الإغاثة في اليمن... جهود سعودية وخليجية وفساد حوثي

تحذيرات من أنشطة منظمات أجنبية ذات أهداف آيديولوجية

يمني يدفع مخلفات قابلة للتدوير في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
يمني يدفع مخلفات قابلة للتدوير في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الإغاثة في اليمن... جهود سعودية وخليجية وفساد حوثي

يمني يدفع مخلفات قابلة للتدوير في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
يمني يدفع مخلفات قابلة للتدوير في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

نشطت المنظمات الإغاثية الإقليمية والدولية في اليمن منذ بداية الحرب وساهمت في التخفيف من الوضع الإنساني الذي خلفته المعارك. لكن كانت هناك منظمات تعمل بوضوح من أجل مساعدة اليمنيين وأخرى تتهم باستغلال الحرب لتحقيق أهداف سياسية بعيدة عن العمل الإنساني، وغيرها لعبت على وتر حقوق الإنسان للبحث عن المكانة والنفوذ والأموال.
وتشير تقارير يمنية ودولية إلى أن الأعمال الإغاثية في صنعاء والمناطق التي تقع تحت سيطرة ميليشيا الحوثي الانقلابية، تخضع لحسابات معينة، إذ يحظى بالمساعدات من كان موالياً للجماعة، فيما يذهب الفتات إلى معارضي فكر الحوثيين أو المتحفظين على إرسال أبنائهم للقتال في صفوفهم.
وكان القيادي في الجماعة الموالية لإيران أحمد حامد المعين مديراً لمكتب رئيس مجلس حكم الانقلاب مهدي المشاط أصدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018. توجيهاً إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الخاضعة للجماعة في صنعاء يقضي بمنع منح أي تصريح جديد للعمل الطوعي الإنساني باستثناء المنظمات التابعة للميليشيات.
وتعمدت الجماعة خلال السنوات التي سبقت هذا القرار إنشاء العشرات من المنظمات المحلية تحت لافتة العمل الإنساني، وأوكلت إليها السطو على أغلب المساعدات الإنسانية الدولية وتسخيرها لاستقطاب المجندين وخدمة الأهداف الطائفية للجماعية.
وتحتكر الميليشيات الانقلابية عبر منظماتها المحلية التي فرضتها بالقوة في مناطق سيطرتها الحق في الحصول على الدعم الإنساني المقدم من المنظمات الأممية لتوزيعها بطريقتها على أتباعها الطائفيين، كما تفرض على الجمعيات الخيرية القليلة الموجودة في صنعاء غير التابعة لها ما لا يقل عن 30 في المائة من المساعدات الغذائية لأسر المجندين التابعين لها، وفق ما أكدته مصادر حقوقية في العاصمة.
أما في المناطق المحررة فقد اتضحت الجهود الضخمة التي قادتها السعودية بسخاء لدعم اليمنيين كما هو الحال مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي ساهم في دعم البرامج الصحية وإيواء النازحين وعلاج الجرحى وتأهيل المستشفيات، وأيضاً في برامج الأمن الغذائي، ومنها الشراكة التي عقدها مع برنامج الأغذية العالمي والتي كان لها دور بارز ونتائج قوية على الأرض في تقديم المعونات الغذائية لأكثر من ستة ملايين يمني كل شهرين في أكثر من 19 محافظة متضررة.
وفي هذا السياق، يؤكد رئيس «مركز الدراسات والإعلام الإنساني» في اليمن محمد المقرمي أن «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ساهم بكل شفافية وإنسانية في دعم برامج الأمن الغذائي والصحي وإيواء النازحين وعلاج الجرحى وتأهيل المستشفيات، وقدم بشكل مباشر عبر المنظمات المحلية أكثر من 477 مشروعاً بتكلفة تجاوزت 3 مليارات دولار عبر 80 شريكاً في 12 قطاعاً، وساهم عبر المنظمات الدولية متصدراً دعم خطط الاستجابة التي تقدمها الأمم المتحدة منذ خمس سنوات في اليمن».
وبحسب المقرمي، بلغ إجمالي ما قدمته السعودية لليمن 16 مليار دولار منها مساعدات للحكومة اليمنية والنازحين في المملكة ودعم البنك المركزي على مرحلتين. وجاء الهلال الأحمر الإماراتي ثاني أكبر داعم لليمن عبر مشاريع إنسانية بمبالغ تجاوزت ملياري دولار.
وأوضح أن السنوات الأربع الماضية شهدت تنفيذ مشاريع الاستجابة عبر الأمم المتحدة، كما جاءت المنظمات والجمعيات الخيرية الكويتية في المرحلة الثالثة عربياً من خلال دعم تجاوز 600 مليون دولار منذ العام 2015 عبر منظماتها الإنسانية وعبر الأمم المتحدة. وبين المقرمي لـ«الشرق الأوسط» أن الأمم المتحدة تسلمت أكثر من 15 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية، أغلبها من السعودية والإمارات، لتقدم المساعدات لليمنيين في كل المحافظات، بما فيها الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، «لكن لم يكن لها أثر واضح حيث انتقل الوضع الإنساني من المرحلة الرابعة للطوارئ إلى مؤشرات المرحلة الخامسة، وبدأت تظهر جيوب المجاعة في عدد من المحافظات وفي مقدمتها الحديدة التي يفترض أن تصل لها المساعدات بسهولة كونها تقع في المنافذ الرئيسية التي تعتمد عليها الأمم المتحدة»، مشيراً إلى أن «غياب الرقابة على تلك المنظمات أدى إلى التلاعب ومصادرة الحوثيين لعدد من القوافل الإغاثية التي يفترض أن تصل إلى المستحقين».
ولفت إلى أن «الأمر لم يقف عند مصادرة الحوثيين قوافل الإغاثة فقط، بل عقدوا صفقات شيطانية مع مسؤولين وموظفين فاسدين بوكالات إغاثية في اليمن تابعة لمنظمات الأمم المتحدة، بعضها كُشف أمره وجرت فيه تحقيقات دولية سرية بتهم فساد وتعاون مع الحوثيين، والانضمام إليهم في القتال أيضاً». وأكد ظهور منظمات أجنبية «ذات بعد آيديولوجي لتستغل الشعارات الإنسانية الإغاثية، خلال العامين الأخيرين مثل هيئة الإغاثة التركية، وجمعية الحق للإغاثة الإنسانية، وجمعية الرابط التركية، وجمعية إيدر، وجمعية إيفاد». وبين أن ذلك الدور «أثار الشكوك لدى اليمنيين حول الأهداف الحقيقية لهذه المنظمات التي ظهرت في الآونة الأخيرة حيث تعد تركيا بنظر اليمنيين مثلها مثل إيران لا تنظر إلى اليمن إلا وفق مصالحها التوسعية المتدثرة بالغطاء الإنساني».
ودعا المقرمي الجهات الرسمية في بلاده ممثلة باللجنة العليا للإغاثة ووزارة التخطيط والتعاون الدولي إلى دراسة خطط تلك المنظمات وحجم المساعدات وما إن كانت حقيقية أم لا قبل دخولها اليمن، وتعميم الرقابة على المنظمات الدولية والمحلية كافة لضمان عملها الإنساني وفق المعايير الدولية، «حتى لا يصبح اليمن ومأساته بيئة خصبة لجذب المنظمات المشبوهة».


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

مقتل 10 على الأقل في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة

طفل ضحية غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة (أ.ف.ب)
طفل ضحية غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة (أ.ف.ب)
TT

مقتل 10 على الأقل في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة

طفل ضحية غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة (أ.ف.ب)
طفل ضحية غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة (أ.ف.ب)

قال مسعفون، الثلاثاء، إن 10 فلسطينيين على الأقل لقوا حتفهم في غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في مدينة غزة.

وأضافوا أن العشرات أصيبوا أيضا في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مدرسة الحرية في حي الزيتون، أحد أقدم أحياء المدينة.