وزير الخارجية الهندي: علاقاتنا مع الصين تمر بمرحلة صعبة... وروسيا شريك قديم

جيشانكار لـ«الشرق الأوسط»: لدينا خطة عمل مع دول الخليج... وانضمامنا إلى «شنغهاي» لن يؤثر على علاقتنا بأميركا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال اجتماع في الكرملين في موسكو بروسيا في 9 يوليو 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال اجتماع في الكرملين في موسكو بروسيا في 9 يوليو 2024 (رويترز)
TT

وزير الخارجية الهندي: علاقاتنا مع الصين تمر بمرحلة صعبة... وروسيا شريك قديم

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال اجتماع في الكرملين في موسكو بروسيا في 9 يوليو 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال اجتماع في الكرملين في موسكو بروسيا في 9 يوليو 2024 (رويترز)

قال وزير الخارجية الهندي، الدكتور سوبرامانيام جيشانكار، إن علاقات بلاده مع الصين تمر بمرحلة صعبة بسبب الوضع الحدودي، وإن روسيا شريك قديم والتعاون الاقتصادي معها يتوسع بشكل مطرد، فيما رأى أن علاقات بلاده مع الولايات المتحدة تجاوزت ترددات التاريخ و«أنشأنا شراكة استراتيجية قوية». وشدد الوزير على أهمية توسيع عضوية مجموعة «بريكس»، متوقعاً أن يسهم ذلك بشكل فعال في نشوء عالم متعدد الأقطاب، مستبعداً أن يُفرز انضمام الهند إلى «منظمة شنغهاي للتعاون»، حساسية في التأثير على العلاقات الهندية - الأميركية، معتقداً أن النظام العالمي يتجه نحو عصر التعددية القطبية.

وقال جيشانكار، في حديث إلى «الشرق الأوسط» بعد مشاركته في الاجتماع الوزاري المشترك للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجي والهند الذي عُقد في الرياض، الاثنين، إن علاقات بلاده مع السعودية تتمتع بالقوة والمرونة في ظل التوجه إلى تعميق التعاون الثنائي في مجالات الدفاع والطاقة والتكنولوجيا. وذكر الوزير أنه جرى اتفاق مع دول مجلس التعاون الخليجي، على خطة عمل مشتركة (JAP)، تشمل التعاون في مجموعة من القطاعات بما في ذلك التجارة والصحة والنقل والزراعة والتعليم. وفي الموضوع الفلسطيني، شدد جيشانكار على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين، ووقف الحرب والعمل على حلّ الدولتين... فإلى تفاصيل الحوار:

وزير الخارجية السعودي خلال اجتماعه مع نظيره الهندي (واس)

* تشهد العلاقات السعودية - الهندية نمواً مطرداً خلال السنوات الأخيرة، فهل وصلت إلى شراكة واسعة في كل المجالات؟

- دعني أقُلْ لك إن العلاقات بين الهند والسعودية في أفضل حالاتها على الإطلاق اليوم، وخلقت زيارة دولة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، للسعودية في عامي 2016م و2019، زخماً تسارع بشكل مطّرد. وبالمثل، شهدت زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء السعودي في عام 2019، مبادرات جديدة وأبعاداً إضافية في تعاوننا، وعكس إنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجي في عام 2019 هذه المرحلة الجديدة من علاقاتنا.

وفي العام الماضي، كنا سعداء باستقبال الأمير محمد بن سلمان في شهر سبتمبر (أيلول) للمشاركة في قمة قادة مجموعة العشرين ولرئاسة الاجتماع الأول لقادة مجلس الشراكة الاستراتيجي بين الهند والسعودية مع دولة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي. وخلال الزيارة، تم التوقيع على 8 مذكرات تفاهم واتفاقيات من الجانبين في عديد من المجالات. وشكَّلت الزيارة علامة بارزة وعززت الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين.

وحقيقة اغتنمت الفرصة لمزيد من الزخم مع نظيري السعودي، الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي في مناسبات عديدة. وساعد تبادل وجهات نظرنا بشكل منتظم في بناء فهم للتطورات المهمة في منطقتنا. وعلاوة على ذلك، فإنه في كل قطاع تقريباً، نشهد زيارات ومشاركات رفيعة المستوى. وعلى مدار العام الماضي، كان هناك نحو 24 زيارة وزارية بين البلدين. ومن بين المجالات ذات الأولوية الدفاع والمشاركات الاقتصادية، حيث شهدنا توسعاً كبيراً في علاقاتنا بشكل مستمر.

وعلى الصعيد الاقتصادي، من المشجع أن نرى أن «رؤية السعودية 2030» توفر فرصاً جديدة في مجالات مثل الطاقة المتجددة، والصحة، والسياحة، والأمن الغذائي، والخدمات اللوجيستية، وتنمية المهارات، والفضاء، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وما إلى ذلك. ويستفيد عدد من الشركات الهندية من هذه الفرص. وهناك إمكانات كبيرة للاستثمارات السعودية في الهند في مختلف القطاعات.

وفيما يتعلق بالعلاقات الدفاعية، شهدنا العديد من الإنجازات التي تعد الأولى من نوعها على مدى السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك أول تمارين بحرية بين القوات البحرية في البلدين، وأول تمارين برية على الإطلاق، والزيارة الأولى لرئيس أركان البحرية في السعودية إلى الهند، والمشاركة الهندية النشطة في معرض الدفاع العالمي السعودي في وقت سابق من هذا العام. كما قمنا بالتوقيع على الاتفاقية الأولى لتصدير الذخائر الهندية إلى السعودية... نحن نتقدم بشكل جيد، وهناك كثير من الإمكانات لتعزيز علاقتنا.

وزراء الخارجية بدول مجلس التعاون الخليجي مع نظيرهم الهندي عقب الاجتماع المشترك (مجلس التعاون)

* هل تمت مناقشة مواضيع سياسية أو طغى الجانب الاقتصادي على الاجتماع الوزاري الخليجي - الهندي الأول؟

- العلاقة بين الهند ودول الخليج متجذرة في نسيج غنيٍّ من التاريخ والثقافة والقيم المشتركة، إذ تمتد لقرون، وفي الأعوام الأخيرة تطورت العلاقة إلى شراكة حديثة تمتد عبر مجموعة واسعة من القطاعات؛ الاقتصاد والطاقة والدفاع والتكنولوجيا والتعليم والعلاقات بين الناس وغيرها، وتستند الشراكة إلى أساس الثقة والاحترام المتبادل والرؤية المشتركة للمستقبل.

ويعمل ويعيش في الدول الخليجية نحو 9 ملايين مواطن هندي، يعملون جسراً حياً بين الطرفين. ومن منظور الهند، تمثل منطقة الخليج «الجوار الممتد» للهند، والقريب جغرافياً، والمتقارب ثقافياً، والمتكامل اقتصادياً، ويمثل الطرفان معاً قوة ديناميكية وعظيمة.

وتوفر سوق الهند الشاسعة والمتنامية فرصاً هائلة للاستثمار، في حين تشكل المنطقة الخليجية مركزاً لموارد الطاقة والتجارة العالمية وجسراً لعديد من آفاق التعاون. ومن بين المجالات الجديدة، تقدم لنا الثورة الرقمية فرصاً غير مسبوقة للتعاون في مجال التكنولوجيا، كما أن التعليم وتنمية المهارات من المكونات الأساسية لشراكتنا. كما أن التواصل بين الناس والتواصل اللوجيستي يشكلان مجالاً آخر من مجالات التعاون المهمة بيننا، الذي يعود بفوائد استراتيجية واقتصادية واجتماعية متعددة على بلداننا. وفي هذا الصدد يجب ذكر IMEC بشكل خاص، حيث خلال اجتماع يوم الاثنين، أتيحت لي الفرصة، مع نظرائي في الخليج، لاستعراض علاقاتنا بشكل شامل، والتعمق في مجالات الاهتمام المشترك، والتعاون الجاري، والسبل المحتملة لمزيد من الشراكة.

هناك قدر كبير من التقارب، حيث تتقاسم بلداننا مصلحة في منطقة وعالم مستقرين وآمنين ومزدهرين. كما قمنا باتفاق على خطة العمل المشتركة «JAP» التي تغطي مجموعة من القطاعات بما في ذلك التجارة والصحة والنقل والزراعة والتعليم.

* ما أحدث التطورات في مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا «IMEC»؟ وإلى أي مدى يتنافس هذا المشروع مع طريق الحرير الصيني؟

- يعد الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا مبادرةً لإعادة تعريف نموذج الاتصال وربط ثلاثة مراكز اقتصادية مهمة. وأُعلن المشروع على هامش قمة مجموعة العشرين الأخيرة في نيودلهي.

وسيقود الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا إلى تكامل تحويلي بين آسيا وأوروبا والشرق الأوسط. ويتكون الممر من عدد من العناصر بما في ذلك السكك الحديدية وشبكة النقل من السفن إلى السكك الحديدية والاتصال الكهربائي والرقمي بالإضافة إلى الهيدروجين النظيف.

وقد سبق أن وقّعنا اتفاقية إطارية حكومية دولية مع دولة الإمارات، لتنفيذ الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، تشمل تطوير وإدارة منصة لوجيستية ونظام بيئي رقمي وتوفير خدمات سلسلة التوريد. وسينعكس التأثير الإيجابي على تيسير التجارة وسلاسل التوريد ونمو العمالة والاستدامة بشكل كبير.

* هل ما زالت الهند متمسكة بموقفها تجاه ما يحدث في غزة؟

- نعم، وموقف الهند من الصراع مبدئي وثابت، إذ قمنا بإدانة أعمال الإرهاب واحتجاز الرهائن. وفي نفس الوقت، نشعر بألم عميق بسبب استمرار وفاة المدنيين الأبرياء.

إن أي استجابة لا بد أن تأخذ في الاعتبار مبادئ القانون الإنساني. كما نؤيد بشدة جهود الإغاثة المستدامة لأولئك الذين هم في أشدّ الحاجة إليها، وهذا يتطلب وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن.

وعلى صعيد القضية الأوسع نطاقاً، دافعنا باستمرار عن حل القضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين، ولا بد من معالجة القضية القديمة المتمثلة في حقوق الفلسطينيين. كما أسهمنا في بناء المؤسسات والقدرات للفلسطينيين. وفيما يتعلق بالوضع الإنساني، قدمنا ​​الإغاثة وزدنا دعمنا لـ«أونروا».

وزير الخارجية الهندي متحدثاً إلى «الشرق الأوسط»

* شهد البحر الأحمر عمليات تهديد من جانب جماعة الحوثي التي أثّرت بدورها على التجارة الدولية، هل أثر ذلك عليكم؟ وهل لدى الهند أي توجه لحماية سفنها التجارية؟

- تشكل الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، مصدرَ قلق للهند نظراً للحساسيات التي تنطوي عليها. ونظراً للعدد الكبير من المواطنين الهنود العاملين في مجال الشحن التجاري، ونظراً لحجم التجارة الكبير من الهند التي تمر عبر المنطقة، فإن الهجمات ربما تكون لها عواقب سلبية من الناحية الاقتصادية.

الهند تدعم مبدأ حرية الملاحة في البحر الأحمر، وأعربت عن قلقها إزاء حالات استهداف السفن التجارية التي تؤثر على الروابط التجارية وتعريض حياة البحارة للخطر.

تراقب الهند من كثب التطورات في المنطقة، بالإضافة إلى المشورة الأمنية لوكالات الشحن المختلفة للتعامل مع أي هجوم محتمل، حيث تحافظ القوات البحرية الهندية على وجود قوي في خليج عدن والمحيط الهندي لمساعدة السفن التجارية على المرور الآمن. تم نشر أكثر من 12 سفينة حربية في شرق البحر الأحمر لتوفير الأمن ضد القراصنة، فيما قام أفراد القوات البحرية الهندية بالتحقيق مع عديد من السفن والقوارب الصغيرة في الأشهر القليلة الماضية، كما نقوم بالتنسيق مع العديد من البلدان في المنطقة لتنسيق الاستجابات.

* ذكرتم أن عصر «الحوار المتواصل» مع باكستان انتهى ولكل عمل عواقب.. ما طبيعة العواقب التي توحي بها؟

- أوضحنا خلال العقد الماضي أن الهند لن تتسامح مع الإرهاب عبر الحدود. وسيستلزم استمرارها في ممارسة هذا النوع من الإرهاب ردود الفعل المناسبة. وفي الوقت نفسه، أوضحت مؤخراً أن الهند سترد على أي تطورات إيجابية أو سلبية.

مودي وشي لدى مشاركتهما في قمة «بريكس» 27 يوليو 2018 (رويترز)

* يلاحَظ أخيراً صعود الصين وروسيا... هل سنشهد تعددية قطبية أم محوراً جديداً؟ وأين ستكون الهند في علاقاتها مع أميركا؟

- تتَّبع الهند سياسة خارجية متعددة الأبعاد، وتشمل هذه السياسة التعامل مع القوى الكبرى كافة. ومن الطبيعي أن تعتمد جودة العلاقة على مدى التقارب بين مصالحنا. وعلى وجه التحديد، نمر بمرحلة صعبة في علاقاتنا مع الصين بسبب الوضع الحدودي. وروسيا شريك قديم ويتوسع تعاوننا الاقتصادي معه بشكل مطرد. ومع الولايات المتحدة، تجاوزنا ترددات التاريخ وأنشأنا شراكة استراتيجية قوية.

* يرى بعض المراقبين أن انضمام الهند إلى «منظمة شنغهاي للتعاون» يثير حساسية في العلاقات الهندية - الأميركية؟

- الهند تنتهج سياسة خارجية متعددة الاتجاهات. ونحن نعتقد أن النظام العالمي يتجه نحو عصر التعددية القطبية، وهذا يعني أن مختلف البلدان سيتعاون بعضها مع بعض، وفق ما تمليه مصالحها الوطنية، دون السعي إلى الحصرية.

روسيا ترحب برغبة تركيا في الانضمام إلى مجموعة «بريكس» (أ.ف.ب)

* هل أدى ذلك إلى توسيع عضوية «بريكس»؟

- دعني أقُلْ لك إنه في العام الماضي قررت مجموعة «بريكس BRICS» توسيع عضويتها، ومن بين دول المنطقة، تمت دعوة السعودية والإمارات وإيران ومصر للانضمام إلى هذا التحالف، ونحن نعتقد أن هذه الدول لديها مساهمة مهمة في نشوء عالم متعدد الأقطاب.


مقالات ذات صلة

الحكم ببراءة الرئيس السابق للاتحاد الكويتي لكرة القدم

رياضة عربية هايف المطيري (الاتحاد الكويتي)

الحكم ببراءة الرئيس السابق للاتحاد الكويتي لكرة القدم

قضت دائرة جنايات بالمحكمة الكلية في الكويت ببراءة الرئيس السابق لاتحاد كرة القدم هايف المطيري ونائبه أحمد عقلة والأمين العام صلاح القناعي من التهم المنسوبة لهم.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الخليج عَلم الإمارات (رويترز)

الإمارات تعلن هوية الجناة في حادثة مقتل مقيم بجنسية مولدوفية

أعلنت وزارة الداخلية الإماراتية أن السلطات الأمنية المختصة بدأت إجراء التحقيقات الأولية مع ثلاثة جناة أُلقي القبض عليهم لاتهامهم بارتكاب جريمة قتل.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الاقتصاد جانب من جلسات غرفة جدة حول ريادة الأعمال (الشرق الأوسط)

القطاعات الاقتصادية واللوجيستيات تدفع جدة السعودية لمنافسة المدن العالمية

تشهد مدينة جدة، غرب السعودية، حراكاً كبيراً في القطاعات الاقتصادية والسياحية كافة، فيما يدفع قطاع اللوجيستيات المدينة للوصول لمستويات عالية في تقديم هذه الخدمة.

سعيد الأبيض (جدة)
الخليج الأمير عبد العزيز بن سعود خلال مشاركته في الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول الخليج في قطر (واس)

تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

أكد الأمير عبد العزيز بن سعود وزير الداخلية السعودي، الأربعاء، موقف بلاده الراسخ في تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دول الخليج، خصوصاً في الشأن الأمني.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
يوميات الشرق التنوع البيئي وجماليات الشعب المرجانية في البحر الأحمر (واس)

ابيضاض الشعب المرجانية يضرب العالم... والبحر الأحمر الأقل تضرراً

تعدّ الشُّعَب المرجانية رافداً بيئياً واقتصادياً لكثير من الدول؛ فقد نمت فيها عوائدها لمليارات الدولارات؛ بسبب تدفّق السياح للاستمتاع بسواحلها وبتنوع شعبها.

سعيد الأبيض (جدة)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).