الحوثيون يقمعون المحتفلين بـ«26 سبتمبر»... ويعتقلون العشرات

سلوك الجماعة أظهر عزلتها وخوفها من الانتفاض عليها

يمنيون في مديرية السدة في محافظة إب يحتفلون بثورة سبتمبر ليلاً (إكس)
يمنيون في مديرية السدة في محافظة إب يحتفلون بثورة سبتمبر ليلاً (إكس)
TT

الحوثيون يقمعون المحتفلين بـ«26 سبتمبر»... ويعتقلون العشرات

يمنيون في مديرية السدة في محافظة إب يحتفلون بثورة سبتمبر ليلاً (إكس)
يمنيون في مديرية السدة في محافظة إب يحتفلون بثورة سبتمبر ليلاً (إكس)

شهدت غالبية المدن اليمنية، خصوصاً الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، مساء الاثنين، احتفالات شعبية كبيرة بذكرى «ثورة 26 سبتمبر/ أيلول». وردّ الحوثيون على تلك الاحتفالات بحملات اعتقال وقمع، إذ نشروا مسلحيهم في نقاط التفتيش وفي الشوارع؛ لمنع تجمعات المحتفلين، في تعبير واضح عن الخوف من الانتفاض ضدهم في ذكرى الثورة اليمنية التي أسقطت أسلافهم في 1962.

وعبّر اليمنيون، في مختلف المدن، عن تمسكهم واعتزازهم بذكرى «ثورة سبتمبر»، من خلال إطلاق الألعاب النارية، ورفع الأعلام، وإشعال النيران على أسطح المنازل تزامناً مع الاحتفالات الرسمية في مختلف المدن.

جانب من الاحتفالات الشعبية بذكرى الثورة اليمنية في مديرية النادرة التابعة لمحافظة إب (إكس)

وخرج آلاف من سكان العاصمة، صنعاء، إلى الشوارع يحملون الأعلام، محاولين التجمع للاحتفال بذكرى الثورة، إلا أن نقاط التفتيش التي نشرتها جماعة الحوثي في الشوارع الرئيسية وعلى مداخل الميادين والساحات، منعتهم من الوصول إلى مبتغاهم، ولجأت إلى مصادرة الأعلام منهم، وإجبارهم على العودة إلى المنازل.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع «فيديو» لعناصر نقاط التفتيش التابعة لجماعة الحوثي، وهم يجبرون ملاك السيارات على نزع الأعلام، ويطاردون الشباب الذين يبيعونها في تقاطعات الشوارع، في حين ذكرت مصادر محلية أن رجال المرور التابعين للجماعة حرروا مخالفات مرورية للسيارات التي رفعت الأعلام، أو بثت النشيد الوطني.

وبينما اعترف القيادي الحوثي نصر الدين عامر، المعين رئيساً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، بهذه الممارسات، زاعماً أن مَن أقدموا عليها لا ينتمون لجماعته، بل مطلوبون لها، انتشرت (صباح الثلاثاء) مقاطع فيديو أخرى لسيارات تابعة للجماعة، وعلى متنها مسلحون حوثيون يعملون على نزع الأعلام التي رفعها الشباب المحتفلون في الليلة السابقة على الجدران وأعمدة الإنارة.

وطبقاً للمصادر، فإن الجماعة خطفت العشرات من الشبان الذين قاموا بتصوير ممارسات عناصرها ضد المحتفلين، ولم تتسنَ معرفة هويات الشباب المختطفين، باستثناء أحدهم، ويدعى فارس حرمل، الذي كان قد نشر ما قام بتصويره، بينما اختُطف الآخرون أثناء قيامهم بالتصوير.

تحفظات مسبقة

فوجئ تجمع شبابي في محافظة ذمار، (100 كيلومتر جنوب العاصمة صنعاء)، قبل أيام، بأوامر من قيادات حوثية لوقف كل الاستعدادات والتجهيزات التي كان يجريها لتنظيم فعاليات احتفالية بذكرى الثورة.

ووفقاً لما أعلنه قادة التجمع الشبابي، فإن القيادات الحوثية أبلغتهم، بلهجة تتضمن تهديداً ووعيداً، بعدم تنظيم الاحتفالات، وعدم السماح لهم بالاقتراب من ملعب النادي الأحمر في مركز المحافظة، الذي كان التجمع الشبابي يعتزم إيقاد شعلة الثورة فيه، كما جرت العادة خلال الأعوام الماضية.

وذكرت مصادر أخرى في محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب العاصمة صنعاء) أن مسلحين حوثيين اقتحموا تجمعات جماهيرية لسكان في حي الرضوان ضمن المدينة القديمة، كانوا يحتفلون بالرقصات والأغاني الوطنية، وأطلقوا النار لتفريقهم.

وسبق لجماعة الحوثي منع موظفي المركز الثقافي في مركز المحافظة من دخول مبنى المركز، بعد عزمهم على الاحتفال داخل قاعته بذكرى الثورة، وإيقاد الشعلة بالتعاون مع ناشطين سياسيين واجتماعيين في المحافظة.

وتزامن قرار جماعة الحوثي، بمنع الاحتفال في المركز الثقافي، مع تعميم وزّعته على مسؤولي الأحياء المعروفين بـ«عقال الحارات» في مختلف أحياء مركز المحافظة ومدنها، وشيوخ القرى والعزل، بمنع أي تجمعات خلال هذا الأسبوع، مشددة على الإبلاغ عن أي نوايا أو استعدادات لأي تجمعات.

وتأتي هذه الإجراءات بعدما أظهرت الأوساط الشعبية في المحافظة استعدادات كبيرة للاحتفال بذكرى الثورة من خلال رفع الأعلام الوطنية على أسطح المنازل وعلى السيارات وأبواب المحلات التجارية، ورسم العلم على الأبواب وجدران المنازل وخزانات المياه على أسطح البنايات.

تكريس الانقلاب

بينما بالغت جماعة الحوثي بالاحتفال بذكرى انقلابها التاسعة؛ تعمدت منع أي مظاهر رسمية للاحتفالات بذكرى «ثورة 26 سبتمبر»، التي قامت ضد نظام حكم الأئمة الذي يصفه اليمنيون بـ«الثيوقراطي السلالي»، ويتهمون جماعة الحوثي بمحاولة استعادته، وإعادة اليمن إلى عهود الاستبداد والاضطهاد اللذين عاش في ظلهما خلال مئات السنين من سيادة ذلك النظام.

حوثيون يتهجمون على سيارة في صنعاء لاحتفال مالكها بذكرى الثورة وينتزعون العلم من عليها (فيسبوك)

وذكرت مصادر تربوية لـ«الشرق الأوسط» أن جماعة الحوثي منعت تنظيم الفعاليات الاحتفالية بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» في المدارس الخاصة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، مشترطة دمج الاحتفالات بذكرى الانقلاب وذكرى المولد النبوي مع ذكرى الثورة في فعاليات موحدة، مبررة ذلك بعدم إضاعة الوقت على الطلاب.

يصف مدرس في جامعة صنعاء إلغاء الجماعة الاحتفالات الرسمية بذكرى الثورة منذ عام بـ«جرأة غير مسبوقة»، بعد أن كانت خلال السنوات السابقة تمارس المداهنة والنفاق تجنباً لردة فعل المجتمع الذي يزداد تمسكه وإيمانه بالثورة، وقد كانت احتفالاتها خلال الأعوام الماضية خداعاً مفضوحاً لدى الغالبية من اليمنيين، لكنها أرادت أخيراً إسقاط القناع والكشف تدريجياً عن حقيقتها.

استغلت الجماعة الحوثية التهدئة لإعادة بناء قدراتها العسكرية لتهديد الداخل والخارج (إ.ب.أ)

ويتابع الأكاديمي، الذي فضّل عدم نشر بياناته، أن الجرأة تحولت إلى عدوان سافر بمنع المجتمع من التعبير عن اعتزازه وإيمانه بالثورة، وأن جماعة الحوثي تتوجه بالتدريج إلى إعلان موقفها الحقيقي من الثورة اليمنية، حيث لا يستبعد أن تقدم على رفضها للثورة ومعاداتها صراحة.

وأكد الأكاديمي اليمني أن مظاهر الاحتفالات الشعبية، على الواقع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، حملت رسائل شديدة التأثير، أدركت جماعة الحوثي كنهها، وأنها باتت معزولة تماماً عن المجتمع، فبدأت التصعيد لإسقاط قيمة الثورة من أذهان اليمنيين، فضلاً عن حملها رسائل أخرى بين اليمنيين أنفسهم عززت من يقينهم بضرورة المواجهة المباشرة مع الجماعة، وإسقاط مشروعها.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

العالم العربي صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في سجن شرقي مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيُفقد اليمن 90 مليار دولار

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار.

محمد ناصر (تعز)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.