مفوضية اللاجئين: جمع 46 مليون دولار من العمل الخيري الإسلامي

أكدت وجود عدد قياسي لحالات الطوارئ ونقص التمويل

عائلة نازحة تتقاسم وجبة الإفطار خلال شهر رمضان في عدن باليمن (مفوضية اللاجئين بجنيف)
عائلة نازحة تتقاسم وجبة الإفطار خلال شهر رمضان في عدن باليمن (مفوضية اللاجئين بجنيف)
TT

مفوضية اللاجئين: جمع 46 مليون دولار من العمل الخيري الإسلامي

عائلة نازحة تتقاسم وجبة الإفطار خلال شهر رمضان في عدن باليمن (مفوضية اللاجئين بجنيف)
عائلة نازحة تتقاسم وجبة الإفطار خلال شهر رمضان في عدن باليمن (مفوضية اللاجئين بجنيف)

في الوقت الذي تطلق فيه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليوم (الثلاثاء) نداءها الرمضاني السنوي، الذي يدعو الجهات المانحة إلى توفير لقمة على مائدة المحتاجين خلال شهر رمضان، أكدت المفوضية نمو العمل الخيري الإسلامي وسط عدد قياسي لحالات الطوارئ ونقص التمويل.

وقال فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: «على الرغم من أن شهر رمضان يتميز عادة بكونه وقتاً للبهجة والعرفان والعائلة، ووقتاً تجتمع فيه الأسر حول موائد الإفطار، فإن تصاعد حدة العنف حول العالم، حرم عائلات لا حصر لها من لحظات مثل هذه».

وتابع غراندي: «أفكّر بملايين اللاجئين السودانيين، الذين هم مجبرون على قضاء شهر رمضان بعيداً عن ديارهم، وبأولئك النازحين في اليمن، وبالمحنة التي لا تزال تخيم على كل من اللاجئين السوريين والأفغان والروهينغا وغيرهم».

جاء ذلك في تقرير المفوضية السامية للاجئين السنوي، الذي أصدرته صباح الثلاثاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة خاصة منه، حيث ينتهي شهر الصوم في منتصف أبريل (نيسان)، أي قبيل حلول الذكرى السنوية الأولى للصراع في السودان، الذي أدى إلى نزوح أكثر من 8 ملايين شخص، وفرار أكثر من 500 ألف شخص إلى تشاد المجاورة، في حين تضاعف فيها عدد اللاجئين منذ اندلاع الصراع.

ووفق البيان، فإن الدعم المقدم من برنامج «صدقة جارية» التابع للمفوضية، أسهم بتركيب نقاط للمياه في مخيمات اللاجئين المبنية حديثاً، ما وضع حداً للرحلات الطويلة للحصول على المياه، والمساعدة على الحفاظ على سلامة اللاجئين، خصوصاً النساء والفتيات منهم.

لاجئ سوداني خلال جمع المياه في مخيم أولالا بالقرب من الحدود السودانية - الإثيوبية (أ.ف.ب)

ورحّبت المفوضية بالدعم الذي يأتي من جميع الأديان، وكذلك المقدم من العمل الخيري الإسلامي ومن جميع المساهمات المرتكزة على الدين، التي تهدف إلى مساعدة اللاجئين الأشد ضعفاً، وغيرهم من المحتاجين إلى الحماية.

ووفقاً للتقرير، فإنه تم في عام 2023 جمع مبلغ قياسي قدره 46 مليون دولار من خلال العمل الخيري الإسلامي، وذلك لصالح نحو مليوني لاجئ ونازح داخلياً في 23 دولة، أي بزيادة قدرها 20 في المائة تقريباً على عام 2022. وتم تلقي التبرعات خلال عام شهد عدداً قياسياً من حالات الطوارئ.

وفي العام نفسه، فإن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حصلت على التمويل اللازم لتغطية أقل من 50 في المائة من ميزانيتها العالمية، ما يعطي المساهمات أهمية أكثر من أي وقت مضى، بينما تعدّ الزكاة من الفرائض التي تتوجب على المسلمين، التي يجب تقديمها لمَن يستحقونها؛ مثل الفقراء والمساكين والغارمين وأبناء السبيل.

ومن بين الدول التي تحصل على أكبر قدر من الدعم من خلال مساهمات الزكاة والصدقات، كل من لبنان، وهو البلد الذي يستضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم بالنسبة لعدد السكان، وسوريا، حيث أجبرت الأزمة فيها أكثر من 12 مليون شخص على الفرار من منازلهم، مما يجعلها واحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم، فاليمن، الذي يعاني من واحدة من الأزمات الإنسانية الأكثر حدة في العالم.

مخيم للاجئين في بلدة المرج في البقاع اللبناني (الشرق الأوسط)

وفي ظل نحو 50 في المائة من اللاجئين يتحدرون من البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، فإن المفوضية، مع المنظمات الإسلامية، عملت على تطوير أدوات محددة للجهات المانحة بهدف دعم اللاجئين من البلدان الإسلامية، بما في ذلك صندوق الزكاة للاجئين.

يتزامن حلول شهر رمضان المبارك هذا العام مع مرور 13 عاماً على بداية الأزمة في سوريا، حيث لا يزال أكثر من 7.2 مليون سوري في عداد النازحين داخل البلاد، بينما تستضيف 5 دول مجاورة أكثر من 5 ملايين لاجئ سوري.


مقالات ذات صلة

غوتيريش: السودان يتمزق أمام أعيننا

شمال افريقيا لاجئون سودانيون في قرية جيربانا في جنوب السودان والتي تبعد 22 كيلومتراً عن الحدود السودانية (د.ب.أ)

غوتيريش: السودان يتمزق أمام أعيننا

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم (الأحد) إنه يجب على المجتمع الدولي أن يتحد لوقف تدفق الأسلحة وتمويل إراقة الدماء في السودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
خاص هل يسمح ترمب بقاعدة روسية في السودان؟

خاص هل يسمح ترمب بقاعدة روسية في السودان؟

قال الدبلوماسي الأميركي كاميرون هدسون، إن إدارة الرئيس ترمب، ستهتم بمسألة الحرب في السودان، لأنها لا تريد أن يكون ملجأ للإرهاب، أوتشظيه مثل الصومال وليبيا.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يلقي كلمة في باريس، 11 فبراير 2025 (أ.ب)

غوتيريش: تدفّق الأسلحة إلى السودان «يجب أن يتوقف»

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الجمعة)، إلى وقف تدفّق الأسلحة إلى السودان، مشيراً إلى «أزمة إنسانية غير مسبوقة في القارة الأفريقية».

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
شمال افريقيا جنود سودانيون في مدينة ود مدني (أ.ف.ب) play-circle

الخارجية السودانية تبلغ الاتحاد الأفريقي بأن الجيش «بسط سيطرته» على البلاد

وجّه وزير الخارجية السوداني، الخميس، رسالة إلى الاتحاد الأفريقي، أبلغه خلالها بأن الجيش والقوات المتحالفة معه «بسطوا سيطرتهم» على ربوع البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
خاص نصر الدين عبد الباري وزير العدل السابق الأبرز تأييداً لقيام حكومة موازية (الشرق الأوسط)

خاص سودان واحد بين حكومتين

أحدث إعلان اقتراب موعد تشكيل حكومة مدعومة من «الدعم السريع» و«موازية» للحكومة التي يترأسها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في بورتسودان، «هزة عنيفة» في السودان.

أحمد يونس (كمبالا)

«مواقف حمساوية متضاربة» إزاء مستقبل غزة تُربك جهود الوسطاء

مقاتلو «حماس» خلال عملية تبادل سادسة لرهائن إسرائيليين في خان يونس (أ.ب)
مقاتلو «حماس» خلال عملية تبادل سادسة لرهائن إسرائيليين في خان يونس (أ.ب)
TT

«مواقف حمساوية متضاربة» إزاء مستقبل غزة تُربك جهود الوسطاء

مقاتلو «حماس» خلال عملية تبادل سادسة لرهائن إسرائيليين في خان يونس (أ.ب)
مقاتلو «حماس» خلال عملية تبادل سادسة لرهائن إسرائيليين في خان يونس (أ.ب)

ألقت حالة من الغموض بظلالها على إمكانية صمود وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بعد صدور إشارات متضاربة عن موقف الحركة من إدارة قطاع غزة.

وتصر إسرائيل والولايات المتحدة وأطراف أوروبية على عدم وجود أي دور مستقبلي لـ«حماس» في قطاع غزة، وهو ما تدعمه أطراف عربية أيضاً، في الوقت الذي يواجه اتفاق وقف إطلاق النار تهديدات إسرائيلية وأميركية مستمرة بعدم الالتزام به أو تنفيذه، مما يلقي بمسؤوليات مضاعفة على عاتق الوسطاء لدعم صمود الهدنة.

والسبت، أفاد مصدر مصري مطّلع على مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، بأن هناك «اتصالات مصرية مكثّفة لتشكيل لجنة مؤقتة للإشراف على عملية إغاثة القطاع وإعادة إعماره»، مشيراً إلى أن «(حماس) تؤكد التزامها باتفاق وقف إطلاق النار بمراحله الثلاث، وعدم مشاركتها في إدارة القطاع خلال المرحلة المقبلة». حسبما نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية.

ولكن بعد التأكيد المصري بساعات قليلة أعلن القيادي في «حماس»، أسامة حمدان، أن «الحركة لن تتنازل عن غزة، ولن تخرج منها تحت أي تفاهمات، ولن تقدم أي تنازلات ثمناً لإعادة الإعمار».

حمدان كان يتحدث في فعالية بالدوحة حول مستقبل منطقة الشرق الأوسط، وأكد: «نحن انتصرنا ولم نُهزَم، ولن ندفع ثمن الهزيمة التي مُني بها الاحتلال تحت أي ظرف».

وحسب تعبير حمدان فإن «المُقاوم في غزة، الذي ضحى بنفسه من أجل أرضه، وخسر نصف عائلته أو كلها، لن يقبل بأن تكون (حماس) خارج المشروع الفلسطيني تحت أي ضغط أو تنفيذاً لأي مخطط»، مشدداً على أن «أي أحد يحل محل الاحتلال في غزة، أو أي مدينة في فلسطين، سنتعامل معه بالمقاومة فقط كما نتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، وهذا أمر منهيٌّ وغير قابل للنقاش».

«شأن فلسطيني»

من جانبه، قال المتحدث باسم «حماس»، عبد اللطيف القانوع، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن موقف الحركة بشأن مستقبل إدارة غزة «أبلغناه» للوسطاء في مصر وقطر بعد التشاور مع مختلف الفصائل الفلسطينية، وهو يقوم على أمرين: «الأول أن اليوم التالي لوقف الحرب وإدارة المشهد في القطاع هو شأن فلسطيني خالص بتوافق وطني، والآخر أن (حماس) ليست معنية بإدارة غزة، ولكنها معنية بحكومة توافق وطني لا تكون (حماس) جزءاً منها، وإن تعذر فيتم ذلك من خلال تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي التي تم التوافق عليها في القاهرة سابقاً».

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أعلنت هيئة الاستعلامات المصرية أن ممثلين لحركتي «فتح» و«حماس» وافقوا خلال اجتماع بالقاهرة على اقتراح مصري بإدارة قطاع غزة فيما بعد انتهاء الحرب.

سيدة فلسطينية تبكي بمستشفى بعد مقتل 3 من عناصر الشرطة في خان يونس بقطاع غزة (رويترز)

وينص الاقتراح المصري على تشكل هيئة إدارية لقطاع غزة يطلق عليها اسم «اللجنة المجتمعية لمساندة أهالي قطاع غزة»، تتولى مهمة إدارة الشؤون المدنية وتوفير وتوزيع المساعدات الإنسانية على الفلسطينيين في القطاع، وإعادة تشغيل معبر رفح الحدودي مع مصر، والشروع في إعادة إعمار ما دمرته العمليات العسكرية الإسرائيلية.

ونقلت الهيئة العامة للاستعلامات بمصر عن مصدر أمني مسؤول وقتها أن «(فتح) و(حماس) أبدتا خلال الاجتماع مزيداً من المرونة والإيجابية تجاه إنشاء لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة شؤون قطاع غزة».

وحسب المصدر نفسه، «تم الاتفاق على أن تتبع لجنة الإسناد المجتمعي السلطة الفلسطينية وتتضمن شخصيات مستقلة، وتتشكل بمرسوم رئاسي من الرئيس الفلسطيني محمود عباس».

لكن عبد اللطيف القانوع قال «إنه تم التوافق على أسماء أعضاء تلك اللجنة بالفعل، ولكن الرئيس الفلسطيني هو الذي لم يُصدر مرسوماً بتشكيلها لتبدأ عملها».

وطالب القانوع الوسطاء بـ«الضغط على إسرائيل للالتزام بتنفيذ وقف إطلاق النار وأن تتوقف عن خروقاتها المستمرة له»، مؤكداً التزام «حماس» بـ«تنفيذ الاتفاق بمراحله الثلاث وعدم مشاركة الحركة في إدارة قطاع غزة».

إلا أن القانوع في الوقت ذاته شدد على «أن المقاومة المسلحة للاحتلال الإسرائيلي حق لكل الشعب الفلسطيني على كامل التراب الفلسطيني وليس حقاً لـ(حماس) فقط، أما ما تلتزم به الحركة فهو فقط ألا تكون جزءاً من الإدارة».

«لا نية للمشاركة»

في السياق نفسه، قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «حماس بالفعل أبلغت الوسطاء القائمين على عملية المفاوضات بعدم نيتها المشاركة في مشهد إدارة غزة بعد انتهاء الحرب، وهذا بناءً على طلب إسرائيلي وأميركي وأوروبي بعدم الرغبة في التعامل مع (حماس) مستقبلاً في المشهد».

لكنَّ المصدر المطلع على سير المفاوضات بحكم عضويته في «غرفة عمليات القاهرة» لمتابعة تنفيذ وقف إطلاق النار، قال: «إن (حماس) رغم ذلك ستظل هي اللاعب القوي على الأرض في المشهد والمتحكم فيما يحدث في قطاع غزة حتى انتهاء المراحل الثلاث لوقف إطلاق النار وتسليمها جميع الرهائن الإسرائيليين».

جانب من تسليم الرهائن خلال عملية التبادل السادسة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وأوضح: «بعد ذلك يمكن الحديث عن حل نهائي في غزة من دون مشاركة (حماس)، وهذا قد يحدث عن طريق مقترح اندماج (حماس) في (منظمة التحرير الفلسطينية) شأنها شأن الفصائل الأخرى، خصوصاً أن الحركة وافقت بالفعل على (لجنة الإسناد المجتمعي)». واستدرك المصدر: «لكنَّ المشكلة التي واجهت هذا المقترح هي اعتراض قيادات في حركة فتح باعتبار أن الحكومة الحالية في فلسطين هي حكومة غير فصائلية، ويمكن إجراء تعديل حكومي وتوسيعها لتشمل قطاع غزة دون الحاجة لكيانات جديدة».

ورداً على التصريحات الحمساوية في مواجهة كل من يريد أن يكون بديلاً للاحتلال الإسرائيلي في غزة، أكد المصدر: «ليس هناك أي حديث عن وجود بدائل أجنبية عربية أو غير عربية في غزة ولا حتى قوات مراقبة، ولكن كل المقترحات عن دور مصري عربي لإعادة الإعمار، وهذا الدور مرحَّب به لأنه سيكون داعماً للشريك الفلسطيني أياً كان».

وختم المصدر بتأكيد أنه «ستظل (حماس) جزءاً من المعادلة بحكم الواقع، ولكن التضارب الحادث في الردود والتصريحات منبعه عدم وضوح الرؤية لدى جميع الأطراف لكيفية التعامل مع هذا الجزء».

«ليس رسمياً»

ويرى رئيس المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية العميد خالد عكاشة، أنه لا يوجد تغير رسمي في موقف «حماس» الذي أبلغته للوسطاء بشأن عدم رغبتها في إدارة غزة، وذلك رغم تصريح أحد قيادات الحركة بعدم التنازل عن القطاع.

عكاشة قال لـ«الشرق الأوسط» إن التصريح الذي أدلى به القيادي الحمساوي في الدوحة «تصريح غير مسؤول، لكنه لا يعبّر رسمياً عن (حماس) لأنه لم يصدر في بيان للحركة أو من أحد قياديها المعبّرين عنها رسمياً، وهذا أمر طبيعي في الحركات، حيث لا تكون لديها سيطرة كاملة على جميع أعضائها».

ويعتقد عكاشة أنها قد تكون «مناورة ومراوغة» من الحركة، «هذا في حال أنها هي مَن سمحت له بهذا التصريح» من أجل ممارسة ضغط على إسرائيل مثلما تفعل الأخيرة أيضاً. ومع ذلك أكد الخبير الاستراتيجي أن «إسرائيل رغم علمها علم اليقين بأن هذا التصريح لا يعبّر عن (حماس)، فمن الطبيعي أن تلتقطه وتتذرع به لعرقلة جهود تنفيذ وقف إطلاق النار مما يزيد من إرباك المشهد وجهود الوسطاء».