العصابات تتشكل على أسس عشائرية، وتشمل بعض العناصر الإجرامية التي تم إطلاق سراحها من السجون في غزة في أثناء الهجوم الإسرائيلي.

وتضغط الأمم المتحدة والولايات المتحدة على إسرائيل لاستئناف الشحنات التجارية، وقالتا إن زيادة المعروض من الغذاء في غزة بشكل كبير من شأنها أن تؤدي إلى خفض الأسعار وتثني العصابات على النهب، لكن السلطات الإسرائيلية لم توافق.

شاحنات مفرغة

سعت الأمم المتحدة في وقت مبكر من الحرب إلى الاعتماد على شرطة غزة غير المسلحة لتأمين القوافل، لكن إسرائيل كانت تفتح عليها النار وتقول إنها لا يمكن أن تتسامح مع أي قوة مرتبطة بـ«حماس».

وذكر ضابط إسرائيلي خلال زيارة لمعبر كرم أبو سالم في أواخر نوفمبر أن مسؤولية توزيع المساعدات على سكان غزة تقع على عاتق الأمم المتحدة بمجرد أن تسمح إسرائيل بدخول المواد الغذائية عبر الحدود.

وقال العقيد عبد الله حلبي، الذي كان يرتدي سترة وخوذة واقيتين من الرصاص، للصحافيين وهو يشير إلى أكوام من المواد الغذائية إن المساعدات بانتظار قدوم المنظمات الدولية لتوزيعها.

لكن جورجيوس بتروبولوس رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة قال إن هجمات العصابات تجعل ذلك شبه مستحيل.

وذكر بتروبولوس وعاملون آخرون في الإغاثة أنهم أصيبوا بصدمة من الهجوم على قافلة من 109 شاحنات في 16 نوفمبر على بعد أربعة أميال من المعبر.

وأضافت المصادر الخمسة المطلعة أن مسلحين من عدة عصابات حاصروا القافلة وأجبروا السائقين على اتباعهم إلى تجمعات سكنية قريبة حيث سرقوا دقيقا ومستلزمات طعام من 98 شاحنة.

وذكرت المصادر أن المسلحين أطلقوا في الصباح سراح السائقين والشاحنات بعد إفراغ محتوياتها.