انقلابيو اليمن يسحبون الثقة من وزير تجارتهم بسبب الفساد

اتُّهم بالإثراء وسط تشكيك في جدية الجماعة لمحاسبته

يتحكم قادة الجماعة الحوثية القادمون من معقلهم الرئيسي في صعدة في كافة المؤسسات الحكومية والإيرادية (أ.ف.ب)
يتحكم قادة الجماعة الحوثية القادمون من معقلهم الرئيسي في صعدة في كافة المؤسسات الحكومية والإيرادية (أ.ف.ب)
TT

انقلابيو اليمن يسحبون الثقة من وزير تجارتهم بسبب الفساد

يتحكم قادة الجماعة الحوثية القادمون من معقلهم الرئيسي في صعدة في كافة المؤسسات الحكومية والإيرادية (أ.ف.ب)
يتحكم قادة الجماعة الحوثية القادمون من معقلهم الرئيسي في صعدة في كافة المؤسسات الحكومية والإيرادية (أ.ف.ب)

في خطوة مفاجئة أقر ما يسمى مجلس النواب في مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن سحب الثقة من وزير الصناعة والتجارة في حكومتهم الانقلابية بالتزامن مع حملة قادها عدد من قادة الجماعة اتهموه خلالها بالفساد والإثراء غير المشروع. ورغم هذه الخطوة لا يُعرف بعد إن كانت الجماعة ستذهب نحو محاكمته أم أنها ستكتفي بهذه الخطوة الرمزية؛ إذ إن الحكومة برمتها مقالة منذ ستة أشهر وعجز زعيم الجماعة عن تشكيل حكومة بديلة.

وذكرت مصادر سياسية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن ما يسمى مجلس النواب التابع للحوثيين صوت لصالح حجب الثقة عن محمد المطهر وزير الصناعة والتجارة في حكومة تسيير الأعمال التي أقيلت من قبل وفشلت كل محاولات الجماعة لتشكيل حكومة جديدة بسبب رفض كثير من فروع الأحزاب السياسية الرئيسية في مناطق سيطرتهم القبول بالمشاركة فيها؛ لأنهم يدركون أنها لا تمتلك أي صلاحيات وستكون واجهة لتنفيذ ما يريده الحوثيون.

استخدم الحوثيون وزير الصناعة في حكومتهم الانقلابية لاحتلال الغرفة التجارية وتكليف قيادة بدلاً عن قيادتها المنتخبة (إعلام حوثي)

وشكك النائب اليمني المعارض للجماعة أحمد سيف حاشد، من جهته، بجدية الخطوة وقال إنه غير مصدق، وتوقع أن يتم التراجع عنها، في حين سخر معلقون من هذا الإجراء؛ لأن الحكومة مقالة أساساً؛ إذ كيف يتم سحب الثقة من وزير مهمته تصريف الأعمال مثل باقي الطاقم الوزاري لهذه الحكومة التي لا يعترف بها أحد؟!

وتوقع سياسيون في صنعاء أن تكون الخطوة مجرد ذر رماد في العيون بعد اتهام الرجل بارتكاب مخالفات وقضايا فساد كبيرة جداً؛ لأن هناك توجهاً لتغييره، ومن ثم يمكن تكليف نائبه للقيام بأعماله إلى حين تشكيل حكومة جديدة.

وأتت هذه الخطوة بعد أيام على شن اثنين من القادة الحوثيين هجوماً عنيفاً على المطهر؛ إذ اتهموه بالفساد والإثراء غير المشروع، وقالا إنه قبل توليه المنصب لم يكن يملك سوى «ميكروباص» أجرة موديل 2004، وإنه كان محالاً إلى نيابة الأموال العامة بسبب المخالفات التي ارتكبها عند إدارته شركة الغاز، ووصفاه بأنه أفشل وزير في الحكومة غير المعترف بها.

وبحسب القياديين علي عبد العظيم الحوثي وخالد العرايسي، فإن لديهما ما يثبت حالة الثراء التي أصبح عليها وزير الصناعة والتجارة في حكومة تصريف الأعمال الحوثية، وقالا إن هناك بلاغات ضده مرفوعة إلى الهيئة العليا لمكافحة الفساد، أحدها منذ عامين وبلاغ منذ سبعة أشهر، «وهي بلاغات فيها حقائق ووقائع كارثية تسببت بإدخال مواد مخالفة للمواصفات مثل حديد التسليح وزيت الفرامل والدجاج المثلج الفاسد».

سلطت الجماعة الحوثية هيئة المواصفات في صنعاء لابتزاز التجار وتمرير بضائع مخالفة للمقاييس (إعلام حوثي)

أخطاء فنية

إلى جانب هذه التهم بالفساد، اتهم القياديان في الجماعة القيادي المطهر بارتكاب أخطاء فنية كثيرة تمس صحة وسلامة المجتمع، وأفادا بأن هيئة المواصفات والمقاييس التي يتولى رئاستها أوقفت شحنة من الأدوية لأكثر من تسعة أشهر، والسبب أن مالكيها لم يدفعوا رشوة، ولم يفرج عنها إلا قبل ثلاثة أشهر للانتهاء، مما دفع الشركة المالكة إلى توزيعها بالمجان.

ووفق هذه الاتهامات، فإنه منذ أكثر من عام ونصف يوجد في مكتب الوزير أكثر من 500 مشروع مرتبطة بهيئة المواصفات والمقاييس، من بينها مواصفات جديدة ومواصفات تحديثية، ولم يتبقَّ غير توقيعه، لكنه يرفض ذلك حتى الآن، ما أعاق عمل الهيئة بشكل كبير، وعدّا ذلك تهديداً لصحة وسلامة المجتمع، وإغراق السوق ببضائع غير مطابقة للمواصفات والمقاييس.

الاتهامات امتدت إلى ‏نائب المطهر؛ إذ ذكر القياديان أن هناك ملفاً متعلقاً بأنواع من حلوى الأطفال المخالفة للمواصفات لم يحسم أمرها، ما يعني السماح بإدخال المزيد من السموم القاتلة، وأفادا بأن دعم المطهر لنائبه دفع رئيس الهيئة إلى الاعتكاف في منزله.

أطلق الحوثيون يد القيادي المطهر لمصادرة البضائع بغرض فرض أسعار تحددها الجماعة (إعلام حوثي)

بدوره، ذكر النائب فيما يسمى مجلس النواب الحوثي، ‏عبده ردمان، أن الأجهزة الإيرادية التابعة لسلطة الجماعة تتصرف بالمال العام وكأنه شيء يخصها دونما حسيب أو رقيب، الأمر الذي لا ينبغي السكوت عنه، وأكد أن مصاريف النثريات اليومية لبعض الأشخاص في تلك الجهات تصل إلى ملايين الريالات اليمنية.

وكان زعيم الجماعة الانقلابية عبد الملك الحوثي أعلن في 28 سبتمبر (أيلول) 2023 إقالة حكومة عبد العزيز بن حبتور التي لا يعترف بها أحد، وتم تكليفها بتصريف الأعمال ما عدا التعيين والعزل حتى يتم تشكيل حكومة جديدة، لكن الجماعة رغم مضي خمسة أشهر على القرار لم تتمكن من تشكيل حكومة بديلة، كما توقفت معها الوعود التي قطعها زعيم الجماعة بإحداث إصلاحات من شأنها أن تخفف من الوضع الذي وصفه بـ«المزري» في مناطق سيطرته.


مقالات ذات صلة

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).