الحوثيون يواصلون تأجيج الأوضاع في البحر الأحمر

إصابة سفينة يونانية بصاروخ... وضبط أسلحة إيرانية متقدمة

شنّ الحوثيون المدعومون من إيران نحو 29 هجوماً ضد سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ب)
شنّ الحوثيون المدعومون من إيران نحو 29 هجوماً ضد سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ب)
TT

الحوثيون يواصلون تأجيج الأوضاع في البحر الأحمر

شنّ الحوثيون المدعومون من إيران نحو 29 هجوماً ضد سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ب)
شنّ الحوثيون المدعومون من إيران نحو 29 هجوماً ضد سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ب)

واصل الحوثيون، المدعمون من إيران، تأجيج الأوضاع ضد سفن الشحن في البحر الأحمر، حيث استهدفت الجماعة، الثلاثاء، سفينة يونانية بصاروخ، غداة قصف سفينة أميركية في خليج عدن بصاروخ آخر، على الرغم من التحذيرات والوعيد الأميركي والبريطاني.

وفي حين يهدد التصعيد باتساع رقعة الصراع وتأثر التجارة الدولية وتفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن، إضافة إلى مخاوف انهيار مساعي السلام الذي تقوده الأمم المتحدة، أعلنت القوات الأميركية، الثلاثاء، اعتراض شحنة أسلحة إيرانية متقدمة كانت في طريقها إلى الحوثيين.

تُتهم إيران بتهريب الأسلحة المتقدمة إلى الحوثيين فضلاً عن التدريب على استخدامها (الجيش الأميركي)

وتقول الحكومة اليمنية الشرعية: إن أمن الملاحة رهن باستعادتها المؤسسات وإنهاء الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً، في حين تزعم الجماعة أن طريق الملاحة آمنة أمام كل السفن باستثناء المتجهة من وإلى إسرائيل بغض النظر عن جنسيتها.

وذكرت شركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري في مذكرة، الثلاثاء، أن ناقلة بضائع ترفع علم مالطا ومملوكة لليونان استُهدفت بصاروخ أثناء عبورها شمالاً بالبحر الأحمر على مسافة 76 ميلاً بحرياً إلى الشمال الغربي من مدينة الصليف الساحلية في اليمن.

ولم يتبنَ الحوثيون على الفور مسؤولية الهجوم، إلا أنهم كانوا توعدوا باستمرار الهجمات عقب الضربات الأميركية والبريطانية التي تلقتها مواقعهم يومي الجمعة والسبت الماضيين.

من جهتها، نقلت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، أنها تلقت بلاغاً عن حادث استهداف على مسافة 100 ميل بحري شمال غرب الصليف، حيث أفاد مسؤول أمن الشركة، بأن السفينة قد أصيبت بجسم مجهول في عنبر الشحن، وأن السلطات تقوم بالتحقيق. ناصحة السفن بالعبور بحذر والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه.

أدت الهجمات الحوثية إلى عسكرة البحر الأحمر وتهديد حياة الصيادين (أ.ف.ب)

وفي بلاغ سابق لها، الثلاثاء، قالت الهيئة إنها تلقت بلاغاً عن إبحار زورق صغير حول سفينة في البحر الأحمر على بعد نحو 57 ميلاً بحرياً شمال غرب مدينة عصب الإريترية.

وأضافت، أن السفينة وطاقمها بخير، وأنها تبحر باتجاه وجهتها التالية بعدما أطلق أفراد الأمن من على متنها «طلقات تحذيرية وغادر القارب الصغير». وقالت إن السلطات تحقق في الحادث.

إلى ذلك، نقلت «رويترز» عن شركة أمنية ومصدرين بوزارة الشحن اليونانية، أن ناقلة بضائع فارغة ترفع علم مالطا استُهدفت بصاروخ في أثناء عبورها شمالاً بالبحر الأحمر على مسافة 76 ميلاً بحرياً إلى الشمال الغربي من مدينة الصليف الساحلية اليمنية.

وقال أحد المصدرين اليونانيين إن السفينة جوجرافيا المملوكة لليونان كانت تبحر من فيتنام إلى إسرائيل وعلى متنها طاقم مكون من 24 فرداً، وكانت فارغة من البضائع عندما تعرضت للهجوم. وإنه «لم تقع إصابات... فقط أضرار مادية».

وبلغت الهجمات الحوثية التي استهدفت سفن الشحن نحو 29 هجوماً منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بما في ذلك قرصنة سفينة «غلاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها وتحويلها إلى مزار لأتباع الجماعة.

شحنة أسلحة متقدمة

أعلنت القيادة المركزية الأميركية في بيان، الثلاثاء، أنه في 11 يناير (كانون الثاني) 2024، صادرت قوات البحرية التابعة للقيادة المركزية الأميركية ليلاً مركباً شراعياً يقوم بنقل غير قانوني لمساعدات فتاكة متقدمة من إيران لإعادة إمداد قوات الحوثيين في اليمن كجزء من حملة الهجمات المستمرة التي يشنّها الحوثيون ضد الشحن التجاري الدولي.

وأضاف البيان، أن قوات البحرية الأميركية العاملة على متن سفينة «يو إس إس لويس بي بولير ESB 3»، مدعومة بطائرات هليكوبتر ومركبات جوية من دون طيار، نفذت عملية صعود معقدة للمركب الشراعي بالقرب من ساحل الصومال في المياه الدولية لبحر العرب، واستولت على أسلحة إيرانية الصنع من ضمنها مكونات الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز.

مكونات صواريخ إيرانية اعترضتها البحرية الأميركية كانت في طريقها إلى الحوثيين (الجيش الأميركي)

وتشمل العناصر المضبوطة - وفق البيان - أجهزة الدفع والتوجيه والرؤوس الحربية للصواريخ الباليستية الحوثية متوسطة المدى، وصواريخ كروز المضادة للسفن، بالإضافة إلى المكونات المرتبطة بالدفاع الجوي.

ويشير التحليل الأولي - بحسب البيان الأميركي - إلى أن الحوثيين استخدموا هذه الأسلحة نفسها لتهديد ومهاجمة السفن التجارية الدولية التي تعبر البحر الأحمر.

وأكدت القيادة المركزية الأميركية، أن هذه هي أول عملية مصادرة للأسلحة التقليدية المتقدمة الفتاكة التي زودت بها إيران الحوثيين منذ بداية هجماتهم على السفن التجارية في نوفمبر الماضي. كما أنها أول مصادرة لمكونات صواريخ باليستية وصواريخ كروز إيرانية الصنع متقدمة بواسطة البحرية الأميركية منذ نوفمبر 2019.

وشدد البيان على أن توريد الأسلحة أو بيعها أو نقلها بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الحوثيين في اليمن ينتهك قرار الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216 والقانون الدولي.

وأوضح، أن اثنين من قوات البحرية الأميركية تم الإبلاغ عن فقدهما في البحر سابقاً، وقد شاركا بشكل مباشر في هذه العملية. وقال الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية: «إننا نجري بحثاً شاملاً عن زميلينا المفقودَين».

وأكدت القيادة المركزية الأميركية، أنها عدّت المركب الشراعي غير آمن وأغرقته القوات، وأنه يتم تحديد التصرف في أفراد طاقم المركب البالغ عددهم 14 فرداً وفقاً للقانون الدولي.

واتهم البيان إيران بأنها تواصل شحن المساعدات الفتاكة المتقدمة إلى الحوثيين. وقال الجنرال مايكل إريك كوريلا إن هذا مثال آخر على كيفية قيام إيران بزرع عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة في انتهاك مباشر لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216 والقانون الدولي.

وتعهد إريك كوريلا بأن القوات الأميركية ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لكشف واعتراض هذه الجهود. وفي نهاية المطاف استعادة حرية الملاحة.

تهوين حوثي وتشجيع إيراني

وسط هذا التصعيد، يتملص الحوثيون من تبعات هجماتهم، ويهوّنون من المخاطر، في حين تواصل إيران بما فيهم المرشد علي خامنئي تشجيعهم على مواصلة الهجمات.

وزعم المتحدث باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام، الثلاثاء، أن ما تعلنه عدد من شركات الشحن تعليق عملها بدعوى ارتفاع المخاطر في البحر الأحمر هو نتيجة الضغوط والتهويلات الأميركية وموقف غير دقيق، ويتماشى فقط مع الدعاية الأميركية المغرضة. وفق زعمه.

استغل الحوثيون الحرب الإسرائيلية على غزة لحشد المزيد من المقاتلين (رويترز)

وأضاف المتحدث الحوثي في تغريدة على منصة «إكس»، أن هناك مئات السفن تعبر مضيق باب المندب بشكل يومي، وأنه لا منع لأي سفينة عدا المرتبطة بإسرائيل أو تلك المتجهة إلى موانئها.

ولقيت الهجمات الحوثية تشجيعاً إيرانياً على أعلى مستوى في هرم القيادة في طهران؛ إذ أشاد المرشد الأعلى علي خامنئي، بحملة الهجمات التي يشنّها الحوثيون، ونقلت وكالة أنباء «إرنا» عن خامنئي، الثلاثاء قوله: «إن الأمة اليمنية وأنصار الله (الحوثيون) قاموا بعمل عظيم بالفعل». وأكد أن ما قاموا به هو دليل على «القتال في سبيل الله». وأنه يأمل أن «تؤدي هذه الجهود إلى النصر».

وإلى جانب الهجمات ضد السفن، هدّد قادة الجماعة الحوثية باستهداف المصالح الأميركية في البحر الأحمر انتقاماً للضربات التي أدت إلى مقتل 15 مسلحاً حوثياً وإصابة ستة آخرين منذ 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وقالت الجماعة الموالية لإيران، الاثنين، في بيان إنها مستمرة «في منع السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة؛ حتى يتوقف العدوان والحصار على غزة».

يرهن «الرئاسي اليمني» تأمين الملاحة باستعادة مؤسسات الدولة من قبضة الحوثيين (سبأ)

في مقابل ذلك، جدد مجلس الحكم اليمني في أحدث تصريحاته تحذير «الميليشيات الحوثية من مغبة الاستمرار في استثمار مظلومية الشعب الفلسطيني من أجل تحقيق مصالح إيران ومشاريعها التوسعية في المنطقة، وصرف أنظار العالم بعيداً عن اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي، وانتهاكاته الجسيمة».

وأكد اجتماع رأسه رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني «ضرورة دعم المجتمع الدولي للحكومة اليمنية من أجل بسط سيطرتها على كامل التراب اليمني، والشروع الفوري في تصنيف الميليشيا الحوثية جماعة إرهابية وإجبارها على الانخراط الجاد في جهود التهدئة وإحلال الأمن والاستقرار والسلام».

وألقت الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر بآثارها السلبية على الأوضاع إقليمياً ويمنياً، مع عزوف شركات الشحن عن المرور عبر قناة السويس وارتفاع تكلفة الشحن إلى ثلاثة أضعاف للوصول إلى الموانئ اليمنية؛ وهو الأمر الذي سيزيد معاناة السكان الذين يعيش نحو 18 مليوناً منهم على المساعدات الإنسانية الدولية.

يزعم الحوثيون أنهم يناصرون الفلسطينيين وتقول الحكومة اليمنية إنهم ينفّذون أجندة إيران (رويترز)

ونقلت «رويترز» عن مصادر في قطاع التأمين، الثلاثاء، أن أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب للشحنات عبر البحر الأحمر تشهد ارتفاعاً بعد هجمات أخرى على السفن التجارية نفذتها الجماعة الحوثية.

وأدرجت سوق التأمين في لندن جنوب البحر الأحمر - بحسب الوكالة - ضمن المناطق عالية المخاطر، وذلك حتى قبل هجمات الحوثيين الأخيرة، وقالت: إنه يتعين على السفن إخطار شركات التأمين الخاصة بها عند الإبحار عبر هذه المناطق ودفع قسط إضافي.


مقالات ذات صلة

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

العالم العربي للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال، من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي سوق سوداء لبيع غاز الطهي في صنعاء (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يخصصون أسطوانات غاز الطهي لأتباعهم

خصصت الجماعة الحوثية ملايين الريالات اليمنية لتوزيع أسطوانات الغاز على أتباعها دون غيرهم من السكان الذين يواجهون الصعوبات في توفير الحد الأدنى من القوت الضروري.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

قالت الإمارات إنها ترحب ببيان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بشأن التوصل إلى اتفاق بين الأطراف اليمنية حول الخطوط الجوية والقطاع المصرفي.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
العالم العربي دخان يتصاعد من موقع الغارات الجوية الإسرائيلية بمدينة الحديدة الساحلية باليمن في هذه الصورة المنشورة 20 يوليو 2024 (رويترز)

الحوثيون: هجماتنا على إسرائيل ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية

قال عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين، الخميس، إن هجمات الجماعة على إسرائيل تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي طائرة تابعة للخطوط الجوية اليمنية في طريقها من صنعاء إلى عمان (أرشيفية - أ.ب)

اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي في اليمن يدخل مسار التنفيذ

دخل اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي بين الحكومة اليمنية والحوثيين حيّز التنفيذ مع عودة «السويفت» الدولي إلى البنوك المعاقبة، واستئناف الرحلات من صنعاء إلى عمان.

علي ربيع (عدن)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.