إلحاق 950 يتيماً في صنعاء بمعسكرات التعبئة العسكرية

حملات حوثية واسعة استهدفت شرائح المجتمع كافة

يوم ترفيهي أقامته مبادرة طوعية لأيتام في صنعاء (فيسبوك)
يوم ترفيهي أقامته مبادرة طوعية لأيتام في صنعاء (فيسبوك)
TT

إلحاق 950 يتيماً في صنعاء بمعسكرات التعبئة العسكرية

يوم ترفيهي أقامته مبادرة طوعية لأيتام في صنعاء (فيسبوك)
يوم ترفيهي أقامته مبادرة طوعية لأيتام في صنعاء (فيسبوك)

ألحقت الجماعة الحوثية نحو 950 يتيماً في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء بمعسكراتها الصيفية التي تقيمها للتعبئة العسكرية وتلقي الأفكار ذات المنحى الطائفي، ضمن حملات تجنيد واسعة تستهدف فئات المجتمع كافة في المناطق الخاضعة لها.

وعلى وقع ما يعانيه آلاف الأيتام من حالة البؤس والحرمان من أبسط الحقوق تحدثت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الجماعة ألحقت 950 يتيماً ينتسبون إلى دار الأيتام ومؤسسة اليتيم ودور رعاية أيتام أخرى بصنعاء وضواحيها، لتلقي دروس وأنشطة تعبوية؛ بغية الزج بهم إلى جبهات القتال.

أيتام في دار رعاية خاضعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية في صنعاء (فيسبوك)

وتركز أغلبية الأيتام المستهدفين حالياً بالتعبئة في «دار رعاية الأيتام» في صنعاء، حيث دفعت الجماعة – بحسب المصادر - نحو 750 يتيماً من الدار لتلقي التعبئة، كما يتلقى 120 يتيماً آخر الأنشطة التعبوية ذاتها في «مؤسسة اليتيم»، بينما توزع بقية الأيتام المستهدفين على بقية مراكز رعاية الأيتام في المدينة.

وجاء هذا التوجه الانقلابي ترجمة لمخرجات اجتماع عُقِد بصنعاء وضم القيادي خالد المداني، المشرف المباشر على العاصمة المختطفة والمُعيّن في منصب وكيل أول العاصمة، ومعه أحمد الخزان، المعين مديراً لدار رعاية الأيتام، وقيادات حوثية أخرى، حيث شدد الاجتماع على بدء إلحاق أعداد جديدة من شريحة الأيتام بمعسكرات التعبئة.

وقال عاملون في «دار الأيتام» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن القائمين على إدارة شؤون الدار منحوا الموظفين في الدار قبل نحو أسبوع إجازة مؤقتة، للبدء في تنفيذ أنشطة تعبوية تستهدف الطلبة تحت إشراف معممين حوثيين.

وكشف العاملون عن أن الجماعة ضمت منذ مطلع العام الحالي أكثر من 60 يتيماً من الدار للقتال، منهم من عاد جثة هامدة، وآخرون يعانون حالياً إعاقات جراء تعرّضهم لإصابات متفاوتة، في حين البعض الآخر لا يزال يرابط في الجبهات.

عناصر حوثيون يشرفون على التعبئة الفكرية في معسكر صيفي في صنعاء (إعلام حوثي)

ويؤكد أحمد سليم، وهو اسم مستعار لمدرس بدار رعاية الأيتام في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، وجود حالة تدهور غير مسبوقة تعانيها الدار ومنتسبوها من الطلبة والكادر التعليمي؛ بسبب استمرار العبث والإهمال وسرقة الجماعة منذ سنوات الميزانية التشغيلية والرواتب، واستهداف مئات الأيتام والعاملين الذين يعانون الحرمان عبر دورات تعبوية.

استهداف مستمر

على وقع الاستهداف لأيتام صنعاء، أقرّ أحمد الخزان، المُعين من قِبل الجماعة الحوثية مديراً لدار رعاية الأيتام، بوجود تراجع في الكادر التعليمي التابع للدار الخاضعة تحت سلطة وإدارة الانقلابيين.

واعترف الخزان في تصريحات سابقة، بوجود صعوبات عدة يواجهها ما تبقى من الكادر التعليمي بالدار، لدرجة أن بعضهم أصبح لا يجد حتى قيمة المواصلات ليتمكن من الحضور لتدريس الطلبة. مشيراً إلى أن أيتام الدار يواجهون صعوبة الحصول على الطعام والمشرب والملبس والخدمات الصحية؛ وذلك بسبب توقف الميزانية التشغيلية للدار منذ سنوات عدة.

وأدى الانقلاب والحرب المستمرة منذ تسع سنوات إلى مضاعفة عدد الأيتام ومعاناتهم، خصوصاً في المناطق الخاضعة تحت سيطرة الحوثيين، الأمر الذي دفع الكثير منهم إلى ترك المدرسة والبحث عن عمل لكسب المال وتوفير لقمة العيش.

وعبّر مختصون اجتماعيون في صنعاء عن أسفهم لعودة الانقلابيين مجدداً إلى استهداف الأيتام (الشريحة الأضعف في اليمن) بأنشطة تعبوية بعيدة عن همومهم واحتياجاتهم؛ تمهيداً لإلحاق أعداد جديدة منهم بجبهات القتال.

أيتام صغار في السن في دار للأيتام بصنعاء خاضعة للحوثيين (فيسبوك)

ولم يستغرب ناصر، وهو مختص اجتماعي في منظمة عاملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، سلوك الحوثيين تجاه الأيتام، وقال إن الاستهداف الجديد يُعدّ امتداداً لسلسلة استهدافات سابقة طالت بالتعبئة والتجنيد القسري آلاف الأيتام في مؤسسات ومركز الرعاية الخاصة بهم.

وكانت مؤسسة اليتيم التنموية ودور أيتام أخرى في صنعاء ومدن أخرى تعرّضت مرات عدة إلى أعمال تعسف حوثية واعتداءات وعمليات نهب واستغلال للمئات من طلبتها وموظفيها.

وأشارت تقارير محلية يمنية إلى خطف الجماعة في أحد الأعوام الماضية أكثر من 200 طالب من دار الأيتام في صنعاء وزجّت بهم إلى جبهات مأرب وتعز والضالع والساحل الغربي.

وذكرت التقارير أن الانقلابيين الحوثيين جنّدوا في الفترة من 2014 وحتى ديسمبر (كانون الأول) 2018، أكثر من 28 ألف يتيم، وأكدت أن نحو 90 طفلاً من هؤلاء الصغار قضوا في جبهات القتال التابعة للجماعة، في حين عملت القوات الشرعية اليمنية والتحالف الداعم لها على إعادة تأهيل العشرات من الأطفال، الذين وقعوا في الأسر خلال تلك الفترة.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.