​الإغاثة الإنسانية أهم موارد إثراء الانقلابيين في اليمن

تقرير دولي كشف عن البنية التنظيمية لنهب المساعدات

جانب من عملية تحميل الدقيق في ميناء الحديدة (أ.ف.ب)
جانب من عملية تحميل الدقيق في ميناء الحديدة (أ.ف.ب)
TT

​الإغاثة الإنسانية أهم موارد إثراء الانقلابيين في اليمن

جانب من عملية تحميل الدقيق في ميناء الحديدة (أ.ف.ب)
جانب من عملية تحميل الدقيق في ميناء الحديدة (أ.ف.ب)

كشف تقرير دولي حديث عن البنية التنظيمية التي أنشأتها الجماعة الحوثية للتحكم في المساعدات الإنسانية وتحويلها إلى أحد أهم موارد إثرائها، متهماً منظمات الإغاثة الدولية التي تعمل في ظروف معقدة بالاهتمام بمقدار المساعدات التي يتم جلبها إلى اليمن، والتقليل من أهمية وصولها إلى المحتاجين لها.

وذكر التقرير الذي أطلقه أخيراً مشروع مكافحة التطرف أن الجماعة الحوثية أنشأت مؤسسة خاصة لإدارة المعونات والتحكم بها، وهي ما يعرف بـ«المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي»، الذي يديره أحمد حامد، من أقوى الشخصيات الحوثية، ويشرف على كل جانب من جوانب العمل الإنساني في مناطق سيطرة الجماعة.

ويتحكم المجلس بتحديد قوائم المستفيدين، وتوفير التصاريح لأي تحركات لموظفي منظمات الإغاثة، وتحديد المؤسسات المحلية المؤهلة للعمل في توزيع المعونات بوصفهم مقاولين أو شركاء تنفيذ محليين أو مراقبين من طرف ثالث للمشاريع الإنسانية.

وأشار المشروع في تقريره إلى أن معدلات تحويل المساعدات لإحدى المحافظات (لم يسمها)، تبلغ نحو 80 في المائة، وقال إن غياب الشفافية والمساءلة بين الأمم المتحدة ومجتمع المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في اليمن فيما يتعلق بتحويل المساعدات يثير شكوكاً جدية حول فاعلية جهودها.

ويبين التقرير المكاسب التي تحققها الجماعة الحوثية من المساعدات الموجهة إلى اليمن، بتقدير تقريبي ومتحفظ بأن ميزانية هذه المساعدات تبلغ نحو 2 مليار دولار سنوياً، وبافتراض أن نحو 1.5 مليار دولار من المساعدات موجهة نحو المناطق التي تسيطر عليها الجماعة بحكم وجود غالبية السكان فيها، وهي مساعدات تصل بتحويلات غير مشروطة للموارد.

أعضاء وموظفو المجلس الحوثي لإدارة المساعدات الإنسانية يرفعون أيديهم لتأدية شعار الصرخة الخمينية في أحد الاجتماعات (إعلام حوثي)

ويتابع التقرير توضيحه: «في بلد يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نحو 700 دولار ومصادر قليلة للإيرادات، لا ينبغي الاستهانة بمدى أهمية هذا التدفق لأكثر من مليار دولار من المساعدات» لكل من الاقتصاد المحلي وموارد الجماعة، التي بلغ إجمالي إيراداتها 4 مليارات دولار في عام 2020، ما يعني أن ما يتم اقتطاعه من المساعدات الأجنبية يشكل نسبة كبيرة من إيرادات الجماعة.

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» أن هذا المجلس الحوثي، لجأ إلى الضغط على المنظمات الدولية عندما لاحظ تقليص معوناتها بسبب إجراءاته التعسفية، وبدلاً من إصرارها على مواقفها، لجأت للرضوخ له وتقديم مزيد من التنازلات، بينما تتجاهل مطالب وملاحظات الحكومة.

ويقدر بلفقيه الأموال التي جرى تقديمها بوصفها مساعدات إغاثية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في اليمن بأكثر من 20 مليار دولار، ورغم كل هذه الأموال، فإنه لا تزال الأزمة الإنسانية قائمة بفعل فساد وسوء إدارة هذه المساعدات، وتهميش الجانب الحكومي خلال عمليات إدارتها وتقديمها.

إيرادات ضخمة

تأسس ما يعرف بالمجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي الحوثي عام 2019 ليحل محل ما كان يعرف بـ«الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعافي من الكوارث»، وطبقاً للتقرير، فإن القيادة العليا للمؤسستين لم تتغير، لكن التناسخ الجديد اتخذ نهجاً أكثر عدوانية تجاه مقدمي المساعدات الإنسانية.

ويدير المؤسستين القيادي الحوثي أحمد حامد، الذي يرجح المشروع أنه ربما أقوى زعيم حوثي غير عسكري لا يُنسب اسمه إلى عائلة الحوثي، وهو يشغل منصب مدير مكتب مهدي المشاط رئيس ما يعرف بالمجلس السياسي الأعلى للجماعة (مجلس الحكم الانقلابي)، إلا أن نفوذه يتجاوز نفوذ المشاط، ووفقاً للتقرير، فإن ذلك يعود إلى ولائه لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وشقيقه عبد الملك الزعيم الحالي لها.

لم تنته الأزمة الإنسانية في اليمن رغم التقديرات التي ترجح تقديم مساعدات تزيد على 20 مليار دولار خلال الأعوام الأخيرة (إ.ب.أ)

وعدّ المشروع في تقريره قيادة (المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية) مكافأة كبيرة، لأن هذا المنصب يشرف على قطاع كبير الحجم، يصفه التقرير بأحد أكبر وأهم القطاعات في اقتصاد الجماعة والمناطق الخاضعة لسيطرتها، ومن الصعب المبالغة في أهمية هذا الدور داخل التسلسل الهرمي لها.

وينبه التقرير إلى أن القيادي حامد الذي يقود المجلس الحوثي للمساعدات يجب أن يكون مؤهلاً بما يكفي لتجنب اتخاذ خطوات تدفع المنظمات الإنسانية إلى إنهاء عملياتها في مناطق سيطرة الجماعة، وقطع التدفق الحيوي للموارد.

ويستغرب الباحث الاقتصادي اليمني عادل شمسان من الاهتمام المتأخر بالكشف عن هذه الوقائع، وكأنّ القائمين على المنظمات الدولية كانوا ينتظرون من الجماعة الحوثية احترام العمل الإغاثي والسماح بإنقاذ المتضررين من ممارساتها ومن تجريفها مؤسسات الدولة وتنصلها من واجباتها تجاه السكان.

ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة اعتمدت في تكوين مركزها المالي وتعزيز نفوذها على الاقتصاد الطفيلي والنهب المنظم والعشوائي، وكان متوقعاً جداً أن تلجأ إلى نهب المعونات الإنسانية ما دام ذلك في متناول يدها.

إدارة خفية

استخدم التقرير الدولي صفة «الوقاحة» في وصف ممارسات قيادة الحوثيين بشأن المساعدات، مورداً عدداً من الأمثلة، مثل إجبار ثلاث منظمات أممية على منح رواتب لرئيس المجلس الحوثي ونائبه ومديري العموم، حيث تلقوا ما مجموعه 10 آلاف دولار شهرياً، بينما منحت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين رئاسة المجلس مليون دولار كل ثلاثة أشهر لاستئجار المكاتب والتكاليف الإدارية.

مسلح حوثي يشرف على توزيع معونات غذائية في مخيم للنازحين على أطراف صنعاء (أ.ف.ب)

كما منحت منظمة الهجرة التابعة للأمم المتحدة المجلس 200 ألف دولار للأثاث وتجهيزات الإضاءة والاتصالات، ومضى التقرير في سرد وقائع تحويل ميزانيات المساعدات الإنسانية إلى المسؤولين والمنظمات الحوثية بما يمثل مشكلة مستمرة، أمام عدم وجود شفافية كافية لدى منظمات الإغاثة بشأن تلك الوقائع.

وينتقد الكاتب اليمني باسم منصور أداء المنظمات الدولية واستسلامها للجماعة الحوثية بذلك الشكل الذي يجعلها شريكة لها في الفساد ونهب قوت اليمنيين والإضرار بالاقتصاد الوطني للبلد، متجاهلة أنها منحت الجماعة فرصة لما ترتكبه حاليا بحق موظفيها العاملين في مجال الإغاثة.

وأردف منصور في تعليقه لـ«الشرق الأوسط» على التقرير: «كان بمقدور هذه المنظمات أن ترفض شروط وأوامر الجماعة، وأن تتركها في موضع المسؤولية إزاء معاناة اليمنيين، لكن رضوخها خفف الكثير من الغضب الشعبي والعالمي على ممارسات الحوثيين».

ومنذ عام 2022 تقريباً، يبدو أن أحمد حامد انتقل إلى دور أكثر وراء الكواليس، إذ اختفى من الظهور في أخبار المجلس الحوثي لإدارة الشؤون الإنسانية ومقالات الصحافة التي تديرها الجماعة حول المشاريع الإنسانية، ويستبعد التقرير أن يكون تم عزله بهدوء من منصبه، نظراً لمركزيته بالنسبة للنظام وقربه من زعيم الجماعة، إلى جانب أن إزاحته ستثير موجات صادمة في أوساطها يصعب إخفاؤها عن الجمهور.

ويتولى القيادي الحوثي إبراهيم الحملي دور الأمين العام للمجلس، الأمر الذي يتطلب منه المشاركة في الشؤون الاحتفالية بصفته ممثلا أقدم للمنظمة.

ووفق التقرير الدولي، يستخدم المجلس الحوثي نفوذه على وكالات الإغاثة للمضي قدماً في حرب الاستنزاف الاقتصادية ضد الحكومة اليمنية، مما أدى إلى تفاقم الفقر المدقع الذي يصيب جميع مناطق البلاد، كما تضمن التقرير إشارات واضحة إلى تواطؤ المنظمات الدولية مع الحوثيين لنهب هذه المساعدات.


مقالات ذات صلة

إيران تشدّ أزر الحوثيين عقب الضربات الإسرائيلية والأميركية

العالم العربي دخان يتصاعد من محطة كهرباء في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات إسرائيلية (رويترز)

إيران تشدّ أزر الحوثيين عقب الضربات الإسرائيلية والأميركية

سارعت إيران إلى الاطمئنان على الحوثيين وشَدّ أزرهم إثر الضربات الإسرائيلية والأميركية الأخيرة، فيما أكدت الجماعة مضيها في التصعيد، وعدم تأثر قدرتها العسكرية.

علي ربيع (عدن)
الاقتصاد «مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يعقد اجتماعه في مكة المكرمة بحضور 300 رجل أعمال (الشرق الأوسط)

«مجلس الأعمال السعودي - اليمني» يتطلع للمساهمة في إعادة الإعمار والتنمية المشتركة

ضمن السعي لتحقيق التكامل الاقتصادي والتنمية المستدامة، يقود «مجلس الأعمال السعودي - اليمني» برئاسة الدكتور عبد الله بن محفوظ مبادرة «رؤية سعودية وتنمية يمنية».

أسماء الغابري (جدة)
العالم العربي مسلحون حوثيون يردّدون «الصرخة الخمينية» خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

حملة يمنية تدعو إلى ملاحقة قادة الانقلاب بصفتهم «مجرمي حرب»

أطلق الناشطون اليمنيون حملة واسعة تسلط الضوء على جرائم الجماعة الحوثية المدعومة من إيران مع دعوة المجتمع الدولي إلى ملاحقة قادة الميليشيا بصفتهم «مجرمي حرب»

علي ربيع (عدن)
العالم العربي القائد العسكري الحوثي في إب تحدث عن مواجهة مع إسرائيل رغم بعد المحافظة عن الساحل الغربي (إعلام حوثي) 

الحوثيون يستنفرون لمواجهة الاحتقان الشعبي في محافظة إب

بدعوى مواجهة هجوم إسرائيلي متوقع استنفر الحوثيون قوتهم في ثلاث محافظات يمنية ودفعوا بها نحو محافظة إب التي تشهد احتقاناً شعبياً غير مسبوق نتيجة انتهاكاتهم.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

أعلن الجيش الأميركي تدمير منشأة للصواريخ ومنشأة للقيادة والسيطرة في صنعاء قبل أن يؤكد تحطم أولى مقاتلاته بالخطأ منذ بدء ضرباته الجوية لإضعاف قدرات الحوثيين

علي ربيع (عدن)

تقرير دولي يتهم مخابرات الحوثيين بالسيطرة على المساعدات الإنسانية

جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)
جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)
TT

تقرير دولي يتهم مخابرات الحوثيين بالسيطرة على المساعدات الإنسانية

جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)
جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)

اتهم تقرير دولي حديث مخابرات الحوثيين بالسيطرة، طوال السنوات الماضية، على المساعدات الإنسانية وتوجيهها لخدمة الجماعة الانقلابية، وذكر أن عدداً من كبار المسؤولين فيما يُسمَّى «جهاز الأمن والمخابرات»، شاركوا في استهداف العاملين في مجال حقوق الإنسان وتعطيل المشاريع الإنسانية في سبيل جني الأموال وتجنيد عملاء في مناطق سيطرة الحكومة، بهدف إشاعة الفوضى.

التقرير الذي يستند إلى معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر، وأعدَّه مركز مكافحة التطرف، ذكر أن كثيراً من كبار المسؤولين في المخابرات الحوثية شاركوا في استهداف العاملين بمجال حقوق الإنسان، ونشر التطرف بين جيل من اليمنيين (بمن في ذلك الأطفال)، وتعطيل المشاريع الإنسانية في البلاد من أجل جني مكاسب مالية شخصية، وإدارة شبكات مالية ومشتريات غامضة، وتجنيد العملاء لزرع الفوضى والدمار في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية.

عبد الحكيم الخيواني رئيس جهاز مخابرات الحوثيين مجتمعاً مع رئيس مجلس الحكم الانقلابي مهدي المشاط (إعلام حوثي)

ورأى التقرير أن المنظمات الدولية فشلت في صدّ مسؤولي المخابرات الحوثية الذين يمارسون السيطرة على مشاريعها أو ينسبون الفضل إليهم. وقال إنه، ومع أن الوضع الإنساني حساس للغاية؛ حيث يحتجز الحوثيون شعبهم رهينة ولا يعطون قيمة كبيرة للحياة البشرية، من الواجب اتخاذ تدابير إضافية للكشف عن مسؤولي المخابرات ومنعهم مِن استغلال أنشطة المنظمات الإنسانية.

واستعرض التقرير الدور الذي يلعبه جهاز مخابرات الحوثيين في التحكُّم بالمساعدات الإنسانية. وقال إن الحوثيين قاموا بحل الجهة المكلَّفة السيطرة على المساعدات، المعروفة باسم مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ونقلوا مسؤولياتها إلى وزارة الخارجية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية في الحكومة الانقلابية غير المعترَف بها.

وأكد أن جهاز المخابرات الحوثي كان شريكاً رئيسياً لذلك المجلس في جمع المعلومات عن المنظمات الإنسانية وأنشطتها، وكذلك في فرض مطالبهم عليها. ومع ذلك، يؤكد التقرير أن حل المجلس لا يشير بالضرورة إلى نهاية مشاركة جهاز المخابرات في السيطرة على المساعدات وتحويلها.

استمرار السيطرة

نبَّه التقرير الدولي إلى أنه، وقبل أقل من شهرين من نقل مسؤوليات هذا المجلس إلى وزارة الخارجية في الحكومة الحوثية غير المعترف بها، تم تعيين عبد الواحد أبو راس نائباً لوزير الخارجية، وكان يشغل في السابق منصب وكيل المخابرات للعمليات الخارجية.

وبيّن التقرير سيطرة جهاز المخابرات على مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية من خلال تسلُّل أفراده إلى مشاريع المساعدات، واحتجازه للعاملين في مجال المساعدات، وتعيين رئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني عضواً في مجلس إدارة المجلس.

عبد الواحد أبو راس انتقل إلى خارجية الحوثيين مع نقل صلاحيات تنسيق المساعدات الإنسانية معه (إعلام محلي)

ورجَّح مُعِدّ التقرير أن يكون نَقْل أبو راس إلى وزارة الخارجية مرتبطاً بنقل صلاحيات تنسيق المساعدات الإنسانية إلى هذه الوزارة، ورأى أن ذلك سيخلق رابطاً جديداً على مستوى عالٍ بين المخابرات والجهود المستمرة التي يبذلها الحوثيون لتحويل المساعدات الإنسانية، بعد انتهاء ولاية مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية.

وأشار التقرير إلى أن حل المجلس الحوثي الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية قد يكون نتيجة لضغوط دولية متزايدة على المنظمات الإنسانية لوقف التعاون مع هذه الهيئة الحوثية المعروفة بتعطيل وتحويل المساعدات.

ولاحَظَ التقرير أن مشكلة تحويل المساعدات من قبل الحوثيين كانت مستمرة لمدة تقارب عقداً من الزمن قبل إنهاء عمل هذا المجلس. وقال إنه ينبغي على الأقل استهداف هؤلاء الأفراد من خلال العقوبات وقطعهم عن الوصول إلى النظام المالي الدولي.

ومع مطالَبَة التقرير بانتظار كيف سيؤثر حل المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية على جهود تحويل المساعدات التي يبذلها الحوثيون، توقَّع أن يلعب أبو راس، المسؤول الكبير السابق في المخابرات العامة، دوراً رائداً في ضمان تخصيص أي موارد تدخل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون لتعزيز مصالح سلطتهم.

استراتيجية أوسع

بشأن القيادي الحوثي، منتظر الرشيدي، الذي يشغل حالياً منصب مدير جهاز المخابرات في محافظة صنعاء، يذكر التقرير أنه يحضر الفعاليات الترويجية الحوثية الكبرى، مثل الافتتاح الكبير لمنشأتين طبيتين جديدتين في صنعاء (بتمويل من اليونيسيف) وافتتاح مشروع تنموي لبناء 20 وحدة سكنية جديدة.

طوال عقد وجَّه الحوثيون المساعدات الإنسانية لما يخدم مصالحهم (إعلام محلي)

وقال إنه من المرجح أن يكون هذا جزءاً من استراتيجية أوسع نطاقاً للحوثيين تهدف إلى الحصول على الفضل في أعمال البنية الأساسية، التي يتم تمويل كثير منها من قبل منظمات الإغاثة الإنسانية، بينما في الوقت نفسه يبتز جهاز المخابرات هذه الهيئات ذاتها ويضطهد موظفيها.

أما زيد المؤيد، فيشغل (بحسب التقرير) منصب مدير جهاز المخابرات الحوثية في محافظة إب؛ حيث يتخذ الحوثيون إجراءات وحشية بشكل خاص بسبب شكوك الجماعة تجاه سكان هذه المحافظة المختلفين مذهبياً.

ويورد التقرير أن الحوثيين وعدوا بالعفو عن أولئك الذين فرُّوا من حكمهم، فقط لكي يعتقل جهاز المخابرات ويعذب بعض العائدين. وقال إنه في حالة أخرى أصدروا مذكرة اعتقال بحق أطفال أحد المعارضين لهم في المحافظة.

وبحسب هذه البيانات، أظهر المؤيد مراراً وتكراراً أنه يدير إب وكأنها «دولة مافيا». وقال التقرير إنه في إحدى الحالات، كانت إحدى قريبات المؤيد تخطط للزواج من رجل من مكانة اجتماعية أدنى، وفقاً للتقسيم العرقي لدى الحوثيين، إلا أنه أمر جهاز المخابرات باختطاف المرأة لمنع الزواج.

الحوثيون متهمون بأنهم يديرون محافظة إب بطريقة عصابات المافيا (إعلام محلي)

وفي قضية منفصلة، يذكر التقرير أنه عندما أُدين أحد المنتمين للحوثيين بارتكاب جريمة قتل، اتصل المؤيد بالمحافظ للتأكد من عدم تنفيذ حكم الإعدام. وذكر أن المؤيد شغل سابقاً منصب مدير جهاز المخابرات في الحديدة؛ حيث ورد أنه أشرف على تهريب الأسلحة عبر مواني الحديدة الثلاثة (الحديدة، رأس عيسى، الصليف).

وفقاً لما جاء في التقرير، قام زيد المؤيد بتجنيد جواسيس للتسلل إلى الحكومة اليمنية، خصوصاً الجيش. وذكر التقرير أن الجواسيس الذين جنَّدهم كانوا مسؤولين عن بعض محاولات الاغتيال رفيعة المستوى ضد مسؤولين عسكريين يمنيين، بما في ذلك محاولة اغتيال رئيس أركان الجيش اليمني.

وسبق المؤيد في منصبه مديراً لجهاز المخابرات والأمن في إب العميد محمد (أبو هاشم) الضحياني، ويرجّح التقرير أنه خدم بسفارة الحوثيين في طهران قبل أن يتولى منصبه مديراً لجهاز المخابرات والأمن في إب.