لماذا يبدأ انقلابيو اليمن العام الدراسي بالتزامن مع فصل الصيف؟

أغراض سياسية وطائفية ومساعٍ لتعزيز استقطاب الطلاب

مقرّ وزارة التربية والتعليم في صنعاء تحت سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)
مقرّ وزارة التربية والتعليم في صنعاء تحت سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)
TT

لماذا يبدأ انقلابيو اليمن العام الدراسي بالتزامن مع فصل الصيف؟

مقرّ وزارة التربية والتعليم في صنعاء تحت سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)
مقرّ وزارة التربية والتعليم في صنعاء تحت سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

قوبل إعلان الجماعة الحوثية عن بدء العام الدراسي في مناطق سيطرتها، بالتزامن مع بداية فصل الصيف بتذمر السكان ودعوة المعلمين إلى الإضراب للمطالبة برواتبهم، في حين تؤكد أوساط تربوية وشعبية أن الجماعة تسعى من خلال التقوم الدراسي الجديد إلى خدمة أهدافها وأغراضها الطائفية والسياسية.

وأعلنت الجماعة، الأسبوع الماضي، عن بدء العام الدراسي الجديد لجميع المراحل الدراسية وفي المدارس العمومية والخاصة، في الـ13 من الشهر الحالي، لينتهي في منتصف فبراير (شباط) من العام المقبل، حيث تبدأ الاختبارات النهائية للعام الدراسي، وهو التوقيت الذي تكون الجماعة قد أتمت فيه استعداداتها لبدء مراكز الاستقطاب والتجنيد.

عدد من منتسبي المعسكرات الصيفية التابعة للجماعة الحوثية خلال الربيع الماضي (غيتي)

ويتزامن بدء العام الدراسي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية مع بداية فصل الصيف الذي يرتبط في أغلب مناطق البلاد بالحرارة الشديدة، والمصحوبة خلال السنوات الأخيرة بظواهر مناخية متطرفة كالأمطار الغزيرة والفيضانات؛ وهو ما يدفع السكان للقلق على سلامة أبنائهم وصحتهم وقدرتهم على التحصيل العلمي.

ويفسّر أنس مانع، وهو باحث في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض) لـ«الشرق الأوسط» إصرار الجماعة الحوثية على بدء العام الدراسي في فصل الصيف شديد الحرارة والقسوة، يأتي ضمن مساعيها لدفع الطلاب والأهالي إلى الإحجام عن التعليم والاكتفاء بما يتلقونه في المراكز الصيفية.

وأكد مانع أن الجماعة الحوثية تهدف إلى استبدال التعليم بالمراكز الصيفية التي تستخدمها لاستقطاب الطلاب طائفياً وتجنيدهم للقتال في صفوفها، وبتغيير التقويم الدراسي وبدء المراكز الصيفية عقب انتهاء العام الدراسي مباشرة، حيث تسهل المشاركة في هذه المراكز نظراً لانعقادها في فصل الربيع الذي يشهد اعتدالاً في درجات الحرارة وهدوء الأحوال الجوية في عموم اليمن. ويبيّن أن العام الدراسي وفق التقويم الذي وضعته الجماعة الحوثية يقع معظمه بين فصلي الصيف والشتاء شديدي القسوة، مقابل فصل الربيع الذي يكون الجو فيه لطيفاً ومناسباً لمختلف الأنشطة البشرية.

أغراض سياسية

تستخدم الجماعة الحوثية التقويم الهجري في مختلف أنشطتها وتدير به مختلف المؤسسات تحت سيطرتها، وتتذرع به في مواجهة رفض بدء العام الدراسي في فصل الصيف؛ وهو ما يمنح فرصة لإنهائه قبل نهاية فصل الشتاء، لتنطلق حينها المراكز الصيفية مع بداية فصل الربيع، التي توفر لها الجماعة إمكانيات وميزانية هائلة، مقابل إهمال واضح للعملية التعليمية الرسمية.

قرار الجماعة الحوثية ببدء العام الدراسي بعد أقل من شهر من بدء فصل الصيف (إعلام حوثي)

ويرى الخبير في قضايا التعليم عبد الواسع الفاتكي أن الجماعة الحوثية تذهب بمثل هذه الإجراءات والقرارات إلى تحقيق أهداف سياسية، منها مخالفة التقويم المدرسي المعمول به من الحكومة الشرعية، كمحاولة إثبات استقلاليتها كسلطة قائمة بذاتها ومخالفتها هذه الحكومة وعدم اعترافها بها، إلى جانب عدم اهتمامها بصحة الطلاب وسلامتهم وحياتهم.

ونوّه الفاتكي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن فصل الصيف في اليمن يرتبط بأكثر المواسم الزراعية نشاطاً، بسبب هطول الأمطار الموسمية؛ ما يدفع العائلات الريفية، إلى الاستعانة بأبنائها وبناتها في الفلاحة والرعي والأعمال المنزلية، إلى جانب توفر فرص عمل بالأجر اليومي خلال هذا الفصل، وهو ما لا تراعيه الجماعة الحوثية التي تهتم بتحقيق مشروعها الطائفي فقط.

ويشير الفاتكي إلى سقوط عدد من الطلاب ضحايا لحوادث الفيضانات في السنوات الماضية بسبب تزامن العملية التعليمية مع مواسم الأمطار الغزيرة، إلى جانب ارتفاع درجة الحرارة، خصوصاً في المناطق السهلية والساحلية؛ ما يجعل العملية التعليمية في غاية الصعوبة، ويحدّ كثيراً من إمكانية التحصيل العلمي، وهي أشياء لا تهتم بها الجماعة الحوثية، حسب رأيه.

طلاب يمنيون في صنعاء استقطبتهم الجماعة الحوثية لتأييد عملياتها في البحر الأحمر (رويترز)

ويتهكم شرف مقبل، وهو أب لثلاثة أطفال في مراحل دراسية مختلفة، في تعليق لـ«الشرق الأوسط» على إجراءات الجماعة الحوثية لبدء العام الدراسي مبكراً بأنها تحاول أن توصل رسالة للجميع أنها أكثر تقدماً لدرجة أن الطلاب في مناطق سيطرتها يدرسون متقدمين على جميع طلاب العالم بشهرين.

إضراب مستمر

تشهد العملية التعليمية تراجعاً شديداً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، حيث تحجم الكثير من العائلات عن إلحاق أطفالها بالمدارس خوفاً من المناهج الطائفية وممارسات الاستقطاب التي تلجأ إليها الجماعة الحوثية.

من جانبه، دعا نادي المعلمين اليمنيين، أعضاءه والمعلمين والتربويين والموجهين والإداريين في قطاع التربية والتعليم تحت سيطرة الجماعة الحوثية، إلى إضراب شامل عن التعليم والعملية التعليمية؛ للضغط على الجماعة من أجل صرف المرتبات المنقطعة منذ ثماني سنوات.

وهدّد النادي في بيان له بالاستمرار في الإضراب الذي بدأه العام الماضي للمطالبة برواتب المعلمين، وتعرّض بسببه عدد من قادة النادي لانتهاكات وإجراءات عقابية.

وورد في البيان أنه إذا لم يتم الانتظام بدفع وتسليم الرواتب للتربويين والبتّ في الرواتب السابقة مع العلاوات والتسويات والعوض العادل؛ فإن النادي يدعو إلى الإضراب الشامل، وفقاً لما يقرّه قانون المعلم والمهن التعليمية.

أطفال نازحون في مدرسة مؤقتة يديرها متطوعون في محافظة الحديدة الساحلية غرب اليمن (أ.ف.ب)

وطالب النادي بمحاسبة القيادي الحوثي شمس الدين شرف الدين الذي منحته الجماعة صفة مفتي اليمن، والتحقيق معه بتهمة تأييد نهب مرتبات الموظفين وأموال الناس بالباطل، وتحريضه ضد المطالبين بمرتباتهم واتهامهم بفساد عقيدتهم.

وأفرجت ميليشيا الحوثي في أبريل (نيسان) الماضي عن رئيس نادي المعلمين اليمنيين أبو زيد الكميم الذي اختطفته لمدة ستة أشهر، على خلفية قيادة النادي المطالب بصرف رواتب المعلمين اليمنيين، وجاء الإفراج عنه عقب أيام من وفاة التربوي صبري الحكيمي في سجن جهاز الأمن والمخابرات الحوثي بصنعاء بعد أشهر من اعتقاله.

وتشكو العائلات من عدم حصول أبنائها على التعليم الملائم، والنقص الشديد في الموارد التعليمية من الكتب والمستلزمات، إلى جانب إضراب المعلمين، واهتمام القائمين على العملية التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بالترويج للنهج الطائفي وإغراق المقررات الدراسية بمواد وتعاليم مذهبية تؤثر على تفكير الأطفال وتدفعهم إلى التطرف.


مقالات ذات صلة

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)

وزير خارجية الأردن: قرارات «الجنائية الدولية» يجب أن تنفذ وتحترم

أيمن الصفدي (رويترز)
أيمن الصفدي (رويترز)
TT

وزير خارجية الأردن: قرارات «الجنائية الدولية» يجب أن تنفذ وتحترم

أيمن الصفدي (رويترز)
أيمن الصفدي (رويترز)

قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، اليوم الخميس، إن قرارات المحكمة الجنائية الدولية يجب أن «تنفذ وتحترم»، وإن الفلسطينيين يستحقون العدالة.

ووفقاً لـ«رويترز»، فقد جاء ذلك في رد فعله على أمرَي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.