مصر: قفزة في «الإيجارات»... و«الضيوف» مُتهم أول

الحكومة رفضت التدخل لضبط أسعار العقارات

انتشار لافت لمحال سودانية في القاهرة (الشرق الأوسط)
انتشار لافت لمحال سودانية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر: قفزة في «الإيجارات»... و«الضيوف» مُتهم أول

انتشار لافت لمحال سودانية في القاهرة (الشرق الأوسط)
انتشار لافت لمحال سودانية في القاهرة (الشرق الأوسط)

اضطرت الفتاة العشرينية هالة رزق، ابنة محافظة الدقهلية بدلتا مصر، والتي تعمل في القاهرة، لتحمّل زيادة في إيجار الشقة التي تقيم فيها بالعاصمة المصرية مع صديقاتها المغتربات، بأكثر من 120 في المائة تقريباً خلال أقل من عام، بعدما هددتهن مالكة الشقة بالطرد بسبب وجود عروض عدة لدفع إيجار أعلى من مستأجرين من جنسيات عربية يرغبون في الإقامة بالشقة الواقعة في حي الدقي في قلب القاهرة الكبرى.

تقول هالة لـ«الشرق الأوسط» إن المشكلة بدأت منذ بداية الصيف الماضي مع تزايد أعداد السودانيين في المنطقة، الذين استأجروا الشقق الشاغرة بأسعار أعلى من الأسعار التي كانت تُدفع من قبل، ما دفع مالكة الشقة لإبلاغهن برغبتها في مغادرتهن بسبب وجود مستأجرين بسعر أعلى، مما دفعها للاتفاق مع زميلاتها على مضاعفة الإيجار تدريجياً بعدما فشلن في العثور على شقة بأسعار مقاربة في نفس المنطقة.

توضح هالة أنها اضطرت هي وزميلاتها إلى زيادة الإيجار من 4 آلاف جنيه (الدولار يعادل 49.20 جنيه في البنوك) إلى 9 آلاف جنيه خلال 3 أشهر فقط، بعد مناقشات مطولة مع مالكة الشقة، التي لم تبرم معهن عقداً بالقيمة الإيجارية الجديدة وتضغط عليهن لزيادة الإيجار مجدداً في وقت قريب مع استمرار ارتفاع الأسعار.

زادت أسعار الإيجارات بشكل ملحوظ مؤخراً (محافظة القاهرة)

وتواجه مصر تدفقات مستمرة من مهاجرين اضطروا إلى ترك بلادهم؛ بسبب الصراعات أو لأسباب اقتصادية ومناخية، خصوصاً من دول الجوار العربي والأفريقي، منها سوريا، واليمن، والسودان، وفلسطين.

واعترف رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بالارتفاع اللافت لأسعار إيجارات الشقق السكنية؛ بسبب إقبال الوافدين الأجانب عليها، والذين يطلق عليهم لقب «ضيوف»، لكنه رفض تدخل الحكومة في ضبط تلك الأسعار، مشيراً إلى أن «السوق تخضع للعرض والطلب».

ووصف مدبولي، في مؤتمر صحافي، الخميس، ارتفاع الإيجارات بـ«الأزمة المؤقتة» وليست الدائمة في ظل مرور المنطقة بـ«ظروف استثنائية»، لافتاً إلى أنه «مع استقرار الأوضاع في المنطقة سيعود عدد كبير من ضيوف مصر إلى بلادهم».

وتطلق مصر لفظ «ضيوف» على اللاجئين والمقيمين والمهاجرين الأجانب في البلاد، ووفق تقديرات حكومية مصرية ودولية، فإن أعدادهم على الأراضي المصرية تتعدى 9 ملايين أجنبي، من نحو 133 دولة. في حين قدّرت الحكومة المصرية التكلفة المباشرة لاستضافتهم في أبريل (نيسان) الماضي، بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً.

ولا يمكن للدولة التدخل في أسعار الإيجارات؛ لأن «نتائجه ستكون كارثية»، وفق رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب (البرلمان) النائب محمد عطية الفيومي، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن كل ما تستطيع الدولة فعله حالياً هو زيادة عدد الوحدات التي يتم بناؤها، لافتاً إلى أن جزءاً من ارتفاع الأسعار مرتبط بزيادة تكلفة الأعمال الإنشائية للعقارات نتيجة ارتفاع الأسعار في الفترة الأخيرة.

وأضاف: «السوق المصرية تخضع لقواعد العرض والطلب، وتدخل الدولة قد يؤدي لإحداث أزمة كبيرة، فملاك الوحدات قد يتوقفون عن تأجيرها حال تغير ضوابط الإيجار، وخصوصاً أن أزمة الإيجارات القديمة لم تنتهِ بعد في ظل وجود مئات الآلاف من الشقق المؤجرة وفقاً للقوانين القديمة بجنيهات محدودة ويرفض أصحابها وورثتهم إخلاءها». لكن عضو مجلس النواب، النائب ضياء الدين داود، يصف أزمة ارتفاع الإيجارات بأنها «عَرَض لمرض»، مؤكداً أن عدم وجود انضباط في مسألة «الضيوف» المقيمين في البلاد هو السبب الرئيسي في الأزمة الحالية، نتيجة الإخفاق الحكومي في عدم ترتيب الأمر والتعامل معه بشكل واضح منذ البداية.

عودة إلى هالة التي تؤكد أن عدداً من زملائها اضطروا لتغيير الأماكن التي استأجروها خلال العام الماضي؛ بسبب زيادة ملاك الشقق في الإيجارات عليهم بصورة لم يستطيعوا تحملها، ما دفعهم للانتقال إلى مناطق أبعد عن أماكن عملهم في وسط القاهرة، وقضاء وقت أطول في المواصلات، وإنفاق مبالغ فيها كبديل أقل ضرراً من تحمّل زيادة الإيجارات.

ويتفق داود مع الفيومي في أن العرض والطلب في سوق العقارات سيشهد تغييراً مع عودة «الضيوف» إلى بلادهم، وبالتالي وفرة في المعروض للإيجار من العقارات بالمناطق التي يتركزون فيها، والتي شهدت زيادات كبيرة في الأسعار.


مقالات ذات صلة

السعودية تستضيف «مؤتمر المانحين لدعم النازحين واللاجئين بمنطقة الساحل وبحيرة تشاد»

الخليج السعودية تستضيف «مؤتمر المانحين لدعم النازحين واللاجئين بمنطقة الساحل وبحيرة تشاد»

السعودية تستضيف «مؤتمر المانحين لدعم النازحين واللاجئين بمنطقة الساحل وبحيرة تشاد»

تستضيف السعودية، في مدينة جدة، «مؤتمر المانحين لدعم النازحين واللاجئين بمنطقة الساحل وبحيرة تشاد»، في 26 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الجمعة، أن بلاده قررت تعيين سفير لدى سوريا «لتسليط الضوء» عليها.

«الشرق الأوسط» (روما)
رياضة عالمية يحمل فريق اللاجئين في الألعاب الأولمبية رسالة «أمل» و«نجاح» في مواجهة «الرفض الاجتماعي» (رويترز)

«أولمبياد باريس»: فريق اللاجئين... رسالة أمل

يحمل فريق اللاجئين في الألعاب الأولمبية رسالة «أمل» و«نجاح» في مواجهة «الرفض الاجتماعي» الذي يقع ضحيته المهاجرون.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا نزول مهاجرين من زورق عند ميناء دوفر البريطاني بعد إنقاذهم أثناء محاولتهم عبور بحر المانش (أرشيفية - أ.ف.ب)

بريطانيا: ترحيل مهاجرين إلى فيتنام وتيمور الشرقية بدل رواندا

أعلنت حكومة حزب العمال الجديدة في بريطانيا، اليوم الخميس، أنها رحّلت 46 شخصاً إلى فيتنام وتيمور الشرقية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي لاجئون سوريون على أحد المعابر بين تركيا وسوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

«المرصد السوري»: تركيا ترحّل آلاف السوريين قسراً

أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن تركيا رحّلت قسراً، منذ مطلع شهر يوليو (تموز) الحالي، 3540 سورياً يحملون بطاقة الحماية المؤقتة باتجاه شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

اليمن يستنجد لإغاثة سكان تهامة غداة أمطار وسيول مميتة

منازل من القش والطين يسكنها غالبية أهالي تهامة اليمنية كانت عرضة لتجريف السيول (إكس)
منازل من القش والطين يسكنها غالبية أهالي تهامة اليمنية كانت عرضة لتجريف السيول (إكس)
TT

اليمن يستنجد لإغاثة سكان تهامة غداة أمطار وسيول مميتة

منازل من القش والطين يسكنها غالبية أهالي تهامة اليمنية كانت عرضة لتجريف السيول (إكس)
منازل من القش والطين يسكنها غالبية أهالي تهامة اليمنية كانت عرضة لتجريف السيول (إكس)

تواجه منطقة تهامة اليمنية الواقعة على الساحل الغربي المحاذي للبحر الأحمر وضعاً مأساوياً بعد أمطار غزيرة خلال الأيام الماضية تسببت بسيول جارفة خلَّفت أكثر من 45 قتيلاً على الأقل، ونحو ضعفهم من المفقودين في وضع كارثي غير مسبوق، مع قصور تام لأعمال الإغاثة وتقديم العون للمنكوبين.

وبينما استنجدت الحكومة اليمنية الشرعية لإغاثة سكان المنطقة التي تضم محافظة الحديدة بكاملها إلى جانب أجزاء من محافظات حجة والمحويت شمالاً، وريمة في الوسط وتعز إلى الجنوب، تتهم الجماعة الحوثية بالسيطرة على موارد ومقدرات المنطقة مثل الموانئ والزراعة والأراضي دون تقديم أي عون للمتضررين.

خسائر هائلة لحقت بأهالي تهامة في اليمن جراء السيول التي طالت الأرواح والممتلكات والأراضي الزراعية (إكس)

ومع غياب الإحصائيات الفورية وصعوبة الحصول عليها، تشير التقديرات إلى أكثر من 100 مفقود ممن انقطع التواصل معهم، وأكثر من 500 منزل تعرضت لأضرار متفاوتة، ونزوح آلاف العائلات التي تسكن غالبيتها في منازل من الطين أو القش، وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع فيديو تبين حجم الكارثة.

وذكرت مصادر محلية في المديريات المنكوبة لـ«الشرق الأوسط» أن أعداد المفقودين بالعشرات، ورجحت بعض المصادر أن أعدادهم تزيد على 100 شخص مع انقطاع وسائل التواصل بين السكان وتوقف الحركة على أغلب الطرق.

ووجهت الحكومة اليمنية نداء استغاثة إلى المنظمات الأممية والدولية لتقديم العون والإغاثة العاجلين للمتضررين من كوارث الفيضانات التي ضربت المنطقة.

وقالت الحكومة إن رئيسها، أحمد عوض بن مبارك، استمع خلال اتصالات مكثفة أجراها مع الوزراء والمعنيين ومحافظي المحافظات وغرف الطوارئ والوحدات التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، إلى تقارير أولية حول الأضرار الناجمة عن السيول، موجهاً دعوة عاجلة إلى المنظمات الأممية والدولية، لمساندة الجهود الحكومية في تقديم العون الإنساني والإغاثي الطارئ للمتضررين.

سيول وألغام

زعمت الجماعة الحوثية تشكيل لجنة طوارئ لمعالجة أضرار السيول؛ في حين أبدى يمنيون من مختلف الفئات غضبهم من الجماعة التي رأوا أن ممارساتها في تهامة وأعمالها العسكرية أسهمت في وقوع المأساة، إلى جانب استغلالها خيرات وموارد منطقة تهامة، وترك أهاليها دون تقديم أي نوع من المساعدات لهم بعد الكارثة.

وقال علي حميد الأهدل، مسؤول الإعلام في محافظة الحديدة، لـ«الشرق الأوسط» إن المتضررين من الفيضانات أغلبهم في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية، داعياً الشركاء الدوليين والمحليين والجمعيات والمؤسسات الخيرية، إلى سرعة إغاثتهم.

وحمّل الأهدل الجماعة الحوثية المسؤولية عن تفاقم الكارثة بسبب لجوئها إلى بناء حواجز كبيرة وخنادق عسكرية في مجاري السيول، مما أدى إلى خروجها عن تلك المجاري وتدفقها باتجاه المنازل والممتلكات الخاصة والعامة والمزارع.

وناشد السكان اتخاذ الحيطة والحذر والبقاء في منازلهم حفاظاً على أرواحهم من الألغام التي زرعتها الجماعة الحوثية، وتسببت السيول بجرفها من حقول الألغام إلى الطرقات والمزارع والمراعي، مطالباً بسرعة فتح منفذ الطريق الرابطة بين منطقتي حيس والجراحي الذي تغلقه الجماعة.

وأظهرت صور ومقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عشرات الألغام التي سحبتها السيول في طريقها بعد أن ظلت مدفونة في حقول رفضت الجماعة الحوثية الكشف عنها خلال السنوات الماضية، ومثلت خطراً يتهدد حياة وسلامة السكان ومواشيهم.

من جهته اتهم وليد القديمي، وكيل أول محافظة الحديدة، الجماعة الحوثية بالمتاجرة بمعاناة أبناء منطقة تهامة وتحديداً في محافظتي الحديدة وحجة، وتعمدها تنفير المنظمات التي كانت تقدم المعونات للأهالي، لافتاً إلى أنه جرى حصر تضرر 1527 أسرة، حتى مساء الأربعاء، في مديرية حيس وحدها.

وطالب القديمي السكان في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بموافاة الجهات الرسمية بأي أرقام أو إحصائيات عن المتضررين من السيول، لتسهيل تقديم العون لهم، محذراً من ألغام الجماعة المموهة على هيئة أحجار في ممرات الأودية والمزارع والطرق، التي كشفتها السيول أو حرَّكتها من أماكنها.

أوهام الإغاثة الحوثية

نفى سكان محليون في المديريات المنكوبة من منطقة تهامة أن يكونوا تلقوا أي مساعدات إغاثية من سلطات الجماعة الحوثية التي تسيطر على مناطقهم، مشيرين إلى أنهم لم يحصلوا على أبسط أشكال الإغاثة، التي تتمثل في تحذيرهم من الأمطار الغزيرة والسيول الكارثية، وبعد مرور أكثر من يومين على الفيضانات، لم تصل إليهم أي مساعدات إيوائية أو غذائية.

واستنكر علي ماهر، من أهالي مديرية حيس، في حديث لـ«الشرق الأوسط» ما وصفها بادعاءات الجماعة الحوثية بدء أعمال الإغاثة ومساعدة المتضررين، في حين أنها لم تبدأ باتباع أولويات أعمال الإغاثة في مثل هذه الحالة، وهو البحث عن المفقودين، وتقديم الخدمات الإيوائية لمن فقدوا منازلهم.

وتساءل عن مصير موارد مؤسسات الحديدة، مثل الموانئ، والجبايات المفروضة على مختلف فئات السكان، بالإضافة إلى النهب المنظم والعشوائي للأموال العامة والخاصة، التي يفترض أن تكون في خدمة المتضررين من الكوارث كما هو حاصل حالياً.

وفي الوقت الذي عاش فيه أهالي محافظات الحديدة وريمة والمحويت وحجة أوضاعاً مأساوية بسبب الأمطار وكوارث السيول؛ استبشرت الجماعة الحوثية خيراً بتلك الأمطار، إذ ورد في قناة «المسيرة» التابعة لها أن هذه الأمطار تسببت بعودة السيول إلى عدد من الأودية الجافة التي انقطعت عنها منذ عقود.

من جهته نبه عبد الرحمن مشهور، من سكان مدينة الحديدة، حيث مركز المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، إلى أن فساد الجماعة الحوثية في نهب إيرادات وخزينة صندوق المجلس المحلي للمدنية لتنفيذ مشروع تصريف مياه الأمطار، انكشف عند أول اختبار بهطول الأمطار الغزيرة التي يندر أن تشهدها المدينة الساحلية.

منذ عقود لم تشهد تهامة اليمنية فيضانات كارثية مثل التي حدثت أخيراً (إكس)

وتحدث مشهور لـ«الشرق الأوسط» عن الوضع الكارثي الذي عاشه سكان مدينة الحديدة بعد أن اقتحمت المياه منازلهم ومحالهم وأتلفت الممتلكات وتسبب بتوقف الحركة، وهو الوضع الذي عاشته المديريات المحيطة بالمدينة مثل الدريهمي والزهراء.

ووجه مكتب الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في محافظة الحديدة (حكومية) دعوة لجميع الشركاء الدوليين والمحليين والجمعيات والمؤسسات الخيرية ورجال المال والأعمال وفاعلي الخير، إلى سرعة إغاثة المتضررين من الأمطار الغزيرة التي ضربت مديريتي «حيس والخوخة» جنوبي الحديدة الخاضعتين للشرعية.

وتحدث صندوق الأمم المتحدة للسكان، عن نزوح وتشرد آلاف العائلات جراء السيول التي ضربت ثلاث محافظات غربي اليمن، معلناً عن تسخير الموارد المتاحة لديه للإغاثة الطارئة، بالتزامن مع رفع مستوى الاستجابة العاجلة للمتضررين، مشدداً على الحاجة المُلحة لمزيد من الدعم من أجل إنقاذ الأرواح.