ضربات أميركية استهدفت أسلحة حوثية تحت الأرض في صنعاء

الجماعة تعهدت بمواصلة الهجمات ضد السفن

دخان متصاعد إثر ضربة أميركية على موقع للحوثيين في صنعاء (رويترز)
دخان متصاعد إثر ضربة أميركية على موقع للحوثيين في صنعاء (رويترز)
TT

ضربات أميركية استهدفت أسلحة حوثية تحت الأرض في صنعاء

دخان متصاعد إثر ضربة أميركية على موقع للحوثيين في صنعاء (رويترز)
دخان متصاعد إثر ضربة أميركية على موقع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

تبنّت الولايات المتحدة ضربات استهدفت مستودعات أسلحة حوثية تحت الأرض في صنعاء، في سياق سعيها لإضعاف قدرات الجماعة الموالية لإيران، التي ردّ قادتها، السبت، بالتعهد بمواصلة الهجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ولم ترد أي تقارير عن سقوط خسائر بشرية جراء الضربات الأخيرة.

وتشكك الحكومة اليمنية في فاعلية تعامل واشنطن مع التهديد الحوثي، حيث ترى أنه لا بديل عن دعم قواتها على الأرض لاستعادة موانئ الحديدة وفرض سيطرتها على كامل التراب اليمني.

الهجمات الحوثية والضربات الدفاعية الغربية تحولتا إلى روتين شبه يومي منذ بدء التصعيد الحوثي البحري، ودخول واشنطن وحلفائها على خط المواجهة، ورغم مئات الغارات أقرّت الجماعة فقط بمقتل 34 من عناصرها.

وأكد الجيش الأميركي، في بيان، السبت، أن قواته دمرت 4 مسيّرات حوثية، وأن الجماعة أطلقت 4 صواريخ باليستية باتجاه البحر الأحمر دون أن تصاب السفن بأي أضرار.

وأوضح البيان أنه في 22 مارس (آذار)، بين نحو الساعة 4:22 صباحاً و11:10 مساءً (بتوقيت صنعاء)، نجحت قوات القيادة المركزية الأميركية في الاشتباك وتدمير 4 طائرات من دون طيار في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن دفاعاً عن النفس.

وخلال هذا الإطار الزمني، أضاف البيان أن «الإرهابيين الحوثيين المدعومين من إيران أطلقوا 4 صواريخ باليستية مضادة للسفن من المناطق التي يسيطرون عليها في اليمن باتجاه البحر الأحمر. ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار من قبل السفن الأميركية أو التحالف أو السفن التجارية».

تبنت واشنطن قصف مستودعات أسلحة حوثية تحت الأرض في صنعاء (أ.ف.ب)

وطبقاً للبيان، نفذت القوات الأميركية ضربات دفاع عن النفس ضد 3 منشآت تخزين تحت الأرض تابعة للحوثيين في المناطق التي يسيطرون عليها، حيث استهدفت الضربات القدرات التي يستخدمها الحوثيون لتهديد ومهاجمة السفن البحرية والسفن التجارية في المنطقة.

وأعاد الجيش الأميركي التذكير بأن هجمات الحوثيين غير القانونية أدت إلى مقتل 3 بحارة، وإغراق سفينة تجارية كانت تعبر البحر الأحمر بشكل قانوني، وإلى تعطيل المساعدات الإنسانية المتجهة إلى اليمن، كما أضرت باقتصادات الشرق الأوسط، وتسببت في أضرار بيئية.

وأكد البيان أن مرافق تخزين الأسلحة المستهدفة شكلت تهديداً لقوات الولايات المتحدة وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، وأن هذه الإجراءات ضرورية لحماية القوات، وضمان حرية الملاحة، وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

وأقرّت الجماعة الحوثية بتلقي الضربات التي وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية». وقالت وسائل إعلامها إن 4 غارات استهدفت منطقة «عطان»، وهي منطقة عسكرية كانت تستخدم من قبل ألوية الصواريخ اليمنية قبل انقلاب الحوثيين، وغارتين استهدفتا منطقة النهدين بجوار القصر الرئاسي اليمني، حيث يعتقد أن الجماعة لا تزال تستخدم مستودعات تحت الأرض لتخبئة الأسلحة.

يحشد الحوثيون مزيداً من الجنود من بوابة مناصرة الفلسطينيين في غزة (رويترز)

وبحسب الإعلام الحوثي، استهدفت 3 غارات منطقة جربان في مديرية سنحان حيث الضواحي الجنوبية لصنعاء، وهي منطقة كانت تضم قبل انقلاب الحوثيين مستودعات لأسلحة الجيش اليمني ومعسكراً للتدريب.

وكان إعلام الجماعة أورد أن غارتين استهدفتا، الجمعة، موقعاً في وادي سردد، حيث توجد مزرعة في منطقة الكدن، التابعة لمحافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر دون أي تفاصيل.

تمسك بالمواجهة

في أول ردّ حوثي على الضربات الأميركية في صنعاء، توعد مجلس حكمها الانقلابي (المجلس السياسي الأعلى) بالاستمرار في الهجمات البحرية، كما هدد بأن الضربات ستقابل «بتأديب المعتدي».

من جهته، قال المتحدث باسم الجماعة وكبير مفاوضيها محمد عبد السلام، في تغريدة على «إكس»، إن هذه الغارات لن تمنع جماعته من مواصلة استهداف السفن المتجهة من إسرائيل أو إليها، وفق زعمه، وإن لجماعته الحق «في الدفاع عن النفس والرد على مصادر التهديد».

وفي أحدث تصريحات لزعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته تلقت 407 غارات وقصفاً بحرياً منذ بداية دخول واشنطن على خط المواجهة، في 12 يناير (كانون الثاني).

وكانت واشنطن قد أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض.

كما أطلق الاتحاد الأوروبي مهمة «أسبيدس»، في منتصف فبراير (شباط) الماضي، وتشارك حتى الآن في المهمة البحرية فرنسا وألمانيا وهولندا وإيطاليا واليونان، دون شنّ ضربات على الأرض ضد الحوثيين، كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا.

تزعم الجماعة الحوثية أنها تهاجم السفن في البحر الأحمر وخليج عدن لمساندة الفلسطينيين في غزة (إ.ب.أ)

ويخشى المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن يؤدي التصعيد البحري بين الحوثيين والقوات الغربية إلى نسف مساعي السلام اليمني، وعودة القتال، وفق ما صرح به في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن.

من جهته، شدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، في أحدث تصريحاته، «على أن تأمين مدن الموانئ والمياه الإقليمية يجب أن يمر عبر دعم الحكومة وتعزيز قدراتها في استعادة نفوذها على كامل التراب الوطني».

وتبنّت الجماعة حتى الآن قصف نحو 75 سفينة، وهدّد زعيمها عبد الملك الحوثي بتوسيع الهجمات، من البحر الأحمر وخليج عدن إلى المحيط الهندي، لمنع الملاحة عبر رأس الرجاء الصالح، حتى وقف الحصار على غزة، وإنهاء الحرب الإسرائيلية، زاعماً أن الضربات الغربية لن تحد قدرات جماعته.

وأُصيبت 15 سفينة على الأقل، خلال الهجمات، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها حتى الآن، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة إثر قصف حوثي في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

كما تسبّب هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الحالي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس»، وهي سفينة شحن ليبيرية ترفع علم باربادوس، وهو أول هجوم قاتل تنفذه الجماعة.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة ضد الحوثيين، شنّت مئات الغارات على الأرض، أملاً في تحجيم قدراتهم العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

إلى ذلك، نفّذت القوات الأميركية، إلى جانب سفن أوروبية، العشرات من عمليات الاعتراض والتصدي للهجمات الحوثية بالصواريخ والطائرات المُسيّرة، والزوارق والغواصات الصغيرة غير المأهولة.


مقالات ذات صلة

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.