البنك الدولي: هجمات الحوثيين تهدد بأزمة إمدادات عالمية

قال إنها ستكون شبيهة بتداعيات جائحة «كورونا»

النار تشتعل في ناقلة النفط مارلين لواندا التي استهدفها الحوثيون في خليج عدن (د.ب.أ)
النار تشتعل في ناقلة النفط مارلين لواندا التي استهدفها الحوثيون في خليج عدن (د.ب.أ)
TT

البنك الدولي: هجمات الحوثيين تهدد بأزمة إمدادات عالمية

النار تشتعل في ناقلة النفط مارلين لواندا التي استهدفها الحوثيون في خليج عدن (د.ب.أ)
النار تشتعل في ناقلة النفط مارلين لواندا التي استهدفها الحوثيون في خليج عدن (د.ب.أ)

أطلق البنك الدولي تحذيراً من نشوب أزمة عالمية في سلال الإمدادات إذا ما استمرت هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن 3 أشهر إضافية، وقال إنها ستكون أزمة شبيهة بتلك التي عاشها العالم أثناء جائحة فيروس «كورونا».

وفي تقرير له عن تغيير مسار السفن من قناة السويس ومخاوف حدوث أزمة جديدة في سلاسل الإمداد أكد البنك الدولي أنه، على المدى القريب، من المرجح أن تستوعب صناعة شحن الحاويات العالمية الصدمة التي أصابت سعة الشحن بسبب الهجمات على السفن في البحر الأحمر؛ نظراً لضعف الطلب بشكل عام خلال يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط).

سفينة أميركية تعرضت لهجوم صاروخي حوثي في خليج عدن (أ.ب)

ونبه البنك الدولي إلى حدوث مخاطر إذا استمرت الهجمات خلال شهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان) وهو الوقت الذي تشهد فيه التجارة العالمية انتعاشاً موسمياً.

وطبقاً لما أورده البيان، فإن الهجمات قد تؤدي إلى قيود على سعة الشحن، وحدوث أزمة في سلاسل الإمداد مثل تلك التي حدثت في عامي 2021 - 2022، عندما لم يتمكن الشحن بالحاويات من دعم انتعاش التجارة الدولية بدءاً من أواخر عام 2020.

وأعاد البنك الدولي التذكير بعمليات إغلاق الموانئ، بسبب تفشي جائحة «كورونا»، ونقص عدد الموظفين والعاملين فيها، والتي أدت إلى انتظار السفن أياماً أو أسابيع لتفريغ حمولتها، ما أدى إلى انخفاض في عدد السفن المتاحة لنقل البضائع.

وبيَّن التقرير أن المنافسة على مساحات الشحن المتاحة على السفن حينها أدت إلى ارتفاع حاد في أسعار الشحن الفوري؛ وبلغت الزيادة ثمانية أضعافها على طرق الملاحة بين آسيا وأوروبا أو أميركا الشمالية مقارنة بأسعارها في عام 2019. ومع تأكيده باختلاف مصدر إجهاد سلاسل الإمداد اليوم، لكنه جزم بأن النتيجة قد تكون مماثلة.

مسافة أطول ورسوم أكثر

وفق البنك الدولي، فإن تعليق شركات الشحن الكبرى، ومنها ميرسك وهاباغ لويد، عملياتها عبر قناة السويس لتجنب طريق البحر الأحمر وقيامها بإعادة توجيه السفن حول طريق رأس الرجاء الصالح، سيضيف مسافة من 3000 إلى 3500 ميل بحري، وسبعة إلى 10 أيام إبحار للرحلة المعتادة بين أوروبا وآسيا.

تغيير مسار السفن بعيداً عن البحر الأحمر يزيد من تكاليف الشحن وأسعار السلع (رويترز)

وأفاد التقرير بأنه يمكن أن تستوعب المسافة الإضافية ما بين 700 ألف إلى 1.9 مليون حاوية قياسية مكافئة، من سعة الشحن، وذلك يماثل الرقم الأعلى لسعة الشحن المعطلة عام 2021 في ذروة الأزمة المرتبطة بجائحة «كورونا»، وقال إن ذلك سيؤدي إلى تكاليف إضافية للرحلة حول رأس الرجاء الصالح، والتي تشمل ما يصل إلى مليون دولار من الوقود لكل رحلة ذهاباً وإياباً، وهو ما يؤثر في ارتفاع أسعار الشحن.

ونبه البنك في تقريره إلى أن شركة «ميرسك» تضيف رسوماً إضافية لتعطل العبور بقيمة 200 دولار لكل حاوية مكافئة إلى عقود الشحن العادي والشحن الفوري للرحلات بين شرق آسيا وشمال أوروبا والبحر الأبيض المتوسط والساحل الشرقي للولايات المتحدة. وهذا المبلغ سيضاف إلى رسوم إضافية في موسم الذروة بقيمة 300 دولار و1000 دولار لكل حاوية مكافئة.

ووفق التقرير فقد أعلنت شركة البحر الأبيض المتوسط للملاحة، وهي شركة عالمية أخرى لشحن الحاويات، فرض رسوم تعديل طارئة بقيمة 500 دولار لكل حاوية مكافئة على الشحنات من أوروبا إلى آسيا والشرق الأوسط.

كما ارتفعت أسعار الشحن الفوري بصورة أكبر حيث قفز سعر الرحلة من آسيا إلى أوروبا إلى أكثر من 3000 دولار لكل حاوية سعة 40 قدماً، بزيادة 3 أمثال عن أدنى معدل جرى تسجيله في عام 2023 (نحو 1000 دولار).

تواصل القوات الأميركية وحلفاؤها تنفيذ ضربات مشتركة على مواقع الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

ورأى البنك الدولي أن ذلك قد يعني أن المُصدرين في آسيا يتنافسون مرة أخرى على مساحات الشحن المتاحة تحسبا لاضطرابات كبيرة في سلاسل الإمداد.

وأضاف أنه لحسن الحظ، يعد شهر يناير وشهر فبراير من الأشهر الهادئة موسمياً بالنسبة للشحن، لذلك قد تكون السعة الحالية كافية للتعامل مع الطريق الأطول في الأسابيع المقبلة.

لكن البنك الدولي عاد، وحذّر من أنه إذا استمرت الهجمات البحرية حتى مارس فإنه يمكن أن يكون لها تأثير كبير على التجارة العالمية وسلاسل القيمة العالمية مرة أخرى.


مقالات ذات صلة

بن مبارك يعتمد حلولاً إسعافية لأزمة الكهرباء في عدن

العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

بن مبارك يعتمد حلولاً إسعافية لأزمة الكهرباء في عدن

اعتمد رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك حلولاً إسعافية لمشكلة الكهرباء في عدن، وذلك بعد أن توقفت الخدمة من كافة محطات التوليد جراء نفاد الوقود.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي شوارع مدينة إب تحولت في عهد الحوثيين إلى حفر ومستنقعات (إعلام محلي)

انقلابيو اليمن متهمون بتعميق الفوضى الأمنية في إب

تشهد محافظة إب اليمنية حوادث قتل يومية وسط اتهامات للحوثيين بتعميق الفوضى الأمنية وتكثيف أعمال التعبئة والتجنيد سعياً لتجنب أي انتفاضة شعبية ضدهم.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الجماعة الحوثية أطلقت تعبئة عسكرية عامة شملت المدنيين والموظفين وطلبة الجامعات والمزارعين (رويترز)

الحوثيون يصعّدون في مأرب هرباً من عواقب تصنيفهم إرهابيين

حشد الحوثيون في اليمن أتباعهم لمهاجمة القوات الحكومية في مأرب، وكثفوا تهريب الأسلحة سعياً لخلط الأوراق قبيل سريان تصنيفهم إرهابيين من قبل الولايات المتحدة

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الحرمان الشديد من الغذاء في اليمن وصل إلى 42% في نهاية 2024 (الأمم المتحدة)

70 % من نازحي اليمن لا يحصلون على الحد الأدنى من الغذاء

كشف برنامج الأغذية العالمي عن تردٍّ غير مسبوق للأوضاع المعيشية للنازحين داخلياً في اليمن، وأكد أن 70 في المائة منهم لا يحصلون على الحد الأدنى من الغذاء.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أبقار معروضة للبيع في سوق للمواشي بصنعاء (أ.ف.ب)

أوبئة تهدد المواشي في اليمن... واتهامات للحوثيين بالإهمال

أطلق ناشطون يمنيون تحذيرات من تفشي أوبئة تُهدد المواشي في عدد من المحافظات، وسط اتهامات للحوثيين بالإهمال ومنع اللقاحات في مناطق سيطرتهم.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

«أرض الصومال»... هل يقبل «تهجير» الفلسطينيين مقابل «الاعتراف»؟

منظر عام لمدينة هرجيسا عاصمة وأكبر مدينة في «أرض الصومال» (أ.ف.ب)
منظر عام لمدينة هرجيسا عاصمة وأكبر مدينة في «أرض الصومال» (أ.ف.ب)
TT

«أرض الصومال»... هل يقبل «تهجير» الفلسطينيين مقابل «الاعتراف»؟

منظر عام لمدينة هرجيسا عاصمة وأكبر مدينة في «أرض الصومال» (أ.ف.ب)
منظر عام لمدينة هرجيسا عاصمة وأكبر مدينة في «أرض الصومال» (أ.ف.ب)

ربط حديث إسرائيلي للمرة الأولى، بين احتمال اعتراف أميركي بإقليم أرض الصومال الانفصالي، الذي يحتل موقعاً استراتيجياً مهماً على البحر الأحمر، وقبوله بـ«تهجير» الفلسطينيين إليه، مع تحذير رسمي من مقديشو من تداعيات ذلك الاعتراف واستبعاد حدوثه.

وكان «الإقليم» بطل أزمة اشتعلت مطلع 2024، بعد أن وقّع مذكرة تفاهم مع إثيوبيا لمنحها ممراً بحرياً مقابل الاعتراف به، وهو ما قوبل برفض مقديشو، ودعم مصري وعربي للصومال.

ويستبعد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» حدوث مثل هذه «الصفقة، رغم ضبابية موقف مسؤولي الإقليم، وعدم نفي الأمر»، مشددين على أن إدارة أرض الصومال لن تتوقف عن مساعي الاعتراف بها، لكن المسألة شائكة هذه المرة، وهي مرتبطة بقضية فلسطين.

وأعلن إقليم أرض الصومال انفصاله عن الحكومة الفيدرالية الصومالية في 1991، لكنه لم يحصل حتى الآن، على اعتراف المجتمع الدولي الذي يعامله بصفته جزءاً من الصومال.

وزعمت القناة «12 الإسرائيلية»، الأربعاء، أن حديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بشأن تهجير سكان غزة «ليس مجرد تصريحات، بل خطط مسبقة، حيث يخطط البيت الأبيض لتهجير سكان غزة إلى مناطق، منها أرض الصومال وبونتلاند».

ووفق القناة فإن «أرض الصومال وبونتلاند هما إقليمان داخل دولة الصومال غير معترف بهما دولياً بصفتهما دولتين مستقلتين»، لافتة إلى «احتياجهما السياسي المُلحّ إلى الاعتراف من جانب الولايات المتحدة»، في حين لم يُعقب أي من حكومتي الإقليمين على ما أوردته القناة رسمياً.

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً يلغي اتفاق إقليم «أرض الصومال» مع أديس أبابا (الرئاسة الصومالية)

الأكاديمي الصومالي المُتخصص في شؤون القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، يرى أن ما يثيره الإعلام الإسرائيلي مجرد «مبادرة متهورة وحلم يقظة، وتظهر أن ترمب لا يعرف كثيراً عن ثقافة الشعب الصومالي ومنطقة أرض الصومال التي لا تتسع إلى هذا الحد من الكثافة السكانية».

وأكد أن تلك الخطوة «تعد انتهاكاً لسيادة دولة أخرى واستقلاليتها، وليست أمراً يمكن لشخص أو دولة معينة أن يقرره أو يفعل ما يريد به»، لافتاً إلى أن «الصوماليين شعب قوي لا يقبل مطلقاً عدواناً واستفزازاً، وسوف يعارضون هذه المبادرة بكل وحزم».

وفي رأي المُحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، فإنه «لا توجد معلومات موثوقة تؤكد قبول أرض الصومال، حتى الآن، بأن يكون وجهة مقترحة لنقل سكان غزة، مقابل الحصول على اعتراف أميركي بالإقليم، كما يتداول الإعلام الإسرائيلي».

ووفق بري، فإنه «لا توجد مؤشرات أميركية على تغيير في موقفها من عدم الاعتراف بالإقليم»، لافتاً إلى أن «فكرة نقل سكان غزة إلى أرض الصومال مقابل الاعتراف الدولي تواجه تحديات كبيرة ومعارضة من عدة أطراف، بما في ذلك الحكومة الصومالية».

رئيس «أرض الصومال» المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

ونفى سفير الصومال لدى الولايات المتحدة، طاهر حسن عرب، التقارير التي تحدثت عن احتمال اعتراف الولايات المتحدة بأرض الصومال كياناً مستقلاً، قائلاً: «لا توجد أي خطة لدى الولايات المتحدة للاعتراف بأي منطقة في الصومال، بما في ذلك إقليم أرض الصومال الانفصالي»، وفق ما أورده موقع «الصومال الجديد الإخباري» المحلي، الخميس.

وذلك ثاني موقف رافض من مقديشو لتلك الخطوة، مع إعراب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود عن معارضته الشديدة لأي محاولة للاعتراف الأميركي بإدارة «أرض الصومال الانفصالية»، محذراً في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»، قبل أيام، من أن بعض المقربين من ترمب يسعون لدفعه للاعتراف رسمياً بـ«أرض الصومال»، مؤكداً أن هذا قد يشكل تهديداً لتغيير حدود القارة الأفريقية.

شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)

وكان وزير الدفاع البريطاني الأسبق، غافين ويليامسون، قال في مقابلة مع صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إنه أجرى محادثات مع فريق ترمب بشأن الاعتراف بـ«أرض الصومال»، وأن الأخير يعتزم الاعتراف بالإقليم، مرجحاً أن تحذو الحكومة البريطانية حذوه.

وهنا يرى بري أن الحكومة الصومالية ستعارض بشدة أي محاولات للاعتراف بإقليم أرض الصومال دولةً مستقلةً، كما قامت سابقاً برفض مذكرة تفاهم وقعتها إثيوبيا مع الإقليم، لافتاً إلى أن مثل هذه الإجراءات قد تؤدي إلى توترات وصراعات إقليمية.

وبالمثل، يعتقد كلني أن الولايات المتحدة «لن تقدم على إجراءات خاطئة من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الوضع في منطقة القرن الأفريقي، التي تعاني بالفعل من اضطرابات أمنية وسياسية واقتصادية».