الحوثيون يواصلون تأجيج الأوضاع في البحر الأحمر

إصابة سفينة يونانية بصاروخ... وضبط أسلحة إيرانية متقدمة

شنّ الحوثيون المدعومون من إيران نحو 29 هجوماً ضد سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ب)
شنّ الحوثيون المدعومون من إيران نحو 29 هجوماً ضد سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ب)
TT

الحوثيون يواصلون تأجيج الأوضاع في البحر الأحمر

شنّ الحوثيون المدعومون من إيران نحو 29 هجوماً ضد سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ب)
شنّ الحوثيون المدعومون من إيران نحو 29 هجوماً ضد سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ب)

واصل الحوثيون، المدعمون من إيران، تأجيج الأوضاع ضد سفن الشحن في البحر الأحمر، حيث استهدفت الجماعة، الثلاثاء، سفينة يونانية بصاروخ، غداة قصف سفينة أميركية في خليج عدن بصاروخ آخر، على الرغم من التحذيرات والوعيد الأميركي والبريطاني.

وفي حين يهدد التصعيد باتساع رقعة الصراع وتأثر التجارة الدولية وتفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن، إضافة إلى مخاوف انهيار مساعي السلام الذي تقوده الأمم المتحدة، أعلنت القوات الأميركية، الثلاثاء، اعتراض شحنة أسلحة إيرانية متقدمة كانت في طريقها إلى الحوثيين.

تُتهم إيران بتهريب الأسلحة المتقدمة إلى الحوثيين فضلاً عن التدريب على استخدامها (الجيش الأميركي)

وتقول الحكومة اليمنية الشرعية: إن أمن الملاحة رهن باستعادتها المؤسسات وإنهاء الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً، في حين تزعم الجماعة أن طريق الملاحة آمنة أمام كل السفن باستثناء المتجهة من وإلى إسرائيل بغض النظر عن جنسيتها.

وذكرت شركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري في مذكرة، الثلاثاء، أن ناقلة بضائع ترفع علم مالطا ومملوكة لليونان استُهدفت بصاروخ أثناء عبورها شمالاً بالبحر الأحمر على مسافة 76 ميلاً بحرياً إلى الشمال الغربي من مدينة الصليف الساحلية في اليمن.

ولم يتبنَ الحوثيون على الفور مسؤولية الهجوم، إلا أنهم كانوا توعدوا باستمرار الهجمات عقب الضربات الأميركية والبريطانية التي تلقتها مواقعهم يومي الجمعة والسبت الماضيين.

من جهتها، نقلت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، أنها تلقت بلاغاً عن حادث استهداف على مسافة 100 ميل بحري شمال غرب الصليف، حيث أفاد مسؤول أمن الشركة، بأن السفينة قد أصيبت بجسم مجهول في عنبر الشحن، وأن السلطات تقوم بالتحقيق. ناصحة السفن بالعبور بحذر والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه.

أدت الهجمات الحوثية إلى عسكرة البحر الأحمر وتهديد حياة الصيادين (أ.ف.ب)

وفي بلاغ سابق لها، الثلاثاء، قالت الهيئة إنها تلقت بلاغاً عن إبحار زورق صغير حول سفينة في البحر الأحمر على بعد نحو 57 ميلاً بحرياً شمال غرب مدينة عصب الإريترية.

وأضافت، أن السفينة وطاقمها بخير، وأنها تبحر باتجاه وجهتها التالية بعدما أطلق أفراد الأمن من على متنها «طلقات تحذيرية وغادر القارب الصغير». وقالت إن السلطات تحقق في الحادث.

إلى ذلك، نقلت «رويترز» عن شركة أمنية ومصدرين بوزارة الشحن اليونانية، أن ناقلة بضائع فارغة ترفع علم مالطا استُهدفت بصاروخ في أثناء عبورها شمالاً بالبحر الأحمر على مسافة 76 ميلاً بحرياً إلى الشمال الغربي من مدينة الصليف الساحلية اليمنية.

وقال أحد المصدرين اليونانيين إن السفينة جوجرافيا المملوكة لليونان كانت تبحر من فيتنام إلى إسرائيل وعلى متنها طاقم مكون من 24 فرداً، وكانت فارغة من البضائع عندما تعرضت للهجوم. وإنه «لم تقع إصابات... فقط أضرار مادية».

وبلغت الهجمات الحوثية التي استهدفت سفن الشحن نحو 29 هجوماً منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بما في ذلك قرصنة سفينة «غلاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها وتحويلها إلى مزار لأتباع الجماعة.

شحنة أسلحة متقدمة

أعلنت القيادة المركزية الأميركية في بيان، الثلاثاء، أنه في 11 يناير (كانون الثاني) 2024، صادرت قوات البحرية التابعة للقيادة المركزية الأميركية ليلاً مركباً شراعياً يقوم بنقل غير قانوني لمساعدات فتاكة متقدمة من إيران لإعادة إمداد قوات الحوثيين في اليمن كجزء من حملة الهجمات المستمرة التي يشنّها الحوثيون ضد الشحن التجاري الدولي.

وأضاف البيان، أن قوات البحرية الأميركية العاملة على متن سفينة «يو إس إس لويس بي بولير ESB 3»، مدعومة بطائرات هليكوبتر ومركبات جوية من دون طيار، نفذت عملية صعود معقدة للمركب الشراعي بالقرب من ساحل الصومال في المياه الدولية لبحر العرب، واستولت على أسلحة إيرانية الصنع من ضمنها مكونات الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز.

مكونات صواريخ إيرانية اعترضتها البحرية الأميركية كانت في طريقها إلى الحوثيين (الجيش الأميركي)

وتشمل العناصر المضبوطة - وفق البيان - أجهزة الدفع والتوجيه والرؤوس الحربية للصواريخ الباليستية الحوثية متوسطة المدى، وصواريخ كروز المضادة للسفن، بالإضافة إلى المكونات المرتبطة بالدفاع الجوي.

ويشير التحليل الأولي - بحسب البيان الأميركي - إلى أن الحوثيين استخدموا هذه الأسلحة نفسها لتهديد ومهاجمة السفن التجارية الدولية التي تعبر البحر الأحمر.

وأكدت القيادة المركزية الأميركية، أن هذه هي أول عملية مصادرة للأسلحة التقليدية المتقدمة الفتاكة التي زودت بها إيران الحوثيين منذ بداية هجماتهم على السفن التجارية في نوفمبر الماضي. كما أنها أول مصادرة لمكونات صواريخ باليستية وصواريخ كروز إيرانية الصنع متقدمة بواسطة البحرية الأميركية منذ نوفمبر 2019.

وشدد البيان على أن توريد الأسلحة أو بيعها أو نقلها بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الحوثيين في اليمن ينتهك قرار الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216 والقانون الدولي.

وأوضح، أن اثنين من قوات البحرية الأميركية تم الإبلاغ عن فقدهما في البحر سابقاً، وقد شاركا بشكل مباشر في هذه العملية. وقال الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية: «إننا نجري بحثاً شاملاً عن زميلينا المفقودَين».

وأكدت القيادة المركزية الأميركية، أنها عدّت المركب الشراعي غير آمن وأغرقته القوات، وأنه يتم تحديد التصرف في أفراد طاقم المركب البالغ عددهم 14 فرداً وفقاً للقانون الدولي.

واتهم البيان إيران بأنها تواصل شحن المساعدات الفتاكة المتقدمة إلى الحوثيين. وقال الجنرال مايكل إريك كوريلا إن هذا مثال آخر على كيفية قيام إيران بزرع عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة في انتهاك مباشر لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216 والقانون الدولي.

وتعهد إريك كوريلا بأن القوات الأميركية ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لكشف واعتراض هذه الجهود. وفي نهاية المطاف استعادة حرية الملاحة.

تهوين حوثي وتشجيع إيراني

وسط هذا التصعيد، يتملص الحوثيون من تبعات هجماتهم، ويهوّنون من المخاطر، في حين تواصل إيران بما فيهم المرشد علي خامنئي تشجيعهم على مواصلة الهجمات.

وزعم المتحدث باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام، الثلاثاء، أن ما تعلنه عدد من شركات الشحن تعليق عملها بدعوى ارتفاع المخاطر في البحر الأحمر هو نتيجة الضغوط والتهويلات الأميركية وموقف غير دقيق، ويتماشى فقط مع الدعاية الأميركية المغرضة. وفق زعمه.

استغل الحوثيون الحرب الإسرائيلية على غزة لحشد المزيد من المقاتلين (رويترز)

وأضاف المتحدث الحوثي في تغريدة على منصة «إكس»، أن هناك مئات السفن تعبر مضيق باب المندب بشكل يومي، وأنه لا منع لأي سفينة عدا المرتبطة بإسرائيل أو تلك المتجهة إلى موانئها.

ولقيت الهجمات الحوثية تشجيعاً إيرانياً على أعلى مستوى في هرم القيادة في طهران؛ إذ أشاد المرشد الأعلى علي خامنئي، بحملة الهجمات التي يشنّها الحوثيون، ونقلت وكالة أنباء «إرنا» عن خامنئي، الثلاثاء قوله: «إن الأمة اليمنية وأنصار الله (الحوثيون) قاموا بعمل عظيم بالفعل». وأكد أن ما قاموا به هو دليل على «القتال في سبيل الله». وأنه يأمل أن «تؤدي هذه الجهود إلى النصر».

وإلى جانب الهجمات ضد السفن، هدّد قادة الجماعة الحوثية باستهداف المصالح الأميركية في البحر الأحمر انتقاماً للضربات التي أدت إلى مقتل 15 مسلحاً حوثياً وإصابة ستة آخرين منذ 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وقالت الجماعة الموالية لإيران، الاثنين، في بيان إنها مستمرة «في منع السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة؛ حتى يتوقف العدوان والحصار على غزة».

يرهن «الرئاسي اليمني» تأمين الملاحة باستعادة مؤسسات الدولة من قبضة الحوثيين (سبأ)

في مقابل ذلك، جدد مجلس الحكم اليمني في أحدث تصريحاته تحذير «الميليشيات الحوثية من مغبة الاستمرار في استثمار مظلومية الشعب الفلسطيني من أجل تحقيق مصالح إيران ومشاريعها التوسعية في المنطقة، وصرف أنظار العالم بعيداً عن اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي، وانتهاكاته الجسيمة».

وأكد اجتماع رأسه رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني «ضرورة دعم المجتمع الدولي للحكومة اليمنية من أجل بسط سيطرتها على كامل التراب اليمني، والشروع الفوري في تصنيف الميليشيا الحوثية جماعة إرهابية وإجبارها على الانخراط الجاد في جهود التهدئة وإحلال الأمن والاستقرار والسلام».

وألقت الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر بآثارها السلبية على الأوضاع إقليمياً ويمنياً، مع عزوف شركات الشحن عن المرور عبر قناة السويس وارتفاع تكلفة الشحن إلى ثلاثة أضعاف للوصول إلى الموانئ اليمنية؛ وهو الأمر الذي سيزيد معاناة السكان الذين يعيش نحو 18 مليوناً منهم على المساعدات الإنسانية الدولية.

يزعم الحوثيون أنهم يناصرون الفلسطينيين وتقول الحكومة اليمنية إنهم ينفّذون أجندة إيران (رويترز)

ونقلت «رويترز» عن مصادر في قطاع التأمين، الثلاثاء، أن أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب للشحنات عبر البحر الأحمر تشهد ارتفاعاً بعد هجمات أخرى على السفن التجارية نفذتها الجماعة الحوثية.

وأدرجت سوق التأمين في لندن جنوب البحر الأحمر - بحسب الوكالة - ضمن المناطق عالية المخاطر، وذلك حتى قبل هجمات الحوثيين الأخيرة، وقالت: إنه يتعين على السفن إخطار شركات التأمين الخاصة بها عند الإبحار عبر هذه المناطق ودفع قسط إضافي.


مقالات ذات صلة

​نقص الدعم يهدد بإغلاق مئات المنشآت الطبية في اليمن

العالم العربي 7 ملايين يمني مهددون بالحرمان من الرعاية المنقذة للحياة (الأمم المتحدة)

​نقص الدعم يهدد بإغلاق مئات المنشآت الطبية في اليمن

حذّرت الأمم المتحدة من أن نقص التمويل في اليمن قد يؤدي إلى إغلاق 771 مركزاً صحياً إضافياً وحرمان ما يقرب من 7 ملايين شخص من الحصول على الرعاية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين 2» ويستخدمونه في مهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)

الحوثيون يتبنّون أولى هجمات المساندة لإيران ضد إسرائيل

تبنّت الجماعة الحوثية أولى الهجمات الصاروخية المنسقة مع إيران لمساندتها ضد إسرائيل وذلك غداة تأكيد زعيم الجماعة دعمه لموقف طهران «بكل ما يستطيع».

علي ربيع (عدن)
العالم العربي سعي لحماية الأراضي الزراعية في اليمن من جرف التربة (إعلام محلي)

مبادرة دولية تعيد تأهيل أنظمة الري في 8 مديريات يمنية

تمكنت مبادرة ممولة من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية في 8 مديريات يمنية من إعادة تأهيل أنظمة الري، وتعزيز الممارسات الزراعية المقاومة لتغير المناخ.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي دورية حوثية في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)

الحوثيون يشددون القيود على سكان صعدة والقادمين إليها

فرضت الجماعة الحوثية قيوداً جديدة ومُشددة على سكان معقلها الرئيسي في صعدة وعلى المسافرين منها وإليها، ضمن مساعيها لتحويل المحافظة إلى منطقة شبه مغلقة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

تحليل إخباري كيف سيتصرف الحوثيون عقب الضربات الإسرائيلية على إيران؟

تلقت الجماعة الحوثية في اليمن صدمة كبيرة على إثر الضربات الإسرائيلية على إيران، فيما يتوقع باحثون يمنيون أن الجماعة قد تجنح للتصعيد العسكري لخدمة أجندة طهران

علي ربيع (عدن)

​مصر: انطلاق ماراثون امتحانات «الثانوية» بجدل متكرر حول «صفحات الغش»

وزير التعليم المصري يتابع امتحانات الثانوية العامة من غرفة عمليات مركزية داخل الوزارة (وزارة التربية والتعليم)
وزير التعليم المصري يتابع امتحانات الثانوية العامة من غرفة عمليات مركزية داخل الوزارة (وزارة التربية والتعليم)
TT

​مصر: انطلاق ماراثون امتحانات «الثانوية» بجدل متكرر حول «صفحات الغش»

وزير التعليم المصري يتابع امتحانات الثانوية العامة من غرفة عمليات مركزية داخل الوزارة (وزارة التربية والتعليم)
وزير التعليم المصري يتابع امتحانات الثانوية العامة من غرفة عمليات مركزية داخل الوزارة (وزارة التربية والتعليم)

انطلق ماراثون امتحانات الثانوية العامة بمصر، الأحد، وسط «تأمين كامل» للجان، و«تشديدات في عملية المراقبة»؛ لتفادي ظاهرة «تسريب الامتحانات»، التي تكررت على مدار الأعوام الماضية. وفيما تداولت صفحات وغروبات صور أسئلة زعمت أنها لامتحاني «الدين» و«التربية الوطنية»، نفت الوزارة ذلك.

وتعد امتحانات الثانوية العامة الحدث الأهم على مدار العام الدراسي، إذ تؤهل نتائجها آلاف الطلاب للالتحاق بالجامعات، ما يضع ضغوطاً وأعباءً على الأهالي والطلاب، الذين يشكون عادة من صعوبات في الامتحانات.

وأدى أكثر من 772 ألف طالب امتحانات مادتي التربية الدينية والتربية الوطنية أمام 1973 لجنة على مستوى الجمهورية، و«شهدت اللجان انضباطاً كاملاً لسير العملية الامتحانية»، ليمر اليوم الأول بـ«هدوء وانضباط»، حسب بيان للوزارة.

وأشار البيان إلى أن الوزير محمد عبد اللطيف، تابع سير الامتحانات من غرفة مركزية في الوزارة، بعدما «تواصل مع مديريات التربية والتعليم كافة الموجودة بغرف العمليات المحلية، واطمأن على وجود ممثلي وزارة الداخلية؛ لتأمين مقار لجان السير (توصيل الامتحانات للجان) بجميع المحافظات».

طالبات يتوجهن لأداء الامتحانات الثانوية (إدارة الصف التعليمية)

وبعد دقائق من بدء الامتحانات رسمياً التاسعة صباحاً، تداولت صفحات وغروبات باسم «شاومينغ»، على مواقع التواصل الاجتماعي، صوراً لأوراق اختبار كُتب عليها تاريخ العام الدراسي الحالي 2024 - 2025، وزعمت أنها لامتحان مادتي التربية الوطنية والدين. لكن المتحدث باسم الوزارة شادي زلطة، نفى حدوث تسريب، مشيراً إلى أن «ما يتم تداوله امتحانات العام الماضي»، خلال تصريحات لوسائل إعلام محلية.

وقبل قبل أيام من انطلاق الامتحانات أكد الوزير عبد اللطيف تشديد إجراءات مواجهة الغش بشكل يفوق الأعوام السابقة، عبر زيادة أعداد المراقبين داخل اللجان، بالإضافة إلى الإجراءات القديمة نفسها في تفتيش الطلاب بالعصا الإلكترونية لمنع دخولهم بأي أجهزة، فضلاً عن مراقبة اللجان بالكاميرات.

وقال مدير إدارة حدائق أكتوبر (جنوب العاصمة) التعليمية، عبد المقصود سعيد، لـ«الشرق الأوسط» إن الوزارة مدتهم لأول مرة ببرنامج عبر الجوال، يُحمله المراقبون، يتمكنون من خلاله من الكشف عن أي سماعات أو أجهزة إلكترونية لدى الطالب سواء كانت ظاهرة أو مخفية.

وطالب وزير التعليم مديري الإدارات بضرورة «التأكد من دخول الطلاب إلى اللجان من دون أي أجهزة إلكترونية، وتطبيق إجراءات تفتيشية صارمة، والتعامل بكل حزم وحسم في التفتيش قبل دخول اللجان لضمان الانضباط، واتخاذ الإجراءات الفورية مع أي تجاوزات».

طالبات داخل إحدى لجان الثانوية العامة خلال العام الماضي 2024 (وزارة التربية والتعليم)

وأضاف سعيد: «امتحانات (الأحد) مرت بسلام دون أي عراقيل، أو رصد لحالات غش داخل نطاق مديريته التعليمية»، مشيراً إلى «مراقبته اللجان من خلال الكاميرات الموجودة داخلها».

الأمر نفسه أكده مدير تعليم مديرية المنوفية (دلتا النيل) التعليمة، محمد صلاح، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «لم نرصد أي حالات غش كبيرة اليوم»، مؤكداً تشديد نظام المراقبة، سواء من خلال الكاميرات في بعض اللجان، أو «تشديد الرقابة البشرية في اللجان التي لا توجد فيها كاميرات»، وعلق على الأخيرة بأنه «لم يأت لنا أي شكوى أو رصد لحالات غش فيها».

كان الوزير وجه أيضاً «بالتأكيد على رؤساء اللجان بمراجعة الكاميرات داخل اللجان، قبل البدء وبعد الانتهاء من الامتحان، ومراعاة توزيع الأسئلة في الوقت المحدد مع بداية توقيت الامتحان، ودخول الطلاب اللجان في الوقت المحدد».

تقييم مبكر

وأشادت عضوة لجنة التعليم بمجلس النواب (البرلمان)، جيهان البيومي، بـ«التنظيم الجيد» لأول أيام امتحانات الثانوية العامة، «وعدم وجود أي شكوى من صعوبة الامتحانات»، لكنها رأت أنه «من المبكر الحكم على تجاوز تحدي الغش الذي تواجهه الوزارة».

وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن امتحانات اليوم «لا تضاف إلى المجموع، وكذلك الامتحانات التي سيؤديها الطلاب يوم 17 في الشهر الحالي، لذا يبقى الاختبار الحقيقي مع بدء الامتحانات التي تضاف للمجموع، للتأكد من فاعلية منظومة مواجهة الغش، والسيطرة على تسريب الامتحانات».

وتستمر امتحانات الثانوية العامة خلال الفترة من 15 يونيو (حزيران) الحالي، حتى 10 يوليو (تموز) المقبل.

وفيما اتفق معها مدير إدارة المنوفية التعليمية محمد صلاح على أنه «من المبكر الحكم على فاعلية منظومة مواجهة الغش التي يتخذونها، مقارنة بالأعوام الماضية» قائلاً: «ذلك يحتاج لعدة أيام»، لكنه رأى أن «الغش مبدأ، والطالب الذي يتبناه لا يُفرق بين ما إذا كانت المادة مضافة للمجموع أو غير مضافة».

ويستبعد الخبير التربوي، عاصم حجازي، قدرة وزارة التربية والتعليم على «القضاء على الغش بشكل كامل، ما دامت استمرت الامتحانات بالطريقة التي تُؤدى بها حالياً؛ من حيث امتحان واحد يخضع له الطلاب في الوقت نفسه، وبإجابات ورقية».

وأوضح حجازي لـ«الشرق الأوسط» احتمالات الغش في هذه الطريقة «تساوي عدد اللجان التي تجري فيها الامتحانات، وتظل احتمالية تهريب أجهزة إلكترونية لطالب داخلها، أو تسريبها من مراقب قائمة، مهما شدّدت الوزارة من إجراءات مواجهة الغش».

ورأى الخبير التربوي أن أفضل طريقة للقضاء عليه هو «تغيير أسلوب الامتحان إلى عدة امتحانات تتم في أوقات متعاقبة، وتعتمد على بنوك أسئلة، متكافئة من حيث المستوى، بحيث لا تصبح هناك إمكانية للتسريب في ظل وجود أكثر من نموذج للامتحانات».