تقرير دولي: الحوثيون يحرمون سكان تعز من الوصول إلى المياه

توثيق هجمات مباشرة وانتهاكات ضد المدنيين

نازحون يمنيون يملأون صفائحهم البلاستيكية بالمياه (أ.ف.ب)
نازحون يمنيون يملأون صفائحهم البلاستيكية بالمياه (أ.ف.ب)
TT

تقرير دولي: الحوثيون يحرمون سكان تعز من الوصول إلى المياه

نازحون يمنيون يملأون صفائحهم البلاستيكية بالمياه (أ.ف.ب)
نازحون يمنيون يملأون صفائحهم البلاستيكية بالمياه (أ.ف.ب)

اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الجماعة الحوثية بمنع المدنيين في تعز اليمنية من الوصول إلى المياه، وذلك بالتزامن مع استمرار هجمات الجماعة وانتهاكاتها الموثقة ضد السكان.

وقالت المنظمة، في تقرير بعنوان «الموت أرحم من هذه الحياة»، إن أطراف النزاع في اليمن ساهموا بشكل كبير في تفاقم أزمة المياه في محافظة تعز، وإن الجماعة الحوثية منعت الوصول إلى المياه بعد أن فرضت على سكان المدينة حصاراً منذ 2015.

طفلة يمنية تغسل الصحون بعد تأهيل منظمة أممية بئراً للمياه (الأمم المتحدة)

ولجأ الحوثيون - وفق المنظمة - إلى استخدام المياه كسلاح عبر منع تدفقها إلى سكان مدينة تعز، على مدى 8 سنوات ماضية، حيث بات حصولهم على المياه النظيفة بأسعار معقولة من المستحيل تقريباً.

وشددت المنظمة أنه لا ينبغي استخدام المياه كسلاح حرب، وأنه يتعين على جماعة الحوثي والأطراف الأخرى اتخاذ إجراءات فورية للسماح بدخول مزيد من المياه إلى الشبكة العامة، من أجل تزويد المدنيين بكميات منها.

وقالت الباحثة بالمنظمة، نيكو جعفرنيا، إنه يتعين على الأطراف اليمنية اتخاذ إجراءات فورية للسماح للمؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي في تعز، والمنظمات غير الحكومية، بالوصول إلى البنية التحتية للمياه على الخطوط الأمامية للنزاع وفي الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون لإصلاحها وإعادة تشغيلها.

وبحسب «هيومن رايتس»، فإن نسبة السكان الذين يحصلون على مياه آمنة وكافية للشرب في تعز قد انخفضت خلال الحرب، كونها كانت على خطوط الحرب الأمامية منذ فترة طويلة.

منظر عام لمدينة تعز اليمنية (سبأ)

وذكرت المنظمة أن 4 من أصل 5 أحواض مائية بتعز تقع تحت سيطرة جماعة الحوثي أو على الخطوط الأمامية للصراع، ما يجعل الوصول إليها غير ممكن لهيئة مياه تعز، في وقت يقطن غالبية سكان مدينة تعز في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية.

ولفتت إلى أن كثيراً من مصادر المياه والمرافق والخدمات التي كان سكان تعز يعتمدون عليها سابقاً غير صالحة للتشغيل بسبب الأضرار الناجمة عن الحرب أو مشكلات التملح، أو الانقطاع المستمر للكهرباء بسبب نقص الوقود الذي يتسبب في توقف مضخات المياه عن العمل.

انتهاكات بالجملة

فيما يخص انتهاكات الجماعة الحوثية ضد سكان تعز، أحصى «مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان» (منظمة حقوقية غير حكومية) أكثر من 62 انتهاكاً ضد سكان المحافظة خلال سبتمبر (أيلول) الماضي.

منظر عام لمدينة تعز اليمنية (رويترز)

وكشف المركز في تقرير بعنوان «تعز... حصار الأوبئة والمدافع» عن توثيق إصابة 22 مدنياً، بينهم امرأة، كما أصيب مدني بعبوة ناسفة وامرأة بقذائف الهاون، إلى جانب إصابة مدنيين اثنين برصاص قناص حوثي، ونحو 13 مدنياً تعرضوا للإصابة برصاص مباشر نتج عن اشتباكات مسلحين حوثيين.

ورصد الفريق الميداني للمركز نحو 5 حالات خطف بحق مدنيين، ارتكبتها جماعة الحوثي. كما وثّق 53 حالة انتهاك لممتلكات خاصة وعامة، حيث تسبب القصف المدفعي الحوثي بتضرر 21 منزلاً جزئياً، و7 منازل بشكل كلي، إضافة إلى تدمير 18 مركبة، وتضرر منزل جزئي جراء انفجار عبوة حوثية ناسفة.

هذه الانتهاكات قال المركز إنها تضاف إلى سلسلة أخرى من الانتهاكات ضد المدنيين في محافظة تعز خلال النصف الأول من العام الحالي، حيث قتل مسلحو الجماعة نحو 20 مدنياً (بينهم 3 نساء و7 أطفال) مع إصابة نحو 52 مدنياً، «بينهم 5 نساء و16 طفلاً».

وبحسب التقرير، توزعت جرائم القتل بين 6 جرائم قتل، جراء القصف بالقذائف والصواريخ والطيران المسيّر، فيما حصدت رصاصات القناصة الحوثيين حياة 9 مدنيين، كما قتل 3 مدنيين برصاص مباشر لمسلحي الحوثي، فضلاً عن جريمة تصفية، وجريمة قتل دهساً بعربة عسكرية.

مساعدات قدمتها لجنة دولية لنازحين يمنيين شرق تعز (الصليب الأحمر)

وتنوعت جرائم الإصابة ـ بحسب التقرير ـ بين 17 إصابة نتيجة القصف بالقذائف والصواريخ والطيران المسيّر، و28 إصابة برصاص القناصين الحوثيين، و6 إصابات جراء انفجارات الألغام، وحالة إصابة نتيجة اعتداء بالضرب.

ورصد المركز الحقوقي جريمة اغتيال وحملتي اعتقال جماعي وحالة تعذيب ارتكبتها الجماعة الحوثية، كما رصد 204 حالات نزوح تسببت بها الجماعة.

ووثّق التقرير ارتكاب الحوثيين 190 حالة انتهاك لممتلكات عامة وخاصة، بينها 5 حالات لممتلكات عامة، و185 حالة انتهاك لأعيان وممتلكات خاصة طالت 122 منزلاً و56 مركبة، بين قصف وحرق ومداهمة ونهب وتفخيخ.


مقالات ذات صلة

زعيم الحوثيين يتبنى مهاجمة 162 سفينة خلال 30 أسبوعاً

العالم العربي مشهد وزعه الحوثيون لمهاجمة سفينة «ترانس وورلد نافيجيتور» في البحر الأحمر بزورق مسير مفخخ (أ.ف.ب)

زعيم الحوثيين يتبنى مهاجمة 162 سفينة خلال 30 أسبوعاً

تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة 162 سفينة منذ بدء التصعيد البحري في 19 نوفمبر الماضي، وأقر بتلقي جماعته 19 غارة غربية خلال أسبوع من دون ضحايا.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي تقارير دولية تؤكد أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)

إتاوات الانقلابيين في صنعاء ترفع رسوم المدارس الخاصة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على المدارس الخاصة مع بدء العام الدراسي؛ وهو ما قاد إلى قيام المدارس بزيادة الرسوم وسط عجز السكان عن إلحاق أبنائهم.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي أحد موظفي الأمم المتحدة قرب سيارة تابعة للمنظمة الدولية في صنعاء (إ.ب.أ)

«العفو الدولية»: سجل الحوثيين حافل بالتعذيب لانتزاع الاعترافات

وصفت منظمة العفو الدولية موجة الاعتقالات الحوثية التي استهدفت عاملين في مكاتب الأمم المتحدة ومنظمات محلية ودولية أخرى بأنها «مخيفة»، ودعت لإطلاقهم فوراً.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تُحلّق فوق سفينة شحن في البحر الأحمر (أرشيفية - رويترز)

مصادر: الناقلة «لافانت» ربما غرقت قبالة سواحل اليمن

كشفت 3 مصادر بحرية وأمنية أن ناقلة انجرفت قبالة ساحل يمني وغادرها طاقمها اختفت ويُعتقد أنها غرقت، لتصبح أحدث سفينة مفقودة في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (أ.ف.ب)

اتهامات يمنية لـ«الحرس» الإيراني بإدارة التشكيلات العسكرية والأمنية الحوثية

ذكرت مصادر وثيقة الاطلاع في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء أن ممثلي «الحرس الثوري» الإيراني استكملوا إحكام قبضتهم على جميع التشكيلات المخابراتية والعسكرية.

محمد ناصر (تعز)

«العفو الدولية»: سجل الحوثيين حافل بالتعذيب لانتزاع الاعترافات

جنود مسلحون يحرسون مقر السفارة الأميركية في صنعاء (رويترز)
جنود مسلحون يحرسون مقر السفارة الأميركية في صنعاء (رويترز)
TT

«العفو الدولية»: سجل الحوثيين حافل بالتعذيب لانتزاع الاعترافات

جنود مسلحون يحرسون مقر السفارة الأميركية في صنعاء (رويترز)
جنود مسلحون يحرسون مقر السفارة الأميركية في صنعاء (رويترز)

وصفت منظمة العفو الدولية موجة الاعتقالات الحوثية التي استهدفت عاملين في مكاتب الأمم المتحدة ومنظمات محلية ودولية أخرى بأنها «مخيفة»، وقالت إنه يجب على الجماعة إطلاق سراح المعتقلين فورا، وحذرت من أن المداهمات ستؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني.

وقالت ديالا حيدر، الباحثة المعنية بشؤون اليمن في منظمة العفو الدولية «هذه الموجة المخيفة من الاعتقالات التي تستهدف المجتمع الحقوقي والإنساني هي تذكير صارخ آخر بالمدى الذي يمكن أن تذهب السلطات الحوثية إليه في حملتها القمعية ضد المجتمع المدني».

أحد موظفي الأمم المتحدة قرب سيارة تابعة للمنظمة الدولية في صنعاء (إ.ب.أ)

وأكدت حيدر أن هذه المداهمات ستؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني والحقوقي الخطير والمتدهور أصلاً في اليمن، نظراً لأن العديد من المعتقلين كانوا يعملون على تقديم المساعدة أو توفير الحماية لمن هم في أمس الحاجة إليها.

وقالت الباحثة الحقوقية إن السلطات الحوثية في ظل إفلات تام من العقاب وتجاهل لسيادة القانون، فبدلاً من تهديد وعرقلة العاملين في المجالَيْن الحقوقي والإنساني، يجب على الحوثيين تسهيل عملهم وحركة المساعدات حتى يتمكنوا من الوصول إلى ملايين الأشخاص في اليمن الذين يحتاجون حالياً إلى المساعدات الإنسانية والحماية. كما يتعيّن عليهم التوقف عن استخدام النظام القضائي كأداة للقمع السياسي.

وطالبت منظمة العفو الدولية الحوثيين بالإفراج فوراً عن 13 من موظفي الأمم المتحدة و14 على الأقل من العاملين في منظمات المجتمع المدني اليمنية والدولية، الذين لا يزالون محتجزين تعسفياً منذ شهر كجزء من حملة القمع المستمرة ضد المجتمع الحقوقي والإنساني.

27 موظفاً إنسانياً

ذكرت منظمة العفو الدولية أن قوات الأمن الحوثية شنت أوائل الشهر الماضي سلسلة من المداهمات في محافظات صنعاء والحُديدة وحجة، واعتقلت ما لا يقل عن 27 موظفاً، هم أربع نساء و23 رجلاً، يعملون في وكالات الأمم المتحدة وما لا يقل عن سبع منظمات مجتمع مدني محلية ودولية وأخذتهم من منازلهم أو مكاتبهم، ولم تكشف لعائلات الموظفين المحتجزين عن مكانهم، وهم يقبعون بمعزل عن العالم الخارجي ويُحرمون من حقهم بالاستعانة بمحامٍ أو الاتصال بعائلاتهم.

الحوثيون أغلقوا أحياء بأكملها وداهموا منازل وصادروا محتوياتها (إعلام محلي)

وشددت المنظمة أن على السلطات الحوثية أن تفرج فوراً عن جميع موظفي الأمم المتحدة والعاملين في منظمات المجتمع المدني الذين احتجزوا لمجرد ممارسة عملهم في المجالَيْن الحقوقي والإنساني، ووضع حد لحملتها القمعية المستمرة ضد ممارسة الحق في حرية التعبير والحق في تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها.

وبينت المنظمة في بيانها أنه خلال الفترة ما بين 31 مايو (أيار) و9 يونيو (حزيران)، توافد أفراد قوات الأمن الحوثية بأعداد كبيرة إلى مكاتب ومنازل الموظفين المحتجزين، وأغلقوا في بعض الحالات أحياءً بأكملها، وخلال المداهمات، فتشوا مكاتب ومنازل المحتجزين، وصادروا وفتشوا الهواتف وأجهزة الكومبيوتر المحمولة والأقراص الصلبة والوثائق والصور الشخصية وتلك المتعلقة بالعمل.

وبالإضافة إلى ذلك، قالت العفو الدولية إن الحوثيين احتجزوا ما لا يقل عن ثلاثة من أفراد أسر الموظفين - من بينهم طفلان - لمدة 10 أيام على الأقل، كما استدعت قواتهم واستجوبت عاملين في منظمات المجتمع المدني التي تمت مداهمة مقراتها لساعات طويلة حول عملهم وارتباطاتهم ببلدان أجنبية. ووُضع ما لا يقل عن أربعة موظفين قيد الإقامة الجبرية أو أرغموا على توقيع تعهدات بعدم مغادرة صنعاء.

وذكرت المنظمة الدولية أنها أجرت مقابلات مع 10 أفراد، من بينهم محامون وخبراء في المجاليْن الحقوقي والإنساني، ممن لديهم معرفة بالوضع على الأرض. وقالت إن موجة الاعتقالات الحوثية أثارت الخوف في قلوب العاملين في منظمات المجتمع المدني الذين يشعرون بخطر تعرضهم للاعتقال والانتقام بسبب قيامهم بعملهم.

تحريض حوثي وتخوين للعاملين في المنظمات الإنسانية الأممية والدولية (أ.ف.ب)

وفي حين تزامنت الاعتقالات مع حملة إعلامية مستمرة يقودها الحوثيون تتّهم المنظمات الإنسانية وموظفيها بـ«التآمر»، قالت «العفو الدولية» إن الحوثيين يتهربون من المسؤولية عن تدهور الظروف المعيشية في ظل حكمهم من خلال جعل منظمات المجتمع المدني كبش فداء واتهامها بالتآمر.

اعترافات بالإكراه

أشارت منظمة العفو الدولية إلى إعلان الحوثيين في 10 يونيو «اكتشاف» ما سموه «شبكة تجسس» وإظهار مجموعة من المحتجزين الذين قبض عليهم بين عامَيْ 2021 و2023 وهم «يعترفون» بالتجسس.

وأكدت العفو الدولية أن للحوثيين سجلاً حافلاً في استخدام التعذيب لانتزاع الاعترافات، مما يثير مخاوف من أن يكون هؤلاء المحتجزون قد أدلوا بهذه الاعترافات بالإكراه. وبينت أن بث الاعترافات القسرية يقوض حقوق المحتجزين في افتراض البراءة والحق في عدم تجريم الذات.

وقالت إنه سبق أن استهدفت السلطات الحوثية العاملين في المجالَيْن الحقوقي والإنساني، إذ لا يزال أربعة من موظفي الأمم المتحدة اليمنيين العاملين في مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان واليونيسكو الذين اعتقلوا في عامي 2021 و2023 محتجزين تعسفياً وبمعزل عن العالم الخارجي منذ اعتقالهم.

واتهمت المنظمة الدولية الحوثيين بمواصلة تقييد حركة التنقل وإيصال المساعدات، ومن بين ذلك فرض قيود بيروقراطية مثل تأخير الموافقات، ورفض أو تأخير إصدار تصاريح السفر، وإلغاء المبادرات الإنسانية، والتدخل في تصميم مشاريع الأنشطة الإنسانية وتنفيذها وتقييمها، وفرض شرط «المحرم» على العاملات اليمنيات في المجال الإنساني أثناء تنقلهن.

ووفق ما أوردته العفو الدولية فإن هناك محكومين بالإعدام بتهم تجسس ملفّقة منذ عام 2015، كما وثقت حالات عشرات الأشخاص من ضمنهم صحافيون ومدافعون عن حقوق الإنسان وخصوم سياسيون وأفراد ينتمون إلى أقليات دينية أُخضِعوا لمحاكمات جائرة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء بتهم تجسس ملفّقة، والتي يعاقب عليها بالإعدام إلزامياً بموجب القانون اليمني.

وقالت المنظمة إنه في جميع تلك الحالات، بدا أن سلطات الادعاء الحوثية وجّهت التهم كوسيلة لاضطهاد المعارضين السياسيين وإسكات المعارضة السلمية. وأعادت التذكير بأن الجماعة حكمت في يونيو على 44 شخصاً بالإعدام بتهم تجسس ملفقة عقب محاكمة جماعية جائرة، وحكمت على 16 شخصاً منهم غيابياً.