يمنيون يتطلّعون إلى انفراجة في محادثات الأسرى والمحتجَزين

منظمات محلية اتهمت «الأمم المتحدة» بالتهاون

تعنّت الحوثيين أفشل جولات سابقة من المحادثات برعاية «الأمم المتحدة» و«الصليب الأحمر» (إكس)
تعنّت الحوثيين أفشل جولات سابقة من المحادثات برعاية «الأمم المتحدة» و«الصليب الأحمر» (إكس)
TT

يمنيون يتطلّعون إلى انفراجة في محادثات الأسرى والمحتجَزين

تعنّت الحوثيين أفشل جولات سابقة من المحادثات برعاية «الأمم المتحدة» و«الصليب الأحمر» (إكس)
تعنّت الحوثيين أفشل جولات سابقة من المحادثات برعاية «الأمم المتحدة» و«الصليب الأحمر» (إكس)

بعد نصف عام على إفشال الحوثيين التوقيع على خريطة السلام التي أعلنتها الأمم المتحدة، وكانت حصيلة جهود سعودية وعُمانية، يتطلّع اليمنيون إلى أن تؤدي جولة المحادثات الحالية، التي بدأت الأحد، في العاصمة العُمانية مسقط، إلى تحريك عجلة السلام من جديد، رغم استباق الحوثيين بجملة من الممارسات التصعيدية.

وإن كانت جولة المحادثات الحالية ستقتصر على البحث في ملف الأسرى والمعتقلين، إلا أنها في حال نجحت كما يتمنى الكثيرون ستشكّل دافعاً لعملية السلام التي تعثّرت مع اختيار الحوثيين مهاجمة حركة الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، في خطوة جعلت المجتمع الدولي يعارض المُضي في تنفيذ خريطة الطريق قبل أن تتوقف تلك الهجمات.

الحوثيون اختطفوا الآلاف من المدنيين لمبادلتهم بمقاتلين قُبض عليهم في الجبهات (رويترز)

كما تكتسب هذه الجولة أهمية خاصة؛ لأنها تأتي بعد فترة تعثّر طويلة لهذا الملف نتيجة تراجع الحوثيين عن التزامهم في كل مرة الكشف عن مصير جميع المختطفين والأسرى، وفي مقدمتهم القيادي في حزب الإصلاح، محمد قحطان، وذهابهم نحو المطالبة بأسماءٍ مجهول مصيرها.

وفي حين تمسّك الجانب الحكومي بضرورة تنفيذ كل الالتزامات، وربط المشاركة في أيّ محادثات بذلك، فإنه تلقّى تعليمات رئاسية بالذهاب إلى العاصمة العُمانية مسقط.

وتأتي هذه المحادثات في وقت تسيطر فيه حالة من الإحباط على المشهد العام في اليمن نتيجة تعثّر عملية السلام، بما تتضمّنه من جوانب اقتصادية وإنسانية، خصوصاً صرف مرتبات الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين، والمقطوعة منذ ثمانية أعوام، والذهاب نحو معالجة الملف الاقتصادي والانقسام المالي.

ومع ذلك فإن نجاح الجهود التي بُذلت أخيراً، وأدّت إلى فتح الطريق الذي يربط ضاحية الحوبان بوسط مدينة تعز، وفتح طريق مأرب – البيضاء - صنعاء، أعادت إحياء آمال السلام، وزادت من الثقة بقدرة الوسطاء على تحقيق اختراق جديد في جدار الأزمة، وفي ظل الأوضاع التي تعيشها المنطقة بشكل عام.

باب الأمل

يرى محمود عبد الله، وهو موظف حكومي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن لقاء الجانب الحكومي والحوثيين في ظل هذه الظروف، وتصاعد المواجهة الاقتصادية، يفتح باب الأمل لإمكانية استئناف مسار السلام، وأن البلاد ستتجنب عودة المواجهات العسكرية، خصوصاً أن الهجمات التي ينفّذها الحوثيون بشكل شبه يومي على مواقع القوات الحكومية في محافظة تعز تعكس استعداد الجماعة للتصعيد العسكري.

قبل عام أُبرمت آخر صفقة لتبادل الأسرى والمعتقلين بين الحكومة والحوثيين (إعلام محلي)

ويعتقد محمود أن عودة القتال ستكون كارثيةً وأسوأ من ذي قبل، إلا أنه يراهن على الجهود السعودية والعُمانية في تقريب وجهات النظر، وتحقيق تقدّم في هذا الجانب؛ لأن الوقائع أثبتت أن الدولتين أكثر قدرةً وفاعلية من «الأمم المتحدة» في وضع أسس فعلية لعملية السلام.

ويتفق رضوان صالح، وهو مدرس في مناطق الحوثيين، مع محمود، ويرى أن عودة اللقاءات بين الجانب الحكومي والحوثيين مؤشر جيد، على أن الجانبين ملتزمان بالتهدئة التي أُبرمت قبل أكثر من عامين.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يتمنّى صالح أن يواصل الوسطاء جهودهم، وأن تتوسّع المحادثات لتشمل الملف الاقتصادي؛ لأنه الأكثر تأثيراً في واقع الناس اليوم، ولأن المعركة الاقتصادية الأخيرة ألقت بظلالها على حياة الناس، وضاعفت من معاناتهم.

وخلافاً لهذه التطلّعات يُظهر عبد الباقي محمد، وهو موظف في القطاع الخاص، تشاؤمه من إمكانية نجاح هذه المحادثات بسبب ممارسات الحوثيين التي لا تُطمئِن، مستدلاً على ذلك بحادثة احتجاز 4 طائرات للخطوط الجوية اليمنية قبل أيام من موعد المحادثات.

ومع تمنّي عبد الباقي نجاح أي جهد لتعزيز السلام، إلا إنه يعتقد أن الموقف المتعنّت للحوثيين في ملف الأسرى، وتصلّب الجانب الحكومي، قد يؤديان إلى فشل هذه الجولة.

تنديد حقوقي

استبقت 30 منظمة حقوقية يمنية جولة المحادثات وأصدرت بياناً مشتركاً، اتهمت فيه «الأمم المتحدة» بالتهاون في قضية السياسي المختطَف والمغيّب في سجون الحوثيين منذ تسع سنوات، محمد قحطان، وملف المخفيين قسراً في اليمن بشكل عام، دون الكشف عن مصيره، أو السماح لأسرته بزيارته أو التواصل معه.

مجلس القيادة الرئاسي اليمني يساند جهود إنهاء معاناة المختطفين والمحتجزين (سبأ)

البيان ندّد «بشدة» بهذه الجريمة المستمرة، وقال إن الاختفاء القسري يشكّل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان، ويمثّل جريمة ضد الإنسانية وفقاً للمادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

وانتقدت هذه المنظمات «الأمم المتحدة» ومبعوثها الخاص إلى اليمن؛ لأنها لم تستخدم أدواتها للضغط على الحوثيين في قضية المخفيين قسراً، وعلى رأسهم السياسي قحطان، المشمول بقرار «مجلس الأمن» رقم 2216، ورأت أن ذلك يعكس تهاوناً في معالجة ملف المخفيين قسراً، وعدم إعطائه الأولوية المستحَقة في جولات التفاوض السابقة.

ودعت المنظمات الحوثيين إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن القيادي في حزب «الإصلاح»، محمد قحطان، وجميع المختطَفين والمخفيين، وفتح تحقيق مستقل ونزيه في جميع حالات الاختفاء القسري لدى جميع الأطراف، وتقديم الجناة إلى العدالة؛ لضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات.

وناشد مبعوث «الأمم المتحدة»، هانس غروندبرغ، المجتمع الدولي تضمين ملف المخفيين قسراً أجندة المفاوضات الحالية، والعمل بجدية لضمان إطلاق سراحهم.

المنظمات الحقوقية الموقّعة على البيان دعت مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية إلى الاضطلاع بدورهما القانوني والإنساني والأخلاقي، والعمل على تحرير جميع المخفيين قسراً، والمحتجَزين في جميع المناطق اليمنية.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة والصحة وزيادة معدل الاحتباس الحراري.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

قدرت مصادر يمنية أن جهاز الاستخبارات المستحدث الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، اعتقل نحو 5 آلاف شخص على خلفية احتفالهم بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

محمد ناصر (تعز)

غارات غربية تضرب 15 موقعاً حوثياً في اليمن

الدخان يتصاعد من موقع الضربات الأميركية - البريطانية على صنعاء (رويترز)
الدخان يتصاعد من موقع الضربات الأميركية - البريطانية على صنعاء (رويترز)
TT

غارات غربية تضرب 15 موقعاً حوثياً في اليمن

الدخان يتصاعد من موقع الضربات الأميركية - البريطانية على صنعاء (رويترز)
الدخان يتصاعد من موقع الضربات الأميركية - البريطانية على صنعاء (رويترز)

قالت القيادة المركزية الأميركية، الجمعة، إنها نفّذت غارات على 15 هدفاً تتبع جماعة «الحوثي» في اليمن. وأوضحت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، أن الغارات استهدفت قدرات عسكرية هجومية لجماعة «الحوثي». وأشارت إلى أن غاراتها تأتي في سياق حماية حرية الملاحة وتأمين المياه الدولية التي تمر بها ناقلات تجارية.

وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية، نقلاً عن قناة «المسيرة» التابعة للمتمردين الحوثيين، اليوم (الجمعة)، بأن طائرات أميركية وبريطانية شنّت سلسلة غارات على 3 مدن يمنية، من بينها صنعاء والحديدة الساحلية في غرب البلاد.

وقالت القناة إن «عدواناً أميركياً بريطانياً استهدف صنعاء بـ4 غارات (...)، و7 غارات على الحديدة، وغارة على مدينة ذمار». وأفاد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» في صنعاء والحديدة، بسماع دوي انفجارات قوية في المدينتين.

وأعلن زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي، أمس (الخميس)، أن اليمن تعرض هذا الأسبوع لـ39 غارة إسرائيلية وأميركية، مشيراً إلى أن جماعته استهدفت 188 سفينة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، حيث يواصل الحوثيون استهداف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، ويقولون إن هذه العمليات تأتي «نصرة لقطاع غزة» الذي يشهد حرباً إسرائيلية.

وقالت جماعة الحوثي، يوم الاثنين الماضي، إنها ستصعّد عملياتها العسكرية ضد إسرائيل رداً على هجماتها على اليمن.