اليمن ينتقد موقف «حقوق الإنسان» من انتهاكات الحوثيين

منظمة طالبت بتصعيد الضغوط الأممية والدولية

الحوثيون يتهمون المختطفين بالعمالة ويتوعدونهم بأحكام قاسية (إعلام محلي)
الحوثيون يتهمون المختطفين بالعمالة ويتوعدونهم بأحكام قاسية (إعلام محلي)
TT

اليمن ينتقد موقف «حقوق الإنسان» من انتهاكات الحوثيين

الحوثيون يتهمون المختطفين بالعمالة ويتوعدونهم بأحكام قاسية (إعلام محلي)
الحوثيون يتهمون المختطفين بالعمالة ويتوعدونهم بأحكام قاسية (إعلام محلي)

في الوقت الذي طالبت فيه منظمة حقوقية دولية بتصعيد الضغوط الدولية على الحوثيين للإفراج عن المعتقلين، وجَّهت الحكومة اليمنية انتقادات غير مسبوقة لما وصفته بالموقف «الباهت» للمفوضية السامية لحقوق الإنسان تجاه اختطاف العشرات من العاملين لدى المنظمات الأممية والدولية والمحلية، ومن بينهم 8 من العاملين في المفوضية.

وفي حين ذكرت مصادر حكومية أن وزارة حقوق الإنسان اليمنية أبلغت المفوضية الأممية مقاطعة كل أنشطتها، أكد بيان وزعه الإعلام الرسمي أنه لا معنى للاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان في وقت يقبع فيه آلاف المختطفين والمعتقلين قسراً في زنازين وسجون الحوثيين.

الحوثيون كثفوا حملات الاعتقال في أوساط الموظفين الإغاثيين بمناطق سيطرتهم (أ.ف.ب)

وأشار البيان إلى أن الوزارة «كثيراً ما طالبت وانتظرت طويلًا مواقف قوية وجادة من قبل المفوضية السامية تجاه ما يرتكبه الحوثيون من انتهاكات وجرائم مستمرة، امتدت آثارها لتطول المنظمات الدولية نفسها».

ومع تذكير بيان الوزارة بأن الحوثيين اختطفوا 8 من موظفي المفوضية، واقتحموا مقرها في صنعاء، ونهبوا الوثائق والبيانات الخاصة بها، قال إنه على الرغم من تلك الاعتداءات «السافرة»، فإننا للأسف نشهد استمرار الموقف الباهت والضعيف للمفوضية، بلغة ناعمة لا ترقى إلى حجم الجرائم والانتهاكات. ورأت في ذلك تشجيعاً للحوثيين على التمادي في ممارساتهم «الإجرامية».

وأوضحت الوزارة أن المختطفين والمعتقلين قسراً في زنازين وسجون الحوثي، يشملون ناشطي المجتمع المدني، والحقوقيين، والإعلاميين، ومن ضمنهم 72 موظفاً محلياً لدى المنظمات الدولية. ودعت المفوضية إلى تكثيف جهودها للإفراج عن هؤلاء المختطفين، وإخراجهم من غياهب السجون.

وطالبت وزارة حقوق الإنسان اليمنية المفوضية الأممية أيضاً بتقديم صورة واضحة وصادقة إلى المجتمع الدولي عن الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها الحوثيون، والعمل بجدية على توصيفهم «جماعةً إرهابيةً» لخلق ضغط دولي حقيقي يسهم في إيقاف هذه الجرائم.

استمرار الاحتجاز

ذكرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أنه رغم دعوات الأمم المتحدة والحكومات للإفراج عن المعتقلين، فإن الحوثيين يواصلون احتجاز الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية منذ 6 أشهر دون تهم، وفي معظم الحالات، دون إمكانية التواصل الكافي مع المحامين أو أفراد العائلة.

متظاهرون حوثيون أمام مكتب الأمم المتحدة في صنعاء (إعلام محلي)

وأشارت المنظمة إلى إطلاق سراح شخصين على الأقل، في حين بقي معظم المحتجزين محرومين من التمثيل القانوني والزيارات العائلية وغيرها من الحقوق الأساسية، وطالبت الحوثيين بإطلاق سراح جميع موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني، ورفع القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية، والانخراط في حوار مثمر وتعاون مع الأطراف الإنسانية لمعالجة الأزمات المتعددة في اليمن، مع الوفاء بالحقوق الاقتصادية للشعب.

وفي حين شددت «هيومن رايتس ووتش» على الجماعة الحوثية لإنهاء جميع الاعتقالات التعسفية، طالبت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتصعيد مطالبة الجماعة بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وأضافت أنه يجب «أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

مطالبة أممية

على وقع الانتقاد اليمني للموقف الأممي والدولي من قضية المعتقلين لدى الحوثيين من موظفي المنظمات الدولية، جدد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، مطالبته الجماعة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن العاملين في المجال الإنساني الذين تم احتجازهم بصورة تعسفية.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (الأمم المتحدة)

وأكد بيان صدر عن غوتيريش، الجمعة، أن الاحتجاز التعسفي المستمر لعشرات الموظفين الآخرين أمر غير مقبول، ويُعد انتهاكاً للقانون الدولي، ويعوق بصورة بالغة جهود مساعدة الملايين من الأشخاص المحتاجين، مشيراً إلى أن هذه الأفعال تتنافى مع المشاركة الحقيقية في جهود السلام.

وأشار الأمين العام إلى أن الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والشركاء الدوليين الآخرين المعنيين يعملون من خلال جميع القنوات والسلطات الممكنة لضمان الإفراج الفوري عن المحتجزين بصورة تعسفية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون والكوارث الطبيعية يهجرون اليمنيين

العالم العربي 38 ألف أسرة تضررت جراء الفيضانات التي ضربت اليمن (إعلام حكومي)

الحوثيون والكوارث الطبيعية يهجرون اليمنيين

أظهرت بيانات مبادرة دولية معنية برصد الأزمات والنزوح والكوارث أن التغيرات المناخية باتت وكأنها تنافس الحوثيين في تهجير اليمنيين خلال العامين الأخيرين وفق ناشطين

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

زعم الحوثيون مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها في شمالي البحر الأحمر، للمرة السادسة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أنصار الحوثيين يرددون شعارات ويرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض للولايات المتحدة وإسرائيل في صنعاء 10 يناير 2025 (إ.ب.أ)

الحوثيون يزعمون استهداف حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر

أعلن الحوثيون تنفيذ عملية عسكرية مشتركة استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» وقطعاً بحرية تابعة لها شمال البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)

انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

تعسفت الجماعة الحوثية مع موظفي قطاع التعليم وحرمتهم من صرف نصف راتب شهري تعهدت به سابقاً وأجبرت طلاب المدارس على المشاركة في دورات قتالية

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية ضابط إسرائيلي يزيل جزءاً من صاروخ أطلقه الحوثيون من اليمن بعد أن أصاب منزلاً في قرية ميفو بيتار الإسرائيلية 14 يناير 2025 (أ.ب)

الحوثيون يعلنون قصف أهداف إسرائيلية بطائرات مسيّرة وصاروخ

أعلنت جماعة الحوثي اليمنية، اليوم (الثلاثاء)، تنفيذ هجومين على أهداف في تل أبيب بوسط إسرائيل وإيلات في الجنوب، في خامس هجوم خلال يومين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
TT

انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)

أعادت وكالة أممية حديثها عن تسرب ملايين الأطفال من التعليم، وتدمير آلاف المدارس في اليمن، بينما تتعسف الجماعة الحوثية مع موظفي قطاع التعليم، وحرمتهم من صرف نصف راتب شهري تعهدت به سابقاً، بالتزامن مع إجبار طلاب المدارس على المشاركة في دورات قتالية، وسط اتهامات داخلية للجماعة بالتآمر على قطاع التعليم.

ورفض نادي المعلمين اليمنيين ما سماه «سياسة التجويع» التي اتهم الجماعة الحوثية بممارستها ضد التربويين، مطالباً بعدم الانخداع بـ«أنصاف الحلول وفتاتها»، مع دعوته إلى صرف رواتب المعلمين كاملة، ومعها كامل المستحقات الأخرى، وذلك إثر استثناء الجماعة الحوثية قطاع التعليم من نصف الراتب الشهري الذي تعهدت به للموظفين العموميين.

ودعا الكيان النقابي المعلمين والأكاديميين والموظفين العموميين وعموم قطاعات المجتمع إلى الثورة في مواجهة ممارسات الجماعة الحوثية ورفض «حياة العبودية».

من داخل مدرسة في تعز تعمل «اليونيسيف» على إعادة إلحاق الطالبات المتسربات للدراسة فيها (الأمم المتحدة)

وعدّ النادي المطالبة بالراتب الكامل حقّاً أصيلاً، وليس ترفاً، مشدداً على أن كرامة المعلم لا ينبغي أن تكون رهينة لسياسات عمياء تُغلق الأبواب في وجه العدالة، في حين أعلنت مكاتب التربية الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية رفضها القاطع لاستثناء الإداريين في مكاتب التربية من صرف نصف الراتب الشهري.

وتعرضت الإجراءات الحوثية بشأن صرف رواتب الموظفين العموميين، التي أعلنت عنها منذ أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي لانتقادات حادة، كونها تعتمد على التمييز وتصنيف الموظفين إلى فئات، ما يؤدي إلى اختلالات عميقة، وتمييز حاد بين هذه الفئات.

وحذّر الناشط الحوثي طه الرزامي من تقسيم الموظفين إلى فئات (أ) و(ب) و(ج)، لصرف الرواتب لهم بحسب هذا التصنيف الذي قال إنه «سيولد الحقد والكراهية بين من يعملون من الفئة (ج) ولا تُصرف لهم أنصاف رواتب إلا كل ثلاثة أشهر، وبين من يستلمون رواتب شهرية كاملة من الفئة (أ) دون أن يعملوا».

ووصف إسقاط أسماء عشرات الآلاف من الموظفين القدامى ذوي الخبرة والكفاءة من قوائم صرف الرواتب بالجريمة التي ترتكب بحقهم بعد معاناتهم وعائلاتهم لتسع سنوات.

إيقاف الدراسة للتجنيد

اتهم القيادي الحوثي علي عبد العظيم، وكنيته أبو زنجبيل الحوثي الجماعة التي ينتمي لها، باستهداف قطاع التربية والتعليم وإهماله، إثر استثناء موظفيه من كشوفات صرف نصف الراتب الشهري الذي كانت تعهدت به لجميع موظفي الدولة في مناطق سيطرتها، واصفاً ذلك بالمؤامرة على التعليم، خصوصاً مع عدم إبداء الأسباب، وتجاهل مطالب المعلمين.

ويقود نادي المعلمين اليمنيين إضراباً منذ بداية العام الدراسي للمطالبة بصرف رواتب المعلمين، واعترض على تعرض قادته وعدد من المنتمين إليه خلال هذه الفترة لإجراءات عقابية حوثية، مثل الاختطاف والإخفاء القسري، واتهامهم بالخيانة والعمالة والتآمر، وقد توفي عدد من الخبراء التربويين في السجون.

في غضون ذلك أجبرت الجماعة الحوثية عشرات المدارس في مناطق سيطرتها على التوقف عن الدراسة لإلزام مئات الطلاب والمدرسين على المشاركة في دورات قتالية للتدرب على استخدام الأسلحة في أفنية المدارس.

ونقلت مصادر محلية في مدينة الحديدة الساحلية الغربية عن مدرسين وأولياء أمور الطلاب أن المدارس تحولت إلى مراكز حوثية لاستقطاب الأطفال وإغرائهم أو ترهيبهم للانضمام للجماعة والمشاركة في فعالياتها التدريبية والدعوية، تحت مزاعم مواجهة الغرب وإسرائيل.

منذ بداية العام الدراسي الماضي يواصل المعلمون اليمنيون إضرابهم للمطالبة برواتبهم (إكس)

وتنوعت وسائل الترهيب والإغراء للطلاب وأولياء أمورهم، حيث يجري استغلال الضربات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة وخزانات النفط لإقناعهم بأن هدف هذه العمليات هو إخضاع اليمنيين، إلى جانب عرض إعفائهم من الرسوم الدراسية، وزيادة درجات تحصيلهم الدراسي في حال المشاركة في تلك الأنشطة، والتهديد بزيادة الأعباء المالية والحرمان من الدرجات عقاباً على التغيب أو التهرب منها.

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة مشابهة وموازية يتعرض لها طلاب الجامعات العمومية، وخصوصاً جامعة صنعاء وكادرها التدريسي والوظيفي، ضمن مساع لاستقطاب وتجنيد الآلاف من الشباب والأطفال.

تأهيل أممي للمدارس

أعلنت «اليونيسيف» أن تداعيات الصراع المسلح في اليمن منذ أكثر من عقد من السنوات تسببت بتسرب أكثر من 4.5 مليون طفل خارج المدرسة، حيث خلّفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمين والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

وأوضحت المنظمة الأممية أنها وشركاءها من أجل التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين من الأطفال، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، نظراً لأن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

أطفال نازحون يدرسون في مبنى مهجور بمحافظة الحديدة الغربية (أ.ف.ب)

ونبهت «اليونيسيف» من تأثير النزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء اليمن، وتجزئة نظام التعليم الذي وصفته بأنه شبه منهار، وقالت إن ذلك كان له أثر بالغ على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية لكل الأطفال في سن الدراسة، البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

وأحصت المنظمة تدمير 2,916 مدرسة، بواقع مدرسة واحدة على الأقل، من بين كل 4 مدارس، أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية بسبب النزاع الذي تشهده البلاد.

ويواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين، ما يقارب 172 ألف معلم ومعلمة، على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ 2016، أو أنهم انقطعوا عن التدريس؛ بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.

وأشارت المنظمة إلى اضطرار المدارس لإغلاق أبوابها أمام الطلاب بسبب تفشي جائحة «كورونا» منذ خمسة أعوام، ما تسبب في تعطيل العملية التعليمية لحوالي 5.8 مليون طالب، بمن فيهم 2.5 مليون فتاة.