اليمن: تسريبات عن اقتراب الانقلابيين من تشكيل حكومة مصغرة

زعيم الجماعة تراجع عن وعوده بإحداث «تغيير جذري»

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)
TT
20

اليمن: تسريبات عن اقتراب الانقلابيين من تشكيل حكومة مصغرة

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

بعد مرور نحو 9 أشهر من إعلان زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي إقالة الحكومة التي لا يعترف بها أحد، ووعده بإجراء تغييرات جذرية، ذكرت مصادر سياسية في صنعاء أن الجماعة الانقلابية ستعلن خلال أسبوع عن تشكيل حكومة مصغرة تضم 17 حقيبة وزارية برئاسة أحد القيادات المحسوبة على جناح حزب «المؤتمر الشعبي».

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه بعد تراجع الحديث عن التغييرات التي وعد بها زعيم الحوثيين فترة طويلة، عاد الحديث بقوة خلال اليومين الفائتين عن قرب إعلان حكومة مصغرة من 17 وزارة بعد دمج عدد من الوزارات.

الحوثيون جردوا جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء من أغلب أنشطته (إعلام محلي)
الحوثيون جردوا جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء من أغلب أنشطته (إعلام محلي)

ووفق المصادر، سيجري دمج وزارة المغتربين مع وزارة الخارجية، والثقافة والسياحة مع الإعلام، وأيضاً دمج التعليم المهني مع التعليم العالي، وإلغاء وزارة التخطيط والتعاون الدولي بعد أن نُقلت كل اختصاصاتها إلى ما يسمى المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية.

ولم تفصح المصادر عن هوية القيادي «المؤتمري» الذي سيتولى رئاسة الحكومة، واكتفت بالقول إنه ينحدر من المحافظات الجنوبية. في وقت يشكك فيه سكان في مناطق سيطرة الجماعة في إمكانية حدوث تغييرات جذرية حقيقية في أداء سلطة الانقلاب.

ويقول أمين، وهو أحد الناشطين الحزبيين في صنعاء: «إذا كانت هناك تغييرات جذرية فعلاً فإنها لن تمر بسلام، بل ستتكلف ضحايا، وسيكون هناك استخدام للقوة بين الأجنحة التي تتشكل منها الجماعة؛ لأن الجناح المستهدَف من هذه التغييرات، كما فُهم الأمر، لدى الناس يمتلك نفوذاً قوياً داخل المؤسسات، ويمتلك قوة عسكرية سيدافع عن مصالحه، ولن يستسلم ببساطة».

ويضيف أمين: «السكان الخاضعون للحوثيين يعانون من شدة الفقر ووطأة الفساد، والقمع الأمني، بينما يتجاهل زعيم الجماعة هذا الواقع المأساوي، ويستمر في إطلاق وعود تنتهي في الأخير بإرضاء الأجنحة المتصارعة على المال والنفوذ، ويذهب نحو التصعيد في البحر الأحمر وتجنيد المراهقين؛ لأن ذلك سيمكّنه من قمع الناس بسهولة».

امتصاص النقمة

يشير منير، وهو اسم مستعار لسياسي آخر في أحد الأحزاب الخاضعة للجماعة في صنعاء، إلى أن الحديث عن البدء بما يسمى «التغييرات الجذرية» هدفه امتصاص النقمة الشعبية، فالوضع المعيشي للناس بلغ مرحلة من البؤس لم تعرفها البلاد منذ الإطاحة بنظام الإمامة.

وتوقع منير أن يجري تشكيل حكومة منزوعة الصلاحيات كما كانت حكومة عبد العزيز بن حبتور، لأن السلطة الفعلية يمتلكها قادة الحوثي المنحدرون من محافظة صعدة أمثال أحمد حامد مدير مكتب مجلس الحكم الانقلابي ومحمد الحوثي عضو مجلس الحكم والقائد العسكري البارز يحيى الرزامي الذي يسيطر على الجزء الجنوبي من صنعاء.

ترأس بن حبتور طوال 8 أعوام حكومة حوثية اقتصرت مهمتها على حضور الفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)
ترأس بن حبتور طوال 8 أعوام حكومة حوثية اقتصرت مهمتها على حضور الفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

ويؤكد منير أن السكان في مناطق الحوثيين يعيشون تحت نظام حكم هو نسخة طبق الأصل من نظام الإمامة، فكل المسؤولين فيه لا يمتلكون أي صلاحيات، وكل جناح له أتباعه ومصالح لا تتعارض مع مصالح الجناح الآخر، والكلمة الفصل في مكتب عبد الملك الحوثي في صعدة، وليس بمقدور كل الناس الوصول إلى المكتب للبحث عن الإنصاف منه.

ويقول السياسي اليمني إن أصحاب المظلومية من المقتدرين مالياً يبحثون عن زعيم قبلي مُوالٍ للجماعة الحوثية أو أحد قادتها أو مشرفيها، حيث يُدفع لهم الملايين من الريالات ليقوموا بنقل شكواه إلى مكتب الحوثي والعودة بتوجيه منه؛ لأن الحوثي حريص على إرضاء وجهاء القبائل التابعة له لضمان استمرار ضبط الأوضاع في مناطقهم وتجنيد المقاتلين وجمع الجبايات متعددة الأسماء.


مقالات ذات صلة

السعودية وبريطانيا توسعان الاستجابة للكوليرا في اليمن

الخليج الدكتور عبد الله الربيعة والوزيرة جيني تشابمان خلال لقائهما في لندن الاثنين (مركز الملك سلمان للإغاثة)

السعودية وبريطانيا توسعان الاستجابة للكوليرا في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة» ووزارة الخارجية البريطانية بياناً مشتركاً لتوسيع نطاق الاستجابة للكوليرا في جميع أنحاء اليمن، يستفيد منه 3.5 مليون شخص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي رجل يمشي وسط مركز إيواء الأفارقة في صعدة (رويترز)

هل يتعمد الحوثيون استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية لتجنب القصف؟

يعتقد مسؤولون وباحثون يمنيون أن جماعة الحوثي تتعمد استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية تجنباً للقصف الجوي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رجل يعاين الأضرار عقب ضربة أميركية في صنعاء استهدفت موقعاً مفترَضاً للحوثيين (أ.ف.ب)

«الفارس الخشن» تستنزف قدرات الحوثيين... والعليمي يطلب تحالفاً دولياً

أكد الجيش الأميركي تكبيد الحوثيين خسائر ضخمة جراء عملية «الفارس الخشن» المتصاعدة، واتهم إيران بمواصلة دعم الجماعة، بينما أوقعت ضربة في صعدة عشرات القتلى.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي آثار قصف أميركي استهدف موقعاً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

المقاتلات الأميركية تتصيّد مقرات لمخابرات الحوثيين

مع استمرار الحملة الأميركية ضد الحوثيين في اليمن كثَّفت الضربات من استهداف مقار أجهزة مخابرات الجماعة، ومراكز للقيادة والسيطرة خلال الأيام القليلة الماضية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي لقطة من فيديو بثّه إعلام تابع لجماعة «الحوثي» تُظهر نقل أحد المصابين جراء قصف مركز إيواء اللاجئين الأفارقة بصعدة (إ.ب.أ)

الحوثيون: 68 قتيلاً بقصف أميركي على مركز توقيف للمهاجرين في صعدة

أعلن الدفاع المدني في اليمن مقتل 68 مهاجراً أفريقياً وإصابة 47، جراء قصف أميركي استهدف مركز إيواء للمهاجرين غير الشرعيين بمدينة صعدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«هدنة غزة»: الوسطاء يضغطون لإبرام اتفاق رغم «تهديدات نتنياهو»

فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«هدنة غزة»: الوسطاء يضغطون لإبرام اتفاق رغم «تهديدات نتنياهو»

فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

​ «مساعٍ حثيثة» من الوسطاء لعودة التهدئة في قطاع غزة، تقابلها تهديدات من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ«سحق حماس»، ورفض إقامة دولة فلسطينية، وتسريبات بوسائل إعلام بلاده عن رفض مقترح الحركة بصفقة شاملة لتبادل الرهائن والأسرى تصل إلى 5 سنوات.

ذلك التباين الذي يصل إلى ذروته مع قرب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعد نحو أسبوعين، يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، محاولة متعمدة من نتنياهو لعدم تهديد مستقبله السياسي الذي يقف على حافة الانهيار، غير أنهم يرون أن ضغوط واشنطن، وتكثيف الوسطاء الجهود لحلول توافقية، مع دعم دولي قبل الزيارة المرتقبة للمنطقة، ستسهم في الذهاب لاتفاقات مرحلية وهدنة إنسانية وأخرى مؤقتة مع تضمينها إنهاء الحرب، خصوصاً أن البيت الأبيض غير راغب في صراع مفتوح من دون سقف، حرصاً على مصالحه بالشرق الأوسط.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر سياسي ببلادها، قوله إن حكومة نتنياهو «ترفض مقترحاً لوقف إطلاق النار بغزة 5 سنوات يشمل إعادة كل المخطوفين»، مؤكداً أنه «لا فرصة للسماح لـ(حماس) بعودة التسلح والانتعاش».

فلسطينيون يصلّون بجانب جثامين قتلوا في غارات إسرائيلية ببيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يصلّون بجانب جثامين قتلوا في غارات إسرائيلية ببيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

وجاء الرفض بعد ساعات من خطاب مطول ألقاه نتنياهو، أكد خلاله أمرين هما: «سحق حماس» و«رفض الدولة الفلسطينية»، قائلاً: «فكرة أن الدولة الفلسطينية ستجلب السلام هي فكرة هراء، ولقد جربناها في غزة، سيتم سحق (حماس)، ولن نضع السلطة الفلسطينية هناك. لن نستبدل بنظام يريد تدميرنا، آخر يريد القيام بذلك».

لكن عائلات الأسرى الإسرائيليين، رفضت في بيان صحافي الاثنين، مسار نتنياهو الذي وصل إلى ذروته برفض المقترح، مع استمرار العد التنازلي لزيارة ترمب للسعودية، وقطر، والإمارات، في الفترة من 13 إلى 16 مايو (أيار) المقبل، حسب إعلان البيت الأبيض أخيراً، وقالت العائلات: «نطالب بإعادة المخطوفين دفعة واحدة وإنهاء الحرب، وندعو للتظاهر مساء الأربعاء في تل أبيب للمطالبة بإعادة المخطوفين».

وكان مصدر مطلع بـ«حماس» كشف لـ«الشرق الأوسط»، الأحد، أن الحركة «قدمت عبر الوسيط المصري، خلال لقاء السبت، رؤيتها الشاملة لإنهاء الحرب»، متضمنة مبادرة متكاملة تنص على «تنفيذ صفقة تبادل تشمل جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل وقف العدوان، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، وتأمين الإغاثة العاجلة للشعب الفلسطيني، والقبول بهدنة طويلة الأمد تتراوح بين 5 إلى 7 سنوات».

وتتضمن الرؤية «الالتزام بالرؤية المصرية لإدارة قطاع غزة من خلال (لجنة إسناد مجتمعي)، مع تأكيد (حماس) عدم مشاركتها في هذه الإدارة ودعم جهود إعادة الإعمار، وتقديم ضمانات واضحة وقابلة للتنفيذ، بما يسهّل تطبيق الاتفاق»، بحسب المصدر المطلع.

وجاءت زيارة «حماس» إلى القاهرة للمرة الثانية خلال أسبوع، بعد أيام من زيارة لتركيا ولقاء وزير الخارجية التركي، وتلاه تأكيد مصدرين من الحركة لـ«الشرق الأوسط»، وقتها، أن الحركة تريد دعماً من تركيا، لنقل رؤيتها إلى إدارة ترمب بشأن «الصفقة الشاملة» في ظل «العلاقات الجيدة بينهما».

الخبير المختص في الأمن الإقليمي والدولي اللواء أحمد الشحات، يرى أن ما يصدر عن إسرائيل هو إصرار على استمرار الحرب والتوسع في احتلال غزة، ومحاولة لإفشال ضغوط الوسطاء التي تتواصل، ومحاولة لـ«استفزاز حماس» للتعنت وتحميلها أمام ترمب فشل أي مفاوضات.

وبرأي المحلل السياسي الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي، نهرو جمهور، فإن تهديدات نتنياهو والتسريبات الإسرائيلية محاولة لإعاقة جهود الوسطاء والإبقاء على الحرب ولو لمائة عام، بهدف منع أي اتفاق شامل قد يجعل رئيس وزراء إسرائيل في مواجهة مساءلات داخلية تهدد بقاءه السياسي، مشيراً إلى أنه يدرك أن صفقة الـ5 سنوات كفيلة بأن تزيله هو شخصياً، وتجعله تحت المساءلة، وبالتالي يرفضها كلياً، وقد يرغب في اتفاق مرحلي للتهدئة دون التزام بوقف إطلاق النار استجابة لترمب قبل زيارته المنطقة.

في المقابل، لا يزال الوسطاء يتمسكون بممارسة مزيد من الضغوط وسط دعم دولي يتوسع لدعم ذلك المسار، وقال رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في كلمة بمؤتمر بالدوحة الاثنين، إن قطر ستواصل بالشراكة مع مصر والولايات المتحدة والشركاء الإقليميين جهودها الحثيثة للتوصل إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار في غزة، وتأمين تدفق المساعدات دون عوائق إلى القطاع.

وبالتزامن، دعت الحكومة الفرنسية نظيرتها في إسرائيل، إلى وقف «المذبحة» التي تجري في غزة، وأكدت «الخارجية» البريطانية أنه سيتم توقيع مذكرة تفاهم «تاريخية» مع الجانب الفلسطيني، تُكرّس الالتزام بتعزيز الدولة الفلسطينية في إطار حل الدولتين، بحسب وسائل إعلام غربية.

وانهار اتفاق لوقف إطلاق النار في 18 مارس (آذار) الماضي، عندما استأنفت إسرائيل قصف غزة، ورفضت دخول المرحلة الثانية الممهدة لإنهاء الحرب، ولم تنجح مقترحات مصرية وإسرائيلية وأميركية في مارس الماضي، وأوائل أبريل (نيسان) الحالي، في حلحلة الأزمة، بخلاف رفض «حماس» في 17 أبريل الحالي، اقتراحاً إسرائيلياً يتضمَّن هدنةً لمدة 45 يوماً، في مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء.

ويرى اللواء الشحات أن الوسطاء يحاولون حشد المجتمع الدولي والإقليمي، ويحثون واشنطن للضغط على إسرائيل في بند الملف الإنساني لترجمته لهدنة إنسانية في أقرب وقت، مع كبح جماحها في الحرب وتقديم مقترحات توافقية تستغل زيارة ترمب للمنطقة، ورغبته في تحقيق نصر سياسي له بالضغط على نتنياهو للذهاب لاتفاق مرحلي، متضمناً بحث إنهاء الحرب، مؤكداً أن الأخير وصل بهذا الرفض إلى الذروة، وقد يسفر عنه تدخل ترمب ليعلن أنه صاحب تحقيق الهدنة.

وبحسب نهرو جمهور، فإن الوسطاء سيواصلون الضغط لإقناع الطرف الفلسطيني بإبرام اتفاقات مرحلية تمهد لاتفاق شامل، وكذلك بالضغط على الجانب الأميركي لتحجيم رغبات نتنياهو في استمرار الحرب، معتقداً أن واشنطن ليست لديها رغبة في استمرار الصراع لما لا نهاية، وقد تنتصر للمعارضة الإسرائيلية بترتيبات جديدة بالمنطقة؛ منها اتفاق شامل لو استمر تعنت نتنياهو، أو إجباره على اتفاق ولو بشكل مرحلي.