تقرير أممي: الزواج المبكر يحرم ثلث اليمنيات من التعليم

90 % من سكان مأرب نزحوا فيها هرباً من الحرب

تسبب الصراع في تدمير اقتصاد اليمن وفشل نظام تقديم الخدمات الأساسية وتردي التعليم (الأمم المتحدة)
تسبب الصراع في تدمير اقتصاد اليمن وفشل نظام تقديم الخدمات الأساسية وتردي التعليم (الأمم المتحدة)
TT

تقرير أممي: الزواج المبكر يحرم ثلث اليمنيات من التعليم

تسبب الصراع في تدمير اقتصاد اليمن وفشل نظام تقديم الخدمات الأساسية وتردي التعليم (الأمم المتحدة)
تسبب الصراع في تدمير اقتصاد اليمن وفشل نظام تقديم الخدمات الأساسية وتردي التعليم (الأمم المتحدة)

بينما أظهرت بيانات الأمم المتحدة أن الزواج المبكر في اليمن يتسبب في تسرب ثلث الفتيات من التعليم، أكدت أن النازحين داخلياً يشكلون نسبة 90 في المائة من السكان في محافظة مأرب الواقعة على خطوط المواجهة بين القوات الحكومية والحوثيين.

وذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في تقرير لها عن «تعويض التعليم المفقود» أن «أكثر من 30 في المائة من الفتيات في اليمن يتزوجن قبل بلوغهن سن 18 عاماً، وبمجرد تسربهن من المدرسة تتضاءل فرص عودتهن واللحاق مجدداً بالتعليم، مما يؤدي إلى حلقة مفرغة من الفقر والأمية العابرة للأجيال».

تتضاءل فرص عودة الفتيات واللحاق مجدداً بالتعليم عقب الزواج (الأمم المتحدة)

وبحسب التقرير، فإن الصراع الذي طال أمده في اليمن والمستمر منذ تسع سنوات أدى إلى موجات نزوح جماعي، كما تسبب في تدمير اقتصاد البلاد، وفشل نظام تقديم الخدمات الأساسية، وتردي التعليم؛ إذ أظهرت نتائج المسح العنقودي متعدد المؤشرات لعامي 2022-2023، أن طفلاً من كل أربعة لا يذهبون إلى المدرسة.

وبينت المنظمة في تقريرها أنه حتى أولئك الأطفال الذين يمكنهم الحضور إلى المدرسة فإنهم يعانون من فصول دراسية مكتظة ومرافق تعليمية غير مجهزة، في وقت لا تزال رواتب المعلمين متوقفة منذ عام 2016 تقريباً في المحافظات الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي في شمال البلاد.

دعم التعليم

قالت «يونيسيف» إنها تدعم تقديم دروس مجانية حول مهارات القراءة والكتابة والحساب الأساسية للأطفال الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف التعليم أو لأولئك المتسربين من التعليم النظامي، لمساعدتهم في الوصول إلى فرص تعليمية مجدية، والعودة إلى التعليم النظامي متى ما سنحت الظروف بذلك.

وكشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة أنها، بفضل تمويل من الاتحاد الأوروبي، تنفذ برامج التعليم غير النظامي للأطفال الذين تسربوا من المدارس وتدعم المعلمين بحوافز شهرية، وتمكنت حتى الآن من دعم ما مجموعه 50 ألف طفل للوصول إلى دروس القراءة والكتابة والحساب الأساسية، بالإضافة إلى برامج التعلم المسرع في كل من محافظات تعز ومأرب والحديدة وحجة وإبّ.

معظم الأطفال اليمنيين ينخرطون في رعي الأغنام والزراعة والتجارة لمساعدة أسرهم (الأمم المتحدة)

وذكرت «يونيسيف» أن إجمالي عدد النازحين في كافة مناطق اليمن منذ تصاعد الحرب عام 2015 نحو 4.5 مليون شخص، بينهم 1.3 مليون طفل، كما أن أكثر من 30 في المائة من الأسر النازحة عرضة للنزوح المتعدد، وفقاً لوثيقة نظرة عامة على الاحتياجات الإنسانية لعام 2024.

وأكدت أنه وسط النزوح والظروف الاقتصادية القاسية، يلجأ أغلب الأطفال غير الملتحقين بالمدارس للانخراط في عمالة الأطفال أو في الأعمال المنزلية من أجل البقاء وإعالة أسرهم، مما يزيد من صعوبة تعويض سنوات التعليم الضائعة.

عمل الأطفال

نقلت منظمة «يونيسيف» عن حسن هاجر الذي يعمل مديراً لمدرسة «السحاري» الابتدائية والثانوية في مأرب القول إنه بسبب الاضطرابات والظروف المعيشية السيئة، يعمل معظم الأطفال مع آبائهم؛ إذ ينخرطون في عدة قطاعات منها رعي الأغنام والزراعة والتجارة، لمساعدة أسرهم بسبب الفقر؛ لأنهم يفتقرون إلى أبسط الضروريات.

وبيّن هاجر أن هناك تحسناً كبيراً في تحصيل الطلاب، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة للمحافظة التي تعاني من تراجع معدلات الالتحاق بالمدارس على خلفية النزوح الجماعي والاضطرابات في المناطق الواقعة على طول الخطوط الأمامية.

يساعد الأطفال في اليمن عائلاتهم في العمل والزراعة وجلب الماء (إ.ب.أ)

ووفق بيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن محافظة مأرب الواقعة على خطوط المواجهة بين القوات الحكومية والحوثيين لا تزال تشهد نزوحاً جماعياً منذ عام 2021، وإن ما يصل إلى 90 في المائة من سكان المحافظة البالغ عددهم 1.6 مليون نسمة هم من النازحين داخلياً.

ويغطي مكتب المفوضية الأممية هناك مدينة مأرب ومديريات الوادي وحريب حيث تضم هذه المديريات الثلاث وحدها 210 مواقع للنازحين داخلياً، وتستضيف ما يقرب من 50.000 أسرة نازحة.

صراع منتظم

أكدت المفوضية الأممية أن خط المواجهة ظل مستقراً نسبياً منذ عام 2022، إلا أن اندلاع صراعات محلية بشكل منتظم، نظراً لأهمية هذه المناطق من الناحية الاستراتيجية ووفرة الموارد بها، لا يزال يشكل خطراً كبيراً لتجدد الصراع وحدوث نزوح إضافي كبير.

وقالت إنه خلال العام الحالي إذا ظل الوضع الأمني مستقراً، فهناك مجال لبناء قدرات الاعتماد على الذات والبحث عن حلول دائمة في المحافظة، من خلال دعم سبل العيش، ودعم التكامل المحلي، والدعم من خلال مساعدات أكثر استدامة في مجال المأوى والإسكان.

طفل يمني في صنعاء يساعد عائلته بالعمل في بيع السبحات (أ.ف.ب)

المفوضية نبهت إلى أن الوضع في المحافظة المنتجة للنفط والغاز لا يزال محفوفاً بالمخاطر، مع وجود حالات متكررة من النزوح الجديد، مما يتطلب مساعدة إنسانية وحماية فورية؛ إذ تطبق نهجاً ثلاثي المجموعات، يعمل عبر الحماية والمأوى والمواد غير الغذائية، وتنسيق وإدارة المخيمات.

وقالت إنها خلال العام الماضي دعمت 17.656 أسرة نازحة بمواد الإغاثة الأساسية، حيث تم تقييم 18.912 أسرة نازحة داخلياً لتحديد الاحتياجات ونقاط الضعف، كما استفاد 5.000 أسرة نازحة في ستة مواقع من أنشطة تنسيق وإدارة المخيمات.


مقالات ذات صلة

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.