انقلابيو اليمن يخطفون 93 مدنياً خلال شهر

الجماعة اعترفت باعتقال 26 ألف شخص في 9 أعوام

عناصر حوثيون في صنعاء يرددون شعار الجماعة (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون في صنعاء يرددون شعار الجماعة (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يخطفون 93 مدنياً خلال شهر

عناصر حوثيون في صنعاء يرددون شعار الجماعة (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون في صنعاء يرددون شعار الجماعة (إ.ب.أ)

تصاعدت عمليات الخطف التي ينفّذها عناصر ما يسمى «الأمن الوقائي» التابعون لجماعة الحوثي ضد المدنيين في العاصمة المختطفة صنعاء وبقية مناطق سيطرتهم، حيث أفادت مصادر حقوقية باختطاف 93 مدنياً خلال شهر.

وطبقاً للمصادر وجهت الجماعة الحوثية للمختطفين تهماً ملفقة بمناهضة مشروعها ومساندة الحكومة الشرعية، وهي التهم التي اعتاد الانقلابيون إلصاقها بخصومهم الرافضين أفكار الجماعة وعنصريتها ضد اليمنيين.

مؤيدون للجماعة الحوثية احتشدوا في صنعاء تلبية لدعوة زعيمهم (إ.ب.أ)

وتتزامن أعمال الخطف الحوثية وجرائم التعقب والملاحقة ضد المدنيين في صنعاء ومدن أخرى، مع فلتان أمني غير مسبوق زادت معه معدلات الجريمة والقتل اليومي وأعمال النهب والسطو على الممتلكات العامة والخاصة.

وسجلت صنعاء – بحسب المصادر - أعلى نسبة فيما يتعلق بجرائم الخطف الحوثية ضد المدنيين، تلتها محافظة إب، ثم ذمار في الترتيب الثالث.

ويتحدث «رمزي ع.»، وهو والد شاب من صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرض ابنه للخطف ثالث أيام رمضان على يد مسلحين تابعين للجماعة الحوثية عندما كان موجوداً في إحدى الأسواق وسط المدينة لشراء بعض احتياجات المنزل.

ولا يعرف والد الشاب حتى اللحظة سبب اعتقال نجله وإيداعه سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة في صنعاء، غير أن مصادر أمنية عاملة بذلك الجهاز أكدت له، قبل أيام أن الشاب متهم بأعمال التحريض ضد الجماعة وكبار قادتها بأماكن التجمعات وعلى مستوى الحي الذي يقطنه في صنعاء.

ويفيد رمزي بأنه لم يسمح له وبقية أفراد عائلته بإجراء زيارة لابنه المعتقل في سجون الحوثيين، موضحاً أن الجماعة اشترطت عليه التعهد الخطي بألا يعود ابنه إلى التحريض ضدها، ودفع مبلغ تأديبي مقابل السماح بزيارته وكذا الإفراج عنه.

استغل الحوثيون الحرب في غزة لكسب مزيد من الأتباع (أ.ف.ب)

وخلال السنوات الماضية درجت الجماعة الحوثية على تصعيد أعمال الخطف للمدنيين من منازلهم ومن الشوارع والطرقات، وإخفائهم فترات متفاوتة بتهم ملفقة أو كيدية بغية الابتزاز أو إذلال أقاربهم.

معتقلون بالآلاف

بالتزامن مع تصاعد معاناة اليمنيين جراء تدهور المعيشة والانفلات الأمني وازدياد معدل الجريمة بمختلف أنواعها بما فيها الخطف والتغييب القسري في السجون لأشهر طويلة، أقرت الجماعة الحوثية باعتقال أكثر من 26800 مدني بينهم نساء وأطفال من محافظات عدة تحت سيطرتها خلال التسعة الأعوام الماضية.

ويتهم تقرير صادر عن وزارة داخلية الحوثيين في صنعاء، ما يربو على 1160 يمنياً تعرضوا للخطف من مدن متفرقة بأنهم ينتمون إلى جماعات يصفهم الحوثيون بـ«التكفيريين»، ونحو 23 ألفاً و508 مدنيين آخرين بأنهم يعملون لمصلحة الحكومة الشرعية، إلى جانب أكثر من 2157 معتقلاً آخر بتهمة التخابر مع التحالف الداعم للشرعية.

وأبدت الجماعة الحوثية في تقريرها اعترافاً بحدوث ما يزيد على 260 ألف جريمة مختلفة معظمها جسيمة بعموم مناطق سيطرتها خلال 9 أعوام من بينها جرائم قتل وسرقة وتزوير وابتزاز وتعاطي واتجار بالممنوعات وحرابة وقطع طرقات ونهب بقوة السلاح للممتلكات العامة والخاصة.

وأفاد التقرير الحوثي بتسجيل ما يزيد على 14 ألف جريمة اتجار في المخدرات في المناطق الخاضعة تحت سيطرتها، إضافة إلى تلقي أزيد من 44 ألفاً، و692 شكوى من الفساد والانتهاكات.

أطلقت الجماعة الحوثية يدها لاعتقال مناهضيها بذريعة الحرب في غزة (أ.ف.ب)

ويرى حقوقيون أن هذا العدد من الشكاوى قدم من السكان رغم المخاوف والقمع والتعسف الحوثي، وسط اعتقاد أن الأرقام الحقيقية للفساد والجرائم والانتهاكات التي يقوم بها عناصر الجماعة تفوق ما هو معلن.

ويقول «س. م.» وهو ضابط أمن متقاعد ومناوئ للحوثيين لـ«الشرق الأوسط»، إن أغلب مناطق صنعاء ومدناً أخرى تحت سيطرة الجماعة تحولت إلى أرض خصبة للاختطافات والاعتقالات وجرائم القتل والإصابة والسطو والابتزاز والنهب والعبث المنظم وغير المبرر.


مقالات ذات صلة

​نقص الدعم يهدد بإغلاق مئات المنشآت الطبية في اليمن

العالم العربي 7 ملايين يمني مهددون بالحرمان من الرعاية المنقذة للحياة (الأمم المتحدة)

​نقص الدعم يهدد بإغلاق مئات المنشآت الطبية في اليمن

حذّرت الأمم المتحدة من أن نقص التمويل في اليمن قد يؤدي إلى إغلاق 771 مركزاً صحياً إضافياً وحرمان ما يقرب من 7 ملايين شخص من الحصول على الرعاية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين 2» ويستخدمونه في مهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)

الحوثيون يتبنّون أولى هجمات المساندة لإيران ضد إسرائيل

تبنّت الجماعة الحوثية أولى الهجمات الصاروخية المنسقة مع إيران لمساندتها ضد إسرائيل وذلك غداة تأكيد زعيم الجماعة دعمه لموقف طهران «بكل ما يستطيع».

علي ربيع (عدن)
العالم العربي سعي لحماية الأراضي الزراعية في اليمن من جرف التربة (إعلام محلي)

مبادرة دولية تعيد تأهيل أنظمة الري في 8 مديريات يمنية

تمكنت مبادرة ممولة من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية في 8 مديريات يمنية من إعادة تأهيل أنظمة الري، وتعزيز الممارسات الزراعية المقاومة لتغير المناخ.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي دورية حوثية في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)

الحوثيون يشددون القيود على سكان صعدة والقادمين إليها

فرضت الجماعة الحوثية قيوداً جديدة ومُشددة على سكان معقلها الرئيسي في صعدة وعلى المسافرين منها وإليها، ضمن مساعيها لتحويل المحافظة إلى منطقة شبه مغلقة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

تحليل إخباري كيف سيتصرف الحوثيون عقب الضربات الإسرائيلية على إيران؟

تلقت الجماعة الحوثية في اليمن صدمة كبيرة على إثر الضربات الإسرائيلية على إيران، فيما يتوقع باحثون يمنيون أن الجماعة قد تجنح للتصعيد العسكري لخدمة أجندة طهران

علي ربيع (عدن)

​نقص الدعم يهدد بإغلاق مئات المنشآت الطبية في اليمن

7 ملايين يمني مهددون بالحرمان من الرعاية المنقذة للحياة (الأمم المتحدة)
7 ملايين يمني مهددون بالحرمان من الرعاية المنقذة للحياة (الأمم المتحدة)
TT

​نقص الدعم يهدد بإغلاق مئات المنشآت الطبية في اليمن

7 ملايين يمني مهددون بالحرمان من الرعاية المنقذة للحياة (الأمم المتحدة)
7 ملايين يمني مهددون بالحرمان من الرعاية المنقذة للحياة (الأمم المتحدة)

في حين يعاني النظام الصحي في اليمن من الهشاشة، حيث توقف نصف المنشآت الطبية بفعل الحرب التي أشعلها الحوثيون، حذّرت الأمم المتحدة من أن نقص التمويل قد يؤدي إلى إغلاق 771 مركزاً صحياً إضافياً، وحرمان ما يقرب من 7 ملايين شخص من الحصول على الرعاية المنقذة للحياة.

وأعاد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية التذكير بأن هناك أكثر من 17 مليون شخص – أي ما يقرب من نصف سكان اليمن – يعانون من جوع حاد.

وقال المكتب الأممي إن سوء التغذية لا يزال آفة في جميع المحافظات، إذ يؤثر على 1.3 مليون امرأة حامل ومرضع، و2.3 مليون طفل دون سن الخامسة. وحذّر من أنه من دون دعم إنساني مستدام، قد ينتهي الأمر بنحو 6 ملايين شخص آخرين إلى مستويات طوارئ من انعدام الأمن الغذائي.

ومع إعادة المكتب الأممي إلى بيئة العمل المليئة بالمخاطر والتحديات الجسيمة، وتعهده بمواصلة العمليات الإنسانية، بيّن أنه خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، تلقى ما يزيد قليلاً على أربعة ملايين شخص شهرياً في المتوسط مساعدات إنسانية منقذة للحياة.

مناطق سيطرة الحوثيين تحولت إلى بيئة مليئة بالمخاطر لعمال الإغاثة (إعلام محلي)

وأوضح المكتب أن 4.7 مليون يمني تلقى مساعدات غذائية طارئة منتظمة، كما تلقى ما يقرب من 90 ألف شخص دعماً في قطاعي الزراعة والثروة السمكية.

وبالإضافة إلى ذلك، عولج 262 ألف طفل وامرأة حامل ومرضع من سوء التغذية الحاد المتوسط، وعولج 77 ألف طفل آخر من سوء التغذية الحاد الوخيم، وتلقت أكثر من 51 ألف امرأة مساعدة أثناء ولادة أطفالهن؛ وفق المكتب الأممي.

ضغوط هائلة

في ظل نظام صحي هش في اليمن، أفاد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بأنه تم تقديم 2.4 مليون استشارة خارجية للنازحين اليمنيين داخلياً والمجتمعات المضيفة، بينما تستمر الاستجابة للكوليرا في البناء على العمل الذي تم إنجازه، من خلال دعم المستشفيات ومراكز علاج الإسهال، وتدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية، وتوزيع أدوات التشخيص.

إلا أنه وفي ظل مواجهة المجتمعات أزمات متعددة، حيث تُخيّم التحديات والتوترات الإقليمية على الواقع السياسي والأمني الداخلي، قال المكتب الأممي إن الاقتصاد يتعرض لضغوط هائلة، وتزيد أزمة المناخ من ضعف الناس.

وأكد البيانات الأممية أن المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن لن تكفي - رغم أهميتها لبقاء المجتمعات في الوقت الراهن - بل يجب الالتزام بتوسيع نطاق المساعدات الإنمائية طويلة الأجل، لمنع المجتمعات من الانزلاق إلى مستويات أكثر حدة من الاحتياجات الإنسانية، مع ضمان الوصول إلى الخدمات الأساسية وتوفير فرص اقتصادية ومعيشية.

انعدام الغذاء

في سياق التحذيرات الدولية من تدهور الأوضاع في اليمن، توقّع تقرير أعدته 6 منظمات أممية ودولية أن يواجه أكثر من 420 ألف شخص إضافي في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في الأشهر الأربعة الأخيرة من العام الحالي وحتى بداية العام المقبل.

وبحسب تقرير الرصد المشترك لهذه المنظمات العاملة في المجال الإنساني باليمن، فإن إجمالي الأشخاص في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، والذين سيعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد، سيرتفع إلى 5.38 مليون شخص، بعد أن كان يُقدّر عددهم بنحو 4.95 مليون في الثلث الثاني من هذا العام.

نقص التمويل أدخل 420 ألف يمني ضمن قوائم الحرمان الغذائي الحاد (إعلام محلي)

وأوضح التقرير أنه من بين 118 مديرية جرى تحليلها، سيزيد عدد المديريات التي تعاني من أزمة الغذاء على مستوى الطوارئ من 41 إلى 48، أي بزيادة قدرها 7 مديريات، ورأى أن ذلك «يؤكد استمرار التدهور المثير للقلق في الأمن الغذائي».

وتعكس التوقعات الآثار «المتراكمة والمتداخلة» للتدهور الاقتصادي المستمر، وانخفاض المساعدات الإنسانية، وتفاقم الصدمات المناخية، حيث تُظهر المؤشرات أن استمرار انخفاض قيمة العملة، وزيادة تكاليف الوقود، يدفعان أسعار المواد الغذائية إلى الارتفاع.

وطبقاً للتقرير فإن ذلك يحدّ بشكل أكبر من قدرة الأسر على الحصول على المواد الغذائية الأساسية، وهو ما يتطلب توسيع نطاق المساعدات الإنسانية، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي لتفادي مزيد من التدهور.

وأكدت المنظمات الإغاثية أنه ومن دون تحسينات كبيرة في تغطية المساعدات واستقرار الاقتصاد الكلي اليمني، فإن انعدام الأمن الغذائي سيتفاقم، متعهدة بمواصلة تتبع الاتجاهات الرئيسة المحركة لأزمة التدهور الغذائي في البلاد، مثل تدفقات الواردات، وصدمات الأسعار، والظروف الجوية الزراعية، بهدف توجيه العمل الإنساني وسياسات الاستجابات المطلوبة.