فبركات انقلابية واتهامات مسيئة للمحتفلين بالثورة اليمنية

التهديد بعقوبات قاسية وتشويه سمعة النساء

كل الأجيال في عائلة ريفية يمنية تحتفل بذكرى ثورة «26 سبتمبر» رغم المنع الحوثي (إكس)
كل الأجيال في عائلة ريفية يمنية تحتفل بذكرى ثورة «26 سبتمبر» رغم المنع الحوثي (إكس)
TT
20

فبركات انقلابية واتهامات مسيئة للمحتفلين بالثورة اليمنية

كل الأجيال في عائلة ريفية يمنية تحتفل بذكرى ثورة «26 سبتمبر» رغم المنع الحوثي (إكس)
كل الأجيال في عائلة ريفية يمنية تحتفل بذكرى ثورة «26 سبتمبر» رغم المنع الحوثي (إكس)

واصلت الجماعة الحوثية مساعيها لمنع السكان في مناطق سيطرتها من الاحتفال بذكرى الثورة اليمنية يوم 26 سبتمبر (أيلول)، وإلى جانب الاختطافات التي شملت عشرات الناشطين والقادة السياسيين والمجتمعين، يجري التهديد بمحاسبة الداعين إلى الاحتفال والإساءة إلى النساء، ونشر الإشاعات المضللة والفبركات.

ونشرت الجماعة الحوثية عبر ناشطين تابعين وموالين لها شائعات بتلقِّي المحتفلين بذكرى ثورة «26 سبتمبر» أموالاً من الخارج، بالتزامن مع تحريض ضد المحتفلين، واتهامهم بإثارة الفوضى والتخريب ومحاولة زعزعة الأمن، واتهامات للنساء بمخالفة الآداب العامة واستهداف قيم المجتمع، والتخطيط لارتكاب أعمال عنف وجرائم أثناء الخروج إلى الشوارع في الاحتفالات.

لم تنجح الجماعة الحوثية في إلحاق احتفالات ذكرى الثورة اليمنية بذكرى انقلابها (إعلام حوثي)
لم تنجح الجماعة الحوثية في إلحاق احتفالات ذكرى الثورة اليمنية بذكرى انقلابها (إعلام حوثي)

وتهكم رواد مواقع التواصل الاجتماعي من هذه الإشاعات التي تجاهلت أن الجماعة الحوثية هي من تسيطر على القطاع المصرفي وتديره بالكامل، وتتجسس على السكان لمعرفة مصادر الأموال التي يتلقونها، وتلجأ إلى اختطاف كل من تشك فيهم أو بمصادرة الحوالات الواردة إليهم.

ويكشف أكاديمي في جامعة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن توجيهات حوثية شفهية لمدرسي الجامعة، تحذرهم من تحريض الطلاب على المشاركة في احتفالات الثورة، وتحضهم على استخدام محاضراتهم أو لقاءاتهم مع الطلاب للربط بين ثورة «26 سبتمبر» والانقلاب الحوثي في الحادي والعشرين من الشهر نفسه.

ويصف الأكاديمي الذي طلب التحفظ على بياناته حفاظاً على سلامته، ذلك المسعى، بمحاولة مفضوحة لتزييف الوعي، بادعاء أن الانقلاب جاء لتكملة مسار الثورة، بينما يهدف إلى طمس الثورة بالتدريج، وتحويلها إلى مناسبة هامشية، باعتبار أن الانقلاب حافظ عليها وحقق ما لم تستطع تحقيقه، لتصبح لاحقاً مجرد يوم عابر لا يمثل أي إلهام أو حافز.

وينوه إلى أن الإصرار الحوثي على منع الاحتفالات بذكرى الثورة، يأتي من المخاوف من تحولها إلى مناسبة لانتفاضة شعبية، بعد أن جرَّب اليمنيون طوال عقد كامل كل أصناف المعاناة التي تسببت فيها الجماعة التي تعمَّدت تجويعهم وسلبهم مكتسبات الحرية والكرامة.

استهداف السمعة

طال التحريض الحوثي النساء اللواتي تلقين اتهامات بارتكاب أعمال منافية للآداب، والتخطيط لعمليات إجرامية، بسبب دعواتهن للخروج في ذكرى الثورة إلى الشوارع للاحتفال، كما أطلقت تهديدات بإيقاع عقوبات قاسية في حق كل امرأة تستجيب لدعوات الاحتفال بالخروج إلى الشوارع.

وبثت قنوات التلفزة التابعة للجماعة إشاعات عن استغلال النساء لتهريب الأسلحة إلى أوساط المحتفلين بذكرى الثورة، لقتل أعداد منهم، و«إلصاق التهمة» بالجماعة الحوثية، في حين ستتعرض النساء أنفسهن لنيران قناصة على أسطح البنايات القريبة من تجمعات الاحتفالات.

وهدد ناشطون حوثيون باختطاف النساء اللواتي يشاركن في الاحتفال، باعتبار ذلك منافياً للآداب والقيم حسب زعمهم، في حين شن آخرون هجوماً على النساء اللواتي دعين إلى الاحتفال أو أعربن عن نياتهن للمشاركة فيها، واستخدموا في هجومهم مختلف أنواع الاتهامات المسيئة للسمعة.

ويرى الناشط السياسي محمد عبد المغني، أن الجماعة تحاول بكل الطرق إخفاء حقيقة الكراهية التاريخية التي تحملها تجاه كل ما يتعلق بثورة سبتمبر، وهو ما يدفع قادتها إلى استدعاء الاحتفال بثورة سبتمبر بأسلوب سطحي وخفيف، بات يدركه الشارع اليمني جيداً؛ خصوصاً وهي تدرك حقيقة العزلة الاجتماعية التي تعيشها أكثر من السابق.

ويستطرد عبد المغني في حديث لـ«الشرق الأوسط» حول شعور الجماعة بالضعف الذي يعكس أزمتها الداخلية، مع ما طرأ على الصراع الذي تخوضه من أبعاد دولية تعمل على إضعافها بشكل متزايد.

ويتوقع أن تؤدي هذه الإجراءات القمعية إلى إخافة كثير من السكان، ومنعهم من المشاركة في الاحتفالات؛ لكن هناك احتمالاً أن تأتي هذه الإجراءات بنتائج عكسية وتزيد من زخم الرفض والخروج للشارع، منبهاً إلى أن التاريخ اليمني مليء بأمثلة على أن الاستبداد والقمع يؤديان إلى تصاعد الرفض والإصرار على الحرية ورفض الوصاية.

استنفار عسكري

وكثفت الجماعة من نشر مقاتليها في مركز محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، ونشرت مزيداً من الدوريات ونقاط التفتيش في مختلف مديرياتها، بالتزامن مع تحركات عسكرية في محافظتي تعز والضالع المجاورتين، من جهات الجنوب والجنوب الشرقي والجنوب الغربي، ترجح مصادر محلية مطلعة علاقتها بالاستنفار الحوثي لمنع الاحتفالات بذكرى الثورة، والاستعداد لقمع المشاركين فيها.

حشد مقاتلين حوثيين جدد في مديرية «قارة» التابعة لمحافظة حجة شمال غربي اليمن (إعلام حوثي)
حشد مقاتلين حوثيين جدد في مديرية «قارة» التابعة لمحافظة حجة شمال غربي اليمن (إعلام حوثي)

وذكرت المصادر في مدينة دمت التابعة لمحافظة الضالع، أن عدداً كبيراً من مقاتلي الجماعة جرى سحبهم من خطوط التماس مع القوات الحكومية ونشرهم في الشوارع، بينما توجه آخرون شمالاً رفقة عتاد عسكري، وهو نفس ما شهدته منطقة الحوبان في محافظة تعز خلال الساعات الأول من يوم الثلاثاء.

وشهدت الحوبان ودمت إجراءات مشددة تجاه السكان، وجرى اختطاف عدد من الشخصيات الاجتماعية والسياسية فيهما، بينما تضاعفت حملات الاختطاف والتفتيش في محافظة إب، مصحوبة برقابة مشددة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتستهدف حملات الاختطاف قيادات وأعضاء الأحزاب السياسية والناشطين الموالين لتلك الأحزاب، إلى جانب الناشطين الاجتماعيين والحقوقيين والكتاب والصحافيين ومشاهير وسائل التواصل الاجتماعي. وبينما تذكر مصادر حقوقية أن عدد المختطفين من هذه الفئات 50 مختطفاً، تشير معلومات من مصادر أخرى إلى اختطاف عشرات غيرهم من فئات مجتمعية أخرى للأسباب نفسها.

واتهمت منظمة ميون لحقوق الإنسان الجماعة الحوثية باختطاف أكثر من 270 مدنياً في العاصمة صنعاء، وعدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، بينهم صحافيون وتربويون وناشطون، بسبب دعواتهم وعزمهم الاحتفال بذكرى الثورة.

ووفقاً للمنظمة فإن الجماعة سخَّرت وزارة داخليتها بكافة قطاعاتها وأجهزتها القمعية لترهيب المدنيين وقمعهم، وفرض سيطرتها بالقوة، وإسكات أي صوت معارض أو منتقد لممارساتها.

وأكدت مصادر محلية في مديرية السدة التابعة لمحافظة إب، أن الجماعة دفعت بقادتها لعقد لقاءات متواصلة مع الوجهاء والأعيان والضغط عليهم لمنع إقامة الاحتفالات، والإبلاغ عن أي أشخاص يدعون أو يعدُّون لها، في سعي لمنع تكرار ما شهدته المديرية العام الماضي من تجمعات احتفالية حاشدة بمناسبة الثورة.


مقالات ذات صلة

البنتاغون: الجيش الأميركي استهدف أكثر من ألف موقع في اليمن منذ منتصف مارس

العالم العربي صورة نشرتها القيادة المركزية الأميركية للشرق الأوسط (سنتكوم) على منصة «إكس» في 28 أبريل 2025 تظهر طائرات أميركية تستعد لشن هجمات على الحوثيين (القيادة المركزية الأميركية)

البنتاغون: الجيش الأميركي استهدف أكثر من ألف موقع في اليمن منذ منتصف مارس

استهدف الجيش الأميركي منذ منتصف مارس (آذار) أكثر من ألف موقع في اليمن حيث تشنّ واشنطن ضربات جويّة ضدّ الحوثيين، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني خلال مشاركتها في الضربات ضد الحوثيين (أرشيفية - رويترز)

لأول مرة... بريطانيا تدخل على خط ضربات ترمب ضد الحوثيين

دخلت بريطانيا لأول مرة على خط الضربات الأميركية التي أمر بها ترمب ضد الحوثيين في اليمن، وسط تصاعد الحملة التي يقودها الجيش الأميركي منذ منتصف مارس (آذار) الماضي

علي ربيع (عدن)
العالم العربي رفض حكومي لتأجيل مكافحة الفساد بسبب الظروف الراهنة (إعلام حكومي)

رئيس الحكومة اليمنية يتمسك بنهج مكافحة الفساد ويرفض التأجيل

تعهّد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بالمضي قدُماً في مكافحة الفساد، وقال إنه لا يمكن القبول بتأجيل مكافحته بحجة الظروف الراهنة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي نيران تظهر في السماء بعد غارات جوية أميركية على اليمن (إ.ب.أ)

اليمن: سلسلة غارات أميركية تستهدف محافظتي صعدة والجوف

كشفت قناة «المسيرة» التي تديرها جماعة الحوثي اليمنية أن الولايات المتحدة شنت سلسلة من الغارات استهدفت محافظتي صعدة والجوف اليوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مقاتلة أميركية تقلع من متن حاملة طائرات لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

ضربات واشنطن على الحوثيين لا تتوقف... وقلق أممي على المدنيين

ضربت غارات أميركية مواقع مفترضة للجماعة الحوثية في صنعاء وصعدة وعمران، وذلك غداة خسارة واشنطن أولى مقاتلاتها منذ بدء حملة ترمب ضد الجماعة في منتصف مارس.

علي ربيع (عدن)

وزير الإعلام السوري: أحداث ريف دمشق تعكس توترات المرحلة الانتقالية

تصاعد أعمدة الدخان في صحنايا قرب دمشق (أ. ب)
تصاعد أعمدة الدخان في صحنايا قرب دمشق (أ. ب)
TT
20

وزير الإعلام السوري: أحداث ريف دمشق تعكس توترات المرحلة الانتقالية

تصاعد أعمدة الدخان في صحنايا قرب دمشق (أ. ب)
تصاعد أعمدة الدخان في صحنايا قرب دمشق (أ. ب)

أكد وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى اليوم الأربعاء، أن خطاب الدولة لا يميز بين أكثرية أو أقلية بل يقوم على المواطنة، وذلك بعد أحداث عنف طائفية دموية في ريف دمشق.

ولقي العشرات حتفهم في جرمانا وصحنايا بريف دمشق يومي الثلاثاء والأربعاء إثر مواجهات بين مسلحين مسلمين ودروز بعد انتشار مقطع صوتي يتضمن إساءة للنبي محمد.

وقال وزير الإعلام في مقابلة مع «تلفزيون سوريا»، إن أجهزة الدولة السورية سعت إلى حماية السكان داخل جرمانا وخارجها من أي اعتداء، مؤكدا أن العنف في المدينة طال أيضا أفراداً من إدارة الأمن العام.
وأضاف المصطفى أن أحداث العنف التي شهدها ريف دمشق «تعكس توترات المرحلة الانتقالية». وأكد أن قوات الجيش والأمن العام سيطرت على منطقة أشرفية صحنايا بعد أحداث العنف التي تسببت في مقتل 16 على الأقل، بحسب وسائل إعلام سورية.

إلى ذلك، قتل شخصان جراء غارة شنّتها إسرائيل على منطقة صحنايا قرب دمشق أثناء اشتباكات بين مسلحين مرتبطين بالسلطات وآخرين من الدروز في بلدة صحنايا، بحسب ما أفاد مسؤول محلي اليوم الأربعاء.

ووفقا لوكالة الصحافة الفرنسية، قال محافظ ريف دمشق عامر الشيخ خلال مؤتمر صحافي «قام طيران الاحتلال الإسرائيلي خلال هذه العملية... باستهداف إحدى دوريات الأمن مما أدى لمقتل أحد عناصر الدورية وأحد أهالي بلدة أشرفية صحنايا» وجرح آخرين.

وأفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) في وقت سابق اليوم، نقلا عن مدير الأمن في ريف دمشق بانتهاء العملية الأمنية في منطقة أشرفية صحنايا بعد أحداث عنف أسفرت عن سقوط قتلى.

ونقل «تلفزيون سوريا» عن مصدر عسكري قوله إن قوات الجيش السوري والأمن العام تسيطر على كامل منطقة أشرفية صحنايا في ريف دمشق، مضيفاً أن قوات الأمن العام اعتقلت عددا من «المسلحين الخارجين عن القانون» في صحنايا لتقديمهم إلى المحاكمة.

وذكرت وسائل إعلام سورية أنه جرى التوصل إلى اتفاق مبدئي لوقف إطلاق النار في جرمانا وصحنايا «وتحديد خطوات عملية لتحقيق التهدئة في المنطقتين».

وفي وقت سابق وصل وفد من مشايخ محافظة السويداء وزعماء من الطائفة الدرزية إلى صحنايا في محاولة لاحتواء التوتر.

واندلعت أعمال عنف طائفية في منطقة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية بالقرب من دمشق أمس الثلاثاء بين مسلحين دروز ومسلمين سنة أسفرت عن مقتل 12، بحسب وسائل إعلام سورية.

وامتد العنف إلى صحنايا ذات الأغلبية الدرزية أيضا، وذكرت وسائل إعلام سورية أن 16 لقوا حتفهم اليوم الأربعاء بعد هجوم مسلح استهدف مقرا للأمن العام. وأفاد «تلفزيون سوريا» في وقت لاحق بمقتل اثنين من أفراد الأمن العام برصاص «مجموعات خارجة عن القانون» قرب طريق سريع يربط بين السويداء ودرعا في جنوب البلاد.

وقالت وزارة الداخلية السورية إن العنف اندلع بعد تداول تسجيل صوتي يتضمن إساءة للنبي محمد، مشيراً إلى أنها تحقق في مصدره.

وأكدت سوريا التزامها بحماية الأقليات، بما في ذلك الطائفة الدرزية.

وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان إنها ترفض بشكل قاطع جميع أشكال التدخل الخارجي «وتعتبر الدعوات التي أطلقتها جماعات خارجة عن القانون، شاركت في أعمال عنف على الأراضي السورية، للمطالبة بما يسمى 'حماية دولية'، دعوات غير شرعية ومرفوضة بشكل كامل».

وأضافت «تؤكد الجمهورية السورية التزامها الراسخ بحماية جميع مكونات الشعب السوري دون استثناء، بما في ذلك أبناء الطائفة الدرزية، التي كانت ولا زالت جزءا أصيلا من النسيج الوطني السوري».

عاجل بلومبرغ: الولايات المتحدة وأوكرانيا توقعان اتفاقية الموارد الطبيعية