ما تأثير نتيجة الانتخابات الأميركية في أفريقيا؟

خبراء قالوا إن الرئيس المقبل أمام تحدي مجابهة النفوذ الصيني والروسي

المرشحان لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ب)
المرشحان لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ب)
TT

ما تأثير نتيجة الانتخابات الأميركية في أفريقيا؟

المرشحان لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ب)
المرشحان لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ب)

وسط حالة ترقب لسباق الرئاسة الأميركية، تطرح الانتخابات، المقررة في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، التي يتنافس فيها المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، والجمهوري دونالد ترمب، تساؤلات حول مدى تأثير النتيجة على العلاقات الأميركية - الأفريقية.

وبينما لم يكترث كثيراً كلا المرشحين، هاريس وترمب، بالأوضاع في أفريقيا خلال حملاتهما الانتخابية، يرى خبراء أن «أياً منهما أمام تحدي مجابهة النفوذ الصيني والروسي المتصاعد في أفريقيا»، فيما تباينت تقديراتهم بشأن «درجات اهتمام واشنطن بعلاقاتها مع دول القارة، حال فوز ترمب أو هاريس».

وسيتعين على الإدارة الأميركية الجديدة، التي ستتولى مهامها في يناير (كانون الثاني) المقبل، التعامل مع جملة التحديات الأمنية والسياسية في أفريقيا، في مقدمتها التوترات في منطقة القرن الأفريقي، والبحر الأحمر، والحرب الداخلية في السودان، وتراجع الوجود الغربي في منطقة الساحل الأفريقي، فضلاً عن مجابهة النفوذ المتصاعد لكل من روسيا والصين.

وتتصدر الصين قائمة الشركاء التجاريين مع أفريقيا، على حساب واشنطن، منذ 2009، وسجل معدل التبادل التجاري لبكين 282.1 مليار دولار عام 2023، مقابل 80 مليار دولار للولايات المتحدة.

ويعتقد المحلل السياسي الأميركي ماك شرقاوي، أن «أفريقيا إلى حد ما لم تحظَ بالاهتمام الكافي من واشنطن خلال العقدين الماضيين، ولم تحظَ بأولوية في سياساتها الخارجية»، وأن «واشنطن أصبحت متأخرة أفريقياً»، في مقابل تصاعد نفوذ قوى أخرى مثل الصين وروسيا. ودلَّل على ذلك بـ«الدور الروسي في الانقلابات الأخيرة التي شهدتها منطقة الساحل الأفريقي، في النيجر ومالي وبوركينا فاسو».

ويرجح شرقاوي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «تشهد العلاقات الأميركية مع أفريقيا، تطوراً أكثر إيجابية حال فوز المرشح الجمهوري في الانتخابات، بصيغة تفوق تعامل إدارة بايدن الحالية»، بالنظر إلى ما سماها «العلاقات الجادة من إدارة ترمب السابقة لتعزيز التعاون الأمني مع السودان، بعد رفع اسمها من قوائم الإرهاب»، إلى جانب «التدخل الإيجابي في قضية سد النهضة الإثيوبي، واستضافة البيت الأبيض جولة تفاوض عام 2020».

وفي أبريل (نيسان) الماضي، قررت الولايات المتحدة، سحب قواتها، البالغ قوامها أكثر من ألف جندي، من النيجر، بعد إلغاء السلطات في (نيامي)، اتفاقية عسكرية مع واشنطن جرى توقيعها عام 2012، وفي المقابل عززت روسيا من تقاربها مع النظام العسكري النيجري، بإرسال خبراء عسكريين في مايو (أيار) الماضي لرفع قدرات الجيش النيجري.

ولا يتوقع المحلل السياسي الأميركي تنامياً لافتاً في العلاقات حال فوز مرشحة الديمقراطيين، وقال إن «قضايا أفريقيا لا تحظى بأولوية أجندة هاريس»، وتوقع عدم تغيير في مستوى العلاقات عن إدارة بايدن، معتبراً أنها «ستعتمد في إدارة الأمور على مستشاريها، وستركز فقط على المستوى الأمني والعسكري».

وأضاف: «الديمقراطيون لا يعبأون كثيراً بأفريقيا، ولم تشهد العلاقات مع القارة السمراء تطوراً في عهد الإدارات الديمقراطية».

وتأتي الانتقادات لعلاقات إدارة بايدن بأفريقيا، على الرغم من وضع إدارة الرئيس الأميركي الحالي استراتيجية تجاه أفريقيا جنوب الصحراء (أعلنتها في أغسطس - أب 2022)، تضمنت: «تشجيع الانفتاح وسيادة القانون والعدالة، وتعزيز الديمقراطية ووقف الانقلابات العسكرية ودعم المجتمع المدني، ودعم التعافي من جائحة كورونا، ودعم المحافظة على البيئة والتكيف المناخي».

كما دعا بايدن إلى القمة الأميركية - الأفريقية الثانية، في ديسمبر (كانون الأول) 2022 في واشنطن، بمشاركة 49 من قادة الدول الأفريقية، في أكبر تجمع دبلوماسي شهدته أميركا بعد جائحة كورونا، وتعهدت الإدارة الأميركية بتقديم 55 مليار دولار لدعم أولويات التعاون مع أفريقيا.

مصافحة بين الرئيس الغاني نانا أكوفو-أدو ونائبة الرئيس كامالا هاريس في أكرا العام الماضي (رويترز)

أميركا أولاً

ويفرِّق أستاذ العلوم السياسية في جامعة زايد الإماراتية، والخبير في الشأن الأفريقي، الدكتور حمدي عبد الرحمن، بين نوعين من السيناريوهات في مستقبل الحضور الأميركي في أفريقيا، بعد الانتخابات المقبلة، وقال إن السيناريو الأول، حال فوز ترمب، من المتوقع أن «تشهد العلاقات مزيداً من العزلة، مع عودة تبني سياسة (أميركا أولاً)».

وأعاد عبد الرحمن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، ذلك إلى تركيز المرشح الجمهوري على «النزعة الاقتصادية ودبلوماسية الصفقات، وتبني سياسة الضرورة وعدم التداخل»، وهو ما سيؤدي إلى «تراجع الوجود الأميركي، مقابل تصاعد النفوذ الروسي والصيني والهندي، مع ضعف تعاون واشنطن مع أفريقيا في مجالات حيوية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية».

السيناريو الآخَر، وفق خبير الشؤون الأفريقية، في حال فوز هاريس، يُتوقع «إعطاء واشنطن أولوية كبيرة لقضايا حقوق الإنسان والحوكمة، وقضايا المناخ»، ورجَّح أن «تركِّز المرشحة الديمقراطية على الشراكة مع أفريقيا، في مواجهة النفوذ الصيني والروسي في القارة».

وفي أول جولة خارجية لها، بصفتها نائبة للرئيس الأميركي، زارت هاريس، 3 دول أفريقية نهاية مارس (آذار) 2023، شملت غانا وتنزانيا وزامبيا، ووصفتها بأنها «بياناً إضافياً لعلاقة الصداقة الطويلة والدائمة من الولايات المتحدة والقارة الأفريقية»، وقالت إنها «تريد تعزيز النمو الاقتصادي والأمن الغذائي في القارة».

على النقيض، لا يتوقع المحلل السياسي السوداني، والمدير التنفيذي لمركز «فكرة» للدراسات، أمجد فريد، تغييراً في سياسة واشنطن تجاه القارة الأفريقية حال فوز أي من المرشحين، ترمب أو هاريس، مشيراً إلى أن «السياسة الخارجية الأميركية لديها ثوابت لا تتغير بتغير إدارة الحزبين»، وقال إن الانتخابات الحالية «تسيطر عليها القضايا الأميركية الداخلية، بشكل أكبر من الاهتمام بالأحداث العالمية».

وقال فريد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الدور الأميركي يواجه حالة من الضعف في أفريقيا حالياً»، وتوقع «تغيير المرشحة الديمقراطية طريقة إدارة بايدن التي كانت تعتمد على (موظفين غير سياسيين) في الملفات الخارجية، وستركز على مناصرة قضايا الحريات والديمقراطية»، وفي المقابل «سيواصل المرشح الجمهوري، سياسته البراغماتية لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة في علاقاته مع الدول الأفريقية».

وخلال الفترة السابقة لترمب (2017 - 2021)، لم يُجرِ أي زيارة لقارة أفريقيا، واستقبل في البيت الأبيض ثلاثة رؤساء أفارقة هم قادة «مصر ونيجيريا وكينيا».

توترات القرن الأفريقي

ويُجمع الخبراء على أن القارة الأفريقية باتت ساحة للتنافس الدولي بين القوى الغربية ممثلةً في الولايات المتحدة وأوروبا، في مواجهة قوى شرقية، خصوصاً روسيا والصين، وقوى صاعدة مثل الهند وتركيا، ويُحذر عبد الرحمن، من ازدياد المنافسة على نفوذ تلك الدول في القارة، مشيراً إلى أنها «ستعزز التوترات الجيوسياسية في أفريقيا، وستهدد الاستقرار الإقليمي، خصوصاً في مناطق مثل القرن الأفريقي والساحل».

ولا يختلف في ذلك، شرقاوي، حيث حذَّر من المواجهة بين «واشنطن والقوى الدولية الأخرى في منطقة القرن الأفريقي»، ورأى أن تلك المنطقة «أكبر مشكلة ستواجه العالم خلال العقد الحالي»، وقال: «إذا انفجر صراع في هذه المنطقة سيؤثر بالسلب على الاقتصاد العالمي كله، وحركة التجارة العالمية».

وفي آخر جولة أفريقية لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، لأفريقيا، في يناير (كانون الثاني) الماضي، وشملت 4 دول (الرأس الأخضر، وكوت ديفوار، ونيجيريا، وأنغولا)، قال إن «بلاده هي الشريك الأمني الأفضل للقارة بدلاً من مجموعة (فاغنر) الروسية، التي اتهمها باستغلال دول تعاني الانقلابات والنزاعات والجماعات المتطرفة في منطقة الساحل».


مقالات ذات صلة

ترمب: ليز تشيني ربما لن تكون «صقر حرب» لو وجّهت إليها بنادق

الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يشارك في لقاء مع الإعلامي تاكر كارلسون في غلينديل أريزونا - الولايات المتحدة 31 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ترمب: ليز تشيني ربما لن تكون «صقر حرب» لو وجّهت إليها بنادق

شن الرئيس الأميركي السابق المرشح الجمهوري، دونالد ترمب، هجوماً آخر على النائبة السابقة، ليز تشيني، قائلاً إنه ربما لن تكون «صقر حرب» لو وُجّهت إليها بنادق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترمب (ا.ف.ب)

ترمب يقاضي شبكة «سي بي إس» ويتهمها بالتلاعب بمقابلة مع هاريس

رفع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، دعوي قضائية ضد شبكة «سي بي إس نيوز»، متهماً القناة بالتلاعب بالمقابلة التي اجرتها المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب في شاحنة قمامة بولاية ويسكونسن الأربعاء (أ.ب)

ترمب وهاريس يرحّبان بالتصويت المبكّر القياسي

رحّب كل من المرشّح الجمهوري دونالد ترمب، والديمقراطية كامالا هاريس، بالإقبال القياسي على التصويت المبكّر.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة تجمع بين المرشحين للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ف.ب)

هاريس تصف تصريحات ترمب حول حقوق النساء بالـ«مهينة جداً»

وجّهت كامالا هاريس انتقادات حادة لدونالد ترمب في ملف حقوق النساء والإجهاض الذي يعد شائكاً في حملة رئاسية تشهد تنافساً محتدماً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية ترمب ونتنياهو يتصافحان بعد خطاب الرئيس الأميركي في متحف إسرائيل بالقدس 23 مايو 2017 (رويترز)

مستوطنون إسرائيليون يتوقعون تخفيف العقوبات عليهم إذا فاز ترمب بالرئاسة الأميركية

عبّر أحد زعماء المستوطنين في إسرائيل عن ثقته بأنه إذا فاز دونالد ترمب فسوف يلغي ما يرونه عقوبات غير مشروعة فرضت عليهم، بسبب هجمات على الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

​اتهامات للحوثيين بتشويه سمعة السجناء وانتهاك خصوصياتهم

إجراءات مشددة فرضها الحوثيون على الأمم المتحدة ووكالاتها العاملة في اليمن (أ.ف.ب)
إجراءات مشددة فرضها الحوثيون على الأمم المتحدة ووكالاتها العاملة في اليمن (أ.ف.ب)
TT

​اتهامات للحوثيين بتشويه سمعة السجناء وانتهاك خصوصياتهم

إجراءات مشددة فرضها الحوثيون على الأمم المتحدة ووكالاتها العاملة في اليمن (أ.ف.ب)
إجراءات مشددة فرضها الحوثيون على الأمم المتحدة ووكالاتها العاملة في اليمن (أ.ف.ب)

شرعت الجماعة الحوثية في تشويه سمعة المختطفين بسجونها بخلاف التهم التي جرى اختطافهم بسببها، بالتزامن مع لجوئها إلى تجنيد موظفي المنظمات للعمل يوصفهم مخبرين لصالحها، وازدياد أعداد الوفيات في السجون خلال اختطافهم وإخفائهم قسرياً.

وذكرت عائلة أحد المختطفين في العاصمة المختطفة صنعاء أن الوسطاء الذين سعوا لإطلاق قريبها المختطف منذ أشهر بتهمة التخابر مع الحكومة الشرعية والولايات المتحدة، وتسريب معلومات حول مطار صنعاء، أبلغوها بانسحابهم من جهود الوساطة بعد أن أبلغهم قادة في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي أن ضمن التهم الموجهة للمختطف تهمة متعلقة بانتهاك الآداب العامة.

اعتقل الحوثيون آلاف اليمنيين بسبب احتفالاتهم بعيد الثورة (أ.ف.ب)

وقالت العائلة التي طلبت من «الشرق الأوسط» عدم الكشف عن بياناتها إن الوسطاء صدموا بادعاءات القادة في جهاز الأمن والمخابرات بأن المختطف عضو في شبكة دعارة، وأن هناك أدلة على تورطه مع الشبكة المزعومة، وطلبوا منهم عدم التدخل في القضية حتى لا تؤثر على سمعتهم.

إلا أن أحد الوسطاء، وفقاً لحديث العائلة، أصر على معرفة تفاصيل الاتهامات، على سبيل إرضاء ضميره، وبعد إلحاحه الشديد قدم له أحد المسؤولين في الجهاز الأمني الخاص بالجماعة أوراقاً طبعت عليها محادثات المختطف في وسائل التواصل الاجتماعي مع زميلات له في العمل وبعض من قريباته.

ورغم ذلك اضطر هذا الوسيط إلى إبلاغ العائلة بعدم قدرته على مواصلة جهود الوساطة، بسبب هذه الاتهامات الأخلاقية التي طالت المختطف، حيث بات يخشى أن يروج قادة الجماعة أخباراً حول توسطه للإفراج عن متهمين بجرائم آداب في مجتمع محافظ مثل المجتمع اليمني.

وأكدت مصادر حقوقية لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية لجأت بالفعل خلال الأشهر الأخيرة إلى إلصاق تهم متعلقة بالآداب العامة بغالبية من اختطفتهم بدعوى التخابر والخيانة، وغالبيتهم من المشاركين أو الداعين إلى الاحتفال بذكرى ثورة «26 سبتمبر».

استهداف الخصوصيات

استغربت المصادر الحقوقية من انشغال جهاز مخابرات الجماعة الحوثية الذي يزعم أنه يلاحق المتهمين بالخيانة والعمالة، بقضايا مثل قضايا الآداب العامة، والتي يفترض أنها، إن وجدت، من اختصاص الشرطة والقضاء.

وبينت المصادر أنه يجري تفتيش أجهزة الجوال والحاسوب الخاص بالمختطفين تفتيشاً دقيقاً، والاستعانة بخبراء تقنيين لاستعادة البيانات المحذوفة من هذه الأجهزة؛ بحثاً عمّا يسند الاتهامات الموجهة لهم بأي شكل.

تحذيرات من تأثير اختطاف الموظفين الأمميين على العمل الإغاثي والإنساني في اليمن (غيتي)

وأوضحت المصادر أنه يجري استغلال كل ما يتم العثور عليه في أجهزة المختطفين ضدهم، ومن ذلك خصوصياتهم العائلية، وعلاقاتهم الشخصية، ومحادثاتهم مع أقاربهم وأصدقائهم، كما يتم تجيير كل ما يتم العثور عليه في تلك البيانات والمحادثات لتوجيه اتهامات جديدة، ومن ذلك التهم المتعلقة بالآداب العامة.

ورجحت المصادر أن أجهزة أمن الجماعة الحوثية تسعى من خلال الاهتمام بمثل هذه القضايا، أو من خلال تكييفها، إلى تشويه سمعة المختطفين وحرمانهم من التعاطف والتضامن معهم، والإيقاع بينهم وعائلاتهم التي تحاول مساندتهم وتقديم العون النفسي لهم، وجلب التضامن معهم.

وأبدت المصادر أسفها لكون هذا النهج الجديد تسبب في تراجع عدد من الشخصيات الاجتماعية عن الوساطة ومحاولة الإفراج عن المختطفين.

في غضون ذلك، كشف القيادي السابق فيما تسمى اللجنة الثورية الحوثية العليا محمد المقالح أن عدد الوفيات في سجون الجماعة مرتفع بشكل غير مسبوق لم تشهده البلاد في أي فترة سابقة، وأن ذلك يثير القلق الشديد، مطالباً بإطلاق سراح المختطفين.

وأشار المقالح إلى أن ما يجري في السجون لا يتعلق بالتعذيب الجسدي أو النفسي فقط، بل وبوفاة السجناء بسبب أمراض طارئة وهم في عهدة أجهزة الأمن.

ووصف أجهزة أمن الجماعة الحوثية بجبهة الرصد والعسس التي تتولى التفتيش في خصوصيات الناس والوشاية بهم، والسعي إلى الإيقاع بهم، متهماً إياها بالتجرد من كل قيم الدين والأخلاق، وصولاً إلى الوشاية بالأهل والجيران.

تجنيد المختطفين

قدرت منظمة حقوقية يمنية عدد المختطفين الذين توفوا تحت التعذيب في سجون الجماعة الحوثية بـ150 سجيناً، منذ عام 2015، بسبب حرمانهم من استخدام الأدوية الضرورية والرعاية الصحية، والإهمال في تقديم أي خدمات طبية، إلى جانب تعرض كثير منهم إلى التعذيب الجسدي.

جاء ذلك عقب وفاة الخبير التربوي محمد خماش، المعتقل في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة منذ يونيو (حزيران) الماضي، على خلفية عمله، وزملاء آخرين له، في برنامج ممول من «اليونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

عائلات المختطفين تتهم أجهزة أمن تابعة للحوثيين بتشويه سمعة ذويها (رويترز)

من جهة أخرى، أفادت مصادر بسعي الجماعة الحوثية إلى تجنيد المختطفين لديها من موظفي الجهات الأممية والدولية والسفارات للعمل بوصفهم مخبرين لصالحها.

وطبقاً للمصادر، فقد لجأت الجماعة إلى مساومة موظفي المنظمات الدولية والوكالات الأممية والسفارات بحريتهم مقابل الكشف عن معلومات وبيانات حول أنشطة الجهات التي يتبعونها، وتقديم ما لديهم من أسرار العمل إلى أجهزة الأمن، وإبلاغها بمختلف التطورات والتحديثات في برامج التمويل والأنشطة التي يجري تنفيذها.

كما اشترطت الجماعة على المختطفين الكشف عمّا لديهم من معلومات وبيانات حول أنشطة جهات عملهم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، وحول أوجه التعاون بينها والمؤسسات الحكومية، والإفصاح عن مبالغ التمويل المقدمة هناك، والشخصيات المسؤولة عن ذلك.

وكان عدد من المنظمات والجهات الأممية والدولية أصدر خلال الشهر الحالي بياناً لإدانة إحالة الجماعة الحوثية عدداً من موظفيها المختطفين خلال الأعوام الماضية إلى ما يسمى «نيابة أمن الدولة» التابعة للجماعة، ومنهم موظفان في منظمة اليونيسكو وآخر في مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ودعا البيان إلى الإفراج غير المشروط عن جميع المختطفين.

وحذّر البيان مما يتهدد سلامة الموظفين وعائلاتهم، ومن تأثير هذه الإجراءات التعسفية على وصول المساعدات الإغاثية إلى ملايين المحتاجين في اليمن، ومفاقمة الأزمة الإنسانية.