جامعة صنعاء... بوابة لمنح الانقلابيين درجات أكاديمية غير مستحقة

دعوات لوقف العبث... وتعليق برامج الدراسات العليا

بوابة جامعة صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)
بوابة جامعة صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)
TT

جامعة صنعاء... بوابة لمنح الانقلابيين درجات أكاديمية غير مستحقة

بوابة جامعة صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)
بوابة جامعة صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

دعا أكاديميون يمنيون في صنعاء إلى الضغط على الجماعة الحوثية لوقف عبثها ببرامج الدراسات العليا في جامعة صنعاء، التي سخرت لمنح قادتها شهادات أكاديمية مشكوكاً في أمرها، فضلاً عن النزعة الطائفية للأطروحات وبُعدها عن المناهج العلمية.

وجاءت الدعوات اليمنية، إثر منح القيادي الحوثي قاسم الحمران، وهو أحد أصهار زعيم الجماعة، درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف من جامعة صنعاء.

جامعة صنعاء تمنح قيادياً حوثياً درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف (فيسبوك)

ويعد الحمران المشرف الحوثي الأول على معسكرات تجنيد الأطفال، ويشغل منصب نائب وزير التربية في الحكومة غير المعترف بها، وينحدر من منطقة ضحيان في صعدة، وهو من القيادات المُتشددة في الولاء لزعيم الجماعة الحالي عبد الملك الحوثي، ومؤسسها حسين الحوثي، وقد انخرط مُبكراً في صفوف الجماعة ونشط في نشر أفكارها الطائفية حتى أصبح من الشخصيات التي توكل إليها غالبية المهمات الخاصة.

واستنكر طلبة وأكاديميون في جامعة صنعاء تحويل الجامعة إلى منصة لمنح الشهادات الأكاديمية لقادة الجماعة الحوثية، التي قالوا إنها تشن عمليات استهداف وتطييف لبرامج الدراسات العليا.

وطالب إبراهيم، وهو اسم مستعار لأكاديمي في الجامعة في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بوضع حد لما وصفه بـ«العبث الحوثي، الذي يستهدف قطاع البحوث والدراسات العليا، وتسهيل تقديم أطروحات تقوم على أسس طائفية».

وشدد الأكاديمي اليمني على سرعة التحرك؛ لوقف برامج الدراسات العليا جميعها في جامعة صنعاء بعد استغلال الجماعة سطوتها لمنح قادتها شهادات عليا بعيداً عن الطرق والخطوات الأكاديمية المتبعة.

حوّل الحوثيون جامعة صنعاء إلى منبر لتكريس أفكارهم الطائفية (إكس)

وكان قادة الجماعة أصدروا قراراً في جامعة صنعاء ينصّ على منع تسجيل أي رسالة للماجستير أو أطروحة للدكتوراه إلا بعد الرجوع إلى المستشار الحوثي في جامعة صنعاء.

وسبق للجماعة ارتكاب جملة من التعسفات ضد برامج التعليم العالي، ومن ذلك ظهور القيادي فايز بطاح وهو مسؤول مراجعة وإجازة عناوين ومحتوى رسائل الماجستير بجامعة صنعاء قبل أشهر أمام العلن، وهو يحمل بندقيته في أثناء منحه درجة الماجستير من الجامعة.

وخلال السنوات الماضية، منحت جامعة صنعاء عدداً من قادة الجماعة درجات أكاديمية بناء على أطروحات ذات نزعة طائفية بعيدة عن المنهج العلمي، كما هي الحال مع القيادي حمود الأهنومي الذي مُنح درجة دكتوراه عن أطروحة تركزت في الحديث عن «الإمامة وأحقية السلالة الحوثية بحكم اليمنيين، والتفرد بمصالحهم وأموالهم».

ويعد الأهنومي من القيادات الحوثية في محافظة حجة، وإحدى المرجعيات التي تلقت دورات تطييف مكثفة في حوزات قم والنجف خلال السنوات الماضية.

تجريف ممنهج

يصف الأكاديميون اليمنيون ما يجري في الجامعات الخاضعة للحوثيين بأنه «تجريف ممنهج»، خصوصاً فيما يتعلق بقبول أطروحات ليس لها أي علاقة بمنهج البحث العلمي، حيث من المفترض بها أن تقدم للمجتمع شيئاً من العلم الجديد النافع بعيداً عن الطائفية.

قيادي حوثي يحمل سلاحه الكلاشينكوف في أثناء تقديمه رسالة الماجستير بجامعة صنعاء (فيسبوك)

وسبق للجماعة الحوثية أن استحدثت، مطلع الشهر الحالي، مقررات دراسية جديدة وفرضتها على طلبة الجامعات تحوي بين طياتها الطابع التعبوي، ولا تخضع لأدنى المعايير العلمية، إلى جانب عبثها بحق الاعتماد الأكاديمي الطبي.

وبيّنت مصادر أكاديمية يمنية أن أحد الموالين للجماعة، ويدعى ميون فيروز، أعد مقرراً دراسياً في جامعة إب، رغم أنه لا يحمل أي مؤهل علمي يخول له القيام بإعداد برامج ومقررات دراسية جامعية.

ومنذ اجتياح صنعاء ومدن يمنية أخرى، سعت جماعة الحوثي بكل طاقتها لارتكاب الانتهاكات بحق المؤسسات التعليمية ومنتسبيها من الأكاديميين والطلبة والكادر الإداري، وقامت أكثر من مرة بانتهاك أحرام الجامعات وتحويلها إلى ثكنات لمسلحيها وعناصرها.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.