توجه حوثي لاتهام مختطفي احتفالات الثورة بالخيانة والعمالة

خلافات في أوساط الجماعة حول مصير الناشطين الذين يقدرون بالآلاف

إنارة قلعة القاهرة في مدينة تعز احتفالاً بذكرى الثورة التي مُنع سكان المناطق الخاضعة للجماعة الحوثية من الاحتفال بها (إكس)
إنارة قلعة القاهرة في مدينة تعز احتفالاً بذكرى الثورة التي مُنع سكان المناطق الخاضعة للجماعة الحوثية من الاحتفال بها (إكس)
TT

توجه حوثي لاتهام مختطفي احتفالات الثورة بالخيانة والعمالة

إنارة قلعة القاهرة في مدينة تعز احتفالاً بذكرى الثورة التي مُنع سكان المناطق الخاضعة للجماعة الحوثية من الاحتفال بها (إكس)
إنارة قلعة القاهرة في مدينة تعز احتفالاً بذكرى الثورة التي مُنع سكان المناطق الخاضعة للجماعة الحوثية من الاحتفال بها (إكس)

كشفت مصادر حقوقية يمنية عن استعداد الجماعة الحوثية لمحاكمة عدد من اليمنيين المختطفين بسبب احتفالهم بذكرى ثورة 26 سبتمبر (أيلول) بتهمة التآمر والخيانة، بينما ترفض قيادات أخرى هذا التوجه، وتسعى إلى الإفراج عنهم بعد انتهاء فترة الاحتفالات.

وذكرت مصادر حقوقية مطلعة في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن خلافات شديدة احتدمت بين قيادات وأجنحة الجماعة الحوثية حول مصير المختطفين والتعامل معهم، فبينما كان يفترض أن يجري الإفراج عن جميع المختطفين بمجرد مرور مناسبة ذكرى الثورة بأيام، ظهرت مقترحات من قادة أمنيين في الجماعة باستغلال الفرصة لمعاقبة المختطفين وترهيب المجتمع.

وبحسب ما حصلت عليه المصادر من معلومات، فإن قيادات كبيرة في الأجهزة الأمنية الحوثية طلبت من مختلف القيادات التي تتوسط للإفراج عن المختطفين التوقف عن ذلك، لأنها تدرس ملفات جميع من تم احتجازهم للتعامل مع خطر كبير.

وبيّنت المصادر أن من القيادات التي تصرّ على استمرار احتجاز وإخفاء المختطفين، عبد الحكيم الخيواني رئيس ما يعرف بـ«جهاز الأمن والمخابرات»، وعبد الكريم الحوثي وزير الداخلية في حكومة الجماعة التي لا يعترف بها أحد، وعلي حسين الحوثي ابن مؤسس الجماعة، والمسؤول عن جهاز استخبارات الشرطة المستحدث أخيراً، وهؤلاء جميعاً يتبعون زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي مباشرة.

وأوضحت المصادر أن الوسطاء والمحامين الذي بذلوا جهوداً للإفراج عن المختطفين تلقوا في البداية تطمينات بأن الاختطافات ما هي إلا إجراءات احترازية لمنع حدوث أي تطور للاحتفالات إلى أعمال احتجاجات أو مظاهرات مناهضة للجماعة، خصوصاً مع مخاوف القادة الحوثيين من وجود تمويل وتحريض غربيين بسبب أحداث البحر الأحمر والتطورات في المنطقة.

الجماعة الحوثية هدّدت كل من يرفض الاحتفال بذكرى سيطرتها على صنعاء بالعقاب (أ.ب)

ويعدّ القيادي محمد علي الحوثي، عضو ما يعرف بالمجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم)، من أشدّ المعارضين لاستمرار احتجاز المختطفين، وإلى جانبه القادة الذين يتم اللجوء إليهم من طرف الأعيان والشخصيات الاجتماعية للتوسط للإفراج عن المختطفين.

زيادة النقمة

بعد انقضاء عيد الثورة ومرور ذكراها دون أن يتمكن السكان من الاحتفال في تجمعات كبيرة شبيهة بتجمعات العام الماضي كما كان متوقعاً؛ لم يتم الإفراج سوى عن بعض المختطفين، خصوصاً في المناطق النائية قليلة السكان، أو من لم تكن هناك وساطات اجتماعية للإفراج عنهم أو دعوات للتضامن معهم.

ووفقاً للمصادر، فإن عائلات باقي المختطفين فوجئت بإبلاغ الوساطات والمحامين لها بحدوث تغيرات معقدة في التعامل معهم، وأن هناك نوايا مريبة لدى أجهزة أمن الجماعة الحوثية توحي بالتنصل عن الوعود السابقة بالإفراج عنهم.

احتفالات وفعاليات الجماعة الحوثية هي المسموح بها فقط في مناطق سيطرتها ويجري قمع الاحتفال بالمناسبات الوطنية (أ.ف.ب)

وتلقى الوسطاء والمحامون تنبيهات من قادة حوثيين بأن القضية أخطر من مجرد احتفالات بعيد الثورة، وأن هناك مؤامرة كبيرة، وإعداداً لأعمال تخريبية يجري التحقيق والتحري حولها، بحسب مزاعمهم.

وبيّنت المصادر أن أجهزة أمن الجماعة الحوثية تزيد من تحفظها وإصرارها على استمرار اختطاف كل من يتم التضامن معه في أوساط الرأي العام، أو تدخل الوساطات للإفراج عنه، ويجري ابتزاز عائلته وتهديدها بأن إثارة قضية اختطافه ستؤدي إلى الإضرار به.

من جهته، اتهم الناشط السياسي محمد المقالح، العضو السابق فيما يسمى «اللجنة الثورية» التابعة للجماعة الحوثية، السلطات في صنعاء (ويقصد بها الجماعة الحوثية) باستهداف «آلاف من المواطنين على خلفية رفع العلم الجمهوري والمشاركة في احتفالات ذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، مؤكداً أن غالبية تلك الاختطافات تمت في المناطق الريفية، وشملت النساء والأطفال».

وحذّر المقالح، وهو من مؤيدي الحوثيين، قادة الجماعة من مغبة ممارساتهم بقوله: «إلى أين أنتم ذاهبون بأنفسكم، ولا أقول بهؤلاء المظلومين؟».

وتفيد المصادر أن محمد الحوثي يرى أن هذه الممارسات تتسبب في تصاعد النقمة في أوساط المجتمع، وتدفع السكان إلى التذمر والغضب، وهو أمر لا يرى له أي مبرر، خصوصاً وهو المتكفل بتعزيز حضور الجماعة لدى القبائل والمجتمعات المحلية.

انتقادات دولية

انتقد كل من منظمة «هيومن رايتس ووتش» و«مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان» ممارسات الجماعة الحوثية بعد اختطاف الداعين إلى الاحتفال السلمي بثورة سبتمبر، بعد رصد منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

ووصفت المنظمة والمركز ممارسات الجماعة الحوثية بالاحتجاز التعسفي، نظراً لأنها لم توجه تهماً إلى المختطفين، وطالباها بـ«الإفراج فوراً عن كافة المحتجزين لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التجمع والتعبير، وكذلك عن جميع الذين ما زالوا رهن الاحتجاز التعسفي، بمن فيهم عشرات من موظفي (الأمم المتحدة) والمجتمع المدني في اليمن، الذين تم اعتقالهم وإخفاؤهم خلال الأشهر الأربعة الماضية».

وجاء في تقرير، نشرته المنظمة، أنه تم الاستماع إلى شهادات عشرات اليمنيين ممن اختطفتهم ميليشيا الحوثي أو من أقارب المختطفين، وبيّنت الشهادات أن احتفالهم بثورة 26 سبتمبر والكتابة عن ذلك في مواقع التواصل هو ما أزعج الحوثيين ودفعهم لحلمة الاعتقالات.

وفي كثير من الحالات، اختطف الحوثيون أشخاصاً لمجرد توشّحهم بالعلم اليمني أو التلويح به أو تعليقه على سيارتهم طبقاً للتقرير، وقال أحد أقارب المحتجزين إن اثنين من أبناء عمومته اعتُقِلا، وإنهما «لم يحتفلا أو يفعلا أي شيء، كانا يعلقان العلم اليمني على سيارتهما».

وأورد التقرير شهادات عن اتهام الجماعة للمختطفين بالاحتفال بيوم 26 سبتمبر، وهو ذكرى الثورة، وعدم الاحتفال بيوم 21 من ذات الشهر، وهو ذكرى انقلاب الجماعة على التوافق السياسي والدولة اليمنية، كما أن عناصرها هددوا أي شخص يحتفل بالثورة أو يرفع الأعلام اليمنية.

وخلال الشهر الماضي، اختطفت الجماعة الحوثية ناشطين وسكاناً من مختلف الفئات الاجتماعية في غالبية المحافظات الخاضعة لسيطرتها، ورأى «مركز القاهرة» أن هذه الاختطافات كانت «محاولة للحيلولة دون التعبئة الجماعية التي يمكن أن تتحدى سلطة الحوثيين».


مقالات ذات صلة

قاذفات «بي-2» الأميركية تنفذ 5 ضربات على مخازن أسلحة للحوثيين في اليمن

المشرق العربي أرشيفية للقاذفة الاستراتيجية الخفيّة «بي-2»

قاذفات «بي-2» الأميركية تنفذ 5 ضربات على مخازن أسلحة للحوثيين في اليمن

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنّ الولايات المتّحدة شنّت ليل الأربعاء غارات جوية بواسطة قاذفات استراتيجية خفيّة من طراز «بي-2» على منشآت حوثية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي رئيس الوزراء اليمني ووزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (سبأ)

التزام بريطاني بدعم إصلاحات الحكومة اليمنية لمواجهة التحديات

أكدت المملكة المتحدة التزامها بدعم الحكومة اليمنية وجهودها الخاصة بعملية الإصلاح، بما في ذلك مواجهة التحديات المتعلقة بتقديم الخدمات وبما يحقق السلام والازدهار.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي وزير الدفاع اليمني الفريق ركن محسن الداعري (الشرق الأوسط)

وزير الدفاع اليمني: الحوثيون لن يتوقفوا حتى لو انتهت الحرب

استبعد وزير الدفاع اليمني، الفريق ركن محسن الداعري، أن تتوقف العمليات الحوثية ضد سفن الملاحة في البحرين الأحمر والعربي بمجرد توقف حرب غزة، متهماً الجماعة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص وزير الدفاع اليمني الفريق ركن محسن الداعري (الشرق الأوسط) play-circle 00:41

خاص وزير الدفاع اليمني: الهجمات الحوثية لن تتوقف حتى لو انتهت حرب غزة

حذَّر وزير الدفاع اليمني الفريق ركن محسن الداعري من خطورة الأوضاع في المنطقة واحتمال نشوب حرب إقليمية غير مسبوقة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي شركة «كمران» من كبريات الشركات الوطنية اليمنية بمساهمة مختلطة للقطاعين العام والخاص (إكس)

الحوثيون يستولون على كبرى شركات التبغ اليمنية

تسعى الجماعة الحوثية إلى السيطرة على كبرى شركات التبغ اليمنية، التي تعدّ من أهم مصادر إيرادات الدولة، وتحذر الحكومة اليمنية من تبعات إجراءات الجماعة على الشركة.

وضاح الجليل (عدن)

البرلمان الألماني يوافق على تمديد مهمة الجيش في العراق

جندي من قوات تحالف مكافحة «داعش» خلال دورية في العراق (أرشيفية - سنتاكوم)
جندي من قوات تحالف مكافحة «داعش» خلال دورية في العراق (أرشيفية - سنتاكوم)
TT

البرلمان الألماني يوافق على تمديد مهمة الجيش في العراق

جندي من قوات تحالف مكافحة «داعش» خلال دورية في العراق (أرشيفية - سنتاكوم)
جندي من قوات تحالف مكافحة «داعش» خلال دورية في العراق (أرشيفية - سنتاكوم)

وافق البرلمان الألماني، اليوم (الخميس)، على تمديد التفويض الخاص بمهمة الجيش الألماني للإسهام في تحقيق الاستقرار بالعراق لمدة 15 شهراً إضافية.

وبحسب «وكالة الأنباء الألمانية»، صوَّت لصالح التمديد غالبية كبيرة تضم 539 نائباً من النواب الحاضرين، فيما صوَّت 93 نائباً ضد التمديد، وامتنع نائبان عن التصويت، وذلك حسبما أعلنت رئاسة البرلمان بعد أخذ التصويت بالاسم.

ويدعم الجيش الألماني العراق في مجالات تشمل تدريب الجنود، ومن ثم الإسهام في مكافحة عودة تنظيم «داعش» من جديد.

وبهذا، يمكن للحكومة الألمانية أن تستمر في إرسال ما يصل إلى 500 جندي من الجيش إلى العراق.

ويستمر التفويض الجديد حتى 31 يناير (كانون الثاني) 2026، مما يوفر للمهمة فترة إضافية مدتها 4 أشهر بعد الانتخابات البرلمانية في ألمانيا، المقرر إجراؤها في أواخر سبتمبر (أيلول) 2025.

ويشارك الجنود الألمان في مهمة «إن إم آي» التابعة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) التدريبية في العراق، وكذلك في عملية «العزم الصلب».

وكان تنظيم «داعش» قد سيطر على مدار سنوات على مساحات واسعة في العراق، وسوريا المجاورة، ورغم أن التنظيم فقد سيطرته حالياً، فإنه لا تزال هناك خلايا تابعة للتنظيم نشطة في كلا البلدين.

وتقود الولايات المتحدة تحالفاً عسكرياً في المنطقة لمحاربة التنظيم. وتخطط الولايات المتحدة لإعادة تنظيم وجودها العسكري في العراق.

وكان مسؤولون رفيعو المستوى في الحكومة الأميركية أعلنوا مؤخراً عن «عملية انتقالية» على مرحلتين، للتحول من التحالف العسكري الدولي الحالي في العراق إلى شراكة أمنية ثنائية.