صنعاء... مظاهر ترف حوثي وشوارع تعج بالمتسوّلين

اتهامات لقادة الجماعة بالإثراء على حساب ملايين الفقراء

يعيش ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين ظروفاً أشبه بالمجاعة (أ.ف.ب)
يعيش ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين ظروفاً أشبه بالمجاعة (أ.ف.ب)
TT

صنعاء... مظاهر ترف حوثي وشوارع تعج بالمتسوّلين

يعيش ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين ظروفاً أشبه بالمجاعة (أ.ف.ب)
يعيش ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين ظروفاً أشبه بالمجاعة (أ.ف.ب)

بالتزامن مع كشف نشطاء يمنيين عن جانب جديد من الفساد الذي يمارسه الحوثيون في قطاع التجارة تستقبل العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، حلول شهر رمضان المبارك وأسواقها تعج بالمتسولين، بسبب تردي الأوضاع وإيقاف برنامج الأغذية العالمي المساعدات الغذائية منذ نهاية العام الماضي عن ملايين المستفيدين.

وبينما يواصل قادة الحوثيين بناء القصور الفخمة وافتتاح الشركات والمراكز التجارية - وفق ناشطين يمنيين - تغطي تجمعات المتسولين، وغالبيتهم من النساء والفتيات، أرصفة شوارع المدينة بحثاً عما يسد الرمق مع قرب دخول شهر رمضان.

باستثناء قادة الحوثيين يعاني غالبية سكان صنعاء من الفقر الشديد (إعلام محلي)

في مقابل ذلك تعيش أسواق العاصمة المختطفة حالة من الكساد غير المسبوقة نتيجة اتساع رقعة الفقر، حيث يعيش 70 في المائة من السكان على المساعدات الغذائية التي توزعها الأمم المتحدة قبل أن يتم إيقافها نهاية عام 2023 بسبب تدخلات الحوثيين.

وبث نشطاء في صنعاء مقطعاً مصوراً يظهر تكدس العشرات من النساء والأطفال في بعض شوارع المدينة، ويقول أحدهم معلقاً على ذلك إن كل الأرصفة تمتلئ بالمتسولين، وإنه وجد عائلات في أحد الأحياء التي يسكنها الأغنياء الجدد من قادة الحوثيين تنتظر حلول الظلام لتبحث عن طعام في براميل القمامة.

وهذا الأمر أكد عليه خمسة من سكان صنعاء اتصلت بهم «الشرق الأوسط» وقالوا إن الجوع يعتلي وجوه أغلب الناس في الشوارع، والمراكز التجارية خالية على عكس ما هو معروف عن أسواقها في مثل هذه الأوقات من السنة خلال السنوات السابقة.

وأفاد موظفون يعيشون في مناطق سيطرة الحوثيين بأنهم تسلموا نصف راتب عن شهر أغسطس (آب) 2018، وهو مبلغ لا يزيد عن خمسين دولاراً في حين أن أسعار السلع قد تضاعفت؛ إذ يوفر المبلغ بالكاد كيساً من الطحين للأسرة وعبوة من زيت الطبخ وقليلاً من البقوليات والسكر.

ولهذا، والحديث للنشطاء، فإن أسر الموظفين تبدو أفضل حالاً؛ لأنها تمكنت من شراء هذه المواد، في حين أن الغالبية العظمى من السكان لا يستطيعون الحصول على كيس من الطحين أو من الأرز.

يعاني السكان في مناطق الحوثيين من انعدام العملة المحلية وانتشار كميات مهترئة منها (إعلام محلي)

ويقول الناشطون إن تدخلات الحوثيين في توزيع المساعدات الغذائية أدت إلى توقفها منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن سبعة ملايين شخص، وهو ما فاقم من معاناتهم؛ إذ ينتظرون استئناف برنامج الأغذية العالمي توزيع المساعدات خلال الشهر المقبل عقب التفاهمات التي تمت بين البرنامج وسلطة الحوثيين.

معاناة غير مسبوقة

هذه المعاناة الكبيرة التي لم يعرفها اليمنيون منذ القضاء على أسلاف الحوثيين في بداية الستينات جاءت متزامنة، وكشف الناشط في جماعة الحوثي ‏خالد العراسي عما وصفها بـ«فوضى وتلاعب فاضح بالأرقام الضريبية»، والقيام ببيعها أو تأجيرها لممارسة أعمال تجارية وإجراء صفقات واستيراد بضائع، دون علم أصحابها أو بتواطؤ منهم.

واستند العراسي إلى خطاب موجه من مدير عام الشؤون القانونية بمصلحة الضرائب الحوثية إلى رئيس المصلحة يشكو فيه من تسديد ضريبة البيانات الجمركية بأسماء مكلفين من دون علمهم، وأن هؤلاء الأشخاص عندما يتم مطالبتهم بدفع رسوم ضريبية يقولون إن هذه البضائع التي دخلت بأرقامهم الضريبية ليست لهم ولا علاقة لهم بها، على أساس أن المخلص الجمركي هو من استخدم البطاقة دون علمهم أو بسبب التفويض.

انعكس الركود على الحركة التجارية في الحي القديم في صنعاء (إعلام محلي)

وبحسب ما ذكره الناشط الحوثي، فإن هناك أرقاماً ضريبية خاصة بأشخاص توفوا ومع ذلك يتم تفعيلها، وهناك بطائق بأسماء وهمية، وهناك بطائق بأسماء أشخاص وهم لا يعلمون عنها شيئاً، وهناك بطائق يستخدمها صاحبها لمدة عام ويبحث عن بطاقة أخرى باسم آخر، والأهم من هذا كله هو وجود كثير من البطائق الضريبية بأسماء ناقلين وتحول الناقل إلى واجهة للمستورد الحقيقي.

وفي تأكيد على أن الجماعة تستخدم مثل هذه الأرقام في إخفاء هوية المستوردين الفعليين للبضائع، ذكر العراسي أن جميع هذه البطائق يتم تجديدها بشكل طبيعي جداً دون دفع المبالغ المستحقة نتيجة الأعمال التجارية (الاستيراد) التي تمت طوال العام، «لدرجة أن هناك كثيراً من التجار الكبار تتدفق إليهم قاطرات بضائع دون أن يكون لديهم أرقام ضريبية».

وقال إن هذه الطريقة باتت مصدراً للثراء؛ لأن كل ما يلزم هو استخراج بطاقة ضريبية ومن ثم تأجيرها أو بيعها لمكتب تخليص جمركي أو لتاجر استيراد.

ويبين الناشط الحوثي أن من يقوم بهذا الفعل يستفيد بأن اسمه لم يدخل ضمن كبار المكلفين بحسب حجم تجارته، كما أنه لا يدفع ضريبة الأرباح ولا يدفع أي فوارق ضريبية متبقية من تصفية الحساب نهاية كل عام، وأكد أنه رغم الكشف عن هذه القضية لم تتم إحالة قضية واحدة فقط إلى نيابة ومحكمة الضرائب.


مقالات ذات صلة

«الخارجية» اليمنية: التسليح الإيراني للحوثيين يعرقل السلام ويطيل الصراع

خاص مصطفى نعمان يتوسط وفد البعثة الأوروبية الذي زار العاصمة المؤقتة عدن أخيراً (سبأ)

«الخارجية» اليمنية: التسليح الإيراني للحوثيين يعرقل السلام ويطيل الصراع

انتقد مسؤول يمني رفيع السياسات الإيرانية العدائية ضد الشعب اليمني، والإصرار على تسليح الحوثيين، مما يطيل أمد النزاع في البلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص كمية من الصواريخ المصادرة ضمن الشحنة الإيرانية التي كانت في طريقها للحوثيين (السفارة الأميركية في اليمن)

خاص ماذا يعني ضبط أكبر شحنة أسلحة إيرانية في طريقها للحوثيين؟

ما دلالات نجاح قوات خفر السواحل اليمنية التابعة للمقاومة الوطنية في ضبط نحو 750 طناً من الأسلحة الإيرانية المتطورة كانت في طريقها إلى جماعة الحوثيين الإرهابية؟

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي صورة للسفينة المضبوطة نشرها الإعلام العسكري لقوات المقاومة الوطنية اليمنية

«صفعة بحرية» للحوثيين بعد ضبط أكبر شحنة أسلحة إيرانية

وجَّهت قوات المقاومة اليمنية «صفعة» بحرية للحوثيين بعد ضبطها شحنة أسلحة إيرانية «ضخمة»، إثر عملية وُصِفت بأنها الأكبر في تاريخ إحباط الأسلحة الإيرانية للجماعة.

جبير الأنصاري (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطة سابقة أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

اليمن يعلن إحباط خطط حوثية لاغتيال المبعوث الأممي غروندبرغ

أعلنت الحكومة اليمنية إحباطها خلال الأسابيع الأخيرة خططاً لاغتيال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ عبر واحدة من أخطر الخلايا الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي بعد تشديد الإجراءات الأمنية على سواحل تعز ولحج انتقل نشاط تهريب المهاجرين شرقاً (إعلام حكومي)

السلطات اليمنية تحذر من تأثيرات تدفق المهاجرين الأفارقة

تواجه السلطات في محافظة شبوة مخاطر ازدياد المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين بعد أن أُغلقت السواحل الغربية لليمن أمام المهربين ما يفرض عليها تحديات أمنية وصحية

محمد ناصر (تعز)

الحوثيون يهاجمون وإسرائيل تنشد تحالفاً أميركياً

إطلاق صاروخ اعتراضي من طراز «أرو» في إسرائيل (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
إطلاق صاروخ اعتراضي من طراز «أرو» في إسرائيل (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
TT

الحوثيون يهاجمون وإسرائيل تنشد تحالفاً أميركياً

إطلاق صاروخ اعتراضي من طراز «أرو» في إسرائيل (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
إطلاق صاروخ اعتراضي من طراز «أرو» في إسرائيل (وزارة الدفاع الإسرائيلية)

أعلنت الجماعة الحوثية، الجمعة، استهداف مطار بن غوريون الإسرائيلي بصاروخ باليستي فرط صوتي نوع (فلسطين 2)، في حين تقدمت إسرائيل بطلب إلى الولايات المتحدة للتحالف لتوجيه ضربات مشتركة وقوية ضد الحوثيين، بالتعاون مع دول أخرى بعد التصعيد الحوثي الأخير ضدها والعودة لاستهداف الملاحة في البحر الأحمر.

وذكر القيادي يحيى سريع، الناطق العسكري باسم الجماعة، في بيان له، أنه تم تنفيذ عملية عسكرية نوعية استهدفت مطار في منطقة يافا بصاروخ باليستي فرط صوتي نوع (فلسطين 2)، زاعماً أنها «حققت هدفها بنجاح»، وتسببت في هروب الملايين من الإسرائيليين إلى الملاجئ وتوقف حركة المطار.

وجدّد سريع تأكيده استمرار العمليات العسكرية للجماعة ضد الأهداف الإسرائيلية «حتى وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها»، مطالباً من سماهم «أبناء الأمة العربية والإسلامية» بـ«الخروج دعماً وإسناداً لسكان غزة»، ومحذراً «الأمة العربية والإسلامية» من تمكن إسرائيل من تنفيذ مخططها في غزة.

واعترف الجيش الإسرائيلي بوقوع الهجوم الحوثي، مؤكداً اعتراض صاروخ أُُطلق من اليمن، ما استدعى إطلاق صفارات الإنذار، في حين أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن صفارات الإنذار سُمِعت في أكثر من 250 مدينة وبلدة، من بينها القدس وتل أبيب، إلى جانب توقف مؤقت لحركة الملاحة الجوية في مطار بن غوريون.

كما اعترف الإعلام العبري بتوجه الإسرائيليين إلى الملاجئ نتيجة التحذيرات من الهجوم الحوثي الثالث خلال يومين.

زعيم الجماعة الحوثية تعهد مراراً باستمرار الهجمات على إسرائيل (غيتي)

وكان سريع قد أعلن الأربعاء الماضي تنفيذ عملية عسكرية نوعية بأربع هجمات متنوعة استهدفت فيها الجماعة الحوثية مطار بن غوريون بصاروخ باليستي نوع «ذو الفقار»، «حققت هدفها بنجاح»، وتسببت في هروب الملايينِ من الإسرائيليين إلى الملاجئ وتوقف حركة المطار، حسب ادعائه، إلى جانب 3 هجمات بأربع طائرات مسيَّرة استهدفت منطقة النقب ومطار بن غوريون وميناء إيلات، حققت أهدافها بنجاح أيضاً.

مناشدة إسرائيلية

خلال الأيام الماضية تقدمت إسرائيل بطلب إلى الولايات المتحدة لتنفيذ ضربات مشتركة وقوية ضد الجماعة الحوثية في اليمن، بمشاركة تحالف دولي واسع.

وكشفت وسائل إعلام عبرية، الخميس الماضي، عن أن إسرائيل أكدت للولايات المتحدة، أخيراً، الحاجة إلى مضاعفة الضربات المشتركة والقوية ضد الحوثيين، مع عدم الاكتفاء بضربات سلاح الجو الإسرائيلي، وتجديد الهجمات الأميركية وإشراك دول أخرى ضمن التحالف ضد الجماعة التي تواصل تهديداتها لإسرائيل والملاحة في البحر الأحمر.

إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة الأميركية إنشاء تحالف لمواجهة تهديدات المتمردين الحوثيين (إ.ب.أ)

وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فإن الطلب الإسرائيلي جاء عبر رسائل عدة بعد تزايد عمليات إطلاق الصواريخ من اليمن باتجاه إسرائيل، والتصعيد الحوثي الكبير بمهاجمة السفن في البحر الأحمر، وإغراق اثنتين، ما أدى إلى مقتل واختفاء بحارة إحداهما، واختطاف آخرين.

ووفقاً للهيئة؛ فإن إسرائيل بررت إلحاحها على الولايات المتحدة عقب الهجمات الحوثية، بأن الضرر الذي لحق بالممرات الملاحية يُمثّل مشكلةً عالميةً، ولا بدّ أن يؤدي إلى زيادة الهجمات وتكثيفها.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي، تشن الجماعة الحوثية هجمات بالصواريخ الباليستية والطيران المسيّر والزوارق البحرية ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي بمزاعم تبعيتها لإسرائيل، بالإضافة إلى توجيه ضربات على مواقع إسرائيلية تحت شعار مناصرة أهالي غزة.

عنصر حوثي يحمل نموذجاً لصاروخ في وقفة لأنصار الجماعة الحوثية ضد إسرائيل (أ.ف.ب)

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية خلال الأيام الماضية عن قرار رسمي بإيقاف ميناء إيلات عن العمل بداية من الأحد المقبل، بعد عجزه عن سداد ديونه المتراكمة جراء انخفاض حاد في إيراداته.

ونقلت وسائل الإعلام تلك عن بلدية إيلات أنها اضطرت إلى الحجز على حسابات الميناء، بعد وصول مديونيته إلى نحو 3 ملايين دولار (قرابة 10 ملايين شيقل)، وعدم قدرته على دفع الضرائب للبلدية.

وأرجعت انخفاض إيرادات الميناء إلى النشاط العسكري للحوثيين في البحر الأحمر، ما دفع إلى تحويل السفن التي كانت تصل إليه إلى ميناءي أشدود وحيفا على البحر الأبيض المتوسط.