التصعيد البحري والصراع الاقتصادي في اليمن على طاولة مجلس الأمن

رجحت مصادر أممية أن يستعرض مجلس الأمن الدولي في جلسته المقررة (الاثنين) الصراع الاقتصادي في اليمن مع إقدام الحوثيين على إصدار فئة من العملة اليمنية من طرف واحد، وتأثير التغيرات المناخية وانتشار وباء الكوليرا، إلى جانب الأحداث في جنوب البحر الأحمر، وتعثر مسار السلام.

ووفق ما جاء في برنامج عمل المجلس، فإن الأعضاء سيكررون إدانتهم لمواصلة الحوثيين مهاجمة السفن التجارية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، إلا أنهم سيجددون دعمهم المستمر لجهود المبعوث الأممي الخاص باليمن هانس غروندبرغ، ودوره الحاسم في الوساطة بين أطراف الصراع.

جلسة مقررة لمجلس الأمن الدولي بخصوص تطورات الأزمة في اليمن (الأمم المتحدة)

ورجح العرض التقديمي للجلسة أن تركز إحاطة نائب منسق الشؤون الإنسانية عن ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر الأخيرة، مع تفاقم الوضع نتيجة توقف برنامج الأغذية العالمي عن توزيع المساعدات الغذائية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي بسبب الخلافات مع السلطات هناك حول أولوية المستحقين للمساعدة إلى جانب أزمة التمويل الخانقة.

وبحسب ما جاء في برنامج اجتماع المجلس، فإن منسق الشؤون الإنسانية سيثير المخاوف بشأن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا، وقد يدعو أعضاء المجلس الجهات المانحة إلى زيادة تمويلها لخطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، إذ إن تمويل هذه الخطة لم يتجاوز حالياً نسبة 10 في المائة، بينما تم تمويل برامج الأمن الغذائي والتغذية بنسبة 5 و3 في المائة فقط، على التوالي، استناداً إلى إحاطة غير رسمية قدمها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية لأعضاء المجلس في وقت سابق من هذا الأسبوع.

عملة معدنية غير قانونية من فئة 100 ريال يمني سكها الحوثيون (إكس)

ووفق البرنامج، فإن أعضاء مجلس الأمن سيسلطون الضوء أيضاً على ضرورة التعاون بين الحكومة اليمنية والحوثيين لإدارة الأزمة الاقتصادية في البلاد، والتي تعد سبباً رئيسياً للاحتياجات الإنسانية، خاصة بعد تصاعد «الحرب الاقتصادية» بين الطرفين، إثر إصدار فرع البنك المركزي الذي يسيطر عليه الحوثيون، في 30 مارس (آذار)، عملة معدنية جديدة من فئة 100 ريال، وهي خطوة قوبلت بالرفض من البنك المركزي الذي تديره الحكومة المعترف بها دولياً ومنع تداولها، وأعقب ذلك إصدار قرار ملزم للبنوك المحلية بنقل مقراتها المركزية إلى عدن في غضون 60 يوماً.

آثار المناخ

من المتوقع كذلك أن يتم خلال جلسة مجلس الأمن تناول آثار تغير المناخ على الوضع في اليمن من خلال الإحاطة التي يقدمها ممثل المجتمع المدني، حيث بين تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي صدر في نهاية العام الماضي، أن اليمن من بين الدول الأكثر عُرضة لتغير المناخ، كما يتضح من الأمطار والفيضانات الغزيرة التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة، بينما تواجه البلاد أيضاً أزمة مياه متفاقمة منذ عقود.

تهدد التغيرات المناخية قطاع الزراعة الذي يعتمد عليه ثلثا السكان في اليمن (إعلام محلي)

وقد يؤكد أعضاء المجلس - بحسب البرنامج - على أهمية تحسين الوضع الأمني لتعزيز قدرة اليمن على الصمود في وجه تغير المناخ، ويتناولون الأمن المناخي، وكيف يمكن أن تسهم ندرة المياه والتصحر والظواهر الجوية القاسية في زيادة التنافس على الموارد وإذكاء الصراع بشكل كبير.

ومن القضايا الأخرى التي من المرجح أن يثيرها بعض أعضاء المجلس خلال الجلسة حادثة قتل الحوثيين ما لا يقل عن 12 مدنياً في مدينة رداع بمحافظة البيضاء في 19 مارس الماضي، حين حاصرت قواتهم منزل رجل زعم أنه قتل اثنين من مقاتليهم، قبل أن يفجروا المنزل على رأس ساكنيه، مما أسفر عن هذا العدد من القتلى من أسرة واحدة، بينهم سبعة أطفال، حيث أرسلت الحكومة اليمنية رسالة بذلك إلى مجلس الأمن.

ووفق دراسة أعدها قطاع الدراسات بوزارة التخطيط اليمنية بدعم من الأمم المتحدة، تتسبب التغيرات المناخية في تفاقم النقص الحاد بالغذاء، حيث يعتمد ثلثا اليمنيين على الزراعة لتلبية احتياجات معيشتهم الأساسية، ومعظمهم بالمناطق الريفية، وفقاً للبنك الدولي.

ووفق الدراسة التي تناولت تأثير التغيرات المناخية على البلاد خلال العقود القليلة المقبلة، فإن زيادة نسبة التصحر باليمن بلغت نحو 86 في المائة من إجمالي مساحة الدولة.

مجلس الأمن يطالب الحوثيين بـ«وقف فوري» لمهاجمة السفن في باب المندب والبحر والأحمر

طالب مجلس الأمن جماعة الحوثي المدعومة من إيران بـ«الوقف الفوري» للهجمات ضد السفن التي تعبر باب المندب والبحر الأحمر، داعياً الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى «التعاون العملي» لمنع الحوثيين من الحصول على الأسلحة والأعتدة اللازمة لتنفيذ مزيد من الهجمات.

وأجمع الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن على «التنديد بأشد العبارات» بهجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر، ومنها الهجوم في 6 مارس (آذار) على السفينة «إم في ترو كونفيدانس»، ما أدى إلى مقتل بحارين فلبينيين وبحار فيتنامي وإصابة ما لا يقل عن أربعة بحارة آخرين. وكذلك نددوا بهجوم 18 فبراير (شباط) الماضي على السفينة «إم في روبيمار» التي غرقت في 2 مارس. وإذ أخذوا علماً بـ«الآثار السلبية» لهذه الهجمات، أكدوا أن السفينة الغارقة «تشكل خطراً ملاحياً على السفن العابرة للمنطقة».

وشدد أعضاء مجلس الأمن، في بيانهم، على «أهمية التنفيذ الكامل للقرار 2216 والقرارات اللاحقة»، داعين إلى «التعاون العملي، بما في ذلك مع الحكومة اليمنية، لمنع الحوثيين من الحصول على الأسلحة والأعتدة ذات الصلة اللازمة لتنفيذ المزيد من الهجمات». وأكدوا أنه «يجب على كل الدول الأعضاء التزام واجباتها فيما يتعلق بحظر الأسلحة المستهدف». وطالبوا بـ«الإفراج الفوري عن السفينة إم في غالاكسي ليدر وطاقمها، الذين احتجزوا بشكل غير قانوني منذ أكثر من 100 يوم». وشددوا أيضاً على «أهمية الطريق البحري للبحر الأحمر للجهود الإنسانية في اليمن وخارجه، وكذلك لصناعة صيد الأسماك المحلية التي تدعم سبل عيش اليمنيين».

وطالب أعضاء المجلس بـ«وقف فوري» لكل هجمات الحوثيين ضد السفن التجارية والتجارية التي تعبر البحر الأحمر وخليج عدن، وفقاً للقانون الدولي وبما يتوافق مع القرار 2722. وأكدوا على «ضرورة احترام ممارسة الحقوق والحريات الملاحية للسفن التجارية والسفن التجارية لكل الدول التي تمر عبر البحر الأحمر وباب المندب»، محذرين من «تأثير قرار الحوثيين في 4 مارس الذي يزعم أنه يلزم السفن بالحصول على تصريح من هيئة الشؤون البحرية قبل دخول المياه اليمنية على حرية الملاحة التجارية والعمليات الإنسانية، بما في ذلك داخل اليمن».

وإذ أشار أعضاء المجلس إلى «أهمية تعزيز التعاون الدولي والإقليمي لمواجهة التهديدات التي يتعرض لها السلام والأمن في المنطقة»، دعوا إلى «وقف التصعيد في البحر الأحمر للحفاظ على عملية السلام في اليمن». وأشادوا بجهود الحكومة اليمنية في الحفاظ على البيئة البحرية، داعين إلى «مواصلة المشاركة الدولية بالتعاون الوثيق مع الأمم المتحدة والدول الساحلية، وكذلك مع المنظمات الإقليمية ودون الإقليمية لمنع مزيد من التصعيد مع عواقب محتملة متعددة الأبعاد». وشددوا على «ضرورة منع المزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة وتأثيره على الأمن والاستقرار في المنطقة وخارجها»، مؤكدين «ضرورة معالجة الأسباب الجذرية التي تسهم في التوترات الإقليمية وفي تفاقم التوترات الإقليمية».

وأخيراً، حضّ أعضاء المجلس على «توخي الحذر وضبط النفس لتجنب المزيد من تصعيد الوضع في البحر الأحمر والمنطقة الأوسع»، مشجعين على «تعزيز الجهود الدبلوماسية التي تبذلها كل الأطراف لتحقيق هذه الغاية، بما في ذلك الدعم المستمر للحوار وعملية السلام في اليمن تحت رعاية الأمم المتحدة».

غروندبرغ: التصعيد العسكري في البحر الأحمر يتسبب بتباطؤ جهود السلام باليمن

قالت القيادة المركزية الأميركية، اليوم (الأربعاء)، إنها نفذت ضربة، أمس، على صاروخ «كروز» كان معداً لإطلاقه على سفن في البحر الأحمر من منطقة باليمن يسيطر عليها الحوثيون المتحالفون مع إيران، وفق ما أفادت به وكالة «رويترز».

وأضافت في بيانها أن القوات الأميركية ستواصل اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمناً للسفن الحربية الأميركية والسفن التجارية.

إلى ذلك، حذر مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ اليوم الأربعاء من مخاطر التصعيد العسكري في البحر الأحمر، وقال إن التوتر بدأ يتسبب في تباطؤ جهود السلام في اليمن. وقال غروندبرغ، عبر ترجمة، في جلسة لمجلس الأمن بشأن اليمن «جهود الوساطة في اليمن لا يمكن عزلها بشكل كامل وما يحدث إقليميا يؤثر على اليمن»، وعبر عن امتنانه لكل من السعودية وسلطنة عمان لدعمهما لجهود الوساطة الأممية.

وأضاف «تصاعد التوترات الإقليمية المرتبطة بالحرب في غزة، وبشكل خاص التصعيد العسكري في البحر الأحمر، يؤدي إلى تباطؤ وتيرة جهود السلام في اليمن».

كما عبر عن القلق من زيادة التهديدات بعودة القتال في البلاد، وقال إنه يعمل من أجل التوصل إلى اتفاق يسمح للأطراف بالالتقاء والتفاوض.

ودعا المبعوث الأممي الأطراف اليمنية إلى «وقف التحريض العلني والامتناع عن استغلال الفرص العسكرية داخل اليمن»، وحث «الأطراف المعنية على التركيز على حماية التقدم الذي تم تحقيقه من أجل التوصل إلى اتفاق».

وفي السياق نفسه، قالت باربرا وودوارد مندوبة بريطانيا لدى مجلس الأمن إنه لا يوجد حل عسكري للنزاع في اليمن «ونشعر بتفاؤل حذر تجاه السلام».

وحذرت وودوارد خلال الجلسة نفسها من استمرار هجمات جماعة الحوثي «المزعزعة للاستقرار في البحر الأحمر» وقالت إنها «تعرقل الملاحة في المنطقة وتهدد بتصعيد إقليمي أكبر».

وتعليقا على الضربات الأميركية البريطانية على مواقع للحوثيين، قالت المندوبة البريطانية خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم «استهدفنا أهدافا مرتبطة بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وملتزمون بعملية السلام في اليمن».
كما أشارت إلى التزام المملكة المتحدة بإنفاق أكثر من 110 ملايين دولار هذا العام على المساعدات الإنسانية لليمن.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية، أمس، بأن الحوثيين أطلقوا صاروخين من مناطق سيطرتهم في اليمن على سفينة شحن ترفع علم جزر مارشال في البحر الأحمر في وقت سابق أول من أمس.

وذكرت القيادة الأميركية عبر على منصة «إكس» أن السفينة «ستار آيريس» المملوكة لجهات يونانية كانت في طريقها من البرازيل إلى ميناء «الخميني» في إيران وتحمل ذرة.

وأضافت القيادة المركزية أن «السفينة أبلغت بوقوع أضرار طفيفة لكن لا إصابات بين طاقمها، وواصلت إبحارها نحو وجهتها».

وتعرضت عدة سفن في البحر الأحمر لهجمات من قبل جماعة الحوثي اليمنية، التي تقول إن الهجمات تأتي رداً على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

ووجهت الولايات المتحدة ضربات جوية على مواقع للحوثيين بهدف تعطيل وإضعاف قدرات الجماعة على تعريض حرية الملاحة للخطر وتهديد حركة التجارة العالمية.