مطالب دولية بالتحقيق في وفاة موظف إغاثة يمني في سجن حوثي

«إنقاذ الطفولة» تفصل أحد أفرادها... وتعلق ثلثي برامجها

يتعرض الأطفال اليمنيون لأنواع شتى من الانتهاكات (إ.ب.أ)
يتعرض الأطفال اليمنيون لأنواع شتى من الانتهاكات (إ.ب.أ)
TT

مطالب دولية بالتحقيق في وفاة موظف إغاثة يمني في سجن حوثي

يتعرض الأطفال اليمنيون لأنواع شتى من الانتهاكات (إ.ب.أ)
يتعرض الأطفال اليمنيون لأنواع شتى من الانتهاكات (إ.ب.أ)

أعلنت منظمة «إنقاذ الطفولة» فصل أحد الموظفين في مكتبها باليمن، على خلفية وفاة هشام الحكيمي مسؤول الأمن والسلامة في المنظمة خلال اعتقاله في سجن مخابرات تابع للحوثيين، وسط مطالبات أممية ودولية بتحقيق فوري ومستقل في الحادثة، والكشف عن ظروف اعتقال 3 من موظفي الأمم المتحدة والسماح لأسرهم بزيارتهم.

وفي بيان جديد، ذكرت المنظمة أنه تم تعليق ما يقرب من ثلثي برامجها في مناطق سيطرة الحوثيين، بعد وفاة الحكيمي أثناء الاحتجاز في سجون الجماعة. وجددت الدعوة إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في وفاته، مؤكدة أن الحوثيين الذين اعتقلوه في التاسع من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي لم يقدموا سبباً واضحاً لاعتقاله.

دفع الحكيمي حياته في سجن حوثي مع تكهنات بتعرضه للتصفية (إكس)

وقالت إنغر أشينغ، الرئيس التنفيذي لمنظمة رعاية الأطفال الدولية إن هذا الحدث المأساوي «ستكون له تداعيات على أسرة الحكيمي وزملائه وعلى عملنا في اليمن. ومن الأهمية بمكان أن يتم إجراء تحقيق في وفاته في أسرع وقت؛ لأن سلامة وأمن موظفي المنظمة هما أولوية قصوى». وأكدت في بيانها أنه، ورداً على هذا الحادث، اتخذت المنظمة القرار الصعب بتعليق عملياتها، وأنها تجري تقييماً شاملاً للوضع، والتداعيات الأمنية على الموظفين والشركاء.

وذكرت أشينغ أنه على الرغم من المحاولات المتكررة من قبل عائلة الحكيمي وفرق المنظمة وممثليها القانونيين، فإن أحداً لم يتمكّن من رؤيته أو التحدث معه طوال فترة احتجازه لدى الحوثيين، ولم يتم توجيه أي اتهامات له، أو اتخاذ إجراءات قانونية بحقه، أو تقديم سبب لاحتجازه. وبيّنت أنها طلبت المساعدة من شركة قانونية مستقلة لمراجعة الظروف المحيطة باحتجاز الحكيمي.

وفي بيانها، أكدت منظمة «إنقاذ الطفولة» أنها قامت كذلك بفصل أحد الموظفين لديها، وأنه يتم اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان اتباع جميع العمليات المتعلقة بسلامة الموظفين. لكنها لم تذكر اسم الموظف الذي فُصل، خصوصاً أن هناك شكوكاً كبيرة حول الدور الذي لعبته المديرة السابقة لمكتب اليمن، التي غادرت صنعاء في يوم اعتقال مسؤول الأمن والسلامة نفسه، وبعد خلافات بين الطرفين حول إجراءات الأمن والسلامة المتبعة داخلياً.

دعوات للتحقيق

وانضمت 25 منظمة دولية تعمل في المجال الإغاثي في اليمن، إلى المطالبة بإجراء تحقيق مستقل في وفاة هشام الحكيمي، معبّرة عن صدمتها الكبيرة تجاه الحادثة.

وأعلنت المنظمات، ومن بينها «كير» و«أوكسفام» و«المجلس النرويجي للاجئين» تضامنها مع منظمة «إنقاذ الطفولة»، التي تقدم المساعدات المنقذة لحياة ملايين الأطفال والأسر في هذه الظروف الصعبة للغاية.

مخاطر كبيرة تعترض العمل الإغاثي في مناطق سيطرة الحوثيين (إكس)

وقالت المنظمات الموقعة على البيان إنها «تشعر بالقلق إزاء التقارير التي تفيد بأن الحكيمي احتُجز دون أي تهم أو أي إجراءات قانونية واضحة، كما لم يتمكّن أحد من التحدث إليه أو رؤيته خلال فترة احتجازه».

وطالبت بإجراء تحقيق فوري ومستقل وشفاف حول ظروف وفاته، على غرار منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ديفيد غريسلي، الذي دعا سلطات الحوثيين لتقديم معلومات كاملة عن ظروف اعتقال 3 من موظفي الأمم المتحدة والسماح لأسرهم بزيارتهم.

وأكد البيان المشترك، أن العاملين في المجال الإنساني يتمتعون بالحماية بموجب القانون الإنساني الدولي، إلا أنهم لا يزالون يتعرضون للعنف في مختلف أنحاء اليمن «دون أدنى حساب». وحثت المنظمات أطراف الصراع على ضمان سلامة العاملين الإنسانيين واحترام حقوقهم، بما يتماشى مع القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

مطالب أوروبية

من جهتهم، طالب سفراء الاتحاد الأوروبي لدى اليمن، الحوثيين بالكشف سريعاً عن ظروف وفاة مسؤول الأمن والسلامة في سجن المخابرات الحوثية.

وذكر السفراء، في بيان قصير، أن رؤساء بعثات الاتحاد الأوروبي ناقشوا بقلق عميق وفاة الحكيمي، في سجن مخابرات الحوثيين بصنعاء. وطالبوا بتوضيح ظروف وفاته بشكل سريع وشامل. وجدد السفراء دعوتهم الحوثيين للإفراج عن موظفي الأمم المتحدة الثلاثة الذين لا يزالون محتجزين لدى جهاز المخابرات منذ نحو عامين، وكذا 11 موظفاً في السفارة الأميركية بصنعاء، المحتجزين المدة نفسها.


مقالات ذات صلة

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة والصحة وزيادة معدل الاحتباس الحراري.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

قدرت مصادر يمنية أن جهاز الاستخبارات المستحدث الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، اعتقل نحو 5 آلاف شخص على خلفية احتفالهم بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي صاروخ باليستي زعم الحوثيون أنهم أطلقوه باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يتبنّون استهداف تل أبيب بمسيّرات

ضمن تصعيد الجماعة الحوثية تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مناصرة «حزب الله» في لبنان، تبنت، الخميس، إطلاق عدد من الطائرات المسيرة باتجاه تل أبيب

علي ربيع (عدن)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
TT

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

كثفت الجماعة الحوثية من استهداف قطاع التعليم الأهلي ومنتسبيه في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس الأهلية على المشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية»؛ بغية تجنيدهم للدفاع عن أجندتها ذات البعد الطائفي.

وبحسب مصادر تربوية يمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، دشنت الجماعة الحوثية خلال الأيام القليلة الماضية حملات تجنيد للطلاب والكادر التربوي من أجل استقطاب مقاتلين جدد إلى صفوفها.

الانقلابيون أخضعوا طلاباً وتربويين في صنعاء للتعبئة الفكرية والعسكرية (إكس)

ويفرض الانقلابيون الحوثيون على مديري المدارس الخاصة في صنعاء اختيار 15 طالباً و10 تربويين من كل مدرسة في صنعاء؛ لإلحاقهم بدورات تعبوية وعسكرية. كما تتوعد الجماعة - طبقاً للمصادر - الرافضين لتلك التوجيهات بعقوبات مشددة تصل إلى حد الإغلاق وفرض غرامات مالية تأديبية.

وأثار الاستهداف الحوثي الأخير للمدارس موجة غضب ورفض في أوساط الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، فيما اتهم التربويون الجماعة بالمضي في استغلال مؤسسات التعليم بعد تجريفها للحشد والتجنيد.

واشتكى أولياء الأمور في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من استهداف أطفالهم بعد أخذهم عنوة من فصول الدراسة دون معرفتهم إلى أماكن مجهولة لتدريبهم على القتال وغسل أدمغتهم بالأفكار المتطرفة، تمهيداً للزج بهم إلى الجبهات.

ونتيجة لذلك الاستهداف، شهد عدد من المدارس الأهلية في صنعاء غياباً ملحوظاً للطلبة والمعلمين الذي رفضوا استمرار الحضور، جراء ما يقوم به الانقلابيون من إجبار على الالتحاق بالدورات القتالية.

وأفادت مصادر تربوية في صنعاء بأن عدداً كبيراً من أولياء الأمور منعوا أبناءهم من الذهاب للمدارس، خصوصاً تلك المستهدفة حالياً من قبل الجماعة، وذلك خوفاً عليهم من الخضوع القسري للتجنيد.

تعبئة مستمرة

أجبر الانقلابيون الحوثيون مديري مدارس «التواصل» و«منارات» و«النهضة» «ورواد»، وهي مدارس أهلية في صنعاء، على إيقاف الدراسة ليوم واحد بحجة عقد اجتماعات معهم. كما ألزمت الجماعة من خلال تلك الاجتماعات المدارس بتوفير ما لا يقل عن 25 طالباً وتربوياً من كل مدرسة للمشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية».

وشهدت إحدى المناطق في ضواحي صنعاء قبل يومين تدريبات عسكرية ختامية لدفعة جديدة تضم أكثر من 250 طالباً ومعلماً، جرى اختيارهم من 25 مدرسة في مديرية الحيمة الداخلية بصنعاء، وإخضاعهم على مدى أسابيع لدورات قتالية ضمن ما تسميه الجماعة «المرحلة الخامسة من دورات (طوفان الأقصى)».

اتهامات لجماعة الحوثي بإجبار مدارس على تقديم مقاتلين جدد (إعلام حوثي)

ونقلت وسائل إعلام حوثية عن قيادات في الجماعة تأكيدها أن الدورة ركزت على الجانب التعبوي والقتالي، استجابةً لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي؛ استعداداً لما يسميه «مواجهة الأعداء وتحرير الأقصى».

يتزامن هذا التحرك الانقلابي مع استمرار معاناة عشرات الآلاف من المعلمين والتربويين في كافة المناطق تحت سيطرة الجماعة؛ بسبب انقطاع رواتبهم منذ عدة سنوات، مضافاً إليها ارتكاب الجماعة سلسلة لا حصر لها من الانتهاكات التي أدت إلى تعطيل العملية التعليمة بعموم مناطق سيطرتها.

وكانت الجماعة الحوثية أخضعت في أواخر أغسطس (آب) الماضي، أكثر من 80 معلماً وتربوياً في مديرية الصافية في صنعاء لدورات تعبوية وقتالية، كما أرغمت المدارس الأهلية في صنعاء، في حينها، على إحياء مناسبات ذات منحى طائفي، تُضاف إلى أنشطة تعبوية سابقة تستهدف أدمغة وعقول الطلبة بهدف تحشيدهم إلى الجبهات.

وتتهم عدة تقارير محلية وأخرى دولية جماعة الحوثي بأنها لم تكتفِ بتدمير قطاع التعليم في مناطق سيطرتها، من خلال نهب مرتبات المعلمين واستهداف وتفجير المدارس وإغلاق بعضها وتحويل أخرى لثكنات عسكرية، بل سعت بكل طاقتها لإحلال تعليم طائفي بديل يحرض على العنف والقتل والكراهية.