المساعدات الدولية مطلب يمني للتغلب على التحديات الاقتصادية

دعوات للتعجيل بتحويل عدن إلى منطقة حرة بالكامل

يسعى البنك المركزي اليمني للحصول على مساعدات دولية لضبط السوق المصرفية (أ.ف.ب)
يسعى البنك المركزي اليمني للحصول على مساعدات دولية لضبط السوق المصرفية (أ.ف.ب)
TT

المساعدات الدولية مطلب يمني للتغلب على التحديات الاقتصادية

يسعى البنك المركزي اليمني للحصول على مساعدات دولية لضبط السوق المصرفية (أ.ف.ب)
يسعى البنك المركزي اليمني للحصول على مساعدات دولية لضبط السوق المصرفية (أ.ف.ب)

تواجه الحكومة اليمنية تحديات اقتصادية ومالية كبيرة ومعقدة، تسعى للتغلب عليها بالحصول على مساعدات مادية ولوجستية دولية لمواجهة الوضع المالي المتدهور بفعل التهديدات التي تمنعها من تصدير النفط والغاز؛ في حين تتصاعد المطالب بتحويل مدينة عدن إلى منطقة حرة بالكامل.

وتسببت الهجمات الحوثية على موانئ تصدير النفط والغاز، أواخر العام قبل الماضي، والتهديد باستهداف أي سفن تقترب من هذه الموانئ، في عجز الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها، في حين لا يزال أكثر من 4.5 مليون شخص مشرَّدين، بعد نزوح معظمهم، عدة مرات، على مدار عدة سنوات، وفقاً لتقارير أممية.

يعاني 17 مليون يمني تدهور الأمن الغذائي وفقاً لتقارير أممية (أ.ف.ب)

ويرى الباحث الاقتصادي اليمني فؤاد المقطري أن الحكومة مطالَبة حالياً بوضع سياسة مصرفية صارمة تمنع التلاعب بأسعار العملات الأجنبية واستغلالَ الاختلالات الاقتصادية القائمة، وأن تتحول إدارة العملية المصرفية كلياً إلى البنك المركزي في عدن، الذي ينبغي أن يحدد أسعار العملات الأجنبية مع هامش بسيط لا يسمح بالتلاعب والاحتكار.

وحذر المقطري، في حديث، لـ«الشرق الأوسط»، من أن الوضع المتدهور للاقتصاد اليمني لن يقف عند حد، وأن الأوضاع المعيشية الصعبة ستتفاقم ما دامت لم تتوفر الحلول والمعالجات الصارمة، وفي مقدمها إدارة السياسة النقدية، وتعزيز العملة المحلية، وإعادة تصدير النفط والغاز وأي منتجات أخرى تمكِّن من تعافي العملة المحلية.

ونوه بأن السوق المصرفية اليمنية تشهد توسعاً غير محسوب أو مراقب، حيث تجاوز عدد الشركات العاملة بالصرافة أكثر من 250 شركة في مناطق سيطرة الحكومة، إلى جانب ممارسة هذه المهنة من أشخاص ومحلات دون تراخيص، وهو ما يجعل التلاعب بأسعار العملات حرفة سهلة ومتاحة.

وتجاوز سعر صرف الدولار الأميركي الواحد 1650 ريالاً يمنياً في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، مسبّباً زيادة في التضخم وارتفاع أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، ما يهدد بزيادة حالة انعدام الأمن الغذائي التي يعاني منها 17 مليون يمني، وفق الأمم المتحدة.

مساعدات لوجستية دولية

تعمل الحكومة اليمنية من أجل الحصول على مساعدات مادية ولوجستية من جهات ودول مانحة؛ لتلبية الاستحقاقات الاقتصادية والتنموية، وتنفيذ الأولويات وفقاً للمحددات التي أُعلن عنها منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، وذلك لمواجهة صعوبة تسوية الديون، ودفع رواتب الموظفين العموميين.

ينتظر اليمن من البنك الدولي تقديم مساعدات لوجستية في عدد من البرامج (البنك المركزي اليمني)

وناقش فريق من البنك الدولي، في اجتماع مع قيادة البنك المركزي اليمني بالعاصمة المؤقتة عدن، أولويات الإصلاح المطلوبة لمختلف القطاعات الاقتصادية والخِدمية التي تستنزف كثيراً من الموارد الشحيحة، وما يمكن أن يقدمه البنك الدولي من مساعدة في هذا المجال بصورة مباشرة، أو بالشراكة مع القطاع الخاص.

وبحث الاجتماع مشروع تطوير أنظمة الدفع المموَّل من البنك الدولي، والذي سيحصل، من خلاله، البنك المركزي على الأنظمة والتجهيزات والدعم الفني لتطوير البنية التحتية اللازمة لأنظمة المدفوعات، بما يمكّن الدولة والقطاع الخاص من الاستفادة من تطورات التكنولوجيا المالية في رقمنة المدفوعات بفاعلية وكفاءة، وفقاً لبيان صادر عن البنك.

كما استعرض الاجتماع مستوى التقدم ببرنامج تشخيص وضع القطاع المصرفي اليمني، تمهيداً للشروع بتنفيذ برنامج شامل لإصلاح هذا القطاع، بمساعدة من البنك الدولي، والمساعدة الفنية المطلوبة لاستكمال تنفيذ مكونات برنامج ترقية وظائف البنك المركزي، استناداً إلى نتائج التقييم التي قام بها البنك الدولي بواسطة شركة عالمية.

تحديات سيادية

طالب عدد من المسؤولين الحكوميين اليمنيين والباحثين الاقتصاديين ورجال الأعمال بالتعجيل لتحويل محافظة عدن بأكملها إلى منطقة حرة، وفقاً لقانون المناطق الحرة، وبإدارة موحدة، ورسم استراتيجية تطوير للفرص الاستثمارية بالشراكة الفاعلة والكاملة مع القطاع الخاص.

لا يزال مشروع تحويل عدن إلى منطقة حرة يواجه كثيراً من الصعوبات والعراقيل (إعلام محلي)

وفي ندوة نظّمها عدد من الجهات؛ بُحثت الفرص الممكنة للاستثمار في عدن؛ نظراً لما تمتلكه من إمكانات طبيعية واستثمارية غير مستغَلة، إلى جانب عدد من التحديات الرئيسية المعوّقة مثل تعدد الأجهزة الأمنية، وغياب الاستقرار الأمني والبنية التحتية، والحاجة إلى تحديث التشريعات المتعلقة بالاستثمار.

وسعت الندوة، المنعقدة في عدن، إلى الخروج بمجموعة مطالب لتحسين البيئة الاستثمارية، وإعادة توجيه النشاط الاستثماري في المحافظات المحرّرة بما يخدم التنمية ويحسّن حياة السكان.

وفي الندوة أكد مستشار محافظ عدن لشئون الاستثمار والمنطقة الحرة، علوي محمد باهرمز، حاجة الاستثمار إلى توحيد جميع الأجهزة الأمنية بالمحافظة، التي شدد على ضرورة أن تكون تحت سلطة أمنية موحدة تتعامل مع الاستثمارات بمسؤولية، بدلاً من تجزئتها إلى جزر ومناطق بين الجهات والمؤسسات الرسمية، ما يتسبب في إرباك تقديم التسهيلات وتقديم الفرص الاستثمارية للمستثمرين.

ويذهب أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز، محمد قحطان، إلى أن تحقيق هدف تشغيل المنطقة الاقتصادية الحرة في مدينة عدن، وتوسيع نطاق جغرافيتها لتشمل كامل المحافظة، غير ممكن في المدى القريب؛ نظراً لمتطلبات ذلك من نهاية للحرب، وتحقيق سلام دائم.

يعاني اليمنيون تراجع القدرة الشرائية بفعل انهيار العملة المحلية (أ.ف.ب)

وقال الأكاديمي قحطان، لـ«الشرق الأوسط»: «هناك تحديات أكثر أهمية من التحديات الوارد ذكرها في الندوة، ويصعب معها مواجهة التحديات المذكورة، وتتمثل في استمرار الحرب القائمة، وتعدد أقطاب الصراع»، مشيراً إلى خطر التنازع بين القوى المؤطرة بالشرعية المعترف بها دولياً، والتي تتخذ من عدن مركزاً لها.

ونبه قحطان إلى استمرار خطر الجماعة الحوثية، مشدداً على أن المشاريع الاقتصادية الكبرى لا بد أن تستند إلى تحقيق هدف استعادة الدولة المنهارة، وإعادة بناء مؤسساتها المنقسمة بين سلطتين، وبناء جيش واحد يحتكر السلاح ويحمي الدولة ودستورها المتوافق عليه، إلى جانب توزيع السلطة والثروة وفق بنية لنظام فيدرالي يُنهي حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يصعّدون هجماتهم ضد إسرائيل دون أضرار

العالم العربي مجسم وهمي لطائرة دون طيار من صنع الحوثيين (إ.ب.أ)

الحوثيون يصعّدون هجماتهم ضد إسرائيل دون أضرار

صعّدت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجماتها باتجاه إسرائيل في الذكرى الأولى لأحداث السابع من أكتوبر 2023 دون حدوث أي أضرار.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي نيران تشتعل في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر مؤخراً (رويترز)

«مركز إنساني» أسسه الحوثيون يشرف على «حرب السفن»

أظهر تحقيق من منظمة غير حكومية سويسرية أن الهجمات البحرية التي يشنها الحوثيون قبالة سواحل اليمن يشرف عليها مركز لتنسيق العمليات الإنسانية أسسه الانقلابيون.

العالم العربي مسلحون حوثيون في صنعاء يرددون «الصرخة الخمينية» (أ.ف.ب)

تنديد يمني باستمرار اعتقال الحوثيين للمحتفلين بـ«26 سبتمبر»

جددت الحكومة اليمنية التنديد باستمرار الحوثيين في اعتقال الآلاف من المحتفلين بذكرى ثورة «26 سبتمبر» التي أطاحت أسلاف الجماعة الانقلابية عام 1962

علي ربيع (عدن)
شؤون إقليمية محاكاة طائرة بدون طيار خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل، في صنعاء، اليمن 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ «أرض-أرض» أُطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الاثنين)، إن صاروخ سطح-سطح أطلق من اليمن على وسط إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي 4.2 مليون يمني يقيمون في مناطق معرّضة لخطر «تدهور الأمن الغذائي الأسوأ»... (إ.ب.أ)

مساعدات أممية نقدية لـ1.43 مليون عائلة يمنية

ذكرت «منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (يونيسيف)» أن أكثر من 1.43 مليون أسرة تلقت مساعدات نقدية في إطار مشروع «الحوالات النقدية غير المشروطة».

وضاح الجليل (عدن)

الجزائر تدعو «الأوروبي» إلى «تجاوز منطق الربح التجاري» في علاقاتهما

وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)
وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)
TT

الجزائر تدعو «الأوروبي» إلى «تجاوز منطق الربح التجاري» في علاقاتهما

وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)
وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)

قال وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، الثلاثاء، إن «اتفاق الشراكة» بين بلاده والاتحاد الأوروبي «ينبغي أن يتجاوز منطق الربح الفوري، ليأخذ تصوراً استراتيجياً يبنى على التنمية المستدامة بأتم معانيها».

وأفاد عطاف، خلال كلمة له بالعاصمة بمناسبة ذكرى انضمام الجزائر إلى الأمم المتحدة 8 أكتوبر (تشرين الأول) 1962، بأن الجزائر «تسعى وتبذل جهوداً من أجل إقامة شراكة متوازنة ونافعة، في جوارها المتوسطي ومع الاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص»، عادّاً الشراكة التي يريدها المسؤولون الجزائريون «يجب أن تمتثل تمام الامتثال لمبدأ توازن مصالح الطرفين، وتضع نُصب أولوياتها دعم جهود التنمية الاقتصادية في بلادنا، دون أي قيود ولا أي شروط ولا أي عوائق».

وأشار عطاف إلى ما ذكره الرئيس عبد المجيد تبون بهذا الخصوص، السبت الماضي، في أثناء مقابلة بثها التلفزيون العمومي، حينما تحدث عن «تطلع بلاده إلى مراجعة اتفاق الشراكة، الذي يجمعها مع الاتحاد الأوروبي، في جو من الثقة والسلاسة والتفاهم، لإحداث التوازن المطلوب في هذا الاتفاق ولتمكينه من مسايرة الواقع الاقتصادي الجديد لبلادنا، وتأهيله كأداة ناجعة لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة».

وأضاف عطاف: «في كل فضاءات الانتماء هذه وخارج هذه الفضاءات، ستواصل الدبلوماسية الجزائرية العمل من أجل تعزيز العلاقات التي تجمع الجزائر مع أشقائها وأصدقائها وشركائها، وضم جهودها معهم في سبيل رفع التحديات الكبرى التي ترمي بثقلها على المجموعة الدولية في المرحلة الراهنة».

وتابع: «إن هذه التحديات لها من الجسامة والخطورة والفداحة ما لا يحتمل التوجه نحو الانزواء أو الانطواء أو اللامبالاة. فالجميع متضرر ومطالب بالسعي للتغيير نحو الأفضل»، مشدداً على أن «الجزائر لن تكون إلا طرفاً فاعلاً في مسعى كهذا». وكانت المفوّضية الأوروبية أعلنت، في 14 يونيو (حزيران) الماضي، اعتراضها على قرارات بدأت الجزائر بتنفيذها عام 2021، تتعلق بتنظيم الواردات وتحفيز الإنتاج المحلي، شملت نظام تراخيص الاستيراد وحوافز لاستخدام المدخلات المحلية في قطاع السيارات، وتنظيم المشاركة الأجنبية في الشركات المستوردة.

ورأت المفوضية أن هذه الإجراءات «تقييدية» لصادراتها نحو الجزائر، وتخالف بنود «اتفاق الشراكة» الذي يجري العمل به منذ 19 سنة. ولوّحت باللجوء إلى التحكيم الدولي، الذي يتضمنه الاتفاق كآلية متاحة للطرفين في حال قدّر أحدهما أن شريكه أخلّ بتعهّداته التجارية. ويقول الجزائريون إن الإجراءات التي اتخذوها «تندرج في إطار خطة لتقليص فاتورة الواردات بهدف تنويع اقتصاد البلاد، وتقليل اعتماده على المحروقات وتعزيز التصنيع المحلي». ويتعاملون مع هذه القضية وفق منطق «سيادي»، لا يريدون للاتحاد الأوروبي أن يتدخل فيها.