سكان ذمار اليمنية يودّعون أسوأ أعوامهم مع الجوع

17 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية

شارع رئيسي في محافظة ذمار اليمنية (الشرق الأوسط)
شارع رئيسي في محافظة ذمار اليمنية (الشرق الأوسط)
TT

سكان ذمار اليمنية يودّعون أسوأ أعوامهم مع الجوع

شارع رئيسي في محافظة ذمار اليمنية (الشرق الأوسط)
شارع رئيسي في محافظة ذمار اليمنية (الشرق الأوسط)

«كان عام 2023 هو الأصعب والأشد بالنسبة لي ولغالبية السكان في محافظة ذمار نتيجة لما عشناه من أوضاع معيشية بائسة»... بهذه العبارة وصف عامر محمد واحداً من أسوأ أعوام اليمنيين بؤساً.

ويقول عامر (40 عاماً)، وهو أب لستة أولاد، ويعمل بائعاً متجولاً في مدينة ذمار، لـ«الشرق الأوسط»، إنه مر بظروف صعبة وقاهرة على مدى 12 شهراً فائتة عجز مرات عدة عن توفير الحد الأدنى من القوت الضروري له ولأطفاله.

عربات باعة متجولين في شارع عام بمدينة ذمار اليمنية (الشرق الأوسط)

ويتابع شكواه من انهيار وضعه وأسرته المعيشي للعام التاسع على التوالي نتيجة تراجع القدرة الشرائية لدى الناس بسبب سوء الوضع المعيشي، إلى جانب قلة محصول «الذرة الشامية» وارتفاع أسعارها.

ويتجول عامر المنتمي إلى مديرية وصاب العالي يومياً في شوارع مدينة ذمار عاصمة المحافظة برفقة عربته الصغيرة ليبيع «الذرة الشامية» المشوية على الفحم، علّه يتمكن من تغطية بعض احتياجات عائلته الضرورية.

ويضيف أنه يحصل على ما يعادل 3 دولارات يومياً بعد رحلة مضنية وشاقة، لكنها لا تكفي لسد احتياجات أسرته ولا لتوفير قيمة الذرة الشامية والفحم وغيرها من المتطلبات.

عام البؤس

عامر ليس هو الوحيد في ذمار الذي يشكو من حالة البؤس وشدة الفاقة التي رافقته طيلة فترة عام 2023، بل هناك الآلاف من اليمنيين بذات المحافظة وغيرها ممن واجهتهم ظروف قاسية وحرجة وجعلت الكثير منهم يفقدون القدرة على التعامل معها.

يتحمل الأطفال في اليمن المتاعب لمساعدة أسرهم (الشرق الأوسط)

وتتحدث مصادر محلية في ذمار لـ«الشرق الأوسط»، عن سلسلة معاناة يكابدها سكان المحافظة و12 مديرية تابعة لها، إضافة إلى ملايين اليمنيين في بقية المحافظات تحت سيطرة الجماعة الحوثية.

وأجرت «الشرق الأوسط» جولة قصيرة في الشارع العام لمدينة ذمار الرابط بين صنعاء العاصمة المختطفة ومحافظتي إب وتعز، ورصدت بعضاً من معاناة وهموم وأوجاع السكان.

وبحسب ما رصدته «الشرق الأوسط»، بات الشارع الرئيسي وشوارع فرعية أخرى في ذمار وضواحيها أمكنة تعج بآلاف العاملين بمختلف المهن جلهم من الشباب والأطفال والنساء، لكن قلما يجدون إقبالاً من السكان على شراء سلعهم، نتيجة تدني الظروف المادية والمعيشية.

ويقول السكان إنهم يعانون من هموم ومصاعب كبيرة لازمتهم على مدى 12 شهراً نتيجة استمرار حدة الصراع التي أدت إلى انهيار شبه تام لأوضاعهم المعيشية والحياتية.

آلاف اليمنيين دفعتهم الحاجة للعمل في مهن أخرى (الشرق الأوسط)

ورافق ذلك أيضاً انعدام لأبسط الخدمات الأساسية كالأمن والصحة والطرق والمياه والكهرباء، إضافة إلى ندرة فرص العمل وارتفاع معدلات الجوع والفقر وتفشي الأمراض والأوبئة.

ويؤكد أحمد، وهو اسم مستعار لموظف حكومي في ذمار، أن عام 2023 كان صعباً وقاسياً ومليئاً بالهموم والمتاعب والتحديات التي فاقت قدرته على الصبر والتحمل.

وأضاف: «ها هو العام البائس يشارف على الانتهاء وما زلنا نعيش نحن وأسرنا قساوة الظروف بلا رواتب ولا خدمات، وسندخل العام الجديد ونحن مثقلون بتلك المتاعب والهموم وكثرة الديون».

وأدى استمرار النزاع الدائر في اليمن منذ سنوات وما أعقبه من سياسات فساد وتدمير ونهب منظم إلى توقف شبه كلي للحياة العامة بمحافظة ذمار وبقية المناطق تحت سيطرة الجماعة الحوثية، الأمر الذي أثر بشكل سلبي على حياة الملايين، وغيَّر من واقعهم المعيشي إلى الأسوأ.

ضغوط المعيشة تدفع آلاف اليمنيين للعمل باعة متجولين (الشرق الأوسط)

وفي حين دفعت الأوضاع المتدهورة جراء الحرب آلاف السكان في ذمار إلى فقدان وظائفهم وأعمالهم، أرجع اقتصاديون الأسباب إلى عوامل عدة، في مقدمها تدهور الاقتصاد بشكل عام، والإجراءات الجبائية غير القانونية المفروضة عليهم، وتدني القوة الشرائية للسكان.

ويحذر الاقتصاديون من أن كوارث اقتصادية وإنسانية أشد تصاعداً قد تواجه ملايين السكان اليمنيين في حال استمرار عدم وجود أي حلول جدية تفضي إلى إحلال السلام ووقف الحرب الدائرة في البلد.

زيادة أعداد الجوعى

وفي أحدث تقاريره، أكد البنك الدولي أن الحرب الدائرة منذ نحو تسع سنوات في اليمن، وتداعياتها الاقتصادية والإنسانية الكارثية، زادت عدد الذين يعانون من الجوع في البلاد بأكثر من 6 ملايين شخص.

وقال البنك إن عدد اليمنيين الذين يعانون من الجوع كل يوم زاد بمقدار 6.4 مليون شخص خلال تسع السنوات الأخيرة من الحرب؛ إذ ارتفع العدد من 10.6 مليون في عام 2014 إلى 17 مليون شخص في 2023.

وأضاف البنك في تقرير وزعه تحت عنوان «مكافحة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في خضم تحدياتٍ متعددة»، أن انعدام الأمن الغذائي يمثل التحدي الأكثر إلحاحاً الذي يواجه اليمن في وقته الحاضر في ظل استمرار الحرب وتصاعد معدلات التضخم وتغير المناخ.

وأوضح التقرير أن مكافحة التحدي الذي يمثله انعدام الأمن الغذائي تتطلب استجابة متعددة القطاعات، وبالتالي «فإننا وشركاءنا نتعامل مع هذا التحدي من زوايا عدة، وبطرق عديدة، منها: خلق فرص عمل مؤقتة، ومساندة البرنامج الوطني للتحويلات النقدية، وتحسين صحة النساء والأطفال، وضمان حصول اليمنيين على مياه الشرب المأمونة».


مقالات ذات صلة

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.