جددت الحكومة اليمنية التنديد باستمرار الحوثيين في اعتقال الآلاف من المحتفلين بذكرى ثورة «26 سبتمبر»، وهي الثورة التي أطاحت أسلاف الجماعة الانقلابية في عام 1962، وسط دعوات لتدخل المجتمع الدولي لوقف انتهاكات الجماعة.
وتزامن التنديد اليمني مع اتهامات حكومية للجماعة المدعومة من إيران بتعذيب المحتجزين من موظفي الوكالات الأممية والمنظمات الإغاثية الدولية والمحلية بعد مرور نحو 120 يوماً من أحدث موجة اعتقالات في صفوفهم.
وكانت الجماعة شنت في سبتمبر (أيلول) الماضي حملة اختطافات واسعة في صفوف الناشطين السياسيين والحزبيين والإعلاميين على خلفية دعواتهم للاحتفال بذكرى الثورة اليمنية، حيث تخشى الجماعة من انتفاضة شعبية على خلفية استمرار انقلابها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان.
وهاجم معمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، ما وصفه بـ«مشروع الحوثيين الإمامي وحقدهم الدفين على الثورة والجمهورية»، ويأتي ذلك تعليقاً على استمرار احتجازهم آلاف اليمنيين، بينهم أعداد من نخبة المجتمع وقواه الحية من سياسيين وإعلاميين وصحافيين ومثقفين وحقوقيين وناشطين، وشخصيات اجتماعية، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر».
وأوضح الإرياني في تصريحات رسمية، أن الجماعة الحوثية رفضت إطلاق المحتجزين، واشترطت تقديمهم ضمانات وتعهدات بعدم رفع العلم الوطني، وقال إن ما أقدمت عليه الجماعة لم يكن إجراءً احترازياً كما ادعت، بل هو «جريمة منظمة، وعمل ممنهج يهدف لقمع المشاعر الوطنية، وقتل روح المقاومة داخل المجتمع، وإرهاب اليمنيين، والحيلولة دون احتفالهم بالأعياد الوطنية، وإجبارهم على التسليم والانصياع لإرادتها».
سابقة تاريخية
وفق الوزير اليمني، رأت الجماعة الحوثية في رفع العلم الوطني احتفاء بعيد الثورة «مؤامرة ممولة من الخارج لاستهدافها، وجريمة تستحق العقاب ومصادرة حرية من يرتكبها وإخفائه، ورميه بتهم بالعمالة والخيانة، في تطور صادم لكل اليمنيين».
وأضاف أن ما قامت به الجماعة من اعتقالات يمثل «سابقة تاريخية» لم تقدم عليها حتى دول الاحتلال، بينما ترفع الجماعة في شوارع صنعاء ومقرات الدولة العلم الإيراني، وشعارات الميليشيات الطائفية في المنطقة، وصور رموز إيران.
وأكد وزير الإعلام اليمني أن الاحتفالات الشعبية بالذكرى 62 لثورة «26 سبتمبر» في العاصمة المختطفة صنعاء، وباقي مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، بشكل عفوي، رغم حملات القمع والتنكيل والإرهاب الحوثي: «رسالة واضحة للعالم أجمع برفض اليمنيين للميليشيا ومشروعها الظلامي المتخلف، وفشل كل محاولاتها لمسخ هويتهم الوطنية، وتمسكهم بأهداف وقيم ومبادئ الثورة».
واستغرب الإرياني استمرار الصمت الدولي إزاء ما وصفه بـ«الجرائم والانتهاكات المروعة»، مطالباً بإدانة واضحة لحملات القمع الوحشي والتنكيل والإرهاب الحوثي بحق المواطنين في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرة الجماعة.
ودعا المجتمع اليمني لرفض هذه السياسات القمعية للجماعة ومقاومتها بكل السبل، والتعبير عن رفضها من خلال كل الوسائل المتاحة والممكنة.
تعذيب وإخفاء
جددت وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية إدانتها «بشدة» استمرار اختطاف وإخفاء أكثر من 70 موظفاً وناشطاً بينهم 5 نساء منذ مطلع يونيو (حزيران) 2024 في سجون ومعتقلات الحوثيين الذين وصفتهم بـ«الميليشيا الإرهابية».
وذكرت الوزارة في بيان أن المختطفين الذين بينهم 19 من موظفي وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ما زالوا حتى اللحظة مخفيين قسراً، ولم يستطع أهاليهم معرفة أماكن احتجازهم أو حالاتهم الصحية في أقبية الميليشيات، ووصفت ذلك بأنه «انتهاك صارخ لحقهم في الحياة والحرية والأمن الشخصي».
وقال البيان إن هذه الجريمة ومعاناة أسر الضحايا المختطفين بعد مرور 120 يوماً، تؤكد «السجل الأسود» للحوثيين في التعامل مع المجتمع المدني والعمل الإنساني، بما في ذلك موظفو الأمم المتحدة والمنظمات الدولية دون الاكتراث لكل المناشدات الدولية للأمين العام للأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان.
وأشار البيان إلى أن المحتجزين والمختطفين يقبعون في سجون سرية ويتعرضون لصنوف من التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة واللاإنسانية لإجبارهم على الإدلاء بأقوال واعترافات تدينهم.
ولفت البيان اليمني إلى الحملة الإعلامية الحوثية التي رافقت الاختطافات بالترويج عبر معلومات مضللة تتهم المحتجزين بأنهم جواسيس وعملاء لصالح أميركا وإسرائيل وجهات خارجية أخرى، وقال إن ذلك يشوه صورة العمل الإنساني، ويحط من أدوار المعتقلين الإنسانية أمام أسرهم ومجتمعاتهم.
انتهاك صارخ
شددت وزارة حقوق الإنسان اليمنية في بيانها على أن ممارسات الحوثيين غير القانونية «تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، واتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية، التي تحمي حقوق المدنيين في النزاعات المسلحة، كما تمثل انتهاكاً صارخاً للإعلان العالمي، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية».
وأضافت أن سلوك الجماعة يعد «انتهاكاً جسيماً وخطيراً وجرائم ضد الإنسانية، ومنها جريمة إعاقة وصول المساعدات الإنسانية، ما يستوجب مساءلة مرتكبي الانتهاكات أمام المحاكم الدولية».
ورأى البيان في تجاهل الحوثيين لمناشدات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وتباهيهم بتلك الانتهاكات تأكيداً لما كانت تذهب له الحكومة اليمنية بشأن عدم اكتراث الميليشيات بالمجتمع الدولي والمبعوث الأممي الخاص إلى اليمن.
وجدّدت الوزارة اليمنية دعوة المجتمع الدولي إلى سرعة التحرك لاتخاذ قرارات رادعة بحق الجماعة الحوثية وضم أسماء قياداتها التي تقوم بالانتهاكات إلى قائمة العقوبات، بحيث يكون هذا التحرك «بمثابة قوة ضغط رادعة لإنقاذ حياة المختطفين وحمايتهم».
وناشد البيان اليمني وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية الوطنية والإقليمية والدولية، لتسليط الضوء على «الانتهاكات والجرائم الحوثية» التي استهدفت كل الحقوق والحريات الإنسانية، وطالب بتضافر الجهود المحلية والإقليمية والدولية للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطفين، وضمان محاسبة جميع المسؤولين عن هذه الجرائم.