يمنيون يقتنصون المهن المتاحة للتغلب على البطالة وتوقف الرواتب

من بيع الحطب إلى غسل «القات» وشحن الجوالات

أجبرت تبعات الصراع آلاف اليمنيين على التوجه للعمل في أي مهنة (الشرق الأوسط)
أجبرت تبعات الصراع آلاف اليمنيين على التوجه للعمل في أي مهنة (الشرق الأوسط)
TT

يمنيون يقتنصون المهن المتاحة للتغلب على البطالة وتوقف الرواتب

أجبرت تبعات الصراع آلاف اليمنيين على التوجه للعمل في أي مهنة (الشرق الأوسط)
أجبرت تبعات الصراع آلاف اليمنيين على التوجه للعمل في أي مهنة (الشرق الأوسط)

دفع التدهور المعيشي وانقطاع الرواتب آلافاً من اليمنيين، منهم الموظفون الحكوميون، إلى اقتناص أي مهنة، سواء أكانت قديمة مثل بيع الحطب، وابتكار مهن أخرى من قَبيل غسل نبتة «القات»، وتقديم خدمة شحن الجوالات في الأسواق.

ويلجأ أحمد، وهو متخرج في كلية الكومبيوتر من جامعة خاصة في صنعاء، إلى الوقوف يومياً برفقة كومبيوتر محمول بالقرب من محل تجاري في سوق شعبية وسط صنعاء، للقيام بشحن جوالات باعة الأرصفة، وتنزيل برامج ومسلسلات متنوعة حسب الطلب.

يمنية تفترش رصيف شارع في صنعاء لبيع النباتات الزهرية (الشرق الأوسط)

ويؤكد أحمد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تدهور سوق العمل، وظروف الصراع المستمر منذ سنوات، واتساع البطالة، أجبرته على البحث عن مهنة جديدة لم تكن موجودة في السابق؛ ليقدم من خلالها خدمة للناس، ليتحصل على مقابل مادي يؤمن له وأسرته سُبل العيش.

وشكا أحمد (32 عاماً) من أن وفاة والده قبل عدة سنوات نتيجة مرض عضال، ألقى بكامل العبء على عاتقه في تحمل المسؤولية، والبحث أي فرصة عمل لتأمين العيش لأسرته المكونة من أمه وثلاثة من أشقائه.

ويستمر الخريج الجامعي منذ دخول أول أيام رمضان في تقديم خدماته للزبائن في السوق على فترتين، ويتحصل على مبلغ 200 ريال يمني (ثلث دولار) عن كل جوال يقوم بشحنه وتعبئته بمختلف البرامج، كما يجني عائداً مادياً يومياً يعادل بين 10 و15 دولاراً (الدولار يساوي 530 ريالاً) لتلبية متطلبات أسرته الضرورية.

وعلى خُطى أحمد، يواصل خيري، وهو موظف حكومي في صنعاء، منذ عامين، العمل بمغسلته التي أسسها سابقاً في سوق شعبية بصنعاء، حيث يقوم يومياً بغسل وتجفيف نبتة «القات» للزبائن، وهي شجرة يتعاطاها اليمنيون على نطاق واسع من الشرائح العمرية كافة، لا سيما في المحافظات الشمالية.

طفل في صنعاء يبيع ألعاباً نارية عبر رصيف أحد الشوارع الرئيسية (الشرق الأوسط)

ويتحدث خيري (40 عاماً)، وهو أب لثلاثة أبناء، لـ«الشرق الأوسط»، عن أنه مر بظروف عصيبة وقاهرة خلال سنوات ماضية أعقبت الحرب وانقطاع الراتب، إلى أن قرر اقتراض مبلغ مالي من أحد الأقارب ليؤسس مشروعه الخاص، والذي بات اليوم يوفر لعائلته المستلزمات الضرورية.

تعدد المهن

تسبب استمرار تفاقم الظروف المعيشية في اليمن، واتساع رقعة الجوع والفقر، وانقطاع الرواتب، وانحسار فرص العمل، وغياب الخدمات، وتصاعد الأزمات في ظهور كثير من الأنشطة والمهن والحرف المختلفة والمتعددة.

وأجرت «الشرق الأوسط» جولة قصيرة في بعض أسواق العاصمة المختطفة صنعاء، ورصدت جانباً مما تشهده من حركة وانتشار غير معهود لآلاف العاملين من مختلف الفئات والأعمار الذين اضطرهم الفقر إلى مزاولة مهن مختلفة.

ومن بين تلك المهن التي يزاولها السكان في سوق شميلة وغيرها، بيع الحَطب الذي يتم جلبه عادةَ من الأرياف، وتستخدمه أُسر كثيرة في صنعاء بسبب ارتفاع سعر غاز الطهي واختفائه من الأسواق في أحايين كثيرة.

كما ينتشر باعة آخرون وهم يعرضون بضائعهم المتنوعة يحوي بعضها أكلات ومشروبات وحلويات شعبية رمضانية، بالإضافة إلى وجود آخرين يبيعون قطع الثلج للسكان، حيث برزت هذه المهنة بسبب استمرار انقطاع التيار الكهربائي الحكومي منذ نحو تسع سنوات أعقبت الانقلاب والحرب.

يمني أمام بوابة أحد المساجد في صنعاء يبيع أعواد «السواك» (الشرق الأوسط)

وتقول مصادر في نقابة العمال في صنعاء إن تبعات الحرب أرغمت آلاف اليمنيين على التوجه قسراً إلى سوق العمل، وتعلم أنشطة وحِرف ومهن لم يعتد بعضهم عليها، الأمر الذي أسهم بشكل كبير في إنقاذ مئات الأسر من خطر الوقوع فريسة الجوع والفاقة.

ويرى اقتصاديون يمنيون أن أسباب ظهور كثير من المهن والحرف ناتجة عن فقدان مئات الآلاف وظائفهم وأعمالهم ومصادر عيشهم، بالإضافة إلى تدهور الاقتصاد، واستمرار سياسات الإفقار والتجويع الممنهجة ضد السكان بمختلف المناطق.

ويحذر الاقتصاديون اليمنيون من كوارث اقتصادية ومعيشية وإنسانية بالغة الصعوبة قد تواجه ملايين السكان اليمنيين في حال استمرار عدم وجود أي حلول جدية تفضي إلى إحلال السلام، ووقف الحرب الدائرة في البلد.

وأكد البنك الدولي، في تقرير سابق، أن الحرب الدائرة منذ نحو تسع سنوات في اليمن، وتداعياتها الاقتصادية والإنسانية الكارثية، زادتا عدد الذين يعانون من الجوع في البلاد بمقدار 6.4 مليون شخص خلال السنوات التسع الأخيرة.

وقال البنك الدولي إن العدد ارتفع من 10.6 مليون في عام 2014 إلى 17 مليون شخص في 2023، عادّاً أن انعدام الأمن الغذائي يمثل التحدي الأكثر إلحاحاً الذي يواجه اليمن في وقته الحاضر في ظل استمرار الحرب، وتصاعد معدلات التضخم وتغير المناخ.


مقالات ذات صلة

اليمن يعلن إحباط خطط حوثية لاغتيال المبعوث الأممي غروندبرغ

العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطة سابقة أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

اليمن يعلن إحباط خطط حوثية لاغتيال المبعوث الأممي غروندبرغ

أعلنت الحكومة اليمنية إحباطها خلال الأسابيع الأخيرة خططاً لاغتيال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ عبر واحدة من أخطر الخلايا الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي بعد تشديد الإجراءات الأمنية على سواحل تعز ولحج انتقل نشاط تهريب المهاجرين شرقاً (إعلام حكومي)

السلطات اليمنية تحذر من تأثيرات تدفق المهاجرين الأفارقة

تواجه السلطات في محافظة شبوة مخاطر ازدياد المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين بعد أن أُغلقت السواحل الغربية لليمن أمام المهربين ما يفرض عليها تحديات أمنية وصحية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي صورة وزَّعها الحوثيون تُظهر لحظة غرق السفينة «إيترنيتي سي» في البحر الأحمر يوم 9 يوليو الحالي (رويترز)

وسط إدانات لتهديد الملاحة الدولية... مجلس الأمن يمدد مراقبة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر

صوَّت مجلس الأمن الدولي أمس (الثلاثاء) على استمرار تقديم تقارير حول الهجمات التي تستهدف السفن في البحر الأحمر، من قبل الجماعة الحوثية في اليمن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
شؤون إقليمية مقاتلون حوثيون يستقلون شاحنة صغيرة أثناء قيامهم بدورية وسط تصاعد التوترات مع إسرائيل... صنعاء 11 يوليو 2025 (إ.ب.أ)

الحوثيون يعلنون مهاجمة ميناء إيلات وهدف عسكري في إسرائيل

قال متحدث عسكري باسم جماعة الحوثي اليمنية، مساء الثلاثاء، إن الجماعة نفّذت هجوماً مزدوجاً ومتزامناً بـ3 طائرات مسيّرة على هدفين في جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي مسلحون حوثيون على متن عربة أمنية في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

احتجاجات في 3 محافظات يمنية ضد انتهاكات الحوثيين

شهدت 3 محافظات يمنية خاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية احتجاجات رافضة لسياسات القمع وفرض الإتاوات والاختطافات، في وقت تزداد فيه مؤشرات الاحتقان الشعبي.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

مجلس الأمن الدولي يجتمع غداً لبحث الغارات الإسرائيلية على سوريا

سوريا تطالب مجلس الأمن الدولي بالانعقاد لبحث تداعيات العدوان الإسرائيلي على أراضيها (د.ب.أ)
سوريا تطالب مجلس الأمن الدولي بالانعقاد لبحث تداعيات العدوان الإسرائيلي على أراضيها (د.ب.أ)
TT

مجلس الأمن الدولي يجتمع غداً لبحث الغارات الإسرائيلية على سوريا

سوريا تطالب مجلس الأمن الدولي بالانعقاد لبحث تداعيات العدوان الإسرائيلي على أراضيها (د.ب.أ)
سوريا تطالب مجلس الأمن الدولي بالانعقاد لبحث تداعيات العدوان الإسرائيلي على أراضيها (د.ب.أ)

أفاد دبلوماسيون وكالة «رويترز»، اليوم الأربعاء، بأن مجلس الأمن الدولي سيجتمع غداً لبحث الغارات الإسرائيلية على سوريا.

دعت سوريا، في وقت سابق اليوم، وفقاً لرسالة اطلعت عليها «رويترز» مجلس الأمن الدولي إلى الانعقاد في أقرب وقت ممكن «لبحث تداعيات العدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية».

أفادت وكالة الأنباء السورية نقلاً عن مصدر بوزارة الداخلية، اليوم (الأربعاء)، بأنه جرى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء. وأضافت الوكالة أنه تم الاتفاق على نشر حواجز أمنية في المدينة واندماجها الكامل ضمن الدولة السورية. وتم التوصل إلى الاتفاق على وقع ضربات إسرائيلية متتالية ضد محيط قصر الرئاسة ومقر قيادة الأركان للجيش السوري في دمشق، بالإضافة إلى شن غارات على القوات الحكومية في محافظتي السويداء ودرعا بالجنوب السوري.