تقرير دولي يتهم الحوثيين باستغلال حرب غزة لتجنيد الأطفال

إرسال المقاتلين الجدد إلى الخطوط الأمامية في مأرب وتعز

وجد الحوثيون في حرب غزة فرصة للحشد والتجنيد وجمع الأموال (رويترز)
وجد الحوثيون في حرب غزة فرصة للحشد والتجنيد وجمع الأموال (رويترز)
TT

تقرير دولي يتهم الحوثيين باستغلال حرب غزة لتجنيد الأطفال

وجد الحوثيون في حرب غزة فرصة للحشد والتجنيد وجمع الأموال (رويترز)
وجد الحوثيون في حرب غزة فرصة للحشد والتجنيد وجمع الأموال (رويترز)

اتهم تقرير حقوقي دولي الحوثيين بأنهم استغلوا الحرب على غزة والضربات الأميركية على مواقعهم، لتجنيد الأطفال، بمزاعم القتال في فلسطين، بينما يقومون بإرسالهم إلى خطوط التماس مع القوات الحكومية في مأرب وتعز.

الاتهامات جاءت في تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش، أفاد بأن الجماعة جندت أطفالا لا تتجاوز أعمار بعضهم 13 عاما، حيث تزايدت عمليات التجنيد في الأسابيع الأخيرة أكثر من أي وقت مضى.

يرى الحوثيون في الأطفال وصغار السن وقوداً مثالياً لحربهم ضد اليمنيين (أ.ف.ب)

وقالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في «هيومن رايتس ووتش» إن «الحوثيين يستغلون القضية الفلسطينية لتجنيد المزيد من الأطفال من أجل قتالهم الداخلي». وأكدت أنه ينبغي للحوثيين استثمار الموارد في توفير الاحتياجات الأساسية للأطفال في مناطق سيطرتهم، مثل التعليم الجيد والغذاء والمياه، بدل استبدال طفولتهم بواسطة النزاع.

ونقلت المنظمة الدولية عن خمسة نشطاء حقوقيين وأفراد يعملون مع منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء اليمن تأكيدهم حصول زيادة كبيرة في تجنيد الأطفال في الأشهر الأخيرة. كما نقلت عن امرأة تدير منظمة غير حكومية تركز على حقوق الإنسان أن الحوثيين جعلوا الأطفال يعتقدون أنهم سيقاتلون من أجل تحرير فلسطين، لكن الأمر انتهى بهم بإرسالهم إلى الخطوط الأمامية في مأرب وتعز.

وأكدت المنظمة أن الحوثيين يستهدفون مأرب ذات الموارد النفطية. كما يحاصرون بشكل غير قانوني الجزء الشمالي الشرقي من مدينة تعز منذ 2015، حيث منعوا وصول المياه والمساعدات الإنسانية إلى المدنيين. وذكرت أنهم في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) أعلنوا خلال حفل تخريج الدفعة الأولى من المجندين أنهم سيشكلون ألوية عسكرية جديدة لتنفيذ توجيهات زعيم الجماعة.

ونقلت عن عضو المكتب السياسي للحوثيين، حزام الأسد القول إنه بخصوص التعبئة العامة المتعلقة بغزة، فقد تم افتتاح معسكرات تدريب وتطوع عشرات آلاف الشباب للحصول على التدريب العسكري، وقد تم بالفعل تخريج عدة مجموعات في مختلف محافظات اليمن.

يأخذ الحوثيون الطلاب من المدارس إلى المعسكرات والخطوط الأمامية (إعلام حوثي)

ويقول قادة الجماعة إنهم جندوا على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، أكثر من 70 ألف مقاتل جديد، بما يشمل محافظات ذمار، وحجة، والحديدة، وصنعاء، وصعدة، وعمران. رغم أنه من غير الواضح كمْ من المجندين الجدد من الأطفال.

تاريخ من تجنيد الأطفال

المنظمة نقلت عن كثير من النشطاء والخبراء العاملين في قضايا تتعلق بتجنيد الأطفال القول إن الغالبية العظمى من المجندين تتراوح أعمارهم بين 13 و25 عاما، بما في ذلك مئات أو آلاف على الأقل أعمارهم تقل عن 18 عاما. ورصدت أنه في النشرات الإخبارية الحوثية التي تتحدث عن أعمال التجنيد الأخيرة، تظهر الصور أشخاصا يبدو أنهم أطفال.

ووفق التقرير جند الحوثيون آلاف الأطفال منذ بدء النزاع في اليمن عام 2014. وتحققت «الأمم المتحدة» مما لا يقل عن ألف و851 حالة فردية لتجنيد الأطفال أو استخدامهم من قبل الحوثيين منذ عام 2010؛ بحسب «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان» و«منظمة سام للحقوق والحريات»، وهي منظمة مجتمع مدني يمنية، حيث جند الحوثيون أكثر من 10 آلاف طفل بين 2014 و2021.

وأعادت «هيومن رايتس» التذكير بأن الأمين العام للأمم المتحدة أدرج الحوثيين في قائمته السنوية للجماعات المسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في النزاعات المسلحة في كل عام منذ 2011. وقد أُدرج الحوثيون في البداية على القائمة بسبب إقدامهم على تجنيد الأطفال واستخدامهم جنودا، ومنذ عام 2016 أُدرجوا أيضاً على القائمة بسبب قتل الأطفال وتشويههم والهجمات على المدارس والمستشفيات.

معظم حالات تجنيد الأطفال في اليمن تعزى إلى الحوثيين (إعلام حوثي)

وفي عام 2022، وقع الحوثيون خطة عمل مع الأمم المتحدة ترمي إلى إنهاء الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، بما في ذلك تجنيد الأطفال واستخدامهم ضمن القوات، والالتزام بتسريح جميع الأطفال في غضون ستة أشهر.

وبين التقرير أن الحوثيين يأخذون الطلاب من المدارس إلى مراكزهم الثقافية، حيث يلقون محاضرات على الأطفال حول الجهاد ويرسلونهم إلى معسكرات الجيش والخطوط الأمامية. ومن خلال استغلال المؤسسات الرسمية، بما فيها المدارس، تمكن الحوثيون من الاستفادة من مجموعة واسعة من الأطفال. كما أفاد الأمين العام للأمم المتحدة باستخدام الحوثيين المرافق التعليمية لأغراض عسكرية.

استقطاب مقابل الطعام

بالمثل وثقت «هيومن رايتس» استخدام الحوثيين المساعدات الإنسانية التي تمس الحاجة إليها لتجنيد الرجال والأطفال في قواتهم. حيث يحتاج 21.6 مليون شخص على الأقل في اليمن، حوالي ثلثي السكان، إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، ويكافح 80 في المائة من سكان البلاد لتوفير الغذاء والحصول على الخدمات الأساسية.

ووفق ناشطة حقوقية في صنعاء فإن السبب الرئيسي وراء قيام الأسر بإرسال أطفالها، هو موقفها الداعم للقضية الفلسطينية، إلا أن الحوثيين يقدمون الرواتب والسلال الغذائية إلى أسر الراغبين في الانضمام إليهم، وهي طريقة ناجحة في ظل تدهور الوضع الإنساني والاقتصادي. وقالت امرأة أخرى تعمل على قضايا تجنيد الأطفال إن الحوثيين قدموا مؤخراً سلالاً غذائية إلى أسرة كل جندي في قريتها.

ووثّق فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن أيضاً توزيع السلال الغذائية. كما يفرض الحوثيون قيوداً وأنظمة غير ضرورية على إيصال وتوزيع المساعدات الإنسانية، وهو ما يرقى إلى مستوى عرقلة المساعدات الإنسانية. كما منعوا المساعدات من دخول مدينة تعز، التي يحاصرونها منذ عام 2015، وقيدوا حركة النساء، ما منع الكثير من عمال الإغاثة الإنسانية من القيام بعملهم.

يستخدم الحوثيون المساعدات الغذائية في تجنيد الأطفال (إعلام حوثي)

وفي عام 2023، أفاد فريق الخبراء الأممي أيضا بأن معظم الانتهاكات المتعلقة بتجنيد الأطفال التي حقق فيها الفريق تعود إلى الحوثيين الذين يواصلون تجنيد الأطفال واستخدامهم، خاصة في المعسكرات الصيفية.

وينص البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، والذي صادقت عليه اليمن في مارس (آذار) 2007، على أنه لا يجوز للجماعات المسلحة غير التابعة للدولة، تحت أي ظرف من الظروف، تجنيد الأشخاص دون سن 18 عاماً أو استخدامهم في الأعمال القتالية.

ونبهت الباحثة في «هيومن رايتس» نيكو جعفرنيا إلى أن مستقبل اليمن يعتمد على أطفاله. فيما يثبت الحوثيون أن المستقبل الوحيد الذي يرونه للبلاد هو أن يكون هدف الجميع القتال من أجل قضيتهم.


مقالات ذات صلة

صواريخ الحوثيين تزداد خطراً على إسرائيل بعد إصابة 23 شخصاً

العالم العربي أفراد من خدمة الإسعاف الإسرائيلي يشاهدون مكان انفجار صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز) play-circle 00:37

صواريخ الحوثيين تزداد خطراً على إسرائيل بعد إصابة 23 شخصاً

باتت صواريخ الحوثيين المدعومين من إيران أكثر خطورة على إسرائيل، بعد إصابة نحو 23 شخصاً في تل أبيب، السبت، جراء انفجار صاروخ تبنت إطلاقه الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي جانب من تجمع مسلَّحات حوثيات أثناء حملة تبرع للجبهات أطلقتها الجماعة في صنعاء (إكس)

«زينبيات» الحوثيين يُرغِمن يمنيات على فعاليات تعبوية وأنشطة لصالح «المجهود الحربي»

أرغمت الجماعة الحوثية أخيراً مئات النساء والفتيات اليمنيات في 4 محافظات، على حضور فعاليات تعبوية ذات صبغة طائفية، والتبرع بالأموال لدعم الجبهات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي موجة الصقيع تسببت العام الماضي في وفاة عدد من سكان المخيمات في اليمن (إعلام حكومي)

البرد يهدد حياة 67 ألف أسرة يمنية في مخيمات النزوح

أطلقت الوحدة الحكومية المعنية بمخيمات النازحين في اليمن نداءً عاجلاً لإنقاذ حياة آلاف الأسر التي تعيش في مخيمات النزوح بمحافظة مأرب جراء البرد القارس.

محمد ناصر (تعز)
شؤون إقليمية رجال الطوارئ الإسرائيليون يتفقدون حفرة في الموقع الذي سقط فيه مقذوف أطلق من اليمن في تل أبيب في وقت مبكر من اليوم السبت (أ.ف.ب)

إصابة 16 شخصاً في سقوط صاروخ وسط تل أبيب... و«الحوثي» يتبنى الهجوم

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أن صاروخاً أطلِق من اليمن أصاب الأراضي الإسرائيلية قرب تل أبيب بعد فشل محاولات اعتراضه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي صورة وزعها الحوثيون تظهر لحظة إطلاق صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل (رويترز)

الحوثيون يتبنون هجمات ضد إسرائيل بالاشتراك مع فصائل عراقية

غداة شن تل أبيب ضربات استهدفت منشآت حيوية خاضعة للحوثيين في صنعاء والحديدة، تبنت الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد إسرائيل بالطائرات المسيّرة.

علي ربيع (عدن)

الجيش الأميركي ينفذ غارات جوية دقيقة على منشأتين للحوثيين في صنعاء

دخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت محطة كهرباء في صنعاء الخاضعة للحوثيين (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت محطة كهرباء في صنعاء الخاضعة للحوثيين (أ.ف.ب)
TT

الجيش الأميركي ينفذ غارات جوية دقيقة على منشأتين للحوثيين في صنعاء

دخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت محطة كهرباء في صنعاء الخاضعة للحوثيين (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت محطة كهرباء في صنعاء الخاضعة للحوثيين (أ.ف.ب)

قال الجيش الأميركي إنه نفذ غارات جوية دقيقة على مستودع لتخزين الصواريخ ومنشأة للقيادة والسيطرة تديرهما جماعة الحوثي المدعومة من إيران في العاصمة اليمنية صنعاء، بُعيد تبني الحوثيين إطلاق صاروخ على وسط إسرائيل أسفر عن سقوط جرحى.

وقالت القيادة الوسطى الأميركية «سنتكوم»، في بيان، إن القوات الأميركية أسقطت أيضاً خلال العملية طائرات مسيّرة عدة للحوثيين فوق البحر الأحمر إضافة إلى صاروخ مضاد للسفن.

وذكرت القيادة المركزية للجيش الأميركي في بيان أن الضربات تهدف إلى «تعطيل وإضعاف عمليات الحوثيين، ومنها الهجمات على السفن الحربية الأميركية والسفن التجارية في جنوب البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن».

وهزت انفجارات عنيفة العاصمة اليمنية صنعاء، مساء السبت، إثر غارات جوية لمقاتلات التحالف الأمريكي البريطاني. وقال سكان محليون لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «إن الغارات استهدفت مواقع عسكرية في جبلي عطان ونقم جنوب وشرق العاصمة صنعاء».

وأكد السكان، تصاعد أعمدة الدخان وألسنة اللهب من المواقع المستهدفة، دون أن يتضح حجم الخسائر.

ولم يتطرق الحوثيون إلى تفاصيل القصف حتى الآن.

وبدأت الغارات الأمريكية البريطانية في اليمن في 12 يناير (كانون الثاني) 2024، رداً على هجمات الحوثيين في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، التي يقولون إنها تستهدف السفن الإسرائيلية والمرتبطة بإسرائيل نصرة لغزة، قبل أن توسع نطاق عملياتها مستهدفة سفناً أمريكية وبريطانية. ومنذ الخميس الماضي صعّد الحوثيون هجماتهم على إسرائيل، ما استدعى الأخيرة إلى شن هجوم جوي على مواني الحديدة، غرب البلاد، ومحطات الطاقة في صنعاء، مخلفاً أضراراً مادية في ميناء الحديدة وتسعة قتلى من العمال وإصابة ثلاثة آخرين.