بعد أن فقدوا كل شيء… أي مصير ينتظر 17 ألف طفل يتيم في غزة؟

يمثلون 1 % من إجمالي عدد النازحين من قطاع غزة

طفلة فلسطينية تقف إلى جوار جثامين عائلتها بعد أن لقوا حتفهم في قصف منزلهم في رفح (أ.ف.ب)
طفلة فلسطينية تقف إلى جوار جثامين عائلتها بعد أن لقوا حتفهم في قصف منزلهم في رفح (أ.ف.ب)
TT

بعد أن فقدوا كل شيء… أي مصير ينتظر 17 ألف طفل يتيم في غزة؟

طفلة فلسطينية تقف إلى جوار جثامين عائلتها بعد أن لقوا حتفهم في قصف منزلهم في رفح (أ.ف.ب)
طفلة فلسطينية تقف إلى جوار جثامين عائلتها بعد أن لقوا حتفهم في قصف منزلهم في رفح (أ.ف.ب)

يعانون من الصدمة والانكسار... وأصبح لهم تعريف خاص داخل المستشفيات WCNSF وهي الحروف الأولى من جملة «طفل جريح من دون والدين على قيد الحياة».

تشير التقديرات إلى وجود نحو 17 ألف طفل يتيم على الأقل، أي ما يوازي 1 في المائة من إجمالي عدد النازحين من قطاع غزة، بحسب تصريحات منظمة اليونيسيف.

ورصدت صحيفة «تليغراف» البريطانية في تقرير أن الحرب تسببت في امتلاء أروقة المستشفيات ومخيمات النازحين بالأيتام وهو ما يعتبر سابقة من نوعها، أن يتيتم هذا العدد الكبير من الأطفال في فترة قصيرة.

وتقول أودري ماكموان، الطبيبة النفسية في منظمة أطباء بلا حدود، «إن صك التعريف الجديد، في إشارة إلى WCNSF، أمر مرعب، وصادم، ومخز لنا جميعا، وهو بمثابة جرح معنوي للإنسانية».

ويقول جوناثان كريكس، مدير الاتصالات في اليونيسيف في فلسطين بعد زيارته لأحد المخيمات، إن الأطفال بشكل عام يعانون من حالات الصدمة الشديدة ويتجلى ذلك أوقات القصف، ولكن أوضاع الأيتام في شمال ووسط القطاع أسوأ بكثير.

من الماضي

يمكن أن يصبح أيتام الحرب رمزًا للصراع، مما يرسم الروايات التاريخية، ويمكن أن يشوهها في بعض الأحيان.

على سبيل المثال، تشير التقديرات إلى أن الحرب ضد الأرمن، في عام 1915، تسببت في تيتم ما يصل إلى 200 ألف طفل. وهو الأمر الذي لا يزال سببا في توتر العلاقات مع الأتراك حتى يومنا هذا.

وفي المقابل، اعتبر «نقل الأطفال» أثناء الحرب العالمية الثانية، رمزا للإنسانية حيث تم إنقاذ نحو 10 آلاف طفل من ويلات الحرب بعد نقلهم من ألمانيا والدول المحيطة بها إلى المملكة المتحدة.

حرب غير مسبوقة

في السياق ذاته، وصف د. فيليبو ديونيجي المحاضر بالعلاقات الدولية والسياسية بجامعة بريستول الحرب في غزة بأنها «غير مسبوقة» وأنها لا تقارن بأي صراع آخر في العصر الحديث.

وأضاف ديونيجي أن ما يزيد من صعوبة أزمة هؤلاء الأطفال، هو انعدام الخدمات التي من شأنها تحسين أوضاعهم، فهم في حاجة لرعاية ودعم خاص لتجاوز الصدمة. على سبيل المثال، صعوبة التبني خلال الفترة القصيرة المقبلة في ظل الأعداد الكبيرة، وضياع الأوراق الرسمية.

كما ستزداد المسألة تعقيدا في حالة خروج أيتام غزة من القطاع كلاجئين وهو الأمر الذي قد يمثل تهديدا أمنيا.

تشير ماكموان إلى مأساة أكبر، تخص الأطفال الذين فقدوا آباءهم وأطرافهم قائلة إنه إضافة إلى صدمة الحرب والفقد، يتعلمون التعايش مع الإعاقة.

هنا، يحذر د. رمزي ناصر استشاري الأعصاب في إمبريال كوليدج لندن من خطورة ذلك على صحتهم النفسية والعقلية.

ووفرت اليونيسيف الرعاية المطلوبة لنحو 40 ألف طفل و10 آلاف من القائمين على رعايتهم منذ بدء الحرب، ولكن باعتقاد ماكموان أن ذلك لا يشكل سوى نقطة في بحر الرعاية المطلوبة خاصة أن ما يعانيه أطفال القطاع سيكون له تأثير يمتد مدى الحياة.


مقالات ذات صلة

ماكرون يعبر عن «سخطه» بعد العثور على جثث الرهائن ويدعو لإنهاء حرب غزة

أوروبا محتجون يحملون توابيت بعد انتشال جثث رهائن من قطاع غزة خلال مظاهرة مناهضة للحكومة في تل أبيب (ا.ف.ب)

ماكرون يعبر عن «سخطه» بعد العثور على جثث الرهائن ويدعو لإنهاء حرب غزة

أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء (الأحد)، عن «سخطه» بعد العثور على جثث «الرهائن الستة الذين قتلتهم حماس في غزة»، داعياً إلى «إنهاء الحرب».

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (رويترز)

سموتريتش يدعو النائب العام الإسرائيلي لمنع الإضراب العام غداً

طلب وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش من النائب العام تقديم طلب عاجل للمحاكم لمنع الإضراب المقرر غداً الاثنين، الذي يهدف إلى الضغط على حكومة نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ البيت الأبيض (أرشيفية - رويترز)

الديمقراطيون في أميركا يحثّون على التوصل لهدنة في غزة

جدّد عدد من المشرّعين من الحزب الديمقراطي بالولايات المتحدة، الأحد، دعواتهم لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس» بعد مقتل 6 رهائن في نفق بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يحاول إخراج مشارك في مظاهرة خارج مكتب رئيس الوزراء في القدس طالبت بالعودة الفورية للرهائن في غزة (رويترز)

هل تغيرت تعليمات احتجاز الأسرى الإسرائيليين في غزة؟

سلّطت الاتهامات المتبادلة بين إسرائيل و«حماس» حول التسبب في قتل المختطفين الإسرائيليين الستة الضوء على ظروف احتجازهم وطبيعة التعليمات المعطاة للمكلفين بحراستهم.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)

«مقتل رهائن» و«ضغوط الداخل» الإسرائيلي... هل يعجّلان «هدنة غزة»؟

فجَّر إعلان إسرائيل العثور على جثث رهائن بقطاع غزة موجة احتجاجات واسعة؛ رفضاً لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

اعتداءات على الأكاديميين اليمنيين في ذمار ونهب للأراضي

بوابة جامعة ذمار اليمنية (إكس)
بوابة جامعة ذمار اليمنية (إكس)
TT

اعتداءات على الأكاديميين اليمنيين في ذمار ونهب للأراضي

بوابة جامعة ذمار اليمنية (إكس)
بوابة جامعة ذمار اليمنية (إكس)

استقال أعضاء عمادة وهيئة التدريس في كلية العلوم التطبيقية في جامعة ذمار اليمنية بشكل جماعي بعد اعتداء نجل قيادي حوثي في الجامعة على أحد المدرسين، ورفض رئاستها المعينة من قبل الجماعة اتخاذ أي إجراءات بشأن الحادثة، وذلك بالتزامن مع نهب مساحة من الحرم الجامعي وتخصيصها للاحتفالات.

وذكرت مصادر أكاديمية في ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) أن حسن محمد الحيفي، وهو ابن القيادي الحوثي محمد الحيفي المعين رئيساً للجامعة، وطالب دراسات عليا فيها، اعتدى على الأكاديمي وليد عبد الرزاق مدير إدارة الدراسات العليا بكلية العلوم التطبيقية، وتعمد إهانة عميد الكلية ونوابه.

عمادة وهيئة التدريس في كلية العلوم التطبيقية في جامعة ذمار تقدم استقالة جماعية (إكس)

ووفقاً للمصادر، فإن رئيس الجماعة رفض الاستجابة للشكوى التي تقدمت بها هيئة التدريس في الكلية وعمادتها، بل ووجه عميد الكلية بإيقاف المدرس الذي وقع الاعتداء عليه، ووجه بتعيين عميد جديد للكلية بدلاً عنه.

ومنذ أيام أعلنت الجماعة الحوثية عبر وسائل إعلامها أنه جرى دور تسليم وتسلم بين عميد الكلية وخلفه تنفيذاً لقرار الحيفي.

إلا أن المصادر أوضحت أن العميد المقال أُجبِر على الحضور إلى مقر الكلية والتقاط الصور مع العميد الجديد وبعض القادة الحوثيين، لتمييع القضية وتمريرها أمام الرأي العام، بتجاهل تام لحادثة اعتداء ابن القيادي الحيفي على مدرسه، والإجراءات التعسفية التي اتخذها الحيفي نفسه وإساءاته للعميد والمدرسين.

وبحسب المصادر، فإنه جرى تهديد العميد المقال بتلفيق قضايا فساد له، والتعاون مع الحكومة الشرعية، وأن الحيفي حذر جميع الأكاديميين مما سماه التطاول أو تجاوز حدودهم في التعامل معه.

واستغربت الأوساط الأكاديمية في الجامعة من تجاهل القيادات الحوثية في المحافظة للواقعة، رغم توجه عدد من الأكاديميين إليها بالشكوى بعد رفض الحيفي ورئاسة الجامعة اتخاذ الإجراءات القانونية بشأن الواقعة.

نهب أراضي الجامعة

اتهم عدد من الأكاديميين القيادات الحوثية المسيطرة على محافظة ذمار، وفي مقدمتها محمد البخيتي المعين في منصب المحافظ، بالتواطؤ مع رئيس الجامعة، مرجحين تجاهله الشكوى المقدمة له بالحيفي، لما بينهما من تعاون في العديد من الملفات في إطار تنفيذ مشروع الجماعة الحوثية، ومنها ما حدث أخيراً من نهب لأراضي الجامعة.

محمد البخيتي المعين محافظاً لذمار يشارك في إحدى فعاليات جامعة ذمار بسلاحه الشخصي (إعلام حوثي)

وكان البخيتي أقدم منذ نحو شهر على اقتطاع مساحة كبيرة من أراضي جامعة ذمار، وتحويلها إلى ساحة للاحتفالات، وذلك ضمن استعدادات الجماعة للاحتفال بذكرى المولد النبوي.

وبلغت المساحة التي اقتطعها البخيتي من حرم الجامعة، أكثر من 10 آلاف لبنة (وحدة قياس محلية، واللبنة الواحدة تساوي 44.44 متر مربع)، وجاء الكشف عن هذا الإجراء بعد أيام قليلة من الكشف عن استقطاع المساحة نفسها من أراضي جامعة صنعاء، لصالح مشاريع استثمارية لقيادات حوثية.

وتؤكد مصادر محلية أن البخيتي استأذن القيادي مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى للجماعة الحوثية (مجلس الحكم الانقلابي)، في اقتطاع تلك المساحة، بحجة عدم احتياج الجامعة لها.

ووافق المشاط على طلب البخيتي موجهاً بتنفيذ إجراءات نقل ملكية تلك المساحة من الأرض من جامعة ذمار إلى السلطات الحوثية التي تشرف على المحافظة، والتي باشرت بأعمال تهيئتها لتنظيم الاحتفال بالمولد النبوي عليها.

واستنكرت شخصيات سياسية واجتماعية في محافظة ذمار واقعة اقتطاع أراضٍ تابعةٍ للجامعة لتنظيم الاحتفالات، وعدّوا التعدي على أراضي الجامعات جريمة بحق العملية التعليمية والأكاديمية.

تحجيم مساحة التعليم

تفيد المصادر الأكاديمية في ذمار بأن أراضي الجامعة التي يجرى التعدي عليها، كانت ضمن مخططات تعود إلى ما قبل الانقلاب الحوثي لتنفيذ مشاريع ومنشآت تابعة للجامعة، خصوصاً الكليات والمراكز التي ما زالت مقراتها خارج الحرم الجامعي، مثل كلية الآداب ومركز التعليم المستمر.

مبنى كلية الهندسة في جامعة ذمار (فيسبوك)

وأوضحت المصادر أنه رغم مصادرة الجماعة الحوثية لمبنيي كلية الآداب ومركز التعليم المستمر، واعتزامها تحويل مبنى كلية الحاسبات إلى أكاديمية للقرآن، وجميعها تقع وسط المدينة؛ فإنها لم تبدأ بأي إجراءات لتعويض هذه الجهات الثلاث بمنشآت داخل أراضي الحرم الجامعي، وبدلاً عن ذلك تصادر أراضي الجامعة لصالح مشروعها الطائفي.

كما تمتلك كليات الآداب والتربية والطب البشري والأسنان مباني أخرى في وسط المدينة، وكان مقرراً قبل الانقلاب أن تبدأ الجهات المعنية التخطيط لمشاريع بناء منشآت داخل أراضي الجامعة لنقل جميع الكليات إلى الحرم الجامعي.

وتخشى الأوساط الأكاديمية والاجتماعية في محافظة ذمار من أن تؤدي أعمال مصادرة مباني وأراضي الجامعة إلى الإضرار الكامل بالعملية التعليمية والأكاديمية، وتحجيم مساحتها وإمكاناتها.