إنهاء «يونامي» في العراق... تأييد روسي وغموض أميركي

حكومة بغداد قالت إن البعثة الدولية «حققت أهدافها»... وبريطانيا تشجع على «الشراكة»

إحدى جلسات مجلس الأمن الدولي (إعلام يو إن)
إحدى جلسات مجلس الأمن الدولي (إعلام يو إن)
TT

إنهاء «يونامي» في العراق... تأييد روسي وغموض أميركي

إحدى جلسات مجلس الأمن الدولي (إعلام يو إن)
إحدى جلسات مجلس الأمن الدولي (إعلام يو إن)

أيدت روسيا والصين وتحفظت الولايات المتحدة على طلب بغداد إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة في العراق بحلول العام المقبل.

وطلبت الحكومة العراقية من الأمم المتحدة أن تنهي بحلول نهاية 2025 مهمتها السياسية التي تؤدّيها في البلاد منذ أكثر من 20 عاماً، معتبرة أنها لم تعد ضرورية، حسب رسالة بعث بها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الأسبوع الماضي. وكرر نائب مندوب العراق لدى الأمم المتحدة عباس كاظم عبيد الفتلاوي الطلب أمام المجلس، الخميس، قائلاً: «المهمة حققت أهدافها».

رئيسة بعثة «يونامي» في العراق جنين بلاسخارت (إعلام البعثة الدولية)

العراق يتحمل المسؤولية

وأيّد المبعوث الروسي فاسيلي نيبينزيا وجهة النظر هذه، قائلاً إن «العراقيين مستعدون لتحمل مسؤولية المستقبل السياسي لبلادهم». وأضاف: «المشاكل المتبقية يجب ألا تصبح ذريعة لبقاء بعثة الأمم المتحدة في البلاد إلى أجل غير مسمى». وأشار نائب مندوب الصين لدى الأمم المتحدة غينغ شوانغ إلى أنه في إطار التجديد السنوي للبعثة التي ينتهي تفويضها في نهاية مايو (أيار)، يتعين على المجلس «اقتراح خطة (...) من أجل ضمان الانسحاب التدريجي والانتقال السلس نحو الانسحاب النهائي». ونظراً إلى أن بعثات الأمم المتحدة لا يمكنها العمل إلا بموافقة الدولة المضيفة، فقد أعربت بريطانيا وفرنسا أيضاً عن دعمهما للتحول في الشراكة بين العراق والأمم المتحدة. وكان موقف الولايات المتحدة أكثر غموضاً، إذ قالت السفيرة ليندا توماس غرينفيلد إن بعثة الأمم المتحدة (يونامي) لا يزال أمامها «عمل مهم يتعيّن عليها تأديته»، ولم تتطرّق إلى طلب بغداد. وشددت على الدور الرئيسي للبعثة في كثير من القضايا السياسية المهمّة، مثل دعم تنظيم الانتخابات وتعزيز حقوق الإنسان، على الرغم من أنّ العراق طلب بوضوح أن تركّز البعثة بشكل أكثر مباشرة على القضايا الاقتصادية.

بعثة كبيرة جداً

وفي تقييم طلبه المجلس، قال الدبلوماسي الألماني فولكر بيرثيس في مارس (آذار)، إنّ بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق التي كان لديها أكثر من 700 موظف حتى أواخر عام 2023 «تبدو في شكلها الحالي كبيرة جداً». ودعا بيرثيس البعثة إلى «البدء في نقل مهمّاتها إلى المؤسّسات الوطنيّة وفريق الأمم المتحدة في البلاد بطريقة مسؤولة ومنظّمة وتدريجيّة ضمن إطار زمني متّفق عليه». ومن دون التعليق على طلب بغداد، رسمت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جنين هينيس بلاسخارت صورة للعراق «تبدو مختلفة عن البلد الذي تمّ نشر (يونامي) فيه للمرة الأولى قبل نحو 20 عاماً». وأضافت: «اليوم، إذا جاز التعبير، نشهد عراقاً في تطوُّر»، لكنها تحدّثت في الوقت نفسه عن تحدّيات متعدّدة لم تُحَلّ بعد، مثل الفساد ومسألة الفصائل المسلّحة التي تعمل خارج سيطرة الدولة. وتابعت: «أعتقد أن الوقت حان للحكم على البلاد بناءً على التقدّم المحرز، وطيّ صفحة الصور المظلمة لماضي العراق».

وقالت جينين بلاسخارت، رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، الخميس، إن «الشعور بالاستبعاد والتهميش يزداد بين المكونات العراقية، وإن لم يجد هذا حلاً فإننا قد نواجه إشعالاً للتوترات في داخل الطوائف وبينها».

وتابعت بلاسخارت: «نشير إلى محاولات للسطو على السلطة، واعتماد سياسات مجحفة وعقابية قد تعود بالفائدة إلى طائفة دون غيرها».

رئيسة بعثة «يونامي» جنين بلاسخارت خلال زيارة سابقة للنجف (أ.ف.ب)

وقالت بلاسخارت إن «زيادة في عمليات الإعدام الجماعية غير المعلنة مسبقاً للمدانين بموجب قوانين مكافحة الإرهاب في الآونة الأخيرة تثير قلقاً كبيراً».

ونشرت «يونامي» نهاية أبريل (نيسان) الماضي تقريراً لتقييم عملها في العراق، ووضعت فيه جملةً حول التهديدات التي لا تزال قائمة في العراق، رداً على طلب تقدمت به الحكومة العراقية للبدء «بتخفيف» عمل البعثة، وصولاً إلى إنهاء أعمالها في غضون عامين.

وشدد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قبل نحو أسبوعين، على أن «القيادة العراقية إذا وجدت أنها لم تعد في حاجة إلى مساعدة (يونامي)، فيجب أن تستعد إلى تولي زمام الأمور، وينبغي للأمم المتحدة أن تبقى مستعدة للدعم».

وتأسست «يونامي»، وهي بعثة سياسية خاصة، عام 2003، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1500 بناءً على طلب حكومة العراق بعد إطاحة نظام الرئيس الراحل صدام حسين.


مقالات ذات صلة

العبادي: قادة أحزاب شيعية طلبوا مني إبادة متظاهري الصدر

المشرق العربي صورة أرشيفية لأنصار الصدر بعد اقتحامهم المنطقة الخضراء في بغداد (رويترز)

العبادي: قادة أحزاب شيعية طلبوا مني إبادة متظاهري الصدر

فجّر رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي معلومات من الوزن الثقيل بشأن قيادات شيعية في «الإطار التنسيقي» كانت حثته على «إبادة» أتباع التيار الصدري.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني خلال استقباله رئيس الوزراء الفلسطيني في بغداد 6 يونيو 2024 (إعلام حكومي)

بغداد: «حماس» لم تطلب رسمياً نقل قيادتها إلى العراق

نفت الحكومة العراقية ما تناقلته وسائل إعلام محلية وغربية منذ أيام عن رغبة قيادة منظمة «حماس» الفلسطينية في نقل مقار قيادتها إلى بغداد من العاصمة القطرية الدوحة.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي عناصر فصيل عراقي مقرب من طهران يحرقون علم إسرائيل في أحد شوارع بغداد (أ.ب)

«الحرس الثوري» يفحص خططاً عراقية لدعم «حزب الله»

يناقش قادة فصائل عراقية «خططاً أولية» لدعم «حزب الله» في لبنان حال خاض حرباً مع إسرائيل، لكنها جميعاً غير نهائية بانتظار رأي الفصيل اللبناني وموافقة طهران.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي عراقيون يسبحون في نهر الفرات بمدينة النجف في ظل ارتفاع درجات الحرارة في العراق يوم 21 يونيو الجاري (رويترز)

اتساع الاحتجاجات على انقطاع التيار الكهربائي في العراق

بدأ «ائتلاف إدارة الدولة» الداعم للحكومة العراقية، التحرك على خط أزمة الكهرباء بعد اتساع نطاق الاحتجاجات في أكثر من محافظة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي عناصر من القوات البيشمركة في حزب «كوملة» الكردستاني الإيراني المعارض في معسكر تدريبي بموقع شمال العراق (إكس)

العراق: لم يبقَ للمعارضة الإيرانية أي تواجد قرب الشريط الحدودي مع إيران

أكد مسؤول أمني عراقي أنه «لم يبقَ للمعارضة الإيرانية أي تواجد قريب من الشريط الحدودي بين العراق وإيران»، كاشفاً أيضاً عن خطة لتأمين الحدود مع تركيا.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

مجاهد العبادي... الشاب الذي قيَّده الجيش الإسرائيلي بآلية عسكرية يروي التفاصيل

مجاهد العبادي يجلس في مستشفى «ابن سينا» في الضفة الغربية بعد أن تعرض للضرب بالرصاص والتنكيل من قبل الجيش الإسرائيلي (أ.ب)
مجاهد العبادي يجلس في مستشفى «ابن سينا» في الضفة الغربية بعد أن تعرض للضرب بالرصاص والتنكيل من قبل الجيش الإسرائيلي (أ.ب)
TT

مجاهد العبادي... الشاب الذي قيَّده الجيش الإسرائيلي بآلية عسكرية يروي التفاصيل

مجاهد العبادي يجلس في مستشفى «ابن سينا» في الضفة الغربية بعد أن تعرض للضرب بالرصاص والتنكيل من قبل الجيش الإسرائيلي (أ.ب)
مجاهد العبادي يجلس في مستشفى «ابن سينا» في الضفة الغربية بعد أن تعرض للضرب بالرصاص والتنكيل من قبل الجيش الإسرائيلي (أ.ب)

عندما خرج مجاهد العبادي إلى الخارج، ليرى ما إذا كانت القوات الإسرائيلية قد دخلت حي عمه، أصيب برصاصة في ذراعه وقدمه. وكانت تلك مجرد بداية محنته. وبعد ساعات، وجد نفسه، بعد تعرضه للضرب، ملطخاً بالدماء، ومقيداً بغطاء سيارة «جيب» عسكرية إسرائيلية كانت تسير على الطريق.

وقال الجيش في البداية إن العبادي مشتبه به؛ لكن الجيش اعترف لاحقاً بأن العبادي لم يشكل تهديداً للقوات الإسرائيلية، ووقع وسط تبادل لإطلاق النار.

وانتشر مقطع فيديو يُظهر الشاب البالغ من العمر 24 عاماً، وهو مربوط بسيارة «جيب»، على وسائل التواصل الاجتماعي، ما أثار إدانة واسعة النطاق، بما في ذلك من الولايات المتحدة.

وقال كثيرون إن ذلك يُظهر أن الجنود الإسرائيليين كانوا يستخدمونه درعاً بشرية، وهي تهمة وجهتها إسرائيل مراراً وتكراراً إلى حركة «حماس» خلال الحرب في غزة.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه يحقق في الحادث؛ لكن الفلسطينيين عدُّوا ذلك عملاً وحشياً آخر، ضمن الحرب التي تشنها إسرائيل على الضفة الغربية المحتلة؛ حيث تصاعد العنف منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) إلى اندلاع الحرب في غزة. وقال العبادي الذي كان يتحدث إلى وكالة «أسوشييتد برس» من سرير في المستشفى، أمس (الثلاثاء)، إنه خرج من منزل عمه في مدينة جنين بالضفة الغربية، يوم السبت، بعد أن سمع ضجة.

وقال العبادي: «خرجت لأرى ما يحدث، ونظرت نحو منازل الجيران؛ حيث رأيت الجيش. وعندما حاولت العودة إلى المنزل، تم إطلاق النار فجأة بشكل كثيف وعشوائي نحوي. والذي كان بالقرب مني أصيب هو أيضاً».

وبعد إصابته برصاصة في ذراعه، اختبأ خلف سيارة عائلته. ثم أُطلق عليه الرصاص مرة أخرى في قدمه. وبسبب عدم قدرته على الحركة، اتصل بوالده، وأخبره أنه على وشك الموت.

وقال والده رائد العبادي، وهو يقف بالقرب من سرير ابنه في المستشفى: «طلبت منه أن يحاول ألا يفقد وعيه، وأن يستمر في التحدث معي، ثم فجأة انقطع الاتصال».

وشاهد رائد في وقت لاحق تقارير كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي، تفيد بمقتل فلسطيني في الغارة. وقال: «لقد انهرت؛ لأنني كنت متأكداً بنسبة 90 في المائة من أنه ابني».

لم يكن العبادي ميتاً؛ لكن معاناته كانت قد بدأت للتو.

بعد بضع ساعات، عثر عليه جنود إسرائيليون. ويقول إنهم ضربوا رأسه ووجهه، والمناطق التي أصيب فيها بالرصاص. ثم قاموا بسحبه من رجليه، ورفعوه من يديه وقدميه، وألقوه على غطاء محرك سيارة «جيب» عسكرية.

يقول العبادي: «صرخت بسبب سخونة السيارة، ثم بدأ أحد الجنود يشتمني، وطلب مني أن أصمت».

مجاهد العبادي يجلس في مستشفى «ابن سينا» في الضفة الغربية متحدثاً عن إصابته بالرصاص في ذراعه وتركه ينزف (أ.ب)

وقال الجيش إن قواته ربطت العبادي بغطاء السيارة «الجيب» لنقله إلى المسعفين.

لكن نبال فرسخ، المتحدث باسم خدمة الإنقاذ التابعة لـ«الهلال الأحمر الفلسطيني»، قال إن الجيش أغلق المنطقة، ومنع المسعفين من تقديم الرعاية للجرحى، لمدة ساعة على الأقل.

وفي لقطات كاميرا لوحة القيادة، مرَّت سيارة «الجيب» التي كان العبادي مقيداً بها أمام سيارتَي إسعاف على الأقل، وفقاً لتحليل لـ«أسوشييتد برس». وقال العبادي إنه تعرض للجلد في السيارة «الجيب» لمدة نصف ساعة تقريباً، قبل أن يفكه الجنود ويسلموه إلى المسعفين.

وفي واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، إن الفيديو كان «صادماً».

وتابع ميلر: «لا ينبغي أبداً استخدام المدنيين دروعاً بشرية. يجب على الجيش الإسرائيلي التحقيق بسرعة فيما حدث، ومحاسبة الأشخاص».

ولطالما اتهمت إسرائيل «حماس» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية؛ لأن المسلحين يعملون بأحياء سكنية كثيفة في غزة. وتلقي باللوم على «حماس» في ارتفاع عدد القتلى في غزة؛ حيث يقول مسؤولو الصحة المحليون إن أكثر من 37 ألف فلسطيني قُتلوا منذ بداية الحرب، دون تحديد عدد المدنيين.

وفي الضفة الغربية، نفذت القوات الإسرائيلية غارات، ما أدى في كثير من الأحيان إلى اندلاع معارك بالأسلحة النارية مع المسلحين، وقُتل أكثر من 550 فلسطينياً.

وتقول جماعات حقوق الإنسان، إن إسرائيل نفسها لديها تاريخ طويل في استخدام الفلسطينيين دروعاً بشرية خلال العمليات العسكرية، في المنطقتين اللتين احتلتهما في حرب عام 1967، والتي يريدها الفلسطينيون لإقامة دولتهم المستقبلية.

وأمرت المحكمة العليا في إسرائيل الجيش بالتوقف عن استخدام الفلسطينيين دروعاً بشرية في عام 2005؛ لكن جماعات حقوق الإنسان واصلت توثيق الأمثلة على مر السنين.