«أسبيدس» الأوروبية متأهبة لحماية إنقاذ ناقلة النفط «سونيون»

محاولة جديدة لسحب السفينة المشتعلة جراء هجمات الحوثيين

الحرائق مستمرة على سطح ناقلة النفط اليونانية «سونيون» بسبب هجمات الحوثيين (المهمة الأوروبية «أسبيدس»)
الحرائق مستمرة على سطح ناقلة النفط اليونانية «سونيون» بسبب هجمات الحوثيين (المهمة الأوروبية «أسبيدس»)
TT

«أسبيدس» الأوروبية متأهبة لحماية إنقاذ ناقلة النفط «سونيون»

الحرائق مستمرة على سطح ناقلة النفط اليونانية «سونيون» بسبب هجمات الحوثيين (المهمة الأوروبية «أسبيدس»)
الحرائق مستمرة على سطح ناقلة النفط اليونانية «سونيون» بسبب هجمات الحوثيين (المهمة الأوروبية «أسبيدس»)

أكدت المهمة الأوروبية لحماية الملاحة في البحر الأحمر «أسبيدس» أن قواتها متأهبة لحماية السفن المشاركة في عملية إنقاذ ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة منذ 23 أغسطس (آب) الماضي جراء هجمات الحوثيين المدعومين من إيران.

وذكرت المهمة الأوروبية التي بدأت عملها في البحر الأحمر في منتصف فبراير (شباط) الماضي، في بيان، الجمعة، أن الناقلة «سونيون» لا تزال مشتعلة بعد تعرضها لهجوم في البحر الأحمر، لكنها راسية حالياً، وليست منجرفةً ولا توجد أي علامات على تسرب نفطي من عنبر الشحن الرئيسي.

وفي حين كانت محاولة الإنقاذ تعثرت في المرة الأولى قبل نحو أسبوعين، شدد البيان على أنه «لمنع وقوع كارثة بيئية، من الضروري أن تتعاون المنظمات العامة والخاصة والجهات الفاعلة بشكل وثيق».

وأضاف البيان بالقول: «لهذا السبب تقف قوة الاتحاد الأوروبي البحرية في (أسبيدس) على أهبة الاستعداد لتسهيل عملية إنقاذ جديدة في الأيام المقبلة من خلال توفير الحماية للسفن المستأجرة تجارياً، التي ستسحب السفينة إلى موقع آمن».

كان الحوثيون المدعومون من إيران شنوا سلسلة هجمات على الناقلة في 21 أغسطس (آب) الماضي ما أدى لتوقف محركها وجنوحها في البحر الأحمر بين اليمن وإرتيريا، قبل أن تتدخل فرقاطة فرنسية تابعة للمهمة الأوروبية وتقوم بإجلاء الطاقم المكون من 29 شخصاً إلى جيبوتي، وفق بيانات السلطات الجيبوتية.

ولم يكتف الحوثيون بهذه الهجمات، حيث قاموا في اليوم التالي لإجلاء الطاقم بالصعود على متن الناقلة التي تحمل مليون برميل من النفط الخام وتفخيخ سطحها وتفجيرها، ما أدى إلى اشتعال الحرائق في نحو خمسة مواضع على الأقل.

محاولة ثانية للإنقاذ

مع تصاعد المخاوف من حدوث أكبر كارثة بيئية محتملة في العالم في حالة انفجار الناقلة «سونيون» أو غرقها في البحر الأحمر، كانت الجماعة الحوثية وافقت على السماح بمحاولة إنقاذ السفينة بعد أن تلقت ضوءاً أخضر من إيران، بناء على مطالب أوروبية.

ومنذ ذلك الحين لم تتمكن الشركة التي تتولى عملية الإنقاذ من تنفيذ المهمة، قبل أن يعود الحديث مجدداً عن محاولة جديدة ستبدأ قريباً لقطر الناقلة إلى مكان آمن.

اليمن يتخوف من كارثة بحرية بيئية في حال انفجار ناقلة النفط اليونانية (رويترز)

وأعلن خفر السواحل في اليونان، في وقت سابق، أنه من المقرر البدء قريباً بقطر ناقلة «سونيون» التي تحمل أكثر من مليون برميل نفط، وقال: «غادرت قاطرتان ميناء بيرايوس وهما الآن بالقرب من الناقلة (سونيون)».

وفي حين ترافق القاطرتين اليونانيتين اللتين غادرتا بيرايوس الفرقاطة اليونانية «بسارا» وسفينة حربية فرنسية، أوضح خفر السواحل اليوناني أن «عملية القطر الصعبة ينبغي أن تبدأ قريباً مع توخي أقصى درجات الحيطة»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

إلى ذلك نقلت «رويترز» عن مصادر بحرية قولها إن خبراء سيستأنفون هذا الأسبوع عملية محفوفة بالمخاطر لإنقاذ الناقلة «سونيون»، حيث كانت الشركات التي شاركت في البداية في قطر الناقلة، البالغ طولها 274.2 متر، أوقفت هذه العملية لأنها رأتها غير آمنة.

وقال مسؤولون لـ«رويترز» إن عملية القطر ستكون حساسة جداً، لأن الناقلة محملة بالكامل، ولأسباب أخرى، وأي تسرب قد يكون الأكبر من نوعه من سفينة في التاريخ المسجل، وربما يسبب كارثة بيئية في منطقة يعد دخولها خطراً جداً.

إيران أعطت الحوثيين الضوء الأخضر للموافقة على إنقاذ «سونيون» (أ.ب)

وحسب المصادر الغربية، يوجد في المنطقة بالفعل قاطرتان على الأقل مملوكتان لشركة إنقاذ في اليونان، وستعملان على عملية القطر، كما توجد «خطة عمل وهناك تقدم... ومن المتوقع أن تبدأ عملية القطر خلال اليومين المقبلين».

وتشن الجماعة الحوثية منذ 10 أشهر هجماتها البحرية تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل وكذا السفن الأميركية والبريطانية، وهو الأمر الذي أدى إلى جمود مسار السلام اليمني الذي تقوده الأمم المتحدة.

اليمن يجدد التحذير

في أحدث التصريحات الحكومية اليمنية، حذر المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي خلال بيان أمام مجلس الأمن، الخميس، من مخاطر الكارثة البيئية الوشيكة جراء استمرار الحوثيين في عرقلة الجهود الدولية التي تبذل لإنقاذ ناقلة النفط اليونانية «سونيون».

وقال السعدي إن الناقلة «باتت تمثّل قنبلة موقوتة تنذر بكارثة بيئية واسعة النطاق في حال انفجارها ستطول أضرارها اليمن والدول المشاطئة».

وأكد المندوب اليمني أن استهداف الحوثيين المتكرر لناقلات المنتجات النفطية والكيماوية، يعكس عدم اكتراثهم بالتداعيات الكارثية لأي تسرب نفطي في البحر الأحمر، ومضيق باب المندب وخليج عدن، على القطاع الاقتصادي والزراعي والسمكي، والشريط الساحلي لليمن والدول المشاطئة، والبيئة البحرية والتنوع البيولوجي في المنطقة.

مسلح حوثي يسير على ناقلة النفط «سونيون» قبل تفخيخ سطحها وإحداث الحرائق فيها (رويترز)

ووصف السعدي، هذا التصعيد الخطر، بأنه «تأكيد على طبيعة الحوثيين كجماعة لا تؤمن بالسلام، ولا تكترث بالأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن»، وقال إن ذلك يعكس «فشل التعاطي الدولي» مع التهديدات الخطيرة التي تشكلها الجماعة على أمن وسلامة الملاحة البحرية والتدفّق الحر للتجارة العالمية، مما يستدعي الحاجة إلى إعادة النظر في التعاطي مع سلوك هذه الميليشيات والتصدي لأنشطتها التخريبية والإرهابية، وفق تعبيره.

ومن بين نحو 185 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) الماضي إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بعدد من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.


مقالات ذات صلة

طلاب المدارس تحت طائلة التطييف والاستقطاب الحوثي

العالم العربي جانب من مسيرة طلابية نظّمها الحوثيون تجوب أحد شوارع حجة (إعلام حوثي)

طلاب المدارس تحت طائلة التطييف والاستقطاب الحوثي

أرغمت الجماعة الحوثية طلبة المدارس في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها على تنظيم مسيرات تجوب الشوارع، وتهتف بشعارات الجماعة ذات المنحى الطائفي.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي السيول في اليمن جرفت الطرق والمزارع وأثرت على نحو نصف مليون شخص (أ.ف.ب)

أضرار جسيمة في القطاع الزراعي جراء السيول في اليمن

أحصت الأمم المتحدة تضرر نحو 100 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، و279 ألف رأس من الماشية في اليمن جراء الأمطار الغزيرة والسيول الناجمة عنها الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (تعز)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

انقلابيو اليمن يفتحون جبهة مواجهة مع تجار الملابس

فتحت الجماعة الحوثية، التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء، جبهة مواجهة مع تجار الملابس برفع الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المائة، بحجة حماية الإنتاج المحلي.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

غروندبرغ: خفض التصعيد الاقتصادي تفادى أزمة حادة

اعترف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بتعثر جهود السلام التي يقودها بين الحكومة اليمنية والحوثيين بسبب الحرب في غزة والتصعيد الإقليمي المرتبط بها.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي نفَّذ البرنامج السعودي أكثر من 229 مشروعاً ومبادرة تنموية في مختلف المناطق اليمنية (سبأ)

«البرنامج السعودي» يدرس إنشاء صندوق لدعم التنمية الزراعية في اليمن

ناقش مسؤول سعودي مع وكيل وزارة الزراعة والري اليمنية، إنشاء صندوق لدعم التنمية الزراعية في اليمن، إلى جانب أبرز التحديات التي تواجه قطاع الزراعة في البلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

انقلابيو اليمن يفتحون جبهة مواجهة مع تجار الملابس

مسلحون حوثيون خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)
مسلحون حوثيون خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)
TT

انقلابيو اليمن يفتحون جبهة مواجهة مع تجار الملابس

مسلحون حوثيون خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)
مسلحون حوثيون خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

فتحت الجماعة الحوثية، التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء، جبهةَ مواجهة مع تجار الملابس، برفع الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المائة، بحجة حماية الإنتاج المحلي، على الرغم من عدم وجود مصنع واحد للملابس في البلاد.

وتأتي هذه المواجهة الحوثية مع تجار الملابس متزامنةً مع مواجهة أخرى مع المحامين والقضاة، بعد إدخال الجماعة تعديلات على القانون تمنحها حق تعيين أتباعها في السلطة القضائية ومعاقبة المحامين بالإيقاف عن العمل 3 أعوام.

زيادة الجمارك تفجر مواجهة بين تجار الملابس وسلطة الحوثيين (إعلام محلي)

وأصدرت النقابة العامة لتجار الملابس والأقمشة والأحذية في صنعاء بياناً طلبت فيه من كل تجار الملابس والأحذية والحقائب إغلاق المحال التجارية بالكامل ابتداءً من 11 سبتمبر (أيلول) وحتى إلغاء التعميم الحوثي رقم (15/33)، والصادر من وزير المالية في حكومة الانقلاب بشأن زيادة الرسوم الجمركية والضريبية على الملابس المستوردة.

ووفق ما ذكره أحد التجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» فقد أمر وزير مالية الحوثيين، عبد الجبار الجرموزي، برفع الرسوم الجمركية على الملابس بنسبة 100 في المائة، وتحت مبرر دعم المنتج المحلي، في حين لا يوجد مصنع واحد في اليمن لإنتاج الملابس.

واستدرك التاجر بالقول: «حتى إن وجدت معامل للإنتاج المحلي فهي لا تكاد تغطي السوق بنسبة اثنين في المائة. وحذر التاجر -الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته- خشية الانتقام من أن هذا القرار سيؤثر على التجار والسكان بشكل كبير جدّاً؛ لأنهم يعانون حالياً من ارتفاع أسعار السلع، ومن الرسوم الجمركية والضريبية المتعددة والجبايات المتنوعة.

قرار جائر

يؤكد نبيل، وهو أحد الباعة في صنعاء، أن تجار الأقمشة في شارع باب السلام بالحي القديم من مدينة صنعاء، -من كبرى أسواق الجملة لاستيراد وتوزيع الملابس والأحذية والحقائب- نفذوا إضراباً شاملاً؛ احتجاجاً على القرار الجائر وغير المدروس، الذي يفتقد أدنى درجات المسؤولية تجاه التجار والمستهلكين على حد سواء.

ويرى الرجل الذي يعمل في سوق الجملة أنه في الوقت الذي كان ينبغي فيه للحوثيين تخفيض الرسوم الجمركية والضريبية بنسبة 90 في المائة، تماشياً مع الوضع الاقتصادي السيئ والركود التام للسوق، قاموا برفعها وبنسبة كبيرة جداً.

سوق باب السلام في صنعاء لبيع الأقمشة بالجملة تظهر خاوية بعد إضراب التجار (إعلام محلي)

واستغرب بائع الأقمشة أن يصدر مثل هذا القرار بعد شهرين من تعيين حكومة الانقلاب غير المعترف بها، التي وعد زعيم الحوثيين بأنها ستعمل على تحسين الأوضاع المعيشية والحد من الفساد.

ويتطلع التجار الذين أعلنوا الإضراب أن يتراجع الحوثيون عن القرار، ويؤكدون أن دعم المنتج المحلي لا يكون بـ«قرارات متهورة»، بل بعد دراسات وإقامة مصانع ومعامل كبيرة ومضاعفة الإنتاج، حتى تكون هناك قدرة على تغطية السوق باحتياجاتها، لأن ما هو متوفر قليل جداً، وفي مجالات محدودة وبجودة متواضعة.

إفقار الجميع

وحذّر التجار من زيادة كبيرة في الأسعار، وقالوا إن السكان حالياً غير قادرين على شراء الملابس بأسعارها الحالية، وهذا يعني أن المشكلة ستتفاقم أكثر.

وأوضحت المصادر العاملة في تجارة الأقمشة أن الحوثيين كانوا قبل الخطوة الأخيرة، يلزمون التجار بدفع رسوم جمركية جديدة في المنافذ التي استحدثوها مع مناطق سيطرة الحكومة، في حين أن التجار دفعوا الرسوم القانونية في موانئ الاستيراد الخاضعة في الغالب لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، إلى جانب رسوم أخرى تحت مسمى تحسين المدن، ومستحقات هيئة المواصفات والمقاييس وتمويل الفعاليات الطائفية المتنوعة.

الحوثيون يواصلون فرض الجبايات رغم حاجة أغلب السكان للمساعدات (إعلام محلي)

ويتحدث إسماعيل، وهو أحد بائعي الأقمشة، أن لديه شعوراً بأن سلطة الجماعة الحوثية تريد إفقار جميع الطبقات في اليمن، ‏لتبقى هي الراعي الرسمي لجميع المجالات‏.

ويدلل على ذلك بعدد البنوك وشركات الصرافة والتجار الذين أعلنوا إفلاسهم أخيراً بسبب الركود الاقتصادي، وتدني القيمة الشرائية للناس، والجبايات والرسوم الجمركية والضريبية المرتفعة والمضاعفة، مشيراً إلى أن المحاكم مليئة بالتجار الذين يواجهون الإفلاس، أو يلاحقون بسبب عجزهم عن سداد ما عليهم من التزامات.