انقلابيو اليمن يفتحون جبهة مواجهة مع تجار الملابس

رفع الرسوم الجمركية بنسبة 100 %

مسلحون حوثيون خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)
مسلحون حوثيون خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)
TT

انقلابيو اليمن يفتحون جبهة مواجهة مع تجار الملابس

مسلحون حوثيون خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)
مسلحون حوثيون خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

فتحت الجماعة الحوثية، التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء، جبهةَ مواجهة مع تجار الملابس، برفع الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المائة، بحجة حماية الإنتاج المحلي، على الرغم من عدم وجود مصنع واحد للملابس في البلاد.

وتأتي هذه المواجهة الحوثية مع تجار الملابس متزامنةً مع مواجهة أخرى مع المحامين والقضاة، بعد إدخال الجماعة تعديلات على القانون تمنحها حق تعيين أتباعها في السلطة القضائية ومعاقبة المحامين بالإيقاف عن العمل 3 أعوام.

زيادة الجمارك تفجر مواجهة بين تجار الملابس وسلطة الحوثيين (إعلام محلي)

وأصدرت النقابة العامة لتجار الملابس والأقمشة والأحذية في صنعاء بياناً طلبت فيه من كل تجار الملابس والأحذية والحقائب إغلاق المحال التجارية بالكامل ابتداءً من 11 سبتمبر (أيلول) وحتى إلغاء التعميم الحوثي رقم (15/33)، والصادر من وزير المالية في حكومة الانقلاب بشأن زيادة الرسوم الجمركية والضريبية على الملابس المستوردة.

ووفق ما ذكره أحد التجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» فقد أمر وزير مالية الحوثيين، عبد الجبار الجرموزي، برفع الرسوم الجمركية على الملابس بنسبة 100 في المائة، وتحت مبرر دعم المنتج المحلي، في حين لا يوجد مصنع واحد في اليمن لإنتاج الملابس.

واستدرك التاجر بالقول: «حتى إن وجدت معامل للإنتاج المحلي فهي لا تكاد تغطي السوق بنسبة اثنين في المائة. وحذر التاجر -الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته- خشية الانتقام من أن هذا القرار سيؤثر على التجار والسكان بشكل كبير جدّاً؛ لأنهم يعانون حالياً من ارتفاع أسعار السلع، ومن الرسوم الجمركية والضريبية المتعددة والجبايات المتنوعة.

قرار جائر

يؤكد نبيل، وهو أحد الباعة في صنعاء، أن تجار الأقمشة في شارع باب السلام بالحي القديم من مدينة صنعاء، -من كبرى أسواق الجملة لاستيراد وتوزيع الملابس والأحذية والحقائب- نفذوا إضراباً شاملاً؛ احتجاجاً على القرار الجائر وغير المدروس، الذي يفتقد أدنى درجات المسؤولية تجاه التجار والمستهلكين على حد سواء.

ويرى الرجل الذي يعمل في سوق الجملة أنه في الوقت الذي كان ينبغي فيه للحوثيين تخفيض الرسوم الجمركية والضريبية بنسبة 90 في المائة، تماشياً مع الوضع الاقتصادي السيئ والركود التام للسوق، قاموا برفعها وبنسبة كبيرة جداً.

سوق باب السلام في صنعاء لبيع الأقمشة بالجملة تظهر خاوية بعد إضراب التجار (إعلام محلي)

واستغرب بائع الأقمشة أن يصدر مثل هذا القرار بعد شهرين من تعيين حكومة الانقلاب غير المعترف بها، التي وعد زعيم الحوثيين بأنها ستعمل على تحسين الأوضاع المعيشية والحد من الفساد.

ويتطلع التجار الذين أعلنوا الإضراب أن يتراجع الحوثيون عن القرار، ويؤكدون أن دعم المنتج المحلي لا يكون بـ«قرارات متهورة»، بل بعد دراسات وإقامة مصانع ومعامل كبيرة ومضاعفة الإنتاج، حتى تكون هناك قدرة على تغطية السوق باحتياجاتها، لأن ما هو متوفر قليل جداً، وفي مجالات محدودة وبجودة متواضعة.

إفقار الجميع

وحذّر التجار من زيادة كبيرة في الأسعار، وقالوا إن السكان حالياً غير قادرين على شراء الملابس بأسعارها الحالية، وهذا يعني أن المشكلة ستتفاقم أكثر.

وأوضحت المصادر العاملة في تجارة الأقمشة أن الحوثيين كانوا قبل الخطوة الأخيرة، يلزمون التجار بدفع رسوم جمركية جديدة في المنافذ التي استحدثوها مع مناطق سيطرة الحكومة، في حين أن التجار دفعوا الرسوم القانونية في موانئ الاستيراد الخاضعة في الغالب لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، إلى جانب رسوم أخرى تحت مسمى تحسين المدن، ومستحقات هيئة المواصفات والمقاييس وتمويل الفعاليات الطائفية المتنوعة.

الحوثيون يواصلون فرض الجبايات رغم حاجة أغلب السكان للمساعدات (إعلام محلي)

ويتحدث إسماعيل، وهو أحد بائعي الأقمشة، أن لديه شعوراً بأن سلطة الجماعة الحوثية تريد إفقار جميع الطبقات في اليمن، ‏لتبقى هي الراعي الرسمي لجميع المجالات‏.

ويدلل على ذلك بعدد البنوك وشركات الصرافة والتجار الذين أعلنوا إفلاسهم أخيراً بسبب الركود الاقتصادي، وتدني القيمة الشرائية للناس، والجبايات والرسوم الجمركية والضريبية المرتفعة والمضاعفة، مشيراً إلى أن المحاكم مليئة بالتجار الذين يواجهون الإفلاس، أو يلاحقون بسبب عجزهم عن سداد ما عليهم من التزامات.


مقالات ذات صلة

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.