إيطاليا ثالث دولة أوروبية تتصدى لهجمات الحوثيين البحرية

الجماعة هددت بمزيد من عمليات إغراق السفن

صورة للسفينة البرطانية «روبيمار» قبل غرقها في البحر الأحمر جراء الهجوم الحوثي (تلفزيون الجمهورية)
صورة للسفينة البرطانية «روبيمار» قبل غرقها في البحر الأحمر جراء الهجوم الحوثي (تلفزيون الجمهورية)
TT

إيطاليا ثالث دولة أوروبية تتصدى لهجمات الحوثيين البحرية

صورة للسفينة البرطانية «روبيمار» قبل غرقها في البحر الأحمر جراء الهجوم الحوثي (تلفزيون الجمهورية)
صورة للسفينة البرطانية «روبيمار» قبل غرقها في البحر الأحمر جراء الهجوم الحوثي (تلفزيون الجمهورية)

في الوقت الذي هددت فيه الجماعة الحوثية، الأحد، بشن مزيد من الهجمات البحرية لإغراق السفن في البحر الأحمر وخليج عدن عقب غرق السفينة البريطانية «روبيمار»، دخلت إيطاليا على خط التصدي للهجمات الحوثية بوصفها ثالث دولة أوروبية بعد فرنسا وألمانيا.

ووفق ما ذكرته وزارة الدفاع الإيطالية، الأحد، تصدت مدمرة لطائرة مسيّرة حوثية بالقرب منها في البحر الأحمر، حيث التزمت روما بالمشاركة في العملية الأوروبية لحماية سفن الشحن.

مدمرة إيطالية في البحر الأحمر ضمن قوات أوروبية للتصدي لهجمات الحوثيين ضد السفن (الجيش الإيطالي)

وكان الاتحاد الأوروبي قد أقر الانضمام إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا لحماية السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، ضمن عملية «أسبيدس» التي تعني الدروع أو الحامي، دون المشاركة في شن هجمات مباشرة على الأرض ضد الجماعة المدعومة من إيران.

وتشن الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجمات ضد السفن تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة من خلال منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل قبل أن تضيف إلى لائحة الأهداف السفن الأميركية والبريطانية.

وهدد القيادي حسين العزي المعين في منصب نائب وزير الخارجية في الحكومة الحوثية غير المعترف بها دولياً، الأحد، بشن مزيد من عمليات إغراق السفن، على الرغم من الهدوء النسبي الذي شهدته المياه اليمنية خلال اليومين الأخيرين.

وقال العزي في تغريدة على منصة «إكس» إن جماعته ستواصل «إغراق مزيد من السفن البريطانية، وأي تداعيات أو أضرار أخرى ستجري إضافتها لفاتورة بريطانيا بوصفها دولة مارقة تعتدي على اليمن، وتشارك أميركا في رعاية الجريمة المستمرة بحق المدنيين في غزة»، وفق تعبيره.

وتوعد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثية في أحدث خطبه بما وصفه بـ«مفاجآت» لا يتوقعها أعداء جماعته التي أقر بمهاجمتها 54 سفينة منذ بدء التصعيد البحري الذي رأت فيه الحكومة اليمنية هروباً من استحقاقات السلام اليمني، ومحاولة لتلميع صورة الجماعة داخلياً وخارجياً، من بوابة الحرب في غزة.

حشد الحوثيون آلاف المجندين من مختلف الأعمار في مناطقهم وأعينهم على المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية (أ.ف.ب)

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وزارة الدفاع الإيطالية بياناً قالت فيه: «التزاماً بمبدأ الدفاع المشروع عن النفس، أسقطت المدمرة (دويليو) مسيَّرة في البحر الأحمر. وكانت المسيَّرة التي تنطبق مواصفاتها على (مسيرات) أخرى استخدمت في هجمات سابقة، موجودة على مسافة 6 كيلومترات من السفينة الإيطالية، وتحلق في اتجاهها».

ووفق الوكالة، ندد وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو، الأحد، في مقابلة مع صحيفة «كورييري ديلا سيرا»، بهجمات الحوثيين، مؤكداً أنها تشكل «انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي».

وتعهدت إيطاليا بالانضمام إلى القوة البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي على أن تتولى أيضاً قيادتها، لكن هذه المشاركة لا تزال تنتظر مصادقة البرلمان. ويتوقع أن يوافق مجلس الشيوخ على الأمر بداية من الثلاثاء المقبل، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

وخلال زيارة رسمية لكندا، دافعت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني عن مشاركة بلادها في القوة الأوروبية دفاعاً عن مصالحها الاقتصادية، خصوصاً أن ثلث الصادرات الإيطالية يمر بمضيق باب المندب بين البحر الأحمر وخليج عدن.

وكانت الفرقاطة الألمانية «هيسن» قد دخلت هي الأخرى على خط التصدي للهجمات الحوثية، حيث قامت قبل أيام بإسقاط مسيّرتين للجماعة الحوثية في البحر الأحمر.

هجمات حوثية وضربات غربية

أدى هجوم حوثي في 18 فبراير (شباط) الماضي إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» تدريجياً، قبالة سواحل مدينة المخا اليمنية على البحر الأحمر، بعد أن تعذرت عملية إنقاذها بسبب التصعيد العسكري، وضآلة إمكانات الحكومة اليمنية، ومحاولة الجماعة الحوثية استثمار الحادث للمزايدة السياسية دون استشعار الكارثة البيئية.

ومنذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بلغت هجمات الجماعة ضد السفن، وفق زعيمها عبد الملك الحوثي، 54 هجمة، وأدت إلى إصابة 11 سفينة على الأقل، غرقت إحداها، كما لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» وطاقمها للشهر الرابع.

وتوعّد الحوثي في أحدث خطبه باستمرار الهجمات البحرية، متباهياً بإطلاق 384 صاروخاً وطائرة مسيّرة خلال الهجمات، كما سبق أن توعد بالقوارب المسيّرة والغواصات الصغيرة غير المأهولة.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر بسبب هجوم حوثي (رويترز)

ورغم الضربات الغربية التي بلغت حتى الآن أكثر من 300 غارة استهدفت مواقع في صنعاء والحديدة وتعز وحجة وصعدة وذمار، فإن الجماعة الحوثية تقول إنها لم تحد من قدرتها العسكرية، ووصفتها بأنها «ضربات للتسلية وحفظ ماء الوجه»، وفق ما صرح به زعيمها الحوثي.

وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات ضد الحوثيين غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو مساندة قواتها على الأرض لاستعادة المؤسسات، وتحرير الحديدة وموانئها، وبقية المناطق الخاضعة بالقوة للجماعة.

وشاركت بريطانيا الولايات المتحدة في 4 موجات من الضربات ضد أهداف حوثية على الأرض، وركزت العمليات الاستباقية لواشنطن في الأيام الأخيرة على أهداف في شمال الحديدة وجنوبها، لكنها لم تحد بشكل كامل من قدرة الجماعة على إطلاق الهجمات.

واعترف الحوثيون بمقتل 22 مسلحاً في الضربات الغربية، إلى جانب 10 قُتلوا في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في البحر الأحمر، بعد تدمير البحرية الأميركية زوارقهم، رداً على محاولتهم قرصنة إحدى السفن، فضلاً عن مدني زعموا أنه قُتل في غارة شمال غربي تعز.

تقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الحوثيين ليست مجدية وإن دعم قواتها على الأرض هو الحل الأمثل (رويترز)

وأطلقت الولايات المتحدة تحالفاً دولياً في ديسمبر الماضي، سمته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض ضد الحوثيين، إلى جانب تنفيذ العشرات من عمليات التصدي للصواريخ والمُسيَّرات الحوثية والقوارب المفخخة.

وبسبب التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية تجمدت مساعي السلام اليمني التي تقودها الأمم المتحدة، وسط مخاوف من عودة القتال خصوصاً بعد أن حشد الحوثيون عشرات آلاف المجندين مستغلين العاطفة الشعبية تجاه القضية الفلسطينية.


مقالات ذات صلة

خطورة هجمات الحوثيين تتراجع و«أسبيدس» الأوروبية تدمر مسيرتين

العالم العربي المهمة الأوروبية البحرية أسهمت في مرافقة 17 سفينة تجارية بالبحر الأحمر (إكس)

خطورة هجمات الحوثيين تتراجع و«أسبيدس» الأوروبية تدمر مسيرتين

وسط تراجع في خطورة هجمات الحوثيين خلال الأسبوع الأخير أعلنت مهمة الاتحاد الأوروبي العسكرية لحماية السفن (أسبيدس) تدمير طائرتين من دون طيار فوق خليج عدن.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي النساء اللائي يعانين من سوء التغذية في اليمن معرضات بشكل كبير لمخاطر الحمل والولادة (الأمم المتحدة)

سوء التغذية الحاد يرتفع بين الأمهات والأطفال اليمنيين

كشفت مصادر صحية يمنية عن ارتفاع مستوى سوء التغذية الحاد بمختلف أشكاله في أوساط الأمهات والأطفال دون الخامسة في مناطق عدة واقعة تحت سيطرة الحوثيين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي السفينة «روبيمار» قبل أيام من غرقها في البحر الأحمر إثر تعرضها لقصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

حملة أممية لجمع الأموال لتنظيف تلوث السفينة «روبيمار»

أطلقت «الأمم المتحدة» دعوة للدول المانحة للمساهمة في تكاليف تنظيف التلوث الناتج عن غرق الناقلة البريطانية «روبيمار».

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر أمن تابع للحوثيين ضمن دورية في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

مقاول يمني مهدّد بالإعدام لرفضه التنازل للحوثيين عن أملاكه

اعتقل الحوثيون مقاولاً وأقاربه في صنعاء ويهددونه بالإعدام للتنازل عن أملاكه مقابل الإفراج عنه بذريعة أن الأملاك تابعة للرئيس اليمني الراحل علي صالح

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عائلة صغيرة في مخيم للنازحين على مشارف مدينة تعز (أ.ف.ب)

دعوة يمنية إلى تحويل أموال الإغاثة عبر «المركزي» في عدن

شهدت الأشهر الماضية تزايداً في انعدام الأمن الغذائي في اليمن، وسط انتقادات للمنظمات ودعوات إلى تغيير نهج المساعدات وتحويل الأموال عبر البنك المركزي في عدن.

وضاح الجليل (عدن)

خطورة هجمات الحوثيين تتراجع و«أسبيدس» الأوروبية تدمر مسيرتين

المهمة الأوروبية البحرية أسهمت في مرافقة 17 سفينة تجارية بالبحر الأحمر (إكس)
المهمة الأوروبية البحرية أسهمت في مرافقة 17 سفينة تجارية بالبحر الأحمر (إكس)
TT

خطورة هجمات الحوثيين تتراجع و«أسبيدس» الأوروبية تدمر مسيرتين

المهمة الأوروبية البحرية أسهمت في مرافقة 17 سفينة تجارية بالبحر الأحمر (إكس)
المهمة الأوروبية البحرية أسهمت في مرافقة 17 سفينة تجارية بالبحر الأحمر (إكس)

أعلنت مهمة الاتحاد الأوروبي العسكرية لحماية السفن (أسبيدس)، تدمير طائرتين من دون طيار فوق خليج عدن، الأحد، في سياق العمليات الدفاعية التي انضم إليها الاتحاد إلى جانب الولايات المتحدة التي تقود تحالف «حارس الازدهار» لتأمين الملاحة من هجمات الحوثيين.

جاء ذلك في وقت شهدت فيه الهجمات الحوثية خلال الأسبوع الأخير تراجعاً ملحوظاً مع عدم تسجيل أي تهديد حقيقي لاستهداف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، على الرغم من تبني الجماعة المدعومة من إيران عدداً من العمليات المزعومة.

سفينة شحن بريطانية تعرضت لهجوم صاروخي حوثي في خليج عدن (د.ب.أ)

ونقلت «رويترز» عن مهمة الاتحاد الأوروبي البحرية (أسبيدس) المعنية بحماية السفن لدى عبورها البحر الأحمر أن الفرقاطة «بسارا» التابعة للمهمة، وهي فرقاطة يونانية، دمرت طائرتين مسيرتين في منطقة خليج عدن.

ويأتي التصدي الأوروبي للمسيرتين الحوثيتين، عقب بيان من الممثل السامي للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة جوزيب بوريل خلال زيارته إلى مقر العملية في اليونان، أكد فيه، تدهور الوضع الأمني في البحر الأحمر وخليج عدن بشكل ملحوظ، مما أدى إلى أزمة حادة.

وقال المسؤول الأوروبي إن الحوثيين يشنون هجمات متزايدة التعقيد، وقد طوروا قدرات أكبر لمهاجمة السفن التجارية، ويهددون الأمن البحري والتجارة الدولية، ويعرضون السلام والأمن الإقليميين للخطر.

وأوضح بوريل أن إعادة توجيه حركة المرور البحري عبر رأس الرجاء الصالح يؤدي إلى إضافة 10 إلى 14 يوماً لكل رحلة، وهذا يعني تكاليف أعلى، وارتفاع الأسعار، والمزيد من التضخم وارتفاع أسعار المواد المشحونة والتأمين. وقال: «الأمر مقلق للغاية، حيث تضاعفت تكلفة الحاوية من الصين إلى أوروبا مرتين».

وأشار إلى أن عدد السفن التي تعبر قناة السويس يومياً انخفض إلى النصف، وأضاف: «هذا يعني خسارة كبيرة لمصر والكثير من المشاكل للاقتصاد العالمي».

وتابع المسؤول الأوروبي بالقول: «كما هي الحال دائماً، فإن أفقر الناس هم الأكثر تضرراً. وهذا ينطبق على اليمن، حيث واجهت حركة البضائع عقبات كبيرة بسبب هجمات الحوثيين، مما أدى إلى تراجع تدفق البضائع بشكل كبير، بنسبة 50 في المائة مقارنة مع السنة الماضية، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الأدوية والمواد الغذائية نتيجة لذلك، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية بشكل ملحوظ».

اعتداء مباشر

أكد الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة جوزيب بوريل أن الهجمات الحوثية هي اعتداء مباشر على مصالح الاتحاد وعلى السلام والاستقرار الإقليميين، وعلى حياة من هم الأكثر تضرراً.

وكشف عن أنه منذ إطلاق العملية الأوروبية في فبراير (شباط) الماضي رافقت سفن «أسبيدس» بنجاح أكثر من 170 سفينة تجارية، ودمرت 19 طائرة مسيرة وصاروخاً أطلقها الحوثيون ضد أهداف مدنية.

وشدّد المسؤول الأوروبي على أهمية العملية وقال: «سنواصل العمل للحد من قدرات الجهات الفاعلة العنيفة التي تفسد فرص السلام، وتهدد المدنيين، وتعرض الأمن البحري للخطر».

جوزيب بوريل خلال زيارته لليونان حيث مقر المهمة الأوروبية «أسبيدس» (إكس)

وتقول الحكومة اليمنية إن الجماعة الحوثية تنفذ أجندة إيران في المنطقة، وتسعى للهروب من استحقاقات السلام، وتتخذ من غزة ذريعة للمزايدة السياسية، كما ترى الحكومة اليمنية أن الحل ليس في الضربات الغربية لوقف هجمات الحوثيين، ولكن في دعم قواتها المسلحة لاستعادة الأراضي كافة من قبضة الجماعة، بما فيها الحديدة وموانئها.

وأثّرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة وفقاً للجيش الأميركي، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي؛ إذ دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر، ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

وتسبب تصعيد الحوثيين في إصابة مساعي السلام اليمني التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.