​انقلابيو اليمن يُلاحِقون عناصرهم الفارين من خطوط التماس

اعتقال مشرفين أخفقوا في حشد مزيد من المجندين

جانب من فعالية حوثية ذات صبغة طائفية نُظمت في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)
جانب من فعالية حوثية ذات صبغة طائفية نُظمت في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)
TT

​انقلابيو اليمن يُلاحِقون عناصرهم الفارين من خطوط التماس

جانب من فعالية حوثية ذات صبغة طائفية نُظمت في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)
جانب من فعالية حوثية ذات صبغة طائفية نُظمت في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

شنت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة حملات ملاحقة استهدفت عناصرها ومشرفيها الميدانيين في ثلاث محافظات على خلفية فرار أعداد من خطوط التماس، وإخفاق آخرين في تحشيد مجندين جُدد؛ وفق ما ذكرته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وأكدت المصادر أن حملات الاعتقال التي نفذتها وحدات تابعة لجهازي «الأمن الوقائي»، و«الأمن والمخابرات» التابعين للجماعة الحوثية اختطفت خلال 3 أيام نحو 48 عنصراً حوثياً من قرى عدة في محافظات حجة وذمار وريف صنعاء، بعد أن قرروا ترك القتال مع الجماعة والعودة إلى مناطقهم؛ جرّاء ما لاقوه من التمييز العنصري عند خطوط التماس.

اتهامات للحوثيين بتكثيف حملات التجنيد في أوساط السكان (رويترز)

واعتقل الانقلابيون الحوثيون عناصرهم الذين فروا من الجبهات، وفق المصادر، بعد أن تم الإبلاغ عنهم عبر مخبرين تابعين للجماعة فور عودتهم إلى قراهم في مديريتي أفلح الشام والمحابشة في محافظة حجة، ومديريات عتمة ووصاب العالي ومغرب عنس بمحافظة ذمار، ومديريتي همدان وسنحان في ريف صنعاء.

وكان سبق ذلك التحرك، وفق المصادر، قيام كبار قادة الجماعة الأمنيين في صنعاء بتشكيل وحدات خاصة لملاحقة وتعقب واعتقال الفارين من الجبهات، بناء على توجيهات تلقوها من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

وأكدت المصادر أن قادة الجماعة أصدروا تعليمات جديدة لأتباعهم في صنعاء وبقية المناطق تحت قبضتهم، تحض على مساعدة الفرق الأمنية التابعة لهم من خلال التحرك العاجل في أوساط السكان لمعرفة العناصر التي فرت والإبلاغ عنها للقبض عليها.

نقل المعتقلين

أفاد مصدر مقرب من دائرة حكم الجماعة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بنقل الوحدات الاستخبارية الحوثية عشرات المعتقلين إلى العاصمة المختطفة، حيث يجري التحقيق حالياً مع كثير منهم حول دوافع عزوفهم عن الالتحاق بالجبهات، وكذا الأسباب الأخرى التي دفعتهم إلى ترك القتال والعودة إلى قراهم.

وتحدث أحمد، وهو شقيق عنصر حوثي فرّ من إحدى الجبهات لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرض قريتهم شرق مدينة ذمار، قبل أيام، لدهم مسلحين مقنعين على متن عربات عسكرية لاعتقال شقيقه الذي عاد مؤخراً من إحدى جبهات الضالع، وهو يعاني من مشاكل صحية ونفسية كبيرة.

الحوثيون يتجاهلون معاناة اليمنيين ويخصصون الأموال للتعبئة والتجنيد (رويترز)

ونقل أحمد عن شقيقه، قوله إنه وبقية عناصر الجماعة بتلك الجبهة كانوا يعانون الأمرّين، حيث لم يكونوا يحصلون سوى على وجبة واحدة في اليوم تتمثل بالخبز والزبادي، بينما الوجبات الأكثر قيمة مع المكافآت الشهرية وغيرها تذهب جميعها إلى كبار القادة والمشرفين.

وجاءت هذه الحملة الحوثية متوازية مع حملات أخرى مماثلة نفذتها فرق القمع الحوثية بحق مسؤولي أحياء ومشرفين لمحاسبتهم على عدم قيامهم بتحشيد مقاتلين جدد.

وتشير المصادر إلى أن الفرق الوقائية الحوثية لا تزال تطارد من تصفهم بالمتخلفين عن تنفيذ تعليمات كبار قادتها؛ بغية اعتقالهم وإخضاعهم لعقوبات مشددة.

ويتزامن هذا التصاعد المستمر في أعداد الفارين من الجبهات الحوثية، مع حملة تجنيد مكثفة تنفذها الجماعة الحوثية حالياً في أوساط السكان بمختلف الأماكن التي تحت سيطرتها.


مقالات ذات صلة

اليمن يعلن إحباط تهريب أكثر من 3 آلاف قطعة غيار أسلحة بمنفذ «شحن» الحدودي

المشرق العربي جزء من قطع غيار الأسلحة التي ضبطتها أجهزة الأمن اليمنية بمنفذ شحن شرق البلاد (سبأ)

اليمن يعلن إحباط تهريب أكثر من 3 آلاف قطعة غيار أسلحة بمنفذ «شحن» الحدودي

أعلنت السلطات اليمنية إحباط تهريب أكثر من 3 آلاف قطعة غيار سلاح، كانت مخبأة ضمن شحنة تجارية قادمة للبلاد، عبر منفذ «شحن» الحدودي مع سلطنة عمان.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة اليمني شدد على الدور الأمني لدعم جهود «البنك المركزي» والحكومة (سبأ)

العليمي يستعين بالورقة الأمنية في خطط إنقاذ العملة اليمنية

لجأ رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي إلى تفعيل الورقة الأمنية؛ لمساندة جهود إنقاذ العملة وضبط السوق المصرفية وسط مساعي الحكومة لوقف تدهور الاقتصاد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي سفينة تجارية في ميناء الحديدة حيث لم تتأثر الحركة فيه بالقصف الإسرائيلي (رويترز)

تقرير دولي: الواردات إلى الحديدة استمرت بعد الضربات الإسرائيلية

أفاد تقرير دولي حديث بأن واردات الغذاء إلى مناطق سيطرة الحوثيين استمرت بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت ميناءي الحديدة ورأس عيسى.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي واشنطن تصف أعمال الحوثيين القمعية بـ«الإرهابية الوحشية»

واشنطن تصف أعمال الحوثيين القمعية بـ«الإرهابية الوحشية»

دعت سفارة الولايات المتحدة في اليمن جماعة الحوثيين إلى إطلاق موظفي السفارة المعتقلين «فوراً ودون شروط»، واصفة أعمال الجماعة القمعية بـ«الإرهابية الوحشية».

علي ربيع (عدن)
العالم العربي من المتوقع أن تستمر أزمة الغذاء حتى الأشهر الأولى من عام 2025 (الأمم المتحدة)

الأمم المتحدة: مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في اليمن

زاد عدد اليمنيين الذين واجهوا مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية بمقدار 100 ألف شخص خلال الثلاثة الأشهر الماضية.

محمد ناصر (تعز)

«مراجعة» برنامج صندوق النقد... «تلميح رئاسي» يتجاوب مع شكاوى مصريين

الرئيس المصري خلال افتتاح المؤتمر العالمي الثاني للسكان والصحة والتنمية (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال افتتاح المؤتمر العالمي الثاني للسكان والصحة والتنمية (الرئاسة المصرية)
TT

«مراجعة» برنامج صندوق النقد... «تلميح رئاسي» يتجاوب مع شكاوى مصريين

الرئيس المصري خلال افتتاح المؤتمر العالمي الثاني للسكان والصحة والتنمية (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال افتتاح المؤتمر العالمي الثاني للسكان والصحة والتنمية (الرئاسة المصرية)

في وقت تصاعدت فيه الانتقادات والشكاوى بسبب الارتفاع «المتواصل» في أسعار السلع والخدمات، خصوصاً بعد «زيادة الجمعة» في أسعار الوقود، ألمح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى إمكانية مراجعة الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي.

وخلال جلسة حوارية بالمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية بالعاصمة الإدارية الجديدة، الأحد، قال السيسي: «أقول لنفسي وللحكومة... إنه لا بد من مراجعة الموقف مع صندوق النقد إذا كان الاتفاق الحالي سيجعلنا نضغط على الرأي العام بشكل لا يتحمله الناس».

وتوصلت مصر، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن زيادة قيمة قرضه من 3 إلى 8 مليارات دولار، على أن تطبق مصر مجموعة من الإصلاحات، وتنتظر مراجعة رابعة بشأن الحصول على المتبقي من شرائحه نهاية الشهر.

تصريحات السيسي عدّها برلماني مصري، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، رسالة رئاسية لطمأنة المواطنين بأنه يعلم شكواهم في ظل غلاء الأسعار، وأيضاً لتوجيه الحكومة قبل المراجعة المقبلة مع الصندوق للقيام باللازم، مع احتمال إرجاء بعض الإجراءات معه مستقبلاً. فيما أكد خبيران أن التوجيه الرئاسي حال وجد طريقاً للتطبيق وتفاهمات مع صندوق النقد، سيجد تأثيرات إيجابية بين المصريين في ظل «وجود ضغوط حقيقية» عليهم جراء الارتفاعات «المتواصلة».

وكان من المقرر أن تزور بعثة من صندوق النقد مصر لإجراء مراجعة رابعة لبرنامج مصر خلال الشهر الحالي أو الشهر المقبل، إلّا أن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قال في تصريحات سابقة إن مصر والصندوق توافقا على تأجيل الزيارة لتكون بعد اجتماعات الصندوق السنوية في واشنطن المقررة نهاية الشهر الحالي، مشيراً إلى أن كل المستهدفات التي كانت موضوعة تحققت.

وخلال مؤتمر الأحد، وجّه الرئيس المصري رسالة لصندوق النقد والبنك الدولي، قائلاً إن مصر تقوم بتنفيذ برنامجها الحالي مع صندوق النقد في «ظل ظروف إقليمية ودولية شديدة الصعوبة ولها تأثيرات سلبية للغاية على الاقتصاد في العالم كله، وأحاديث محتملة على الاتجاه إلى ركود اقتصادي عالمي في السنوات القليلة المقبلة».

ولفت إلى «فقد مصر من 7 إلى 8 مليارات دولار من دخل قناة السويس في فترة ما بين 7 و10 شهور فقط (مع استهداف الحوثيين للسفن التجارية بالبحر الأحمر)»، مؤكداً أنه «من المحتمل أن يستمر هذا الأمر لمدة سنة أخرى».

السيسي في صورة جماعية مع المشاركين في المؤتمر العالمي الثاني للسكان والصحة والتنمية (الرئاسة المصرية)

وجاءت هذه التصريحات بعد تطبيق قرار زيادة هي الثالثة خلال هذا العام في أسعار الوقود في مصر، تلتها انتقادات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي لسياسة الحكومة وإذعانها لطلبات صندوق النقد دون مراعاة لانعكاسات القرارات على المواطنين.

الحل الذي طرحه الرئيس المصري، الأحد، بمراجعة صندوق النقد الدولي يراه رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب والمستشار السابق لصندوق النقد الدولي، فخري الفقي، «يحمل رسالة طمأنة للمواطن بأن الرئيس يشعر بمقدار الضغط الواقع عليه جراء ارتفاعات الوقود والتضخم ومعدلات الغلاء».

الرسالة الثانية من الرئيس المصري تحمل، حسب الفقي، «توجيهاً للحكومة بأهمية بحث التفاوض مع الصندوق ومراجعة هذا البرنامج حتى لا يوضع المواطنون تحت ضغوط سلبية جراء تطبيق أي إجراءات أخرى».

وتفاعلت منصات التواصل مع مطلب الرئيس المصري للحكومة، ودعا مغردون على منصة «إكس» للنظر في التعامل مع الصندوق نهائياً.

وأوضح النائب مصطفى بكري، في تغريدة بمنصة «إكس»، أن توجيه الرئيس السيسي «هو الموقف الذي ينتظره المصريون من الرئيس»، مؤكداً أن «توجيهات الرئيس اليوم توجب على الحكومة مراجعة الموقف مع الصندوق، وعدم الاستجابة لشروطه المجحفة».

وحسب الخبير الاقتصادي، الدكتور مدحت نافع، فإن البرنامج مع صندوق النقد جائز المراجعة، مستبعداً إلغاء التعامل معه، وأضاف أن «الاتفاق مع الصندوق مرن وليس جامداً، والمراجعة مسألة مطروحة؛ لذلك تتم المراجعة بشكل دوري بين الطرفين».

ويرى أن المصريين لهم أولويات، ويجب الحرص عليها، وفي الوقت ذاته لا يمانع الصندوق من إجراء التفاوض والنقاش حول برامجه، مستدركاً: «لكن هناك حاجة لتشكيل لجنة مستقلة لمراجعة الاتفاق، كما سبق أن طبقت في سيريلانكا، تقوم بعامل ضغط مساعد لتحقيق المصالح المصرية وتوجيه الدعم اللازم للنظر مع الحكومة في أولويات المصريين».

ويبقى على الحكومة سرعة تنفيذ توجيه الرئيس المصري، وفق الدكتور مدحت نافع، وذلك عبر بحث كيفية تنفيذ الأمر على الشكل الذي لا يمثل ضغوطاً إضافية على المصريين.

وأمام الحكومة مسار واحد بعد دعوة الرئيس المصري، وفق تقدير المستشار السابق لصندوق النقد الدولي، فخري الفقي، وهو طلب المتفاوضين المصريين من الصندوق إرجاء بعض الإجراءات، وبدء محادثات في هذا الإطار لتأخير إجراءات قد تشكل ضغوطاً لا تُحتمل هذه الفترة على المواطنين.

وبرأي أستاذ علم الاجتماع السياسي، سعيد صادق، فإن توجيه الرئيس المصري سيكون أكثر تأثيراً على المصريين مع تطبيقه فوراً، وأيضاً تحرك سريع من الحكومة لبحثه مع صندوق النقد الذي كان أحد أسباب ارتفاع الفقر بمصر «منذ التعامل معه».

ويعتقد أن المصريين سيكونون مؤيدين لأي خطوة تخفف الغلاء المتواصل عليهم، خصوصاً أن تاريخ مصر مع هذا الصندوق يقول إنه بحاجة لمراجعة سريعة لإجراءاته.