مصر تشدد على محورية أمن الملاحة في البحر الأحمر مع تزايد الاختراقات

غداة إدانة مجلس الأمن هجمات الحوثيين

رئيس الحكومة المصرية يتفقد (الخميس) المنطقة الاقتصادية لقناة السويس (رئاسة الوزراء)
رئيس الحكومة المصرية يتفقد (الخميس) المنطقة الاقتصادية لقناة السويس (رئاسة الوزراء)
TT

مصر تشدد على محورية أمن الملاحة في البحر الأحمر مع تزايد الاختراقات

رئيس الحكومة المصرية يتفقد (الخميس) المنطقة الاقتصادية لقناة السويس (رئاسة الوزراء)
رئيس الحكومة المصرية يتفقد (الخميس) المنطقة الاقتصادية لقناة السويس (رئاسة الوزراء)

شددت مصر على «محورية أمن الملاحة في البحر الأحمر في ضوء ارتباطه الوثيق بقناة السويس»، جاء ذلك غداة إدانة مجلس الأمن الدولي هجمات الحوثيين على واحد من أهم ممرات التجارة الدولية، ما يهدد حركة التجارة العالمية، لا سيما مع تزايد الاختراقات الأمنية.

وقال رئيس الحكومة المصرية الدكتور مصطفى مدبولي، خلال لقائه مساء الأربعاء، مسؤولين من شركة الشحن الدنماركية «ميرسك»، إن «بلاده تتابع من كثب تطورات الأوضاع في البحر الأحمر»، بحسب إفادة رسمية.

وأضاف رئيس الوزراء المصري، في اللقاء الذي عقد عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»، إنه «رغم التأثير المباشر لتلك الأحداث (هجمات الحوثيين) على مصالح بلاده، فإنه ينبغي تفسيرها في سياقها، لكونها ترتبط بشكل مباشر بالحرب في قطاع غزة، التي يجب وقفها». وأشار إلى «سعي القاهرة المستمر لوقف الحرب لما لها من انعكاسات على الأوضاع الأمنية والاقتصادية سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي».

جانب من لقاء الحكومة المصرية مع مسؤولي «ميرسك» عبر الفيديو كونفرانس (رئاسة الوزراء)

وخلال الفترة الأخيرة شنت جماعة «الحوثي» اليمنية هجمات على السفن المارة بمنطقة البحر الأحمر، وقالت إنها «تستهدف السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى تل أبيب رداً على الحرب في قطاع غزة».

وأكد مدبولي «قلق بلاده من مساعي تحويل منطقة البحر الأحمر لبؤرة صراع إقليمي جديد، وخشيتها توسع الحرب في غزة على مستوى المنطقة، في ضوء ما تشهده من تصعيد مستمر».

اللقاء بين مدبولي ومسؤولي «ميرسك» تطرق إلى بحث سبل تعزيز التعاون المشترك وتطورات الأوضاع في منطقة البحر الأحمر، حسب بيان صحافي من مجلس الوزراء المصري. وأكد المدير التنفيذي لشركة «ميرسك» فينسنت كليرك: «أهمية الأمن في منطقة البحر الأحمر، وضرورة توفير الحماية اللازمة للسفن، والانعكاسات السلبية لانعدام الأمن على الاقتصاد العالمي»، بحسب البيان. وأعرب كليرك عن «تطلع شركته لاستئناف رحلاتها البحرية، عبر قناة السويس، في أقرب فرصة ممكنة، وذلك في ضوء ما توفره القناة من تكلفة ووقت».

بدوره، أكد رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، خلال اللقاء: «تطلع الهيئة لعودة الاستقرار الأمني لمنطقة باب المندب، على ضوء الأحداث الأخيرة، وكذا رغبتها في زيادة أوجه التعاون مع شركة (ميرسك)».

ويوم الجمعة الماضي أعلنت «ميرسك»، في بيان صحافي، أن «جميع سفن الشركة التي كان من المقرر أن تعبر البحر الأحمر وخليج عدن ستتحول جنوباً لتدور حول طريق رأس الرجاء الصالح في المستقبل القريب». وقالت: إن «الوضع يتطور باستمرار وما زال هشاً جداً، وجميع المعلومات المتوافرة تؤكد أن المخاطر الأمنية ما زالت مرتفعة المستوى جداً».

اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع المصري الأسبق، وأستاذ العلوم الاستراتيجية، قال، لـ«الشرق الأوسط»، إن «وقف هجمات الحوثيين مرتبط بوقف الحرب في غزة»، مشيراً إلى أن «هذه الهجمات لا تؤثر على مصر فحسب، بل إن تأثيرها الأكبر هو على حركة التجارة والشحن العالمية، التي تتعرض لخسائر كبيرة بسببها».

وكان مجلس الأمن الدولي دعا، الأربعاء، إلى وقف «فوري» للهجمات التي تعرقل التجارة الدولية وتقوّض حقوق وحريات الملاحة وكذلك السلم والأمن في المنطقة، مطالباً كلّ الدول بـ«احترام حظر الأسلحة المفروض على الجماعة اليمنية المدعومة من إيران».

القرار، الذي صاغته الولايات المتّحدة واليابان، واعتمده مجلس الأمن بأغلبية 11 عضواً وامتناع أربعة أعضاء عن التصويت، هم روسيا والصين والجزائر وموزمبيق: «أدان بأشد العبارات الهجمات التي لا تقلّ عن 24 والتي استهدفت سفناً تجارية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي»، وهو تاريخ استيلاء جماعة «الحوثي» على السفينة «غالاكسي ليدر» واحتجاز أفراد طاقمها البالغ عددهم 25 شخصاً رهائن.

بدوره، قال القيادي بجماعة الحوثي، محمد علي، في منشور على منصة «إكس»، إن «قرار مجلس الأمن لعبة سياسية»، متهماً الولايات المتحدة بـ«خرق القانون».

ويؤكد أستاذ العلوم الاستراتيجية، أن «قرار مجلس الأمن لن يوقف هجمات الحوثيين، التي شهدت زيادة خلال الأيام الماضية». لكنه مع ذلك توقع «عودة حركة الملاحة إلى سابق عهدها في القريب العاجل، تجنباً لخسائر تجارية كبيرة».

وخشية تعرضها لهجمات قررت شركات شحن عالمية وقف رحلاتها عبر قناة السويس المصرية، وتحويل مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، ما تسبب في مخاوف بشأن التأثير على حركة التجارة العالمية. ودفع هذا الوضع الولايات المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) إلى تشكيل تحالف بحري دولي بقيادتها، يسيّر دوريات في البحر الأحمر لحماية حركة الملاحة البحرية من هجمات الحوثيين.

وأعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا، الثلاثاء: «إسقاط 18 طائرة مسيّرة مفخّخة وصاروخي كروز مضادين للسفن وصاروخ باليستي أطلقها الحوثيون باتجاه مسار الشحن الدولي في جنوب البحر الأحمر»، في هجوم وصفه وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس بأنه «الأكبر» من نوعه منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة.

وقال معهد «كايل» الألماني للاقتصاد، الخميس، إن «التجارة العالمية تراجعت بنسبة 1.3 في المائة في الفترة من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى ديسمبر الماضي، في وقت أدت فيه هجمات مسلحين على سفن تجارية في البحر الأحمر لتراجع كميات الشحن المنقولة عبر هذه المنطقة الحيوية».

وأضاف المعهد، في بيان نقلته وكالة «رويترز»، أن «هناك حالياً نحو 200 ألف حاوية تمر عبر البحر الأحمر يومياً انخفاضاً من 500 ألف يومياً في نوفمبر الماضي». وأشار جوليان هينتس، مدير مركز أبحاث سياسات التجارة في المعهد، إلى أن «عمليات تحويل مسار السفن بسبب الهجمات أدت لزيادة طول الرحلات بنحو 20 يوماً إضافية».

في السياق ذاته، تفقد مدبولي، الخميس، عدداً من المشروعات بمنطقة السخنة الصناعية، الواقعة ضمن نطاق المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وأكد رئيس مجلس الوزراء أن هذه الزيارة تأتي في إطار الاهتمام الذي توليه الدولة لتنمية وتطوير المنطقة الاقتصادية، المرتبطة بمحور قناة السويس، وتوفير مختلف الإمكانات والخدمات بها، لتعزيز قدرتها على جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.

ويمر عبر قناة السويس ما يقرب من ثلث شحنات سفن الحاويات عالمياً، وقد تكلف إعادة توجيه السفن حول أفريقيا وقوداً إضافياً بما يصل إلى مليون دولار للرحلة الواحدة ذهاباً وإياباً بين آسيا وشمال أوروبا.


مقالات ذات صلة

«هاباغ - لويد»: عودة الشحن عبر قناة السويس ستكون تدريجية

الاقتصاد حاويات شركة «هاباغ - لويد» في محطة تحميل بميناء هامبورغ (رويترز)

«هاباغ - لويد»: عودة الشحن عبر قناة السويس ستكون تدريجية

قال الرئيس التنفيذي لشركة «هاباغ-لويد»، خامس أكبر شركة حاويات في العالم، يوم الخميس، إن عودة قطاع الشحن للإبحار عبر قناة السويس لن تكون فوريةً، بل ستكون تدريجية

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت )
الاقتصاد سفينة الحاويات العملاقة «ماجيستيك ميرسك» في ميناء الجزيرة الخضراء بإسبانيا (رويترز)

«ميرسك»: سنعود إلى مسار البحر الأحمر فور تحسّن الظروف

قال فينسنت كليرك، الرئيس التنفيذي لشركة «ميرسك» للشحن، الثلاثاء، إن الشركة ستباشر اتخاذ خطوات لاستئناف الملاحة عبر البحر الأحمر وقناة السويس فور توفر الظروف.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد رئيس هيئة قناة السويس خلال استقباله المبعوث الإيطالي لمشروع الممر الاقتصادي الهند - الشرق الأوسط - أوروبا فرانسيسكو تالو (قناة السويس)

16 % زيادة في الملاحة بقناة السويس خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي

قال رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، إن مؤشرات الملاحة بالقناة بدأت تتحسن مع عودة الهدوء إلى المنطقة، خلال شهر أكتوبر الماضي على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي تأمل قناة السويس استعادة جاذبيتها للسفن بعد هدوء توترات البحر الأحمر (هيئة القناة)

«أعلى معدل شهري»... تحسن نسبي في حركة الملاحة بقناة السويس

سجلت حركة الملاحة بقناة السويس أعلى معدل شهري للسفن العائدة للملاحة بالقناة منذ بداية «حرب غزة» قبل عامين، وذلك بالتزامن مع التوصل لاتفاق «وقف إطلاق النار».

أحمد عدلي (القاهرة)
الاقتصاد سفينة شحن تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس (رويترز)

إيرادات قناة السويس تصعد 14 % مع تراجع التوتر في البحر الأحمر

قالت هيئة قناة السويس المصرية، الثلاثاء، إن إيرادات القناة صعدت 14.2 في المائة على أساس سنوي بين يوليو وأكتوبر، مشيرة إلى هدوء الأوضاع في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
TT

مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)

دعت مصر وقطر، السبت، إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها في قطاع غزة.

وخلال لقاء عقده رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على هامش انعقاد «منتدى الدوحة»، في العاصمة القطرية، السبت، أكد المسئولان أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار ومنع أي خروقات، إلى جانب التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها.

كما شدد الوزيران على أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

وفي كلمته خلال افتتاح «منتدى الدوحة»، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن اتفاق غزة لم يطبَّق بالكامل، مشيراً إلى استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية.

وقال آل ثاني إن التحديات التي تشهدها المنطقة ليست معزولة عمَّا يشهده العالم من تراجع احترام القانون الدولي.

وأضاف أن «العدالة باتت في كثير من الأحوال غائبة عن مسار القانون الدولي»، مشيراً إلى أن الحلول العادلة وحدها هي التي تصنع السلام المستدام في العالم.

ولفت إلى أن «العالم لا يحتاج إلى مزيد من الوعود، بل يحتاج إلى عادلة تترجم الأقوال إلى أفعال»، مؤكداً أن «غياب المساءلة أحد أخطر مظاهر الاختلال في النظام الدولي الحالي».

وفي حديثه عن الوساطة، شدد على أنها ليست رفاهية سياسية، بل منهج راسخ لدولة قطر، معرباً عن إيمان الدوحة بأن العدالة ليست غاية سياسية فحسب، بل ركيزة أساسية لصون القانون الدولي.

معبر رفح وتهجير الفلسطينيين

وخلال مشاركته في جلسة بعنوان «محاسبة غزة: إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، التزام بلاده بمواصلة جهودها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لتثبيت وقف إطلاق النار، ودعم مسار يُفضي إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية قائمة على مرجعيات الشرعية الدولية، وبما يحقق الأمن والاستقرار ويحفظ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وقال عبد العاطي إن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظَّم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام». وأوضح أن هذه المرحلة تتطلب إدخال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ودون عوائق، والبدء في جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، بما يخفف من حدة المعاناة ويعيد الأمل لسكان القطاع.

وشدد الوزير عبد العاطي على أن معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، وأن المشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في خمسة معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها.

ولفت إلى أن خطة الرئيس ترمب تنص على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع.

وبعد لقاء بين وزيري خارجية قطر ومصر على هامش «حوار الدوحة»، ذكر المتحدث باسم الخارجية المصرية تميم خلاف، في بيان صحافي، أن الوزير عبد العاطي أكد الحرص على مواصلة التنسيق الوثيق مع دولة قطر في مختلف القضايا الإقليمية، والبناء على العلاقات الثنائية المتنامية بما يخدم مصالح الشعبين ويدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وانطلقت في العاصمة القطرية، النسخة الـ23 لـ«منتدى الدوحة 2025» بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين وحضور رفيع المستوى من مختلف أنحاء العالم. وتقام جلسات المنتدى تحت شعار: «ترسيخ العدالة... من الوعود إلى الواقع الملموس».

اتفاق غزة لم يطبَّق

وخلال مشاركته في إحدى جلسات المنتدى، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري إنه لا يمكن اعتبار أن «هناك وقفاً كاملاً لإطلاق النار في غزة إلا بانسحاب إسرائيل من القطاع»، مؤكداً «استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية».

ولفت إلى أن الجهود التي بُذلت للتوصل إلى وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مطلوبة لمرحلتي الاستقرار وتأسيس دولة فلسطين، قائلاً: «نحن في مرحلة مفصلية ولم يطبَّق الاتفاق بشأن غزة فيها بالكامل».

وأضاف أن بلاده تؤمن بأن لديها دوراً في استقرار المنطقة والعالم، وتطمح لحل النزاعات بالوساطة.

فوارق الوساطة

أوضح رئيس الوزراء القطري أنه لا يمكن مقارنة جهود الوساطة بين الولايات المتحدة وأفغانستان بالوساطة بين إسرائيل وحركة «حماس»، مبيناً أن التحدي في جهود الوساطة الأخيرة يتمثل في أن الولايات المتحدة الأميركية بصفتها أحد الوسطاء، كانت تتحدث فقط مع طرف واحد وهو الطرف الإسرائيلي، غير أنها بدأت بعد ذلك الانخراط بالتحدث إلى الجانبين، وهو ما ساعد على إحداث اختراق في المفاوضات والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال: «لكننا لا نعدّه وقفاً كاملاً لإطلاق النار، إلا إذا انسحبت القوات الإسرائيلية بشكل كامل وتحقق الاستقرار في القطاع، وأصبح بإمكان الناس الدخول والخروج دون عوائق على أرض الواقع».

ونبه رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إلى أن الصراع لا ينحصر في قطاع غزة وحده بل يمتد ليشمل الضفة الغربية، وتطلعات الشعب الفلسطيني لبناء دولته، معرباً عن أمله في تعاون الحكومة الإسرائيلية على تحقيق ذلك.

وحذر الوزير القطري من عودة التطرف في غياب المحاسبة، وقال: «ما لمسناه وجرَّبناه على مر العامين الماضيين، هو أنه في حال غياب المحاسبة وفي حال غياب الإنفاذ، فإن الأمور ستبقى على حالها، وسوف نبقى رهائن في أيدي المتطرفين، وهذا ما نريد أن نتفاداه، وقد شهدنا ولاحظنا أن الجهود التي بذلناها جميعاً لكي نتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار كانت ضرورية ومطلوبة أيضاً للمرحلة الثانية، لإرساء الاستقرار، بينما تكون المرحلة الثالثة هي تأسيس الدولة الفلسطينية».

وحذر من أنه «في حال تمكنت هذه الأجندة المتطرفة من أن تكون لها الغلبة على جهودنا الجماعية في المجتمع الدولي فعلى الجميع أن يقر بأن هناك خطأ ما في الهيكلية أو البنية التي نعمل معها»، معرباً عن اعتقاده بأن الدور الأميركي هو دور رئيسي في هذا السياق، لأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الإنفاذ لكي تضع هذا الحل على المسار الصحيح.

ودعا في إجابة عن سؤال، إلى البناء على المصالح المشتركة لأطراف النزاع كأساس لأي مفاوضات لإرساء السلام والاستقرار، مع أهمية الدبلوماسية الاقتصادية في هذا السياق، لإحداث الازدهار والرخاء الاقتصادي أيضاً.


خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
TT

خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)

ركَّزت الجلسة الحوارية الرئيسية التي شهدها اليوم الأول من «منتدى الدوحة» على تطورات جهود حلّ الأزمة اليمنية، وبحث أبرز التحديات التي تعيق الوساطة وتقوِّض عملية السلام. وعدّ متحدثون في الجلسة الحوارية أن اليمن أمام مفترق طرق بين معوقات سياسية في ظل إعادة تشكيل الإقليم.

وحملت الجلسة الحوارية، التي عُقدت يوم السبت، عنوان: «الوساطة في النزاعات وبناء السلام والقانون الدولي والمساءلة». وشهدت مشاركة الدكتور شائع محسن الزنداني وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، وهانس غروندبرغ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، والدكتور عبد العزيز صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، وماجد المذحجي، رئيس مركز صنعاء للدراسات.

تحدث المشاركون خلال الجلسة، عن أبرز المعوقات التي تواجه الملف اليمني اليوم، والذي يشهد تحولات هائلة، وتحديداً بعد حرب غزة الأخيرة، مشددين على أن التعاطي مع اليمن يحتاج لتفكير عميق، وليس الاكتفاء بالتعاطي مع الأحداث الآنية ووليدة اللحظة.

العملية السياسية

أكد المتحدثون أهمية إيجاد الحل السياسي لإنهاء الصراع اليمني، والذي يحتاج لوقف عملية إطلاق النار، ليتم بدء العملية السياسية التي يبدأ الأطراف خلالها بمناقشة كيفية معالجة هذه الصراعات وصولاً إلى حل دائم.

وأوضحوا أن معالجة أبعاد الصراع في اليمن تستدعي مقاربة سياسية شاملة، تبدأ بإرادة حقيقية لدى الأطراف للوصول إلى تسوية دائمة، لافتين إلى أن أي عملية سياسية ذات جدوى لا بد أن تُبنى على حوار شامل يضم مختلف القوى الفاعلة، بما في ذلك المكونات السياسية والاجتماعية والمعارضة الداخلية؛ لضمان تمثيل واسع يرسّخ شرعية أي اتفاق مستقبلي.

وأشاروا إلى أن استمرار غياب الحل السياسي يعني استمرار دوامة الصعوبات والتوترات، ما يجعل الحاجة ملحة لخطوات عملية تعيد الأطراف إلى طاولة التفاوض.

وتطرقوا إلى أبرز الأبعاد الاقتصادية للصراع، التي أصبحت جزءاً أساسياً من ملف الحل، مبينين أن معالجتها تتطلب توافقاً حول برامج إنعاش اقتصادي وإصلاحات عاجلة تسهم في تخفيف المعاناة وتحسين الاستقرار.

الشراكة والتعقيدات

شدد الخبراء على أن إنجاح العملية السياسية يستوجب إشراك مجموعة واسعة من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، وتقديم الدعم للمشاركين بما يمكّنهم من تجاوز الخلافات وبناء أرضية مشتركة.

ولفتوا إلى أن أي حل مستدام ينقذ مستقبل اليمن لن يتحقق ما لم تؤخذ بالاعتبار تعقيدات المشهد اليمني وتوازنات القوى ومعارضة بعض المجموعات، وهو ما يتطلب جهداً منظماً وإرادة سياسية صادقة.

وخلال الجلسة، استعرض المشاركون عدداً من الأحداث والحقبات والمراحل الزمنية التي مرت على اليمن، مؤكدين أن هناك تعقيدات وتحديات تحتاج إلى تفكير عميق للولوج إلى حل سياسي يعيد البناء من جديد.


انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
TT

انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)

أكدت مصر رفض «تهجير الفلسطينيين» من خلال معبر رفح، وذلك بعد ساعات من موقف مماثل عبَّرت عنه دول عربية وإسلامية رفضت «التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر». وبينما تناولت مشاورات بـ«منتدى الدوحة»، السبت، «ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ودخول المرحلة الثانية من الاتفاق». توافقت قطر ومصر على سرعة تشكيل «قوة الاستقرار الدولية».

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي خلال «منتدى الدوحة»، السبت، إن «معبر رفح لن يكون بوابةً لتهجير الفلسطينيين، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية».

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ سريانه في الشهر ذاته، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إنه على «حماس» الالتزام بإعادة الرهائن جميعاً، الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعربت المملكة العربية السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، مساء الجمعة، عن بالغ القلق إزاء التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر.

وشدَّد وزراء خارجية الدول الـ8، في بيان، على «الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».

وأكدوا «ضرورة الالتزام الكامل بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وما تضمَّنته من فتح معبر رفح في الاتجاهين، وضمان حرية حركة السكان، وعدم إجبار أي من أبناء القطاع على المغادرة، بل تهيئة الظروف المناسبة لهم للبقاء على أرضهم، والمشاركة في بناء وطنهم، ضمن رؤية متكاملة لاستعادة الاستقرار وتحسين أوضاعهم الإنسانية».

وشكَّل معبر رفح بُعداً جديداً للتوتر بين مصر وإسرائيل، بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء الماضي، «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيُفتَح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت «هيئة الاستعلامات المصرية» عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين، للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي للسلام».

وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، أخيراً، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير، المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسراً أو طوعاً فهو خط أحمر بالنسبة لمصر».

بدر عبد العاطي خلال جلسة «إعادة تقييم المسؤوليات العالمية ومسارات السلام في غزة» على هامش «منتدى الدوحة» (الخارجية المصرية)

وشارك وزير الخارجية المصري، السبت، في جلسة بعنوان «محاسبة غزة... إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، على هامش «منتدى الدوحة»، مشيراً إلى أن «معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، والمشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في 5 معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها».

ولفت إلى أن خطة الرئيس الأميركي تنص «على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع»، مؤكداً أن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام».

وفيما يتعلق بـ«قوة الاستقرار الدولية»، دعا عبد العاطي إلى نشر «قوة استقرار دولية على الخط الأصفر في قطاع غزة بأسرع وقت ممكن على الأرض، لأن أحد الأطراف، وهو إسرائيل، ينتهك وقف إطلاق النار يومياً، لذا فنحن بحاجة إلى مراقبين».

وبحسب مشروع قرار اقترحته الولايات المتحدة في مجلس الأمن، ستُمنح قوة الاستقرار الدولية «جميع التدابير اللازمة» لنزع سلاح غزة، وتأمين الحدود، ودعم شرطة فلسطينية مدربة، وضمان وصول المساعدات، وحماية المدنيين.

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليونَي فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً.

طفل يقف بموقع قُتل فيه فلسطينيون بغارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش «منتدى الدوحة»، التقى عبد العاطي، رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، السبت، وتطرقت المحادثات بينهما إلى «تطورات الأوضاع الميدانية في قطاع غزة»، حيث أكدا «أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار، ومنع أي خروقات». وشدَّدا على أهمية «التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار».

إلى ذلك دخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «مرحلة حرجة» بحسب تأكيد الوسيط القطري، وسط خروقات إسرائيلية متكررة والتفاف على بنود خطة الرئيس الأميركي.

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

وتحدَّث رئيس الوزراء القطري، السبت، خلال جلسة نقاش ضمن فعاليات «منتدى الدوحة» في قطر، عن أن المفاوضات بشأن حرب غزة تمر بـ«مرحلة حرجة»، مؤكداً أن «الوسطاء يعملون معاً لدخول المرحلة التالية من وقف إطلاق النار». كما أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال «المنتدى» أيضاً، السبت، أن المفاوضات بشأن قوة إرساء الاستقرار في غزة لا تزال جارية، بما في ذلك بحث تفويضها وقواعد الاشتباك.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، قال: «هناك إدراك من الجميع بأن هناك خطراً يتهدد خطة ترمب في ظل تلكؤ إسرائيلي في تنفيذ المرحلة الثانية مما يجعل هناك ضرورة للتنبيه واستدعاء تحرك دولي عاجل لدعم مسار الاتفاق»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أهمية أن تتحرك واشنطن لدعم وجهة النظر العربية حالياً، ووقف أي مناورات إسرائيلية دعماً لاستقرار المنطقة.

في حين أكد أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، الدكتور طارق فهمي، لـ«الشرق الأوسط» أن هناك استشعاراً عربياً، لا سيما من الوسيطَين مصر وقطر، بخطورة ما يتم في غزة، وإمكانية أن يتطور الأمر لما يهدد الاتفاق واستقرار المنطقة، مشيراً إلى أن المطلوب تحرك أميركي أكبر بمواعيد محددة وليس أقوالاً فقط.

وأوضح أن المرحلة الحرجة تأتي في ظل 3 سياقات مهمة مرتبطة بالاتفاق، أولها بدء ترتيبات تشكيل مجلس السلام، وثانيها الضغط على الإدارة الأميركية للتعجيل بالمرحلة الثانية، وثالثاً وقف أي تقدم إسرائيلي للالتفاف على خطة ترمب بخطط بديلة.

في حين يتوقَّع المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن يتحرك الوسطاء نحو تفاهمات أكبر مع واشنطن، لإنهاء منغصات المرحلة الثانية المرتبطة بتشكيل القوات الدولية وصلاحياتها ونزع سلاح «حماس»، وفق رؤية تُنفَّذ على الأرض وليس كما ترغب إسرائيل. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «توصيف الوسطاء المرحلة الحالية بأنها حرجة، يأتي في ظل استشعارٍ بأن إسرائيل تريد العودة للمربع الأول بعد تسلم رهائنها، وعدم الالتزام بالاتفاق ولا بنوده؛ مما يقوِّض مسار خطة ترمب بالكلية».