تقليل يمني من أهمية تطمينات حوثية لسفن الصين وروسيا

واشنطن تبنت تدمير زورق مسيّر وطائرة من دون طيار

سفينة الشحن «ترو كونفيدنس» تعرّضت لهجوم حوثي وقُتل 3 من طاقمها في خليج عدن (أ.ب)
سفينة الشحن «ترو كونفيدنس» تعرّضت لهجوم حوثي وقُتل 3 من طاقمها في خليج عدن (أ.ب)
TT

تقليل يمني من أهمية تطمينات حوثية لسفن الصين وروسيا

سفينة الشحن «ترو كونفيدنس» تعرّضت لهجوم حوثي وقُتل 3 من طاقمها في خليج عدن (أ.ب)
سفينة الشحن «ترو كونفيدنس» تعرّضت لهجوم حوثي وقُتل 3 من طاقمها في خليج عدن (أ.ب)

في وقت تواصلت فيه الضربات الوقائية الأميركية؛ لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وباب المندب، أعلنت الجماعة المدعومة من إيران تقديم تطمينات للصين وروسيا بأن سفنهما ستبحر عبر البحر الأحمر بأمان. وذكرت القوات المركزية الأميركية، أنها دمّرت زورقاً مسيّراً حوثياً وطائرة من دون طيار، في ضربات استهدفت مواقع سيطرة الجماعة، (الأربعاء).

وأوضح البيان الأميركي أن «هذه الأسلحة الحوثية تمثل تهديداً وشيكاً للسفن التجارية وسفن البحرية الأميركية في المنطقة، وأنه يتم اتخاذ هذه الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً».

وجاءت التطمينات الحوثية لبكين وموسكو وفقاً لـ«رويترز» على لسان محمد عبد السلام، كبير مفاوضي الجماعة، يوم الخميس؛ وهو ما دفع أصواتاً يمنية إلى قراءة الأمر من منظورين، الأول: استراتيجية إيران، والتقليل من أهمية التطمينات.

استراتيجية طهران

يعتقد محمد العمراني، رئيس المكتب الفني للمشاورات السياسية في الحكومة اليمنية، أن الاتفاق الذي كانت الحكومة اليمنية بصدد إنجازه مع الحوثيين بوساطة سعودية كان سيعطيهم الكثير، ولقد فعلت الرياض ذلك بناءً على رغبتها في إنهاء الحرب، «غير أن فرصة البحر الأحمر بالنسبة للحوثي وارتباطه بالمحور الإيراني وسعيه ليكون ضمن مشروع دولي أوسع بحيث تفوق عوائده عوائد عملية السلام».

ويرى العمراني أن إيران تريد «تحويل البحر الأحمر إلى مركز استقطاب لدول العالم، ويسعى الحوثي للارتباط بمحور أوسع مستغلاً البحر الأحمر كنقطة ضعف للمجتمع الدولي يمكن أن تمنحه القوة».

وفي ظل الوضع الدولي الراهن الذي تتحول فيه القضايا نقاط استقطاب وفقاً للعمراني فإن إيران «ستحاول تفكيك وحدة المجتمع الدولي بحيث يتسنى للحوثيين إحراز تفاهمات أحادية مع كل دولة للسماح لسفنها بالمرور، فهو من ناحية يعزز نفوذ إيران في البحر ومن ناحية أخرى يمنح الحوثي فرصاً للتفاهمات الثنائية مع الدول». ويشدد المسؤول اليمني على أن «وحدة المجتمع الدولي مهمة لمواجهة التحديات المشتركة وإلا فستتحول كل المشاكل فرصاً للاستقطاب».

بندقية للإيجار؟

يقلل محللون يمنيون من أهمية التطمينات الحوثية بحكم أنها لم تعلن استهداف روسيا والصين، لكنهم يرون أنها محاولة إيجاد موقع ومكسب مؤقت.

يقول حمزة الكمالي، عضو فريق الحكومة اليمنية الإعلامي في مشاورات السويد، لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذا التصريح يؤكد أن الجماعة أصبحت بندقية للإيجار»، مفسراً ذلك بالقول: «تستخدمها القوى الدولية لتحقيق مصالحها وإرسال تهديداتها، والحقيقة أن السفن الصينية والروسية لم تكن ضمن دائرة الاستهداف، رغم أن الدولتين هما من المتضررين الرئيسين مما يحدث في البحر الأحمر». ويرى الكمالي أن الجماعة سوف تحاول رسم مسار إقليمي ودولي رغم يقينها بأنه لولا السلاح الإيراني النوعي لما استطاعت تشكيل تهديد على أحد، والواقع يقول إن الحوثي حول اليمن منصة لإطلاق الصواريخ والمسيّرات الإيرانية، وما يجد في النفس أن هذه المنصة مستباحة وبلا دفاع جوي وعرضة لصفعات كل دول العالم.

500 غارة أميركية

بينما ترى الحكومة اليمنية أن التصعيد البحري المستمر أدى إلى تجميد مساعي السلام التي تقودها الأمم المتحدة، تزعم الجماعة أنها تشنّ هجماتها ضد السفن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي؛ لمساندة الفلسطينيين في غزة، عبر منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

طائرة حوثية من دون طيار دمّرتها مروحية فرنسية في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

وتبنت الجماعة قصف نحو 75 سفينة، وهدد زعيمها عبد الملك الحوثي بتوسيع الهجمات من البحر الأحمر وخليج عدن إلى المحيط الهندي لمنع الملاحة عبر رأس الرجاء الصالح، حتى وقف الحصار على غزة وإنهاء الحرب الإسرائيلية، زاعماً أن الضربات الغربية لن تحد من قدرات جماعته، من حيث «الزخم والقدرة والقوة والمديات».

ومنذ تدخل الولايات المتحدة ضد الحوثيين، شنّت ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) نحو 500 غارة على الأرض أملاً في تحجيم قدرات الحوثيين العسكرية أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

وإلى جانب ذلك، نفّذت القوات الأميركية إلى جانب سفن أوروبية العشرات من عمليات الاعتراض والتصدي للهجمات الحوثية بالصواريخ والطائرات المسيّرة، والزوارق والغواصات الصغيرة غير المأهولة.

وتحوّلت الهجمات الحوثية والضربات الدفاعية الغربية إلى روتين شبه يومي منذ بدء التصعيد الحوثي البحري في 19 نوفمبر الماضي، ودخول واشنطن وحلفائها على خط المواجهة.

وأُصيبت 15 سفينة على الأقل، خلال الهجمات، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها حتى الآن، وتسببت إحدى الهجمات في 18 فبراير (شباط) الماضي في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر بالتدريج.

يزعم الحوثيون أنهم يناصرون فلسطين وأعينهم باتجاه المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية (إ.ب.أ)

كما تسبب هجوم صاروخي حوثي في مقتل 3 بحّارة وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس»، وهي سفينة شحن ليبيرية ترفع علم باربادوس في السادس من مارس الحالي، وهو أول هجوم قاتل تنفذه الجماعة.

وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمّته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض.

شكوى إلى مجلس الأمن

على خلفية تفجير الحوثيين المنازل في مدينة رداع التابعة لمحافظة البيضاء، دعت الحكومة اليمنية، مجلس الأمن الدولي إلى إدانة، ما وصفته بـ«الجرائم الوحشية التي ترتكبها الميليشيات الحوثية الإرهابية وبشكل قاطع بحق المدنيين اليمنيين الأبرياء».

وحذّرت الحكومة في رسالة إلى مجلس الأمن، (الخميس)، من أنه «لا يمكن السماح باستمرار انتهاكات الميليشيات الحوثية وجرائمها وسلوكها الإرهابي وتهديدها للسلام والاستقرار في اليمن والمنطقة دون عقاب». وحثّت المجلس على اتخاذ إجراءات ملموسة وصارمة لمحاسبة الحوثيين، بما في ذلك تصنيفهم «جماعةً إرهابيةً».

وسلطت الحكومة اليمنية في رسالة وجهتها عبر مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، إلى مجلس الأمن الدولي، والأمين العام للأمم المتحدة، وجميع وفود الدول الأعضاء، الضوءَ على مقتل وإصابة ما لا يقل عن 35 من المدنيين الأبرياء معظمهم من النساء والأطفال، جراء تفجير الحوثيين منازل في مدينة رداع.

خزان النفط اليمني «صافر» لا يزال يمثل مشكلة بيئية رغم تفريغ النفط إلى سفينة بديلة (رويترز)

ووصفت الرسالة الواقعة بأنها «تُعدّ انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق الإنسان، وكل والأعراف والقيم الإنسانية».

وقالت الحكومة اليمنية: «إن ارتكاب الميليشيات الحوثية الإرهابية لهذه الجريمة البشعة في هذا الشهر الفضيل يعد تجلياً واضحاً لطبيعة هذه الجماعة الإرهابية المجرمة وسلوكها البشع وامتداداً لعدوانها الذي تمارسه ضد الشعب اليمني منذ انقلابها على الدولة وتطلعات الشعب».

وأوضحت الرسالة اليمنية أن كثيراً من المنظمات الحقوقية وثّقت وأبلغت عمّا لا يقل عن 900 حادثة تفجير أو هدم للمنازل السكنية من قِبل الحوثيين ضد مَن يعارض أجندتهم، بما في ذلك منازل وممتلكات السياسيين والإعلاميين والمشايخ والمواطنين الأبرياء.

وأشارت إلى أن جرائم الحوثيين ضد المدنيين الأبرياء في محافظة البيضاء، واليمنيين في أماكن أخرى، من قتل وحصار وخطف وتدمير وتفجير للمنازل، ونهب الممتلكات، وترويع النساء والأطفال بشكل ممنهج، تشكّل انتهاكات خطرة للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.

وحذّرت الحكومة اليمنية من أن الأعمال الإجرامية الحوثية «تهدد بتبديد فرص السلام، وتقويض الجهود الإقليمية والدولية، وجهود المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن الرامية إلى تأمين وقف شامل لإطلاق النار، واستئناف العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة؛ بناءً على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها».

وثّقت منظمات حقوقية تفجير الحوثيين نحو 900 منزل منذ 2014 (إكس)

وجدّدت الرسالة التزام الحكومة باستعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط الانقلاب، وإنهاء إرهاب الميليشيات الحوثية، وتحقيق السلام المستدام والأمن والاستقرار في جميع أنحاء اليمن والمنطقة.

وأعادت الحكومة اليمنية التذكير بأنها استجابت لنداءات المبعوث الخاص للأمم المتحدة والدعوات الإقليمية والدولية؛ للحفاظ على الجهود الرامية لتحقيق السلام منذ انقضاء الهدنة الأممية الهشّة، رغم عدم التزام الحوثيين بأحكامها.

وحذرت «من أن تقاعس الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي سيبعث برسالة خاطئة ولن يؤدي إلا إلى تشجيع الميليشيات الحوثية الإرهابية على مواصلة سلوكها الإرهابي، وتهديد الأمن والسلم الإقليميَّين والدوليَّين».


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.