انقلابيو اليمن يشدّدون أعمال الرقابة والتجسس على السكان

نظام تحرٍّ جديد خاضع للمخابرات واستحداث سجون في إب

استعراض عسكري لعناصر الجماعة الحوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
استعراض عسكري لعناصر الجماعة الحوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يشدّدون أعمال الرقابة والتجسس على السكان

استعراض عسكري لعناصر الجماعة الحوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
استعراض عسكري لعناصر الجماعة الحوثية في صنعاء (إ.ب.أ)

شدّدت الجماعة الحوثية قبضتها الأمنية لتوسيع نفوذها وسطوتها على سكان مناطق سيطرتها، حيث تتجه لإنشاء أنظمة استخبارية جديدة؛ مع تعزيز رقابتها على السكان وتكثيف أنشطة التجسس عليهم، بالتزامن مع بناء سجون جديدة وتحديث السجون الواقعة تحت سيطرتها.

وذكرت مصادر مطلعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة بدأت بإعداد نظام تحرٍّ جديد يربط مختلف السجون وأماكن الاحتجاز بما في ذلك أقسام الشرطة، وترتبط جميعها بالأجهزة الأمنية العليا، وعلى رأسها ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» الذي يعمل تحت إشراف مباشر من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

جهاز الأمن والمخابرات الحوثي يسعى إلى توسيع رقابته على السكان (إعلام حوثي)

وقالت المصادر إن نظام التحري الجديد سيتضمن إجراءات فحص شاملة لجميع من يجري اعتقالهم أو احتجازهم من أي سلطة أمنية أو جهة ضبطية، والتقصي حول علاقاتهم الاجتماعية وأنشطتهم العامة ومهنهم ووظائفهم وارتباطاتهم ونشاطاتهم العامة، حتى وإن كان دخولهم أقسام الشرطة أو أماكن الاحتجاز في قضايا جنائية أو حتى بسبب المشاجرات.

ووفقاً للمصادر، فإن أجهزة الأمن الحوثية ستحصل من خلال هذا النظام على بيانات ومعلومات خاصة بالأفراد، وتتمكن من تكوين قواعد بيانات واسعة حولهم، بما يؤدي إلى انتهاك خصوصياتهم، والاطلاع على كامل أسرارهم.

ويتيح النظام تنصيب مندوبين لأجهزة الأمن المخابراتية، وعلى رأسها جهاز الأمن والمخابرات، في جميع الدوائر الأمنية والشرطية والنيابات وأمن المنشآت وكافة الجهات الضبطية.

ومن الإجراءات التي سيجري اتباعها وفقاً لهذا النظام تفتيش هواتف الأفراد ومتعلقاتهم عند اعتقالهم واحتجازهم، ومراقبة استخدامهم تطبيقات التواصل الاجتماعي وأنشطتهم ومراسلاتهم فيها، وكلما توفرت دوافع للشكوك حولهم من خلال هذه العمليات، يتم إجراء عمليات تحرٍّ أكثر دقة مثل التحقيق مع عائلاتهم وأصدقائهم وتفتيش منازلهم.

توسع السجون الحوثية وزيادة نزلائها على حساب الخدمات التنموية (غيتي)

وبحسب المصادر، فإن فكرة هذا النظام طرأت على أجهزة أمن الجماعة الحوثية بسبب المناشدات التي كانت تطلقها المنظمات والجهات والشخصيات الحقوقية عند اعتقال بعض الناشطين أو الصحافيين أو المشهورين في وسائل التواصل الاجتماعي في أقسام الشرطة.

وكانت هذه المناشدات تلفت انتباهها إلى هؤلاء المحتجزين في أقسام الشرطة، فتعمل على احتجازهم لديها والتحقيق معهم بنفسها بدافع الشك في أنشطتهم العامة وعلاقاتهم.

تحديث سجون إب

في غضون ذلك، كشفت مصادر في محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) عن أعمال توسعة لسجن جهاز الأمن والمخابرات (الأمن السياسي سابقاً) في مديرية المشنة شرق مدينة إب مركز المحافظة، والذي تحتجز الجماعة فيه المئات من السكان بتهم مختلفة.

وتداول سكان المحافظة عبر مواقع التواصل الاجتماعي صوراً تظهر مباني جديدة من طوابق عدة في مقر سجن المخابرات، في حين تذكر المصادر أنه يجري استحداث زنازين وأقبية جديدة، إلى جانب مبنى جديد في فناء السجن.

استحداثات جديدة في سجون جهاز الأمن والمخابرات الحوثي في مدينة إب (إكس)

ومنذ عام أقرّت الجماعة استحداث سجن مركزي جديد في منطقة «شبان» جنوب مدينة إب، بالتزامن مع أعمال توسعة للسجن المركزي في مركز المحافظة، لاستيعاب الأعداد الكبيرة من المختطفين من سكان المحافظة التي تشهد انفلاتاً أمنياً خطيراً منذ سيطرة الجماعة عليها بعد انقلابها عام 2014.

وأبدى سكان المحافظة قلقهم واستياءهم الشديدين من استحداث وتوسعة السجون، في وقت تشهد فيه محافظتهم انهياراً تاماً للخدمات، وزيادة سطوة العصابات والخارجين على القانون برعاية أو صمت القادة الحوثيين، إلى جانب وقوعهم تحت طائلة الانتهاكات وتعرض ممتلكاتهم للنهب.

واستحدثت الجماعة الحوثية منذ أشهر قطاعاً أمنياً استخباراتياً لنجل مؤسس الجماعة حسين الحوثي، لملاحقة النشطاء ومن يعارضون أو يكشفون عن وقائع فساد ومن يجري تصنيفهم تحت مسمى «الطابور الخامس»، بينما تعمل على إنشاء جهاز أمني جديد للرقابة على القبائل ومجتمعات الأرياف، في مواجهة مظاهر الغضب والتمرد المتصاعدين ضد نفوذها وممارساتها، والمرجح تسميته «الشرطة المجتمعية».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

العالم العربي الحرائق مستمرة على متن ناقلة «سونيون» اليونانية منذ أسبوع (إ.ب.أ)

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

وافق الحوثيون على قطر ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة في جنوب البحر الأحمر، بعد ضوء أخضر إيراني.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي سيول جارفة أدت إلى وفاة عشرات اليمنيين في محافظة المحويت (إ.ب.أ)

تغيير الحوثيين التقويم المدرسي يهدد حياة طلبة المدارس

تهدد الأمطار الموسمية طلبة المدارس في اليمن؛ بسبب قيام الحوثيين بتغيير التقويم الدراسي إلى السنة الهجرية بدلاً عن الميلادية، بينما تسببت السيول في خسائر كبيرة.

محمد ناصر (تعز)
شؤون إقليمية ناقلة النفط اليونانية (رويترز)

الحوثيون يوافقون على قطر الناقلة «سونيون»

قالت جماعة الحوثي إنها وافقت على قطر ناقلة النفط «سونيون» بعد تواصل عدة أطراف دولية مع الجماعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

غروندبرغ يحض الحوثيين من مسقط على تغليب مصلحة اليمنيين

حض المبعوث الأممي إلى اليمن الحوثيين على وضع مصلحة اليمنيين في المقدمة، داعياً لحوار يمني بناء، ومشدداً على إطلاق سراح موظفي الأمم المتحدة المعتقلين دون شروط.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي العليمي وعضوا مجلس القيادة الرئاسي يفتتحون مشروعاً تنموياً بتمويل سعودي (سبأ)

العليمي يؤكد الدور المحوري لتعز في المعادلة الوطنية اليمنية

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي دور محافظة تعز المحوري في المعادلة الوطنية بصفتها صانعة للتحولات ومهداً للتغيير، وحاضنة لحركات التحرر الوطني.

وضاح الجليل (عدن)

تغيير الحوثيين التقويم المدرسي يهدد حياة طلبة المدارس

سيول جارفة أدت إلى وفاة عشرات اليمنيين في محافظة المحويت (إ.ب.أ)
سيول جارفة أدت إلى وفاة عشرات اليمنيين في محافظة المحويت (إ.ب.أ)
TT

تغيير الحوثيين التقويم المدرسي يهدد حياة طلبة المدارس

سيول جارفة أدت إلى وفاة عشرات اليمنيين في محافظة المحويت (إ.ب.أ)
سيول جارفة أدت إلى وفاة عشرات اليمنيين في محافظة المحويت (إ.ب.أ)

أطلق سكان في مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن دعوات للجماعة للتراجع عن قرارها بتغيير التقويم المدرسي واعتماد التقويم الهجري بدلاً عن التقويم الميلادي الذي جعل العام الدراسي يأتي في فصل الأمطار الموسمية؛ ما تسبب في مخاطر كبيرة تواجه حياتهم.

وذكر سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أقدموا على تغيير مواعيد بدء العام الدراسي وانتهائه من خلال اعتماد التقويم الهجري، وأن ذلك أدى إلى أن يبدأ العام الدراسي قبل موعده في كل دول العالم، وفي مناطق سيطرة الحكومة بشهرين، ما جعل الطلاب، خصوصاً صغار السن الذين يدرسون في الفترة المسائية، عرضةً للمخاطر؛ نتيجة الأمطار الغزيرة التي تهطل على البلاد صيفاً.

المياه تغمر ساحة إحدى مدارس صنعاء والطلاب ملزمون بالدوام (إعلام محلي)

وأكد السكان أنه بعد مرور شهرين منذ بدء العام الدراسي، اتضح أن طلاب الفترة المسائية لم يداوموا فعلياً سوى نصف شهر لأن أسرهم كانت تمنعهم من الذهاب وسط الأمطار الغزيرة حفاظاً على حياتهم، كما اضطرت بعض المدارس إلى إعادتهم بعد وصولهم؛ حيث أغرقت المياه ساحات المدارس، وحوّلت الشوارع إلى أنهار نظراً لشدتها.

واستغرب السكان في أحاديثهم تجاهل وزارة التربية والتعليم في حكومة الانقلاب الحوثي المخاطر التي تواجه أبناءهم نتيجة الأحوال الجوية، وتحذيرات هيئة الأرصاد من مخاطر السيول، إلا أن الوزارة مستمرة في الدوام الرسمي.

دمار واسع

في السياق نفسه، تكشّفت ملامح الكارثة التي حلّت بسكان مديرية ملحان في محافظة المحويت (غرب صنعاء)، حيث جرفت السيول الناتجة عن الأمطار الغزيرة وانهيار حواجز للمياه، أكثر من 33 شخصاً وعشرات المنازل والمتاجر في حصيلة أولية، بينما تحاول فرق الإنقاذ الوصول إلى قرى المديرية ذات التضاريس الصعبة.

وذكرت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن حجم الكارثة في مديرية ملحان زاد منها هطول الأمطار الغزيرة وغير المسبوقة على المديرية، التي تتكون من جبل واحد هو الأكثر صعوبة والأخطر انحداراً في السلسلة الجبلية الغربية.

السيول جرفت قرى بأكملها في محافظة المحويت اليمنية (إعلام محلي)

وأكدت فرق الهلال الأحمر اليمني أن السيول أحدثت دماراً كبيراً في المنازل والممتلكات، وأن مجموعات من السكان تساعد فرق الإنقاذ على البحث عن أقاربهم، وأن أدوات شق وفتح الطرق تعمل على الوصول إلى المناطق المنكوبة.

من جهته، قال مسؤول محلي في محافظة المحويت إن 33 شخصاً قُتلوا وعُثر على جثامينهم، وإنه يتم البحث عن آخرين، إلا أن وسائل إعلام الجماعة الحوثية نقلت عن مسؤول بالدفاع المدني القول إنه عُثر على جثامين 12 شخصاً من إجمالي عدد المفقودين في مديرية ملحان، وإنه عُثر أيضاً على رضيع على قيد الحياة.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن سكان في المنطقة القول إن 25 شخصاً لقوا حتفهم في قرية بيت شائع، بمنطقة همدان، كما تسببت السيول في جرف أكثر من 16 منزلاً، بما فيها من تموين غذائي وممتلكات، كما جرفت عدداً من المنازل والأشخاص في قرى المداور، وبيت المعلم، والمجاورة، وبيت عبيد، دون تقديم إحصاءات عن عدد الضحايا في أوساط السكان هناك.

وفي عزلة القبلة، قالت المصادر إن 7 أشخاص لقوا حتفهم، بينما بلغ عدد المنازل التي جرفتها السيول 12 منزلاً، بالإضافة إلى 7 خزانات للمياه، و4 محلات تجارية، و8 سيارات، كما جرفت سوق عزلة شرق الغزاونة، بشكل كامل، كما جرفت الطرق التي تربط بين المناطق والعزل بشكل تام.

ميدان التحرير في قلب صنعاء وقد تحول إلى بحيرة نتيجة الأمطار (إعلام محلي)

وفي مدينة الحديدة الساحلية الخاضعة للحوثيين (غرب)، ذكر سكان أن السيول المقبلة من وادي سهام وصلت إلى قبالة الميناء الذي يحمل اسم المدينة نفسه، ومطاحن السنابل، وأنها غمرت عشرات المنازل في منطقة الأحواض والمنطقة المقابلة للميناء، وحاصرت السكان في هذه المناطق.

وانتقدت المحامية اليمنية البارزة هدى الصراري تخاذل الحوثيين في إنقاذ المنكوبين من السيول، وتساءلت عمّا ينتظرونه لنجدة ضحايا السيول في المديريات المنكوبة في ‫محافظة الحديدة.

وتابعت الصراري: «هل ينتظر الحوثيون مثلاً المنظمات التي اتهموها بالجاسوسية، واعتقلوا موظفيها وتم التشهير بهم بتهم كيدية وكاذبة؟». في إشارة إلى اعتقال العشرات من العاملين في المنظمات الإغاثية في مناطق سيطرة الجماعة منذ ما يزيد على شهرين، واتهامهم بالتجسس لصالح الولايات المتحدة.