بن مبارك في مواجهة مع تردي الخدمات وتهاوي العملة اليمنية

رجال أعمال وضعوا مقترحات لحل الأزمة الاقتصادية

يهدد تصعيد الحوثيين العسكري بنسف التهدئة وإلقاء أعباء إضافية على الحكومة اليمنية (رويترز)
يهدد تصعيد الحوثيين العسكري بنسف التهدئة وإلقاء أعباء إضافية على الحكومة اليمنية (رويترز)
TT

بن مبارك في مواجهة مع تردي الخدمات وتهاوي العملة اليمنية

يهدد تصعيد الحوثيين العسكري بنسف التهدئة وإلقاء أعباء إضافية على الحكومة اليمنية (رويترز)
يهدد تصعيد الحوثيين العسكري بنسف التهدئة وإلقاء أعباء إضافية على الحكومة اليمنية (رويترز)

يواجه رئيس مجلس الوزراء اليمنى الجديد، أحمد عوض بن مبارك، المقبل من دهاليز الدبلوماسية مطلبَين ملحَّين لأغلبية سكان مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، وتحديداً معالجة تدهور خدمات الكهرباء والمياه، وانهيار سعر العملة الوطنية مقابل الدولار، وانعكاس ذلك على أسعار السلع.

وخلافاً للوضع الذي تولى فيه سلفه، معين عبد الملك، إدارة الحكومة طوال السنوات الماضية، فإن تعيين بن مبارك جاء في ظل صعوبات مالية تأخر معها صرف رواتب الموظفين عن شهري ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) الماضيين حتى الآن.

يأمل اليمنيون أن ينجح رئيس الحكومة الجديد في معالجة ملف الخدمات والعملة (أ.ف.ب)

كما يبرز تردي خدمة الكهرباء بصورة غير مسبوقة، خصوصاً في العاصمة المؤقتة عدن ومحافظتي لحج وأبين، حيث بلغت ساعات الإطفاء 18 ساعة في اليوم الواحد، كما تردَّت خدمات المياه بشكل غير مسبوق، وقارب سعر الدولار السقف الذي بلغه في نهاية عام 2021، وهو 1600 ريال يمني لكل دولار.

وإلى جانب أن بن مبارك معني بإدارة التناقضات السياسية للأطراف التي تتشكل منها الحكومة، فإنه يواجه تحديات مرتبطة بتعطيل الحوثيين جهود السلام والذهاب نحو التصعيد في البحر الأحمر وخليج عدن، وتأثير ذلك على واردات البلاد وأسعار السلع، واستمرار وقف تصدير النفط نتيجة استهدافهم لموانئ تصديره.

وضع معقد

يرى الباحث اليمني مصطفى ناجي أن تعيين بن مبارك سينقذ تعطيل الحكومة بسبب خلافات بينية امتدت لشهور وانقسام في مجلس الرئاسة وصل إلى حد الهجوم على قصر الرئاسة ومقر إقامة الحكومة في عدن مرات عديدة، ‏لكنه نبَّه إلى أن الظرف الاقتصادي والسياسي يقضم من فرحة الفرحين، لأن العملة المحلية في أدنى انخفاض لها مقابل العملات الخارجية، وموارد الحكومة متناقصة، وبوادر السلام متعثرة، ونذر حرب تلوح بالأفق.

صعوبات اقتصادية تضاعف من التحديات التي يواجهها رئيس الحكومة اليمنية الجديد (أ.ف.ب)

ووفق هذه الرؤية، فإن الحكومة ستواجه وضعاً معقداً، والمواطنون ينتظرون إنقاذاً صادقاً، لأن التجديد يقتضي الجديد، وبيَّن ناجي أن معين عبد الملك قاد الحكومة في مناخ مضطرب كشف عن قصور في وعي الشراكة في المسؤولية، وعن توغل الخطاب المناطقي والتنابز والأكاذيب في أوساط العامة والخاصة. ‏

وبحسب الباحث اليمني المقيم في فرنسا، فإن الهم الأساسي لدى المواطن عودة الخدمات وتوطيد الأمن، والهم الرئيسي في الإدارة العامة توفير الموارد.

وقال إن السنوات الماضية بيَّنت أن تقلبات مزاج الشركاء في إطار الشرعية لا تفعل شيئاً سوى سوء صورة الشركاء جميعاً، وتردي الخدمات وفقدان المصداقية. ‏ومع ذلك أكد ناجي أن الحكومة بصيغتها الراهنة لن تستطيع المضي قدماً دون تفعيل أدوات الرقابة، ودون رعاية من «مجلس القيادة». ‏

بدوره، طالَب عضو مجلس النواب اليمني عيدروس النقيب رئيس الوزراء الجديد بالإعلان عن خطته للتعامل مع الفساد والموارد الاقتصادية، وتساءل عما إذا كان ينوي السؤال عن عائدات نفط وغاز مأرب، وماذا سيفعل من أجل إعادة تشغيل ميناءَي الضبة والنشيمة لتصدير النفط وتحسين مستوى الإيرادات.

مقترحات للحل

بالتزامن مع تعيين رئيس جديد للحكومة اليمنية، كان رجال المال والأعمال يجتمعون في عدن لمناقشة انهيار العملة الوطنية، حيث أكد أبوبكر باعبيد رئيس الغرفة التجارية في عدن أن الشعب يعاني منذ 8 سنوات من ويلات الحرب وتحديات اقتصادية كبيرة؛ الأمر الذي أدى إلى انهيار العملة وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وتأخُّر في صرف الرواتب، مع دفع الجبايات للجهات غير الحكومية.

لم تتمكَّن الحكومات اليمنية المتعاقبة من معالجة أزمة الكهرباء في عدن (إعلام حكومي)

وتمنى باعبيد التجاوب مع مخرجات اللقاء، لأن ذلك من شأنه انتشال الأوضاع الاقتصادية وتخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين، في حين أوضح نائب الرئيس التنفيذي لـ«بنك التسليف التعاوني والزراعي» لقطاع العمليات المساندة، شكيب عليوة، أن المشكلة الحقيقية في البلاد المعاناة من وجود الاختلالات السياسية والاقتصادية، مشيراً إلى أن التلاعب بأسعار العملات والمضاربة في السوق أدَّيا لانفلات وانهيار العملة.

ودافع عليوة عن «البنك المركزي» وقال إنه لا يستطع أن يقوم بمسؤوليته إلا إذا توافرت لديه موارد كبيرة من العملات الأجنبية تمكِّنه من التدخل في السوق وتحديد أسعار الصرف، وطالب بتقليص الإنفاق الحكومي، وتحصيل الإيرادات العامة للدولة بشكل منظم، وتوريدها إلى حساب «البنك المركزي» بالعملة المحلية والعملات الأجنبية.

وأصدر المجتمعون بياناً طالب بإيجاد معالجة سريعة لانهيار قيمة الريال، والعمل بجدية مع دول التحالف الداعم للشرعية من أجل إيجاد حلول للقضايا الاقتصادية والمالية المستعصية، وإنجاز تسوية في هيكل الأجور، وتشكيل هيئة مشاركة من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني والسلطة المحلية لمتابعة خطة الطوارئ لإنقاذ الوضع.

كما طالب المجتمعون الحكومة بالسعي للحصول على المساعدات من الجهات المانحة والتحالف لوضع الوديعة التأمينية (50 مليون دولار) لتنشيط الشحن إلى الموانئ اليمنية، داعين إلى إنقاذ الموقف الصعب والحرج الذي تمر به البلاد نتيجة التراكمات والتحديات التي تواصل الفتك بالمواطن.

50 مليون دولار من شأنها أن تخفض تكاليف شحن البضائع إلى ميناء عدن (إعلام محلي)

هذه التحديات جاءت في وقت أكدت فيه وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري دي كارلو، على أن استمرار هجمات الحوثيين على طرق الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن يهدد بتفاقم الصراع، ويضاعف من حدة التأثيرات على التجارة الدولية بشكل أكبر، حيث تقوم الشركات بتحويل السفن بعيداً عن الطرق البحرية الحيوية.

وكرَّرت دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لجميع الأطراف إلى «التراجع عن حافة الهاوية والأخذ بعين الاعتبار التكلفة البشرية والاقتصادية التي لا تُحتمَل لصراع إقليمي محتمل».

وحذرت المسؤولة الأممية من خطر التصعيد في الشرق الأوسط، وعواقبه المحتملة، وقالت إن المنطقة لا تزال «مضطربة إلى حد كبير، والتوترات التي اجتاحت العديد من بلدانها لا تزال تتصاعد».


مقالات ذات صلة

ضربات أميركية ضد الحوثيين خلال 3 أيام متتابعة

العالم العربي مقاتلة من طراز «إف 22 في منطقة القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

ضربات أميركية ضد الحوثيين خلال 3 أيام متتابعة

نفذ الجيش الأميركي ضربات ضد الجماعة الحوثية المدعومة من إيران خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من شهر أغسطس (آب) في سياق السعي للحد من قدرتها على مهاجمة السفن.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

​اليمن يسجل أعلى المعدلات في تدني استهلاك الغذاء

سجل اليمن أعلى معدلات تدني استهلاك الغذاء إذ ارتفعت نسبة الحرمان الشديد إلى 79 ‎% في مناطق سيطرة الحوثيين وفق بيانات أممية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة جامعة ذمار اليمنية (إكس)

اعتداءات على الأكاديميين اليمنيين في ذمار ونهب للأراضي

استقال أعضاء عمادة وهيئة التدريس في كلية العلوم التطبيقية بجامعة ذمار اليمنية بشكل جماعي بعد اعتداء نجل قيادي حوثي في الجامعة على أحد المدرسين.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي قتلى ومفقودون إثر انجراف منازلهم بسبب السيول غرب محافظة ذمار اليمنية (إكس)

31 قتيلاً في اليمن جراء السيول وانفجار صهريج غاز

لقي 28 يمنياً حتفهم جراء سيول ضربت غرب محافظة ذمار الخاضعة للحوثيين، كما أدى انفجار صهريج غاز في مدينة عدن، حيث العاصمة المؤقتة للبلاد، إلى مقتل 3 أشخاص.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي نقص التمويل يحرم الملايين في اليمن من المساعدات (المجلس النرويجي للاجئين)

تحسن الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية

أظهرت دراسة أممية انخفاض مستوى انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، في مقابل زيادة في تدابير الأمن الغذائي بمناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لضمان مرور المساعدات

صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف
صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف
TT

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لضمان مرور المساعدات

صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف
صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف

جدّدت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام بالسودان»، الجمعة، دعوتها الأطراف السودانية إلى ضمان المرور الآمن للمساعدات الإنسانية المنقذة لحياة ملايين المحتاجين، وفتح معابر حدودية إضافية لإيصالها عبر الطرق الأكثر كفاءة.

وعقدت المجموعة، التي تضم السعودية وأميركا وسويسرا والإمارات ومصر والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، الخميس، اجتماعاً افتراضياً لمواصلة الجهود الرامية إلى إنهاء معاناة الشعب السوداني.

وأكد بيان صادر عنها مواصلة العمل على إشراك الأطراف السودانية في جهود توسيع نطاق الوصول الطارئ للمساعدات الإنسانية، وتعزيز حماية المدنيين، مع الامتثال الأوسع للالتزامات القائمة بموجب القانون الإنساني الدولي و«إعلان جدة».

وأضاف: «في أعقاب الاجتماع الأولي بسويسرا، أكد مجلس السيادة على فتح معبر أدري الحدودي للعمليات الإنسانية، ما سمح، مع ضمانات الوصول على طول طريق الدبة، بنقل 5.8 مليون رطل من المساعدات الطارئة للمناطق المنكوبة بالمجاعة، والمعرضة للخطر في دارفور، وتقديمها لنحو ربع مليون شخص».

ودعت المجموعة القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» لضمان المرور الآمن للمساعدات على طول الطريق من بورتسودان عبر شندي إلى الخرطوم، كذلك من الخرطوم إلى الأبيض وكوستي، بما فيها عبر سنار، لإنقاذ حياة ملايين المحتاجين، مطالبةً بفتح معابر حدودية إضافية لمرورها عبر الطرق الأكثر مباشرة وكفاءة، بما فيها معبر أويل من جنوب السودان.

وأكدت التزامها بالعمل مع الشركاء الدوليين لتخفيف معاناة شعب السودان، والتوصل في النهاية إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية، معربةً عن قلقها الشديد إزاء التقارير عن الاشتباكات في الفاشر، شمال دارفور، ما أدى إلى نزوح الآلاف، ومجددةً تأكيدها أن النساء والفتيات هن الأكثر تضرراً، حيث يواجهن العنف المستمر والنهب من قبل الجماعات المسلحة.

وشدّدت المجموعة على ضرورة حماية جميع المدنيين، بما فيهم النازحون بالمخيمات، وأن يلتزم جميع الأطراف بالقانون الدولي الإنساني لمنع مزيد من المعاناة الإنسانية، مؤكدةً على مواصلة الارتقاء بآراء القيادات النسائية السودانية ودمجها في هذه الجهود.