سكان ريمة اليمنية يستعصون على التعبئة العسكرية الحوثية

حملات تجنيد تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين

عروض ودورات حوثية عسكرية في محافظة ريمة (إعلام حوثي)
عروض ودورات حوثية عسكرية في محافظة ريمة (إعلام حوثي)
TT

سكان ريمة اليمنية يستعصون على التعبئة العسكرية الحوثية

عروض ودورات حوثية عسكرية في محافظة ريمة (إعلام حوثي)
عروض ودورات حوثية عسكرية في محافظة ريمة (إعلام حوثي)

كشفت مصادر يمنية مطلعة، عن أن الجماعة الحوثية مُنيت بفشل ذريع في تحشيد مُقاتلين جُدد من محافظة ريمة، عقب حملات استقطاب وتجنيد واسعة أطلقتها الجماعة أخيراً، لإرغام السكان على المشاركة القسرية في دورات تعبئة عسكرية، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

وأطلقت الجماعة -حسب المصادر- منذ شهر، حملات تجنيد في أوساط السكان في المديريات التابعة لمحافظة ريمة، في إطار ما تُسمَّى دورات «طوفان الأقصى»، وضمن مساعٍ لتجنيد أعداد جديدة من المقاتلين، استعداداً لإشراكهم فيما تسميه الجماعة «معركة الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

الحوثيون يرغمون السكان في مناطقهم على التعبئة العسكرية (إعلام حوثي)

وفي حين يهدف الانقلابيون من حملتهم في المحافظة إلى تجنيد 1500 مقاتل من 6 مديريات مستهدفة، أفادت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، بأن كل تلك المساعي والتحركات الانقلابية قوبلت بإحجام وتجاهل كبيرين من السكان.

ووفقاً للمصادر، واجهت الجماعة صعوبات كبيرة في تحشيد المُقاتلين؛ حيث لم تتمكن فرق التعبئة الميدانية التي يقودها مشرفون ومسؤولون حوثيون إلا من تجنيد عشرات ممن تم استقطابهم عبر حملات نزول ميدانية شملت 85 عزلة وقرية.

ودفع الانقلابيون الحوثيون في الأيام الأخيرة بالمستقطبين للمشاركة في دورات عسكرية يُشرف عليها قادة ميدانيون ينحدرون من صعدة، المعقل الرئيسي للجماعة. كما تداولت وسائل إعلام حوثية صوراً تظهر ضآلة الأعداد من المجندين الجدد.

وشكا سكان في ريمة لـ«الشرق الأوسط»، من حملات التجنيد الحوثية، وأكدوا أن تحركات الجماعة فشلت أمام استعصاء السكان الذين باتوا يدركون خطورة الانضمام إلى صفوف الجماعة والالتحاق بدوراتها العسكرية.

يأتي هذا الاستهداف الحوثي لسكان ريمة (294 كيلومتراً جنوب غربي صنعاء) تنفيذاً لتوجيهات كان قد أصدرها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، حضت على إطلاق معسكرات تعبئة واسعة لسكان المحافظات والمدن والقرى.

تجاهل للمعاناة

يستهجن «خالد.ع» وهو من مديرية الجبين، وهي مركز محافظة ريمة، من استمرار الجماعة في شن حملات التجنيد، وتجاهل معاناة السكان من أوضاع يغلب عليها غياب أدنى الخدمات وانقطاع الرواتب، واتساع رقعة الجوع والفقر والبطالة، وتفشي الأمراض والأوبئة.

ويقول خالد إن مشرفين في الجماعة أجبروه وآخرين -قبل نحو أسبوع- على الالتحاق بدورات تتركز على التعبئة الطائفية والعسكرية، مبدياً ندمه البالغ لمشاركته في تلك الدورات التي تحرِّض على العنف والاقتتال والطائفية.

يمنيون استقطبهم الحوثيون في مديرية بلاد الطعام التابعة لمحافظة ريمة (فيسبوك)

وقوبل التحرك الانقلابي في ريمة بموجة سخط واستنكار واسعين، وربط ناشطون يمنيون بين ما تقوم به الجماعة حالياً من تجنيد للمقاتلين بمختلف مناطق ريمة -وهي منطقة محاذية لمحافظة الحديدة من جهتي الشمال والغرب- وبين مخاوفها الحالية من بدء إطلاق عملية عسكرية لتحرير الحديدة؛ حيث تواصل الجماعة الدفع بتعزيزات بشرية كبيرة من مختلف المناطق إلى المحافظة الساحلية.

ولم يقتصر الاستهداف الحوثي على الرجال في ريمة، فقد سبق للجماعة أن استهدفت آلاف النساء لتلقي برامج ودروس تعبوية ذات صبغة طائفية، بذريعة تنفيذ ما يطلق عليه برنامج «البناء الثقافي»، وضمن ما تسميه الجماعة تعزيز «الهوية الإيمانية».

وأرغم الانقلابيون الحوثيون، في أواخر العام الماضي، أكثر من 600 امرأة وفتاة في 5 مديريات تتبع المحافظة (هي: الجبين، وبلاد الطعام، والسلفية، وكسمة، والجعفرية)، على تلقي برامج ودروس تعبوية مكثفة، بغية إقناعهن باعتناق الأفكار الطائفية المشبعة بثقافة الكراهية.

وجاء ذلك الاستهداف لنساء ريمة ببرامج التطييف، وفق توجيه وإشراف ومتابعة القياديين البارزين في الجماعة: زيد العزام مشرف عام المحافظة، ونائبه المدعو زيد الوزير.


مقالات ذات صلة

موجة إسرائيلية رابعة تضرب مطار صنعاء ومنشآت طاقة خاضعة للحوثيين

العالم العربي دخان يتصاعد إثر غارات إسرائيلية على مطار صنعاء الخاضع للحوثيين (إ.ب.أ)

موجة إسرائيلية رابعة تضرب مطار صنعاء ومنشآت طاقة خاضعة للحوثيين

نفذت إسرائيل رابع موجة من ضرباتها الجوية مستهدفة منشآت حيوية خاضعة للحوثيين المدعومين من إيران شملت مطار صنعاء ومنشآت أخرى حيوية في المدينة ذاتها وفي الحديدة.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي عمود من النيران في أعقاب ضربات على مدينة الحديدة الساحلية التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون 20 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

«حماس» تدين «العدوان» الإسرائيلي على الحوثيين في اليمن

أدانت حركة «حماس» الفلسطينية التي تخوض حرباً مع إسرائيل في قطاع غزة، الخميس، الضربات الإسرائيلية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي تصاعد الدخان بعد غارات إسرائيلية بالقرب من مطار صنعاء باليمن 26 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 00:38

غارات إسرائيلية تستهدف مطار صنعاء... ونتنياهو يتوعد الحوثيين

شدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامن نتنياهو، الخميس، في أعقاب ضربات شنّها جيشه في اليمن، على أن بلاده ستواصل ضرب المتمرّدين الحوثيين «حتى إنجاز المهمة».

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي سجناء في الحديدة أُفرج عنهم مقابل الالتحاق بالجبهات (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يستقطبون عشرات السجناء في الحديدة للقتال

استقطبت الجماعة الحوثية عشرات السجناء على ذمة قضايا مختلفة في محافظة الحديدة اليمنية (226 كيلومتراً غرب صنعاء) وألحقتهم ببرامج تعبوية ودورات عسكرية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي خلال سنوات التمرد الحوثية اكتشف الجيش اليمني شبكة أنفاق في محافظة صعدة (إعلام محلي)

قادة الحوثيين إلى الكهوف... وحي الجراف يستنسخ ضاحية بيروت

مع تصاعد تهديد إسرائيل للحوثيين فرَّ قادة الجماعة إلى كهوف صعدة شمالاً وتحصّن آخرون في حي الجراف شمال صنعاء، واستنفروا قطاع الصحة، وسط مخاوف السكان من التداعيات

محمد ناصر (تعز)

بدء انتشال رفات «ما لا يقلّ عن مائة» امرأة وطفل أكراد من مقبرة جماعية بجنوب العراق

انتشال رفات نحو مائة امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في عهد صدام حسين (أ.ف.ب)
انتشال رفات نحو مائة امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في عهد صدام حسين (أ.ف.ب)
TT

بدء انتشال رفات «ما لا يقلّ عن مائة» امرأة وطفل أكراد من مقبرة جماعية بجنوب العراق

انتشال رفات نحو مائة امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في عهد صدام حسين (أ.ف.ب)
انتشال رفات نحو مائة امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في عهد صدام حسين (أ.ف.ب)

بدأت السلطات العراقية انتشال رفات «نحو مائة» امرأة وطفل أكراد يُعتقد أنهم أُعدموا في الثمانينات في عهد الرئيس السابق صدام حسين، من مقبرة جماعية كُشفت هذا الأسبوع، على ما أفاد به ثلاثة مسؤولين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتقع هذه المقبرة الجماعية في منطقة تل الشيخية في محافظة المثنى بجنوب العراق، وتبعد عن الطريق العام المعبّد بين 15 إلى 20 كيلومتراً، بحسب مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية».

وفتحت فرق متخصصة هذه المقبرة في منتصف ديسمبر (كانون الأول) بعد اكتشافها في 2019، وهي ثاني مقبرة جماعية تُفتح في هذا الموقع، بحسب ضياء كريم مدير دائرة المقابر الجماعية في مؤسسة الشهداء الحكومية المكلفة العثور على المقابر الجماعية والتعرف على الرفات.

وقال كريم لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الأربعاء: «بعد رفع الطبقة الأولى للتربة وظهور الرفات بشكل واضح، تبيّن أن جميع الرفات يعود لأطفال ونساء يرتدون الزي الكردي الربيعي».

ورجّح أن يكونوا جميعهم متحدّرين من قضاء كلار بمحافظة السليمانية في شمال العراق، مقدّراً أن يكون عددهم «لا يقلّ عن مائة»، غير أن عمليات الانتشال لا تزال جارية والأعداد غير نهائية.

وأُعدم الرئيس السابق صدام حسين الذي أطيح نظامه في عام 2003 بعيد غزو أميركي للبلاد، قبل انتهاء محاكمته بتهمة «إبادة» آلاف الأكراد في إطار «عمليات الأنفال» التي شنها عام 1988.

وتقول الأمم المتحدة إن نحو 290 ألف شخص بينهم مائة ألف كردي اختفوا قسراً في إطار حملة الإبادة الجماعية التي شنها صدام حسين في كردستان العراق بين 1968 و2003.

وأوضح كريم أن عدداً كبيراً من الضحايا «أُعدموا في هذا المكان بطلقات نارية في الرأس من مسافة قريبة»، مرجّحاً مع ذلك أن يكون البعض الآخر «دُفنوا وهم أحياء»، إذ لا دليل وفق قوله على وجود رصاص في جمجماتهم.

من جهته، أشار أحمد قصي، رئيس فريق التنقيب عن المقابر الجماعية في العراق إلى «صعوبات نواجهها الآن في هذه المقبرة بسبب تداخل الرفات ببعضها، إذ بعض الأمهات كنّ يحضنّ أطفالهنّ الرضّع» حين قُتلوا.

وبالتزامن مع بدء عمليات الانتشال في هذه المقبرة الجماعية، «تم العثور على مقبرة جماعية أخرى» بحسب ضرغام كامل رئيس الفريق الوطني لفتح المقابر الجماعية.

وتقع تلك المقبرة، وفق قوله، في منطقة قريبة من سجن نقرة السلمان السيئ الصيت، حيث كان يخفي نظام صدام حسين معارضيه السياسيين.

وتشير تقديرات حكومية إلى أن أعداد المفقودين بين العامين 1980 و1990، من جراء القمع الذي كان يمارسه نظام صدام حسين، بلغت نحو 1.3 مليون شخص.

وإضافة إلى المقابر الجماعية المرتبطة بعهد صدام حسين، ما زالت السلطات العراقية تعثر على مقابر جماعية مرتبطة بجرائم تنظيم «داعش». وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن التنظيم الجهادي ترك خلفه أكثر من 200 مقبرة جماعية يرجح أنها تضم نحو 12 ألف جثة.

واكتشف العراق نحو 289 مقبرة جماعية منذ 2006، بحسب مؤسسة الشهداء.