تقارير حقوقية: اليمنيون ودَّعوا عاماً عاصفاً بالانتهاكات

ما يقارب 3 آلاف واقعة وأكثر من 5 آلاف ضحية من المدنيين

لم تتوقف معاناة اليمنيين مع الانتهاكات التي طالت حياتهم وسلامتهم وحرياتهم خلال العام الماضي (رويترز)
لم تتوقف معاناة اليمنيين مع الانتهاكات التي طالت حياتهم وسلامتهم وحرياتهم خلال العام الماضي (رويترز)
TT

تقارير حقوقية: اليمنيون ودَّعوا عاماً عاصفاً بالانتهاكات

لم تتوقف معاناة اليمنيين مع الانتهاكات التي طالت حياتهم وسلامتهم وحرياتهم خلال العام الماضي (رويترز)
لم تتوقف معاناة اليمنيين مع الانتهاكات التي طالت حياتهم وسلامتهم وحرياتهم خلال العام الماضي (رويترز)

ودَّع اليمنيون العام الماضي بالكثير من التطلعات والآمال أن يمثل العام الجديد بدايةً مبشرةً بانعتاقهم من الأزمات والحروب والشتات، فالعام الماضي لم يختلف عن سابقَيه، وشهد استمرار معاناة الملايين، وتواصُل الانتهاكات التي طالت مختلف الحقوق بما فيها حق الحياة والسلامة والأمن والحريات.

ورغم هدوء الأعمال العسكرية والقتالية خلال العام الماضي نتيجة امتداد التهدئة وفقاً للهدنة المعلنة في أبريل (نيسان) من العام الذي يسبقه، فإن المدنيين ظلوا عُرضة لتهديدات كثيرة، وطالتهم أعمال القتل والاحتجاز والاختطاف والتهجير والاعتداءات المتواصلة على حياتهم وحرياتهم وممتلكاتهم، واستمرت مظاهر المأساة الإنسانية في مختلف المناطق وفي مخيمات النزوح.

وكشفت إحصائية حكومية أخيراً عمّا يقارب ثلاثة آلاف حالة انتهاك لحقوق الإنسان في اليمن، أسفرت عن أكثر من 5 آلاف ضحية مدنية خلال العام الماضي، في حين تحدث مرصد حقوقي عن وقوع أكثر من 50 انتهاكاً لحرية الصحافة والإعلام.

وأعلنت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادّعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، أنها رصدت وتحققت من 2955 واقعة انتهاك، نتج عنها تضرُّر 5152 ضحية مدنية من الجنسين في الأعمار كافة بمختلف المحافظات، خلال عام 2023.

استمر النزوح والتهجير القسري خلال العام الماضي رغم توقف المواجهات المسلحة (أ.ف.ب)

وفي بيان لها قالت اللجنة إن الانتهاكات التي أنهت التحقيق فيها توزعت بين استهداف المدنيين والأعيان التاريخية والدينية، وانفجار الألغام والعبوات الناسفة، واعتقال وإخفاء المدنيين، والاعتداء على المنشآت الطبية وطواقمها، وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة، وتجنيد الأطفال دون سن 15 عاماً، وتفجير المنازل، والتهجير القسري للسكان، والقتل خارج القانون.

وأشارت اللجنة إلى تسجيل 698 واقعة استهداف مدنيين سقط فيها 882 ضحية بين قتيل وجريح، بينهم 268 قتيلاً منهم 15 امرأة و46 طفلاً، وسقوط 595 جريحاً بينهم 63 من النساء و127 من الأطفال.

وحصدت الألغام والعبوات الناسفة 358 ضحية بينهم 18 امرأة و79 طفلاً، فيما جرى اعتقال وإخفاء 931 ضحية، إضافةً إلى التحقيق في 9 وقائع استهداف أعيان تاريخية ودينية، و3 وقائع اعتداء على طواقم ومنشآت طبية، و738 واقعة اعتداء وتدمير لممتلكات خاصة وعامة، و161 واقعة تجنيد أطفال دون سن 15 عاماً.

شهد العام الماضي تفجير الجماعة الحوثية عشرات المنازل في مختلف المحافظات التي تسيطر عليها (إكس)

واتهمت اللجنة في بيانها الجماعة الحوثية بتفجير 21 منزلاً، وتهجير 75 أسرة، وارتكاب 60 واقعة قتل خارج نطاق القانون.

الإنصاف شرط السلام

استمعت اللجنة خلال عملية الرصد والتحقق إلى ما لا يقل عن 8241 مُبَلِّغَاً وشاهداً، وفحصت أكثر من 7506 وثائق مختلفة، وأجرت 14 نزولاً ميدانياً إلى محافظات تعز والحديدة والضالع ومأرب وحضرموت وشبوة وأبين، للتحقيق في وقائع زراعة وانفجار ألغام فردية واستهداف أحياء وتجمعات سكانية وتدمير مدارس ومرافق صحية من الجماعة الحوثية.

ودعا بيان اللجنة إلى التجاوب مع فرص بناء السلام في اليمن خلال العام الجديد، مشدداً على أن أي سلام لن يُكتب له النجاح والاستمرار وصناعة مجتمع مسالم خالٍ من التهميش، إنْ لم يكن قائماً على إنصاف الضحايا وكشف الحقيقة، وإشراك الجميع وبشكل مبكر في جميع إجراءات عملية بناء السلام.

وطالبت اللجنة جميع الأطراف بالتزام مبادئ القانون الدولي الإنساني والتوقف عن القصف العشوائي للأحياء السكنية وكل الأعمال المضرّة بالضحايا، والتوقف عن ممارسات التمييز والإقصاء وتضييق الفضاء المدني والحريات الإعلامية.

واصلت الجماعة الحوثية تجنيد الأطفال واستقطابهم للقتال من خلال المراكز الصيفية (غيتي)

من جهته، وثَّق مرصد الحريات الإعلامية 54 حالة انتهاك ضد الحريات الإعلامية في اليمن خلال العام الماضي تنوعت بين الاعتقال، والاختفاء القسري، واستجواب ومحاكمة عدد من الصحافيين، واقتحام ونهب مؤسسات إعلامية.

وفي تقرير له أوضح المرصد أنه جمع بيانات عن حالة اختفاء قسري و5 حالات اعتقال، و6 حالات احتجاز، و8 حالات اعتداء، و10 حالات استجواب ومحاكمة صحافيين، و8 حالات تهديد، و6 حالات تحريض، و5 حالات حرمان من الحقوق، وحالتَي منع صحافيين من التصوير، و3 حالات انتهاك مورست ضد مؤسسات إعلامية.

ووصل عدد الحالات التي وثّقها المرصد على مدى السنوات التسع الأخيرة، إلى أكثر من 2400 انتهاك، من بينها 54 حالة قتل لصحافيين، بينهم صحافيتان.

وانتقد المرصد إفلات الجناة من المساءلة والعقاب في جميع حالات الانتهاكات الجسيمة.

تطورات غير مسبوقة

تعد حرية العمل الصحافي جزءاً لا يتجزأ من الحريات العامة في اليمن، ولا يملك الصحافيون والإعلاميون حرية في مزاولة مهنتهم وتغطية الأحداث في البلاد بسبب التربص بهم والحذر منهم والتحريض ضدهم، ووصل الأمر إلى تحريض زعيم الجماعة عليهم ووصفهم بالخطر الأكبر.

ويذهب مراقبون للشأن اليمني إلى أن تأثير الاعتداء على الحريات الصحافية والإعلامية برز من خلال نقل الحقائق بعيداً عن التأثير والاستقطاب والخوف من البطش، وأدى إلى تفشي الإشاعات والأخبار الملفَّقة التي تفاقم الصراع وتُعمِّق حالة الانقسام المجتمعي.

صحافيون يمنيون يتضامنون مع أحد زملائهم الذي قُتِل خلال إحدى الهجمات الحوثية (أ.ف.ب)

يرى مطهر البذيجي، رئيس التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، أن الانتهاكات التي شهدها العام الماضي كانت امتداداً للانتهاكات التي تخللت الأعوام السابقة، خصوصاً استمرار نهج الجماعة الحوثية التي واصلت نشاطها في الاعتداء على المدنيين، خصوصاً الفئات الضعيفة كالنساء والأطفال، ورغم تراجع الوقائع حسب الإحصائيات؛ فإن نوعية الانتهاكات وجسامتها ظلت قائمة.

وقال البذيحي لـ«الشرق الأوسط» إن العام الماضي عرف تطوراً جديداً في الانتهاكات، تَمثَّل في التصعيد ضد منظمات المجتمع المدني والمنظمات الإغاثية والعاملين فيها، وفرض القيود على أنشطتها ومنعها من الحصول على التراخيص، وتقييد حرية موظفيها ومنعهم من السفر، خصوصاً النساء اللواتي يشترط موافقة أقاربهن أو مرافقتهم لهن خلال السفر، وتُوِّج ذلك باختطاف العاملين في تلك المنظمات وتعذيبهم وقتلهم في السجون.

ونوه إلى أن ممارسات الجماعة الحوثية وصلت إلى حد الاعتداء على الملاحة والتجارة العالمية في البحر الأحمر، متسببةً في الإضرار باقتصاد الكثير من الدول، وبينها اقتصاد اليمن الذي يعاني الضعف، وهو ما يهدد بالمزيد من معاناة اليمنيين وتجويعهم، إلى جانب ما قد يجلبه لهم من ويلات جديدة.

كما لفت إلى أن تجنيد الأطفال واستغلالهم لم يتوقف خلال عام 2023، بل إن الجماعة الحوثية استغلّت حرب غزة لاستقطاب المزيد منهم والزج بهم في معسكراتها، وقبل ذلك كانت قد استقطبت المئات منهم من خلال المراكز الصيفية.

وينتظر اليمنيون هذا العام توصُّل مختلف الأطراف إلى التوقيع على خريطة الطريق التي أعلنت عنها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب وتطبيع الأوضاع وإنهاء المعاناة المستمرة منذ 9 أعوام.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)
TT

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)

قرر مصرف الإمارات المركزي تعليق نشاط تحويل الأموال لشركة «الرازوقي» للصرافة العاملة في الدولة، لمدة 3 سنوات، وذلك بسبب انتهاك قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

وبحسب بيان للمصرف المركزي، أرسل نسخة منه لـ«الشرق الأوسط» قال إنه تم إغلاق فرعين للشركة في منطقتي المرر وديرة بدبي، حيث اتُّخذت هذه الإجراءات الإدارية بموجب المادة 14 من قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

ووفقاً للبيان، فإن المصرف المركزي يعمل من خلال مهامه الرقابية والإشرافية، على ضمان التزام جميع شركات الصرافة ومالكيها وموظفيها، بالقوانين السارية في البلاد، والأنظمة والمعايير المعتمَدة من المصرف المركزي، مشيراً إلى أنه يهدف للحفاظ على شفافية ونزاهة النظام المالي للدولة.

وتنص المادة 14 من قانون غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في الإمارات أنه يجب على جميع المرخص لهم الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية الحالية الخاصة بمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب المحددة من قِبل المصرف المركزي، والتصدي لمخاطر غسل الأموال، وتمويل الإرهاب من خلال التدابير الوقائية المناسبة لردع إساءة استخدام القطاع قناةً للأموال غير المشروعة، والكشف عن غسل الأموال، وأنشطة تمويل الإرهاب، وإبلاغ وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي عن أي معاملات مشبوهة.