​إتاوات حوثية جائرة تشلّ مصانع المياه المعدنية والعصائر

تسخير الأموال المفروضة لدعم التطييف والمجهود الحربي

مصنع خاص بتعبئة المياه المعدنية في محافظة ذمار اليمنية (فيسبوك)
مصنع خاص بتعبئة المياه المعدنية في محافظة ذمار اليمنية (فيسبوك)
TT

​إتاوات حوثية جائرة تشلّ مصانع المياه المعدنية والعصائر

مصنع خاص بتعبئة المياه المعدنية في محافظة ذمار اليمنية (فيسبوك)
مصنع خاص بتعبئة المياه المعدنية في محافظة ذمار اليمنية (فيسبوك)

أدت الإتاوات الحوثية الجائرة على مصانع المياه المعدنية والعصائر والمشروبات الغازية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إلى شل الإنتاج لليوم العاشر، إثر إضراب ملاكها بسبب إيقاف الأرقام الضريبية والجمركية، وفرض مبالغ مالية مرتفعة بحجة دعم ما يسمى «صندوق المعلم» المستحدث من قبل الجماعة.

وفي حين تسخّر الجماعة الأموال المفروضة لدعم التطييف والمجهود الحربي، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء بأن يحيى الحوثي شقيق زعيم الجماعة المعين وزيراً للتربية والتعليم في حكومة الانقلاب هدّد ملّاك المصانع بالإغلاق ومصادرة الأموال والأرصدة، في حال استمروا في الإضراب وعدم دفعهم الجبايات.

جانب من مصنع مياه معدنية استهدفه الحوثيون بحملات الجباية (إكس)

وأطلقت الجماعة الحوثية مطلع الشهر الحالي حملة واسعة استهدفت بالتعسف والإغلاق عدداً من مصانع المياه المعدنية والعصائر والمشروبات الغازية في مناطق متفرقة بصنعاء، على خلفية رفض أغلبية مُلاك المصانع دفع ما فُرِض عليهم من إتاوات.

واستنكرت «رابطة مصانع المياه المعدنية والعصائر والمشروبات الغازية»، في بيان لها، بشدة ما أقدمت عليه الجماعة الحوثية من إيقاف للأرقام الضريبية الخاصة بشركات ومصانع المياه المعدنية والعصائر، وحجز شاحناتها المحملة بالمواد الخام في المنافذ الجمركية منذ الرابع من مايو (أيار) الماضي، ما أدى إلى توقف إنتاج المصانع بشكل نهائي.

وأوضح البيان أن أغلبية المصانع بمناطق سيطرة الجماعة بما فيها صنعاء لا تزال تتعرض لسلسلة ممارسات وقرارات تعسفية من قبل مصلحتي الضرائب والجمارك التي تديرها قيادات حوثية.

وعبرت الرابطة عن رفضها لكل الممارسات التعسفية للجماعة، محذرة من تداعيات كارثية قد يتعرض لها ما تبقى من العاملين بذلك القطاع التجاري الخاص بمناطق سيطرة الجماعة بمن فيهم مُلاك مصانع المياه المعدنية والعصائر والمشروبات الغازية.

وحملت الرابطة جماعة الحوثي كامل المسؤولية عن استمرار توقف تلك المصانع عن العمل وتعرضها للانهيار الوشيك، ما قد يؤدي إلى تشريد آلاف من الموظفين والعمال وقطع أرزاقهم وأسرهم، وهروب رؤوس الأموال من مناطق سيطرة الانقلابيين إلى الخارج.

أزمة مرتقبة

حذرت مصادر تجارية في صنعاء من اندلاع أزمة مياه معدنية محتملة بسبب استمرار إضراب ملاك المصانع عن الإنتاج، وقرب نفاد الكمية الموجودة في الأسواق، وسط استمرار تغاضي الجماعة وضغطها على ملاك المصانع لإجبارهم على دفع الجبايات.

وتحدث مصدر في رابطة مصانع المياه المعدنية لـ«الشرق الأوسط»، عن استمرار الإضراب الشامل لجميع المصانع المستهدفة في صنعاء وضواحيها حتى يتم الاستجابة لمطالب مُلاكها المشروعة.

مسلحون حوثيون أمام مصنع لتعبئة المياه المعدنية في صنعاء (فيسبوك)

ويأتي إضراب المصانع عن العمل، بحسب المصدر، احتجاجاً على فرض الجماعة ضرائب جديدة بموجب ما تسميه قانون صندوق دعم المعلم والتعليم، الذي أنشأته في 2019 ذريعة لنهب أموال ما تبقى من المؤسسات التجارية الأهلية، بزعم تقديم حوافز للمعلمين المحرومين منذ عدة سنوات من رواتبهم، وهو ما لم يتحقق على أرض الواقع حتى اللحظة.

وأوضح المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن مبالغ الإتاوة الجديدة المفروضة من شأنها أن تزيد من تكاليف الإنتاج بشكل لا يمكن لملاك المصانع تحمله، مما قد يُهدد استمرارية عملها وتوفير المياه المعدنية في السوق، ويُشكل أيضا عبئاً إضافياً على مُلاك المصانع، حيث يضاف ذلك إلى قائمة أعباء أخرى سابقة كانت قد فرضتها الجماعة عليهم بطرق وأشكال مختلفة وغير قانونية.

وأشار المصدر إلى وجود سلسلة من المعاناة يكابدها جميع منتسبي ذلك القطاع التجاري الخاص، ومن ذلك عجزهم عن دفع رواتب الموظفين والعاملين لديهم بسبب حالة التردي الاقتصادي، وتراجع القدرة الشرائية، وتكرار حملات التعسف وفرض الجبايات عليهم.

نهب الموارد

اتهمت مصادر يمنية في صنعاء جماعة الحوثي بتحويل موارد «صندوق المعلم» الذي أنشأته في 2019 بحجة دعم المعلم والتعليم، لمصلحتها ولتنفيذ مشروعاتها التدميرية، ودعم المجهود الحربي، وإقامة المناسبات ذات المنحى الطائفي.

وعمدت الجماعة الانقلابية عقب إنشاء ذلك الصندوق المزعوم، وفق المصادر، إلى فرض إتاوات مرتفعة على عدد كبير من المؤسسات التجارية العامة والخاصة في صنعاء وبقية المناطق تحت سيطرتها.

حملة حوثية استهدفت مصنع مياه معدنية (فيسبوك)

وسبق للبرلمان غير الشرعي في صنعاء أن خاطب حكومة الانقلابيين غير المعترف بها بتجميد عمل صندوق دعم المعلم والتعليم حتى تقديم إيضاحات تفصيلية حول مصروفات الفترة الماضية.

وكانت الجماعة الحوثية شنت على مدى سنوات وأشهر سابقة مضت من عمر الانقلاب والحرب، سلسلة حملات تعسف وابتزاز ونهب وإغلاق ضد منشآت ومصانع ووكالات تجارية في صنعاء، بعد تعرض ملاكها للابتزاز من قبل قيادات في الجماعة لإجبارهم على دفع جبايات.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.