عمال اليمن في يومهم العالمي... المعاناة مستمرة للعام العاشر

الركود الاقتصادي دفع مئات الآلاف إلى رصيف البطالة

يمنيون بالقرب من جسر مشاة في صنعاء ينتظرون فرصة للعمل (الشرق الأوسط)
يمنيون بالقرب من جسر مشاة في صنعاء ينتظرون فرصة للعمل (الشرق الأوسط)
TT

عمال اليمن في يومهم العالمي... المعاناة مستمرة للعام العاشر

يمنيون بالقرب من جسر مشاة في صنعاء ينتظرون فرصة للعمل (الشرق الأوسط)
يمنيون بالقرب من جسر مشاة في صنعاء ينتظرون فرصة للعمل (الشرق الأوسط)

لم يكن يتخيل عبد القوي أن يأتي يوم يطوف فيه أغلب تجمعات حراج العمال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء؛ بحثاً عن فرصة عمل ثم يعود للمنزل نهاية كل يوم خالي الوفاض دون حتى قيمة خبز يشبع أطفاله.

بهذه العبارة يلخص عبد القوي الذي يعمل سباكاً بعض المعاناة والمتاعب التي يواجهها جراء ندرة الأعمال والركود غير المسبوق في أغلب القطاعات الحيوية، بما فيها قطاع البناء والتشييد في صنعاء وبقية المدن تحت سيطرة الانقلابيين.

يمنيون يصطفون على رصيف شارع بصنعاء بحثاً عن عمل (الشرق الأوسط)

ويتحدث عبد القوي (39 عاماً) وهو أب لثلاثة أولاد لـ«الشرق الأوسط»، عن عجزه التام منذ فترة في الحصول على فرصة عمل بالأجر اليومي، تمكِّنه من توفير ولو حتى الحد البسيط من المتطلبات الضرورية لأسرته.

كان عبد القوي قبل الانقلاب الحوثي ينشغل طوال يومه في العمل بتركيب أنابيب المياه النظيفة والصرف الصحي في المباني طور الإنشاء في مناطق متفرقة بصنعاء وضواحيها، لدرجة أنه لم يكن يحظى حينها بفرصة للراحة أو الجلوس مع عائلته، لتتحول معيشته بعد ذلك إلى واقع مؤلم.

ويؤكد عبد القوي أن التدهور الحاد والمستمر للأوضاع المعيشية دفعه وغيره من عمال الأجر اليومي للتردد في صباح كل يوم على أكثر من 12 تجمعاً لحراج العمال باتت تنتشر في أغلب تقاطعات وشوارع صنعاء؛ بحثاً عن عمل لكن دون جدوى.

ويعد حراج العمال في تقاطع جسر منطقة دار سلم جنوب صنعاء، وجسر الدوار الرابط بين شارعي الستين والرباط والمحاذي لمنطقة السنينة، وجسر شارع الزبيري من أكثر الأماكن التي تضم تجمعات الباحثين عن العمل بالأجر اليومي.

غياب الفرص

إلى جانب عبد القوي، يشكو عشرات الآلاف من اليمنيين من عُمال المهن اليومية المختلفة في المناطق تحت سيطرة الحوثيين من معاناة معيشية بالغة القسوة بسبب استمرار غياب فرص العمل، وركود غير مسبوق في قطاع الأعمال.

ويتحدث عمال الأجر اليومي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن استمرار تفاقم أوضاعهم وأسرهم المادية والمعيشية منذ الانقلاب واشتعال نيران الحرب، بسبب ما قالوا إنه ندرة العمل، وارتفاع تكلفة المعيشة.

الأسواق اليمنية بمناطق سيطرة الجماعة الحوثية تشهد مزيداً من الركود (أ.ف.ب)

ويشير نبيل الذي يعمل في مجال البناء إلى أن انعدام فرص العمل ناجم عن استمرار الركود الاقتصادي والعقاري غير المسبوق في صنعاء وبقية مدن سيطرة الجماعة الحوثية بفعل سياسات التدمير المنظم الذي قاد إلى توقف شبه كامل للحياة العامة، وأثر سلباً على حياة ومعيشة ملايين العمال.

وكانت تقارير نقابية يمنية تحدثت عن معاناة مستمرة يكابدها ما يزيد على 8 ملايين عامل يمني بالأجر اليومي وذويهم، جراء ندرة العمل، وانقطاع الرواتب، وتفشي البطالة، واتساع رقعة الفقر والجوع.

ويخسر سنوياً عشرات آلاف اليمنيين أعمالهم في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية نتيجة الجبايات؛ في حين دفع انقطاع الرواتب، طبقاً لتقارير محلية، نحو مليون و200 ألف موظف حكومي في السنوات الماضية إلى العمل بالأجر اليومي.

وفي تقرير لها، توقعت منظمة العمل الدولية أن تظل معدلات البطالة في المنطقة العربية (تشمل اليمن) مرتفعة عند 9.8 في المائة خلال العام الحالي. وأرجعت ذلك إلى التحديات الجيوسياسية التي تواجه البلدان العربية، منها اليمن منذ عقود، والتي خلفت تبعات واسعة النطاق على التنمية الاقتصادية وسوق العمل.

ولفت التقرير إلى أن اليمن وسوريا والعراق والأراضي الفلسطينية المُحتلة واجهت أزمات نزوح داخلي كبيرة، الأمر الذي فرض ضغوطاً هائلة على مواردها، واشتدت المنافسة على الوظائف والسكن.


مقالات ذات صلة

ضربات أميركية ضد الحوثيين خلال 3 أيام متتابعة

العالم العربي مقاتلة من طراز «إف 22 في منطقة القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

ضربات أميركية ضد الحوثيين خلال 3 أيام متتابعة

نفذ الجيش الأميركي ضربات ضد الجماعة الحوثية المدعومة من إيران خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من شهر أغسطس (آب) في سياق السعي للحد من قدرتها على مهاجمة السفن.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

​اليمن يسجل أعلى المعدلات في تدني استهلاك الغذاء

سجل اليمن أعلى معدلات تدني استهلاك الغذاء إذ ارتفعت نسبة الحرمان الشديد إلى 79 ‎% في مناطق سيطرة الحوثيين وفق بيانات أممية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة جامعة ذمار اليمنية (إكس)

اعتداءات على الأكاديميين اليمنيين في ذمار ونهب للأراضي

استقال أعضاء عمادة وهيئة التدريس في كلية العلوم التطبيقية بجامعة ذمار اليمنية بشكل جماعي بعد اعتداء نجل قيادي حوثي في الجامعة على أحد المدرسين.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي قتلى ومفقودون إثر انجراف منازلهم بسبب السيول غرب محافظة ذمار اليمنية (إكس)

31 قتيلاً في اليمن جراء السيول وانفجار صهريج غاز

لقي 28 يمنياً حتفهم جراء سيول ضربت غرب محافظة ذمار الخاضعة للحوثيين، كما أدى انفجار صهريج غاز في مدينة عدن، حيث العاصمة المؤقتة للبلاد، إلى مقتل 3 أشخاص.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي نقص التمويل يحرم الملايين في اليمن من المساعدات (المجلس النرويجي للاجئين)

تحسن الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية

أظهرت دراسة أممية انخفاض مستوى انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، في مقابل زيادة في تدابير الأمن الغذائي بمناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)

الحوثيون يعلنون تفخيخ الناقلة اليونانية «سونيون» وتفجيرها

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
TT

الحوثيون يعلنون تفخيخ الناقلة اليونانية «سونيون» وتفجيرها

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)

أعلنت جماعة «الحوثي» اليمنية، الخميس، أنها فخخت ثم فجرت ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجموها في البحر الأحمر، ما تسبب باندلاع حرائق عدة على متنها.

وفي 21 أغسطس (آب)، تعرّضت السفينة التي ترفع علم اليونان، لهجوم نفّذه الحوثيون وأدى، بحسب هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، إلى اندلاع حريق على متنها وفقدان قوة محرّكها. ودفع ذلك مهمة الاتحاد الأوروبي في المنطقة إلى إجلاء طاقمها المؤلف من 25 شخصاً.

ونشر الحوثيون على وسائل إعلام تابعة لهم، مساء الخميس، مقطع فيديو يُظهر شخصاً ملثماً ومسلحاً يعدّ جهاز تفخيخ على متن «سونيون». وسرعان ما يتمّ تفجيرها فتندلع حرائق عدة على متنها وتتصاعد أعمدة الدخان الأسود منها.

أحد عناصر جماعة «الحوثي» على سطح ناقلة النفط «سونيون» في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وقال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، في خطابه الأسبوعي، الخميس، إن قواته نفذت «عملية جريئة وشجاعة» هذا الأسبوع عبر «اقتحام» السفينة سونيون «وتدمير ما فيها من الشحنات واستهداف السفينة نفسها وتفخيخها وتفجيرها».

وأشار، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن الناقلة «كانت تخالف قرار الحظر وتحمل شحنات للعدو الإسرائيلي».

وبحسب سلطة الموانئ اليونانية، فإن السفينة مملوكة لشركة «دلتا تانكرز» اليونانية للشحن، وقد أبحرت من العراق وكانت متجهة إلى ميناء قريب من أثينا.

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وأظهر الفيديو أيضاً أضراراً في هيكل السفينة، إضافة إلى أغراض مبعثرة داخل غرفة القيادة.

يأتي ذلك غداة إعلان بعثة إيران لدى «الأمم المتحدة» موافقة الحوثيين على إنقاذ الناقلة سونيون، التي تحمل 150 ألف طن من النفط، «نظراً للمخاوف الإنسانية والبيئية».

وكتب المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام، على منصة «إكس»، في وقت متأخر الأربعاء: «بعد تواصل جهات دولية عدة معنا، خصوصاً الأوروبية، تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة سونيون».

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وأفادت مهمة «أسبيدس» الأوروبية في البحر الأحمر، الخميس، أن «(سونيون) مشتعلة منذ 23 أغسطس (آب)» مع «رصد حرائق في مواقع عدة على السطح الرئيسي للسفينة».

وأشارت إلى «عدم وجود تسرب نفطي، وأن السفينة لا تزال راسية ولا تنجرف». وأكدت، على منصة «إكس»، أنها تستعدّ «لتسهيل أي مسارات عمل، بالتنسيق مع السلطات الأوروبية والدول المجاورة، لتجنب أزمة بيئية كارثية».

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني)، يستهدف الحوثيون سفناً تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، ما يعدّونه دعماً للفلسطينيين في قطاع غزة، في ظل الحرب الدائرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بين الجيش الإسرائيلي وحركة «حماس».

وأثّرت هجمات الحوثيين على حركة الشحن في المنطقة الاستراتيجية، التي يمرّ عبرها 12 في المائة من التجارة العالمية.