معلم يمني يفارق الحياة في سجن حوثي بصنعاء

الحكومة اتهمت الجماعة بقتل 350 معتقلاً تحت التعذيب

يتهم الحوثيون بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في مناطق سيطرتهم بما في ذلك تفجير المنازل (إ.ب.أ)
يتهم الحوثيون بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في مناطق سيطرتهم بما في ذلك تفجير المنازل (إ.ب.أ)
TT

معلم يمني يفارق الحياة في سجن حوثي بصنعاء

يتهم الحوثيون بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في مناطق سيطرتهم بما في ذلك تفجير المنازل (إ.ب.أ)
يتهم الحوثيون بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في مناطق سيطرتهم بما في ذلك تفجير المنازل (إ.ب.أ)

فارق معلم يمني الحياة في أحد سجون الجماعة الحوثية، بعد ستة أشهر من خطفه وإخفائه، ليكون بذلك خامس ضحية يقضي في المعتقل خلال نحو 70 يوماً، في وقت تتهم فيه الحكومة اليمنية الجماعة بقتل 350 مختطفاً تحت التعذيب.

وتزيد الحادثة مخاوف أسر ومؤيدي رئيس نادي المعلمين اليمنيين والقاضي المعارض عبد الوهاب قطران اللذين أودعا سجون المخابرات الحوثية منذ عدة أشهر؛ بسبب مطالبتهما بصرف رواتب الموظفين المقطوعة منذ نهاية عام 2016.

استحدثت الجماعة الحوثية عشرات المقابر في مناطق سيطرتها (إ.ب.أ)

وأفاد ناشطون يمنيون بأن صبري الحكيمي، وهو كبير المدربين في وزارة التربية والتعليم، توفي في ظروف غامضة في إحدى زنازين جهاز مخابرات الحوثيين، وطالبوا بفتح تحقيق شفاف في أسباب وفاته وتشريح جثته على يد الطبيب الشرعي للمساعدة في معرفة أسباب الوفاة.

ووفق بيان وقعه العشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان والكتاب، فإن الحوثيين اقتادوا الحكيمي قبل ستة أشهر إلى أحد سجون جهاز الأمن والمخابرات في صنعاء، ولم تعلن أسرته عن الحادثة نزولاً عند نصيحة مقربين بتجنب إثارة القضية إعلامياً؛ لأن ذلك سيساعد على إقناع الحوثيين بإطلاق سراحه لكن ذلك لم يتم.

الموقعون على البيان قالوا إنهم صدموا بخبر وفاة الحكيمي في سجون المخابرات الحوثية، حيث لم يعرفوا بخبر اعتقاله إلا في يوم وفاته، ونبهوا إلى زيادة حالات الوفاة في هذه السجون، حيث كان آخر الضحايا زيدون جحاف وهشام الحكيمي مسؤول السلامة في منظمة «إنقاذ الطفولة».

وبيّنوا أن ذلك يجعل من الدعوة إلى إجراء تحقيق شفاف حول أسباب الوفاة في جهاز المخابرات والأمن الحوثي مسألة في صميم مهام كل العاملين في ميدان الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات المدنية في اليمن.

وبحسب ما قاله نشطاء في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، فإن مخابرات الحوثيين عمدت خلال السنة الماضية إلى إبلاغ أسر الأشخاص الذين تعتقلهم بأن عدم إثارة قضاياهم في وسائل الإعلام سيكون ضمانة لحسن المعاملة ويختصر فترة اعتقالهم.

تنديد حكومي

في أول رد رسمي، أدان وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، معمر الإرياني، الواقعة بأشد العبارات، مشيراً إلى أن المعلم والتربوي صبري الحكيمي توفي تحت التعذيب والإهمال وانعدام الرعاية الصحية، بعد 6 أشهر من اختطافه وإخفائه.

تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة الحوثية قتلت 350 معتقلاً تحت التعذيب (أ.ف.ب)

وأوضح الإرياني في تصريح رسمي أن هذه الحادثة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، حيث «لم تراع ميليشيا الحوثي الإرهابية المكانة العلمية والتربوية، ولا الوضع الصحي للحكيمي، في امتداد لمسلسل جرائمها النكراء التي ارتكبتها بحق اليمنيين، والتي لن تمر دون عقاب، وسيأتي اليوم الذي سيقدم المسؤولون عنها للمحاسبة»، وفق تعبيره.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن وزارة حقوق الإنسان رصدت أكثر من 350 جريمة قتل تحت التعذيب من إجمالي 1635 حالة تعرضت للتعذيب في معتقلات الحوثيين. وأضاف أن منظمات حقوقية متخصصة وثقت قيام الحوثيين بارتكاب جريمة الإخفاء القسري بحق 2406 من المدنيين في معتقلاتهم غير القانونية، وأن 32 مختطفاً تعرضوا للتصفية الجسدية، فيما انتحر آخرون للتخلص من قسوة وبشاعة التعذيب، علاوة على تسجيل 79 حالة وفاة للمختطفين، من بينها 31 حالة وفاة بنوبات قلبية بسبب الإهمال الطبي.

وطالب الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوث الأممي ومنظمات حقوق الإنسان وكل الحقوقيين والنشطاء في العالم، بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت الذي شجع ميليشيا الحوثي على ممارسة الفظائع بحق المدنيين».

كما طالب الوزير اليمني المجتمع الدولي بالشروع الفوري في تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية»، وتكريس الجهود لدعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية لاستعادة الدولة وإرساء الأمن والاستقرار على كامل الأراضي اليمنية.

وجدت الجماعة الحوثية في الحرب على غزة فرصة للتنكيل بمعارضيها (إ.ب.أ)

ومع شيوع نبأ الوفاة الغامضة لكبير مدربي وزارة التربية والتعليم، زادت المخاوف على حياة وسلامة رئيس نادي المعلمين اليمنيين عبد القوي الكميم، والذي يعاني من متاعب صحية استدعت نقله أكثر من مرة من الزنزانة إلى المستشفى، حيث اعتقله الحوثيون وأربعة من مساعديه بسبب قيادته احتجاجات المعلمين المطالِبة بصرف رواتبهم التي قطعها الحوثيون منذ 8 أعوام.

كما حذر نشطاء وكتاب يمنيون من تدهور صحة القاضي عبد الوهاب القطران الذي أمضي نحو شهرين في سجون الحوثيين بسبب كتابته منشوراً انتقد فيه مهاجمة الحوثيين الملاحة في جنوب البحر الأحمر، وطالب بصرف رواتب الموظفين.


مقالات ذات صلة

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

العالم العربي امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

بانتهاء موسم حصاد الحبوب الشحيح في اليمن، يواجه المزارعون خيارات صعبة في مواسم الجفاف لتأمين الغذاء وتربية المواشي مع قلة خبرتهم بالتعامل مع تغيرات المناخ

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)

توجّه حوثي لإنشاء كيان يتولّى مراقبة صالات الأعراس

تعتزم الجماعة الحوثية في اليمن تأسيس كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس والمناسبات بصنعاء وغيرها من المدن الخاضعة للانقلاب

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)

إحالة مسؤولَين يمنيَين إلى المحكمة بتهمة إهدار 180 مليون دولار

في خطوة أولى وغير مسبوقة للحكومة اليمنية، أحالت النيابة العامة مسؤولَين في مصافي عدن إلى محكمة الأموال العامة بتهمة إهدار 180 مليون دولار.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

بينما جدد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

صعّدت جماعة الحوثيين في اليمن من وتيرة انتهاكاتها بحق أقارب المغتربين لا سيما المنتمون منهم إلى محافظتي إب والضالع، وذلك ضمن استهداف الجماعة الممنهج للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».