الأمم المتحدة: تدفُّق السلع إلى اليمن لم يتأثر بالتصعيد البحري

توقّعات بتدهور الأمن الغذائي على نطاق واسع

لم يؤثر التصعيد في البحر الأحمر على واردات الغذاء إلى اليمن (إعلام محلي)
لم يؤثر التصعيد في البحر الأحمر على واردات الغذاء إلى اليمن (إعلام محلي)
TT

الأمم المتحدة: تدفُّق السلع إلى اليمن لم يتأثر بالتصعيد البحري

لم يؤثر التصعيد في البحر الأحمر على واردات الغذاء إلى اليمن (إعلام محلي)
لم يؤثر التصعيد في البحر الأحمر على واردات الغذاء إلى اليمن (إعلام محلي)

كشفت بيانات أممية عن أن واردات المواد الغذائية إلى اليمن لم تتأثر حتى الآن بالمواجهات في جنوب البحر الأحمر، لكنها حذّرت من تدهور الأمن الغذائي على نطاق واسع خلال الشهرين المقبلين، وبيّنت أن نصف الأسر في مناطق سيطرة الحوثيين، غير قادرة على تلبية الحد الأدنى والمقبول من الاستهلاك الغذائي.

ومع أن الحوثيين يفرضون سعراً محدداً للدولار (530 ريالاً يمنياً)، مقابل (1660 ريالاً) في مناطق سيطرة الحكومة، فإن تقريراً حديثاً لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أكد أن الأسعار في مناطق سيطرة الجماعة مقارنةً بالدولار أعلى بقليل في مناطق سيطرة الحكومة.

تصعيد الحوثيين وخفض المساعدات سيزيدان من تدهور الأمن الغذائي (أ.ف.ب)

وحسب التقرير الأممي، فإن القوة الشرائية للسكان في مناطق سيطرة الحوثيين أقل نسبياً مقارنةً بنظرائهم في مناطق سيطرة الحكومة على الرغم من تدخلات إدارة الحوثيين في تحديد الأسعار ومراقبة سعر الصرف.

وأوضحت المنظمة أن الريال اليمني في مناطق سيطرة الحكومة واصل تراجعه أمام الدولار للشهر الثالث على التوالي منذ أن وصل إلى أدنى مستوياته التاريخية في نهاية عام 2023، إذ فقد مكاسب كبيرة وانخفضت قيمته بنسبة 24 في المائة على أساس سنوي، وكان الانخفاض مدفوعاً باستنزاف الاحتياطيات النقدية واستنفاد عائدات صادرات النفط الخام والغاز بسبب استهداف الحوثيين موانئ التصدير.

وأكدت «فاو» أن حجم واردات الغذاء والوقود عبر الموانئ الرئيسية الثلاثة الخاضعة لسيطرة الحوثيين (الصليف ورأس عيسى والحديدة) ظلت طبيعية على الرغم من الاضطرابات الشديدة في منطقة البحر الأحمر، وقالت إن تدفق الواردات إلى ميناء عدن ما زال مستمراً دون انقطاع على الرغم من هذه الاضطرابات، وذكرت أن هذا يوفر كميات من الغذاء والوقود إلى جميع أنحاء اليمن.

تدهور مرتقب

توقعت منظمة «فاو» أن يتدهور الأمن الغذائي في اليمن على نطاق واسع إلى مستويات الطوارئ اعتباراً من يونيو (حزيران) المقبل في ظل غياب وانخفاض المساعدات الغذائية الإنسانية، بالتزامن مع ذروة موسم الجفاف، واستمرار تقلب أسعار الصرف والصراعات المحلية، وزيادة آثار أزمة البحر الأحمر المستمرة حتى الآن.

نصف الأسر في مناطق الحوثيين غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية (الأمم المتحدة)

وقالت إن أسعار السلع الغذائية الأساسية سترتفع اعتباراً من مايو (أيار) المقبل استجابةً لزيادة الطلب خلال شهر رمضان واحتفالات العيد، وبسبب الآثار غير المباشرة للصراع في البحر الأحمر، ونبهت إلى أن زيادة الأسعار ستؤدي إلى الحد من إمكانية الحصول على الغذاء لمعظم الأسر الفقيرة وسيؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي.

ووفق ما أورده التقرير فقد ظلت أسعار الوقود من دون تغيير خلال شهر فبراير (شباط) الماضي بسبب كفاية المخزونات، كما أن بقية المواد الغذائية الأساسية مثل الأرز، والفاصوليا، وزيت الطهي، ودقيق القمح لم تتغير أسعارها أيضاً إلى حد كبير.

من جهته، ذكر برنامج الأغذية العالمي أن أزمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 17 شهراً، حيث أبلغت 53 في المائة من الأسر التي شملها المسح الذي نفّذه البرنامج بعدم قدرتها على الوصول إلى الغذاء الكافي.

وطبقاً للبرنامج الأممي فإن تدهور حالة الأمن الغذائي شمل أنحاء اليمن كافة، وإن تفاوتت النسبة من محافظة إلى أخرى، وقال إن هذه الزيادة تمثل نسبة 8 في المائة مقارنةً بالشهر ذاته من العام الماضي، وأن معدل انتشار عدم كفاية استهلاك الغذاء بين الأسر بلغ 57 في المائة خلال الشهر الماضي، في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.

نصف الأسر جائعة

أعاد برنامج الأغذية العالمي أسباب نقص استهلاك الغذاء في اليمن إلى تدهور أسعار الصرف للعملة المحلية، ونقص الإيرادات بسبب انخفاض صادرات النفط الخام وتدفقات التحويلات المالية وانخفاض احتياطيات العملات الأجنبية.

ضعف القوة الشرائية للعملة اليمنية يهدد باتساع رقعة الجوع (أ.ف.ب)

ووفق هذه البيانات فإن الوضع الاقتصادي المتدهور الذي أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود إلى مستويات غير مسبوقة، جعل الكثير من الأسر غير قادرة على الحصول على الغذاء الكافي، وأن نصف الأسر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين غير قادرة على تلبية الحد الأدنى المقبول من الاستهلاك الغذائي، وقد وصلت إلى أعلى مستوى خلال الأشهر الـ16 الماضية، مع الإبلاغ عن عدم قدرة 51 في المائة من هذه الأسر على الوصول إلى الغذاء الكافي، وبزيادة قدرها 11 في المائة مقارنةً بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وربط التقرير أسباب هذا التراجع بشكل رئيسي بالتوقف المستمر للمساعدات الغذائية، التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي، وقال إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يمثل تحدياً رئيسياً للوصول إلى نظام غذائي مناسب، الأمر الذي قد يفاقم من تدهور الأمن الغذائي خلال الفترة المقبلة، خصوصاً في ظل نقص التمويل الذي يعانيه البرنامج.

وحذر «الأغذية العالمي» من أن تؤدي تداعيات التوتر الحالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بخاصة في البحر الأحمر، إلى جانب الفجوة الناجمة عن توقف المساعدات الغذائية، إلى تأثيرات سلبية على أسعار المواد الغذائية في مناطق سيطرة الحوثيين، خلال الأشهر المقبلة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

العالم العربي صاروخ زعمت الجماعة الحوثية أنه «فرط صوتي» أطلقته باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

تبنّت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أولى هجماتها ضد إسرائيل منذ فوز ترمب بالرئاسة، كما زعمت إسقاط مسيّرة أميركية وأقرت بتلقي غارتين في الحديدة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)

فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

شهدت معسكرات تدريب تابعة للجماعة الحوثية في العاصمة المختطفة صنعاء وريفها، خلال الأيام الأخيرة، فراراً للمئات من المجندين ممن جرى استقطابهم.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي رجل مؤيد للحوثين يحمل صاروخاً وهمياً خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

الحوثيون يستهدفون قاعدة عسكرية إسرائيلية بصاروخ فرط صوتي

كشف العميد يحيى سريع المتحدث العسكري باسم «الحوثيين» في اليمن، اليوم (الجمعة)، إن الجماعة استهدفت قاعدة نيفاتيم الجوية بجنوب إسرائيل بصاروخ.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

عقدت الحكومة اليمنية اجتماعاً استثنائياً لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولويتها وبرنامجها في الإصلاحات وإنهاء الانقلاب الحوثي واستكمال استعادة الدولة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي 59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

كشف تقرير حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)

فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
TT

فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)

شهدت معسكرات تدريب تابعة للجماعة الحوثية في العاصمة المختطفة صنعاء وريفها خلال الأيام الأخيرة، فراراً لمئات المجندين ممن جرى استقطابهم تحت مزاعم إشراكهم فيما تسميه الجماعة «معركة الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

وتركزت عمليات الفرار للمجندين الحوثيين، وجُلهم من الموظفين الحكوميين والشبان من معسكرات تدريب في مدينة صنعاء، وفي أماكن أخرى مفتوحة، في مناطق بلاد الروس وسنحان وبني مطر وهمدان في ضواحي المدينة.

جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في صنعاء للتعبئة القتالية (فيسبوك)

وتحدّثت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، عن فرار العشرات من المجندين من معسكر تدريبي في منطقة جارف جنوب صنعاء، وهو ما دفع وحدات تتبع جهازي «الأمن الوقائي»، و«الأمن والمخابرات» التابعين للجماعة بشن حملات تعقب وملاحقة بحق المئات ممن قرروا الانسحاب من معسكرات التجنيد والعودة إلى مناطقهم.

وذكرت المصادر أن حملات التعقب الحالية تركّزت في أحياء متفرقة في مديريات صنعاء القديمة ومعين وآزال وبني الحارث، وفي قرى ومناطق أخرى بمحافظة ريف صنعاء.

وأفادت المصادر بقيام مجموعات حوثية مسلحة باعتقال نحو 18 عنصراً من أحياء متفرقة، منهم 9 مراهقين اختطفوا من داخل منازلهم في حي «السنينة» بمديرية معين في صنعاء.

وكان الانقلابيون الحوثيون قد دفعوا منذ مطلع الشهر الحالي بمئات المدنيين، بينهم شبان وأطفال وكبار في السن وموظفون في مديرية معين، للمشاركة في دورات تدريب على استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة استعداداً لإشراكهم فيما تُسميه الجماعة «معركة تحرير فلسطين».

ملاحقة الفارين

يتحدث خالد، وهو قريب موظف حكومي فرّ من معسكر تدريب حوثي، عن تعرُّض الحي الذي يقطنون فيه وسط صنعاء للدَّهم من قبل مسلحين على متن عربتين، لاعتقال ابن عمه الذي قرر الانسحاب من المعسكر.

ونقل أحمد عن قريبه، قوله إنه وعدداً من زملائه الموظفين في مكتب تنفيذي بمديرية معين، قرروا الانسحاب من الدورة العسكرية بمرحلتها الثانية، بعد أن اكتشفوا قيام الجماعة بالدفع بالعشرات من رفقائهم ممن شاركوا في الدورة الأولى بوصفهم تعزيزات بشرية إلى جبهتي الحديدة والضالع لمواجهة القوات اليمنية.

طلاب مدرسة حكومية في ريف صنعاء يخضعون لتدريبات قتالية (فيسبوك)

ويبرر صادق (40 عاماً)، وهو من سكان ريف صنعاء، الأسباب التي جعلته ينسحب من معسكر تدريبي حوثي أُقيم في منطقة جبلية، ويقول إنه يفضل التفرغ للبحث عن عمل يمكّنه من تأمين العيش لأفراد عائلته الذين يعانون شدة الحرمان والفاقة جراء تدهور وضعه المادي.

ويتّهم صادق الجماعة الحوثية بعدم الاكتراث لمعاناة السكان، بقدر ما تهتم فقط بإمكانية إنجاح حملات التعبئة والتحشيد التي تطلقها لإسناد جبهاتها الداخلية، مستغلة بذلك الأحداث المستمرة في قطاع غزة وجنوب لبنان.

وكان سكان في صنعاء وريفها قد اشتكوا من إلزام مشرفين حوثيين لهم خلال فترات سابقة بحضور دورات عسكرية مكثفة تحت عناوين «طوفان الأقصى»، في حين تقوم في أعقاب اختتام كل دورة بتعزيز جبهاتها في مأرب وتعز والضالع والحديدة وغيرها بدفعات منهم.

وكثّفت الجماعة الحوثية منذ مطلع العام الحالي من عمليات الحشد والتجنيد في أوساط السكان والعاملين في هيئات ومؤسسات حكومية بمناطق تحت سيطرتها، وادّعى زعيمها عبد الملك الحوثي التمكن من تعبئة أكثر من 500 ألف شخص.